شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"أخاف من الاعتقال والترحيل"... معاناة المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية في تركيا

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والميم-عين

الجمعة 1 نوفمبر 202411:23 ص

"عذراً، نحن غاضبون. لقد تم تداول معلومات عن امرأة سورية عابرة جندرياً كانت تقيم في تركيا، وتعرّضت لخطاب الكراهية وانتُهكت حقوقها الشخصية وخصوصيتها، ثم تم ترحيلها إلى سوريا. للأسف علمنا أنها توفيت. يجب التخلي فوراً عن تعريف تركيا كدولة آمنة لطالبي اللجوء السوريين من مجتمع الميم"؛ بهذه الكلمات عبّرت جمعية ADANALGBTI التي تدافع عن حقوق أعضاء مجتمع الميم-عين في تركيا، عن غضبها مما حدث لامرأة سورية عابرة جندرياً متعايشة مع فيروس نقص المناعة البشرية تم نشر معلومات عنها على وسائل التواصل الاجتماعي في تركيا، كجزء من حملة عنصرية ضد وجود اللاجئين/ ات السوريين/ ات في تركيا.

بحسب تقرير حركة حرّاس المساواة، التي تهتم بأفراد مجتمع الميم-عين السوريين/ ات، تم ترحيل 11 فرداً من تركيا إلى سوريا في أقل من عام بين النصف الثاني من العام 2023، والنصف الأول من العام 2024، بينهم فرد واحد على الأقل يحمل فيروس نقص المناعة البشرية.

انتهاكات بالجملة

حسب القانون التركي، يمكن لأي شخص يحمل بطاقة الحماية المؤقتة، الحصول على الفحوصات والعلاج وكل ما يحتاجه طبياً مجاناً، لكن هناك العديد من الأفراد السوريين من مجتمع الميم-عين الذين يعيشون في تركيا، لا يحصلون على الرعاية الطبية اللازمة، وهم غير قادرين على إجراء الفحوصات أو تلقّي العلاج داخل الأراضي التركية.

في هذا السياق، يقول الصحافي والناشط التركي يوسف جيليك، لرصيف22: "يواجه المثليون السوريون في تركيا تهديداً مستمراً بالحرمان من حقوقهم أو ما هو أسوأ من ذلك: الترحيل".

ويضيف جيليك، الذي يعمل في مكتب تحرير موقع otostophaber: "يخشى معظم السوريين المقيمين في تركيا، الخضوع لفحوصات دورية للأمراض المنقولة جنسياً، على الرغم من أن هذه الفحوصات مجانية في المستشفيات الحكومية وهناك مراكز فحص مجهولة يمكن إجراء الفحوصات بسرّية فيها".

"يواجه المثليون السوريون في تركيا تهديداً مستمراً بالحرمان من حقوقهم أو ما هو أسوأ من ذلك: الترحيل"

ويؤكد جيليك، على ضرورة رفع الوعي بين أفراد مجتمع الميم-عين حول أهمية هذه الفحوصات الصحية والحفاظ على سرّيتها: "إن تسريب البيانات الصحية يجعل المراكز الصحية بيئةً غير آمنة لأفراد مجتمع الميم-عين، ما يؤثر على رغبتهم/ نّ في الخضوع للفحوصات والتحاليل الدورية"، مشيراً إلى أن دعم الجمعيات والمنظمات غير الحكومية لأفراد مجتمع الميم-عين ليس كافياً أو متاحاً دائماً: "لذا فإن العديد ممن لا يتلقون العلاج يستمرون في العيش مع الأمراض المنقولة جنسياً مثل فيروس نقص المناعة البشرية أو فيروس الورم الحليمي البشري أو الكلاميديا".

وبرغم وجود سوق سوداء في بعض المدن التركية لبيع أدوية الأمراض المنقولة جنسياً وأدوية الحماية مثل PrEP، إلا أن أسعارها مرتفعة ويجب أن تكون تحت إشراف طبي.

غياب الوعي

في حديثه إلى رصيف22، يقول إيلي، وهو شاب سوري في العقد الثالث من عمره متعايش مع فيروس نقص المناعة البشرية: "لا نمتلك حتى اليوم الوعي الكافي وثقافة التعامل مع المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية".

اضطر إيلي إلى ترك عمله كعازف و"دي جي"، في إسطنبول والعيش في حيّ في مدينة جنوبية بعد صدور قرارات تلزم السوريين في تركيا بالسكن في مدن وأحياء محددة، وتمنعهم من التنقل بين المدن دون الحصول على إذن مسبق.

ما زال هذا الشاب يجد صعوبةً في التكيف مع أجواء مدينته الجديدة، وممارسة حياته بشكل طبيعي: "إنها مدينة صغيرة ومحافظة ومن الصعب العثور على عمل برغم محاولاتي لتغيير شكلي وسلوكي"، مضيفاً: "العلاقات المثلية هنا صعبة ومحفوفة بالمخاطر".

"كلما خرجت إلى الشارع، أخاف من الاعتقال والترحيل إلى سوريا، حيث ينتظرني الموت أو الإعدام بالتأكيد"

تم اعتقال إيلي، واحتجازه في مخيم على الحدود مع سوريا لأسابيع عدة، وهُدّد بالترحيل إلى سوريا قبل أن تساعده منظمة تركية على الخروج: "هناك التقيت بفتاة سورية عابرة جندرية متعايشة مع فيروس نقص المناعة البشرية، غير أنها لم تتلقَّ علاجها لأسابيع عدة، ولم تحصل على أي مساعدة".

على الرغم من مرور أشهر عدة على مغادرة إيلي المخيم، إلا أنه لم يتمكن من التغلب على شعوره بأنه سجين ومهدد، ولم يستطع التغلب على صدمة العنف وسوء المعاملة وانتهاك الخصوصية التي تعرّض لها في أثناء احتجازه في المخيم، كل هذا الخوف لا يزال معه حتى اليوم.

واللافت أنه مجبر على مراجعة الشرطة التركية كل أسبوع لإثبات مكان سكنه ويُعدّ موقوف القيد في حال تأخّره: "كلما خرجت إلى الشارع، أخاف من الاعتقال والترحيل إلى سوريا، حيث ينتظرني الموت أو الإعدام بالتأكيد".

يشدد إيلي، على أهمية حصول المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية على حماية وعلاج خاصين من الدولة التركية، ما يمنحهم شعوراً بالأمان، كما يشدد على ضرورة الاستمرار في استقبال الوافدين الجدد من مجتمع المثليين من سوريا وتزويدهم بالأوراق القانونية والرعاية الطبية التي يحتاجونها.

حالة حصار

تحيط ظروف قاسية بأفراد مجتمع الميم-عين، في أثناء ترحيلهم/ نّ من تركيا وعند وصولهم/ نّ إلى شمال سوريا، خاصةً في أثناء التفتيش والاستجواب من قبل الفصائل المسلحة المنتشرة على الجانب السوري، بحيث أنهم/ نّ لا يحصلون/ ن على أي مساعدات مالية أو خدمات صحية، ولا توجد أماكن لاستقبالهم/ نّ ولو مؤقتاً، بالإضافة إلى انعدام الأمن والشعور الدائم بالتهديد.

في هذا السياق، يقول ناشط في شمالي سوريا رفض الكشف عن اسمه لاعتبارات أمنية: "إن ثقافتنا المجتمعية تحمل صورةً نمطيةً سيئةً عن الإيدز وحاملي الفيروس، وتحتوي على الكثير من الأخطاء الطبية وتعتمد على أسلوب الترهيب وتصوّر الفيروس كعقاب على الخطيئة".

ويضيف الناشط الذي يعمل في المجال الطبي، لرصيف22: "لا ينتقل فيروس HIV إلا من خلال اختلاط الدم (نقل الدم أو أدوات الحقن) والعلاقات الجنسية غير المحمية"، مؤكداً أن المعرفة والوقاية هما الحل لاحتواء الفيروس ومنع انتشاره: "تجب معاملة حاملي الفيروس بما يليق بانسانيتهم".

إن العديد من أفراد مجتمع الميم-عين يعيشون حياةً صعبةً، وحياتهم مهددة، سواء في وطنهم أو في الخارج، فكيف إذا كنّا نتحدث عن أشخاص متعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية؟ إن هؤلاء يستحقون الحماية والفحص الطبي والعلاج والعيش بكرامة وعلى المجتمعات أن تحتضنهم بدلاً من مطاردتهم والتعامل معهم "كمجرمين"

وبحسب الناشط، فإن قلة الوعي وغياب الثقافة الجنسية المجتمعية يدفعان الناس إلى وصم المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية وطردهم ومحاربتهم، لكن هذا الجهل يساعد في انتشار الأمراض المنقولة جنسياً، وتأخير علاج حامليها، وقد يدفع حامل الفيروس إلى عدم الكشف عن وضعه الصحي لشركائه الجنسيين، ما يرفع نسبة تفشّي العدوى".

ويختم: "يعيش المتعايش مع فيروس نقص المناعة البشرية حياةً طبيعيةً طالما أنه يتناول علاجه، والفيروس نفسه يكون في حالة خمول خلال فترة العلاج، وقد ينتكس الجسم لاحقاً ويصبح الفيروس نشطاً، فيعطى المريض نوعاً ثانياً من العلاج، وهذا ما يسمى بالخط الثاني، ويعود الشخص إلى ممارسة حياته الطبيعية".

باختصار، إن العديد من أفراد مجتمع الميم-عين يعيشون حياةً صعبةً، وحياتهم مهددة، سواء في وطنهم أو في الخارج، فكيف إذا كنّا نتحدث عن أشخاص متعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية؟ إن هؤلاء يستحقون الحماية والفحص الطبي والعلاج والعيش بكرامة وعلى المجتمعات أن تحتضنهم بدلاً من مطاردتهم والتعامل معهم "كمجرمين".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

فلنتشارك في إثراء مسيرة رصيف22

هل ترغب/ ين في:

  • الدخول إلى غرفة عمليّات محرّرينا ومحرراتنا، والاطلاع على ما يدور خلف الستارة؟
  • الاستمتاع بقراءاتٍ لا تشوبها الإعلانات؟
  • حضور ورشات وجلسات نقاش مقالات رصيف22؟
  • الانخراط في مجتمعٍ يشاركك ناسه قيمك ومبادئك؟

إذا أجبت بنعم، فماذا تنتظر/ ين؟

    Website by WhiteBeard
    Popup Image