شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
أهلاً بكم في مقهى

أهلاً بكم في مقهى "الناجون من التوكسيك"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

مجاز نحن والتنوّع

السبت 26 أكتوبر 202411:40 ص

تصميم حروفي لكلمة مجاز

 

إذا كنت يوماً ضحية لشخص توكسيك أو نجوت من علاقة سامة، فأنت مؤهل للحصول على عضوية مقهى "الناجون من التوكسيك". نعم، إنه مكان سري لا يُعرف موقعه إلا عبر حاسة سادسة، تنشط فقط بعد أن تمرّ بأكثر من ثلاث تجارب مع أناس يعتقدون أن حياتك رفّ في ثلاجة أو درج في كومودينة، ترمى فيه الأشياء التي لا تنفع ويمكن أن تضرّ.

مقهى "الناجون"، كيف وصلت هنا؟

بداية الوصول إلى المقهى ليست سهلة كما تعتقد. عليك أولاً أن تمرّ بمرحلة الشك الذاتي، حيث تشعر أن كل مشكلة هي مشكلتك، وأنك المسؤول الوحيد عن إصلاح كل شيء أفسده غيرك. بعد ذلك تأتي مرحلة الانفجار، عندما تدرك أن الحياة أقصر من أن تهدرها مع أشخاص يستنزفون طاقتك مثل مصاصي الدماء في الأفلام، ولكن بدون أن يكون لهم الجاذبية أو السحر الغامض، وأخيراً تصل إلى المقهى، حيث الجميع بانتظارك، ويحمل نفس النظرة على وجهه: "لقد مررت بتلك التجربة القاسية، وأنا هنا لأتعافى".

أهلاً بكم في مقهى "الناجون من التوكسيك"، ذلك المكان الوحيد الذي يمكنك أن تجلس فيه بأمان تام دون الخوف من أن يبدأ أحدهم كلامه بجملة: "أنا مش قصدي أضايقك بس...". هذا المقهى هو الشط الذي وصلت إليه بعد أن عبرت البحر الهائج للعلاقات السامة، هنا ستجد مثلك من الناجين، أولئك الذين نجوا من أشخاص لا يمكن وصفهم إلا بكلمة واحدة "توكسيك".

الوصول إلى المقهى ليست سهلة كما تعتقد. عليك أولاً أن تمرّ بمرحلة الشك الذاتي، حيث تشعر أن كل مشكلة هي مشكلتك، وأنك المسؤول الوحيد عن إصلاح كل شيء أفسده غيرك... مجاز

المكان الذي تجتمع فيه حكايات التوكسيك

بمجرد دخولك ستجد لافتة معلقة مكتوب عليها: "ممنوع دخول التوكسيك، النرجسيين، ومحبي الدراما الزائفة". أول ما ستراه هم رواد المقهى يجلسون في الزوايا، كل واحد منهم يبدو وكأنه خرج للتو من معركة حياتية ضد "التوكسيك"، بينما يمسكون بقهوتهم كأنها وسيلة للبقاء.

في ركن المقهى تجد طاولة خاصة بشخص يرتدي نظارة سوداء، يكتب مذكراته بعنوان "كيف نجوت من الحبيبة التي كانت تعتقد أنني شاحن جوال بشري"، بالقرب منه تجلس سيدة تقف على أعتاب الخمسين، ترتدي بالطو مكتوب عليه "أنت مش هتفهم"، وعندما تقترب منها تشرح لك بجدية كيف كانت تساند شريكها السابق لدرجة أنها أصبحت تشعر وكأنها تعمل في خدمة التوصيل "دليفري".

نادل المقهى الحكيم، دليل الناجين

عند دخولك، يرحّب بك النادل بابتسامة مطمئنة، تلك الابتسامة التي تقول: "نحن نفهمك... أنت بأمان الآن". النادل في المقهى ليس شخصاً عادياً، إنه "حكيم الناجين". قيل إنه مرّ بأكثر من خمس علاقات سامّة قبل أن يقرّر تحويل آلامه إلى فلسفة حياتية. عندما تطلب قهوتك لا يمكنك فقط أن تقول "قهوة سادة"؛ بل عليك أن تختار نوع القهوة بناءً على تجربتك:

منيو المقهى

"لاتيه التعافي": هو للقادمين الجدد، أولئك الذين ما زالوا في مرحلة استعادة الأنفاس بعد الانسحاب من علاقة سامة. المشروب مليء بالسكر ليعيد لك حلاوة الحياة، بينما رغوة الكراميل الناعمة تشبه ذلك الشعور بالراحة الذي يأتي بعد قطع آخر مكالمة مع الشخص الذي كان يستنزفك.

"إسبرسو النسيان": جرعة قوية لأولئك الذين يحتاجون إلى مسح ذاكرة كل مكالمة كانت تبدأ بجمل: "أنت ليه مش بتحس بي؟"، و"إنت لو مهتم كنت عرفت لوحدك"، و "الاهتمام مبيتطلبش".

" كابتشينو الـ لاء": مشروب الشجعان الذين يقولون الآن "لا" بدون تردّد، ويحاولون التخلص من الشعور بالذنب الذي يأتي مع كل محاولة للدفاع عن أنفسهم.

"آيس كوفي الخروج الآمن": مشروب سريع وقوي، مثل اللحظة التي قرّرت فيها أن تخرج من تلك العلاقة السامة دون العودة مرة أخرى. إنه يمنحك دفعة من الطاقة، تماماً كما فعلت عندما قطعت آخر رابط مع شخص كنت تعتقد أنه "نصفك الآخر"، لكنه كان في الواقع "نصف مشكلتك".

"موكا الانتقام البارد": المشروب مخصص لمن خرجوا من العلاقة وهم يضحكون في النهاية. إنه مشروب الانتقام الهادئ والساخر، لأولئك الذين يرون كيف يعيش "التوكسيك" حياتهم البائسة الآن بعد أن خسروك.

النادل في المقهى ليس شخصاً عادياً، إنه "حكيم الناجين". قيل إنه مرّ بأكثر من خمس علاقات سامّة قبل أن يقرّر تحويل آلامه إلى فلسفة حياتية... مجاز

جلسات الفضفضة الجماعية

في المقهى، لا توجد أغان حزينة. في الخلفية فقط ضحكات عالية نابعة من روح الكوميديا السوداء، وفي كل خميس ينظّم المقهى جلسات أسبوعية للفضفضة، ولكن لا تتوقع أنها جلسة بكاء جماعي، بل في هذه الجلسات "السخرية هي الملك": كل شخص يروي حكايته بأسلوب ساخر، كأنه يحكي عن مشهد من مسلسل هزلي، لكن الحكاية تأتي من قلب الجحيم التوكسيكي.

 يجلس الناجون حول طاولة مستديرة، وكل واحد منهم يشارك قصة انتصاره، فتجد الأستاذ "طارق" الذي جلس بهدوء ليقول: "كان نفسي أقول لها إن حياتي مش مسلسل كوري، وأنا مش البطل اللي هاينقذها من كل حاجة". طارق تعلّم بعد شهور من العلاقة السامة أن الحل هو قطع العلاقة في أول مرة تشعر فيها بأنك في مشهد درامي مكرّر.

 بينما "مدام لمياء" التي اكتشفت أن الصداقة التي كانت تعتمد على "الدعم العاطفي المستمر" هي في الحقيقة عمل غير مدفوع الأجر، وتضحك مع "الآنسة زهرة" التي تخبر المجموعة بابتسامة ساخرة كيف قامت بعمل "بلوك جماعي" للعائلة، بسبب "جروب العيلة" على واتساب، المكتظّ بصور الورود وأخرى مكتوب عليها "جمعة مباركة".

وتروي "نادين" أنها عانت من زميل في العمل لا يتوقف عن انتقادها بعد أشهر من التحمّل، وقررت أخيراً أن تواجهه قائلة: "لو أنت آخر واحد بيفهم في العالم، هختار أعيش بجهلي"، ومنذ ذلك الحين أصبحت رمزاً للاستقلال النفسي في المقهى.

قوانين النجاة الخمسة

مقهى "الناجون" ليس مجرد مكان للفضفضة والشرب، بل هو مدرسة للحياة، هنا يتعلم الناجون القوانين الخمسة التي تجعلهم يحافظون على سلامهم الداخلي:

"قول لأ": تعلمنا في هذا المقهى أن "لا" هي أعظم كلمة في قاموس اللغة البشرية، قلها دون خوف، قلها دون تردد. "لا" هي الخطوة الأولى في حماية نفسك من التوكسيك.

" أنت مش سوبر مان": لا يسمح لأحد في المقهى بأن يلعب دور "المنقذ". كل شخص مسؤول عن إصلاح حياته دون تحويل الآخرين إلى مشاريع إصلاح.

"احترم فترات الصمت": يحتاج الناجي الجلوس في المقهى دون أن يتحدث مع أحد، وعليك أن تحترم صمته، لأن هذا الصمت هو جزء من العلاج.

"الهروب ليس هزيمة": أحياناً الهروب من موقف أو علاقة سامة هو الانتصار الحقيقي. لا أحد هنا يلومك إذا هربت، بل بالعكس، قد يهنئونك على قدرتك على إنقاذ نفسك.

"الضحك هو العلاج": السخرية هي سلاح الناجين، الضحك على الجراح هو الطريقة التي نتجاوز بها الألم، وتذكّر أنه مهما كانت التجربة قاسية، فهي الآن مجرد ذكرى مضحكة، والسخرية هنا ليست فقط وسيلة لتجاوز الألم، بل هي الاحتفال بالنصر على الماضي التوكسيك.

الحساب

مقهى "الناجون من التوكسيك " ليس مجرد مكان لتناول القهوة، بل هو عالم يجتمع فيه الأشخاص الذين نجوا من الأشخاص السامين. هنا نعيد بناء أنفسنا، نضحك على الماضي، ونعترف أن حياتنا الآن أفضل لأننا اخترنا النجاة، وقبل أن نغادر المقهى، لا أحد يدفع حساب "المشاريب"، فنحن قد دفعناها مسبقاً بالدموع، بل يودعنا النادل بنفس الابتسامة المطمئنة التي استقبلنا بها.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ثورتنا على الموروث القديم

الإعلام التقليديّ محكومٌ بالعادات الرثّة والأعراف الاجتماعيّة القامعة للحريّات، لكنّ اطمئنّ/ ي، فنحن في رصيف22 نقف مع كلّ إنسانٍ حتى يتمتع بحقوقه كاملةً.

Website by WhiteBeard
Popup Image