شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
أكثر من 30 من حبوب الإجهاض، لا تكفي لإنزال طفلي

أكثر من 30 من حبوب الإجهاض، لا تكفي لإنزال طفلي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

مدونة نحن والنساء

الجمعة 20 سبتمبر 202410:58 ص

ترى لماذا أصرّ جسدك الصغير على البقاء في هذا العالم؟ هل كانت هناك قوة غامضة تربطنا، أم أنك ببساطة لم تستعدَّ بعد لمفارقتي؟ هل كنت تشعر بالسلام في هذا المكان الدافئ داخل رحمي، رغم علمنا بأن الرحلة لن تستمر؟ أم أنك أشفقت على أمك وأردت أن تقول لها إنك متمسك بها مثلما أرادت هي أن تتمسك بك؟

حاولت كثيراً ألا أُفلتك ولكنْ دون جدوى. تجهض النساء كثيراً يا صغيري، وهي أوجاع لم يعرف الناس عنها ولو حتى بصورة متوسطة، أو مثلما قال الأبنودي، على لسان عمته "يامنة": "في الدنيا أوجاع وهموم الناس مابتعرفهاش".

يظنون أنَّ النساء يجهضن أطفالهن بين ليلة وضحاها، ويدعون لهن بأن يحملن بطفل آخر في أسرع وقت ممكن، وكأنها دعوة بالعوض ومحاولة لـ "الطبطبة". أنا أيضاً كنت أجهل هذا الألم، لم أعرف ملامحه وأثره، ولكني ذقت مرارته وكان مثل ضربة على الرأس.

من يعوضني إذن بعدما رأيتك بأم عيني في جهاز السونار طفلاً رقيقاً صغِيرَ الحجم؟! قال لي الطبيب حينها وهو يشير إلى الشاشة: "هنا إيده... رجله... ووزنه كويس قوي"، وفي نفس الدقيقة تغيرت ملامحه، وقال: "هذا الحمل لن يكمل".

تذكرت صديقتي التي تقول حين تحدث أشياء مريعة في الأفلام مثلاً: "ده مش حقيقي"، في محاولة لتهدئة عقلها. كنا نضحك كثيراً ونستخدم الجملة في مواقف عديدة، إذا احترق الطعام أو نسينا شيئاً مهماً. لكني يومها لم أضحك يا حبيبي بل تحجّرت تماماً، كنت في كابوس وددت لو أنَّ يداً رحيمة توقظني منه.

وقف العالم ومن فيه لثوان حولي، أسمع أصواتهم وحوارتهم عن كيف حدث هذا؟ ولماذا؟ وما الوضع الآن؟ وكيف كان صوت الطبيب بارداً مثل حجرته حين قال: "نصيب، وخليكم عارفين البيبي كبير صعب ينزل من غير عملية، لكن هنحاول"، وانتهى الأمر وأنا أشعر بالعجز التام، وكأنني لست سوى شاهداً على ما يحدث.

ظلت الكلمات عالقة في رأسي، وعقلي يردد: "أكيد ده مش حقيقي"، وأنتظر من يضحك حولي ويؤكد لي أن الموقف لم يكن حقيقياً. لكن لم يضحك أحد.

من يعوضني إذن بعدما رأيتك بأم عيني في جهاز السونار طفلاً رقيقاً صغِيرَ الحجم؟! قال لي الطبيب حينها وهو يشير إلى الشاشة: "هنا إيده... رجله... ووزنه كويس قوي"، وفي نفس الدقيقة تغيرت ملامحه، وقال: "هذا الحمل لن يكمل"

كيف تتحرّر الدمعة؟

بعد ساعات من الصدمة تحرّرت دمعة من عيني، ولم أكن أفهم أين أنا وماذا عليّ أن أفعل الآن؟ شعرت أنني معاقبة على شيء ما. مرّت الأيام حينها وأنا في حالة الدهشة نفسها، يقولون لي: "خذي حبوب الإجهاض". أخذتها، ونزفت... نزفت كثيراً، وكان الحزن يبدّل ثيابه داخلي فبدل الغرق في دموعي غرقت في دمي.

"لازم تدخل جراحي": قالت الطبيبة، وبالفعل بعد دقائق معدودة كنت في غرفة العمليات لأول مرة في حياتي. كان كل شيء بارداً، الوجوه والأدوات، حتى أطرافي ومشاعري، غضبت بعدها كأني لم أغضب من قبل، ثم رضيت واستسلمت.

هل أنا على موعد مع إجهاض ثان أم فرح أول؟

مرت الشهور والشهور، وإذ بي فجأة حامل للمرة الثانية. هل أفرح الآن أم لا؟ لم أكن متلهّفة على الشعور بالأمومة. تزوجت لأنني أحب حبيبي. هكذا ببساطة ورومانسية فتاة في أوائل العشرينات.

لكن عندما عشت معك يا طفلي أربعة أشهر، أحببتك وانتظرتك بفارغ الصبر، وقررت أن وجودك وصحتك وراحتك داخل رحمي أهم أولوياتي. ومرّت الأيام وإذ بي للمرة الثانية أمام طبيب آخر، يقول لي بوداعة: "قدر الله وما شاء فعل. عارف إنه تقيل عليكي لكن الحمل مش هيكمل، معلش، متزعليش، أنتي لسا صغيرة اللي قدك ماتجوزوش".

 بكيت كثيراً حينها ولم تتحجّر مشاعري مثل المرة الأولى، مثل الصدمة الأولى، ولم أفزع، بكيت فقط وخفت أكثر من أيِّ مرة في حياتي، وشعرت بتبلّد ما بداخلي، ووقفت أمام جملة في خيالي: "مافيش في إيدي حاجة". فقدت شعوري الكاذب بأن الأمور تحت السيطرة، بأن الحياة ستمنحني رحلة طبيعية ولو لمرة واحدة على الأقل، ولكن دائماً الحياة ترسمني وتهيّئني لدور آخر.

لم تكن حياتي سهلة فيما قبل، (لعلك تعلم يا صغيري، فقد كنت أقصّ عليك قصصي كل ليلة)، بل كانت صعبة وقاسية، وكنت أقول إن كل هذا يشكّلني، يشكّل شخصيتي، وتحولت فيما بعد من "ضحية" إلى "متصالحة وناضجة"، وبدأت محاولاتي في بناء شخصيتي مثلما أحلم وأتمنى. أدرس وأكتب، أغني وأعزف، أحلم بمشروع ويفشل، أحاول في غيره. أدرّب نفسي لأكون شخصية سوية لا تؤذي الآخرين ولا تقبل أن يؤذيها أحد. أحنّ على كلبِي وأحبُّ الحيوانات، أدافع عن النساء وأمجّد نجاحهن، أحب أصدقائي وألعن كل مسافة بيننا، فهل تقبل الحياة أن ترحمني قليلاً؟

غضبت كأني جمعت كل غضب الناس في قلبي وحدي، مددت قلبي بيدي كي يسع حزني وغضبي ورفضي. لازمنا البحث أياماً وأياماً والسؤال وتكرار السؤال، لكن الإجابة واحدة وهي: "الحمل لم يكمل"

عالم النساء، بوابة أخرى لقسوة أخرى

عندما دخلت عالم النساء اكتشفت طعماً آخر للقسوة. أحياناً أكون فخورة بكوني "سيدة" تتحمّل مشقات عديدة لا يعترف بها المجتمع، وأحياناً أخرى أكره نفسي كوني أتعذّب بلا سبب. وبعد إجهاض جنيني للمرة الثانية، مرّت شهور عديدة في فحوصات لا تنتهي وإبر تَخِزُ جسدي بلا رحمة، وتغيّرات هرمونية وجسدية تجلب تعليقات سخيفة مثل: "ماعرفتكيش، تخنتي أوي". حينها كنت أتقبل تعليقاتهم وأقول: عقول صغيرة لا داعي للالتفات لها، لكني الآن أسبّهم جميعاً ولا أبالي حتى لو كان هذا السِبَاب في دماغي فقط. على كل حال أنا في أتم الاستعداد للرد.

ولكن عندما علمت بخبر حملي الجديد للمرة الثالثة وبعد مدة طويلة، فرح قلبي بشدة، وكنت أقول لنفسي إن الله هيّئني بالتجارب السابقة، اختبر أمومتي. فرحنا كثيراً رغم القلق والخوف، وغَمزِ ولمزِ الحبايب : "التالتة تابته.. وربنا هيكملها بخير". قمنا بكل ما في وسعنا لكي نحافظ على وجودك، كل الأطباء قالوا لنا إن الأمور تسير على ما يرام، ولكن عقلي (لعلك تعلم عقلي المتعب) دائماً يذكرني بأن هناك احتمالات في كل شيء، لكني هذه المرة صدّقت أني جاهزة لأكون "أمّاً" ولكونك آتٍ لا محالة، رغم قولهم إنني في العشرينيات من عمري، وعليّ أن استمتع به بدل الدخول في حروب عالم النساء التي لا تنتهي.

جلبت لك ملابس من الجنة

طلبت لك أونلاين طقم ملابس مكوناً من ثلاث قطع، ملوناً بالأزرق مثل صفاء قلبي وأنا أنتظرك، وبه موج بسيط مثل قلقي من فقدانك، وعليه طيور بيضاء صغيرة مثلما كنت أتخيل وجهك الصغير، ترى هل كنت ستأخذ مني شكل عيني مثلما تمنى أبوك؟

قمت بعمل ملفٍ لحفظ الأشياء التي نود أن نجلبها لك، بدايةً من "شنطة الولادة" وغيار الأطفال حديثي الولادة، لنوع السرير ولونه، وحتى الحذاءِ والشرابات (المِسَكَّرَه) كما كنت أصفها، ابتعدت عن عملي مثلما نصحوني وتفاديتُ أي مجهود أبذله. تخليت عن فناجين القهوة (وهذا لو تعلم شيء كبير بالنسبة لي). قبلت بأن أذهب بقدمي لكي آخذ حقن المثبتات القاسية التي كانت مادتها تجري في جسدي كالنار.

ولكن لم يمهلني القدر وقتاً أكثر، وفي عيادة أخرى لطبيبة أخرى، سمعت جملة ليست جديدة عليّ: "للأسف الحمل مش هيكمل. سبحان الله مافيش أي أسباب. قلبي معاكي ماتزعليش"، والعديد من الكلام والكلام والكلام. لماذا لا يصمت الناس في تلك الأوقات يا صغيري؟ أشعر بأن رأسي مثل الراديو بها صوت يشبه "شششششششش" أقولها لهم بصوت عال أحياناً، وأحياناً أرى في أعينهم صدق المحاولة لتهدئتي فألزم الصمت.

غضبت كثيراً تلك المرة ووقفت أمام الدنيا. غضبت كأني جمعت كل غضب الناس في قلبي وحدي، مددت قلبي بيدي كي يسع حزني وغضبي ورفضي. لازمنا البحث أياماً وأياماً والسؤال وتكرار السؤال، لكن الإجابة واحدة وهي: "الحمل لم يكمل".

تمر الساعات ولا يحدث شيء غير ألم يضرب بطني وظهري. آخذ أربعة حبوب أخرى وهكذا طوال أيام وأيام. يعتصرني الألم، تسقط مني كتل الدم. أغرق بالدم، وأقول لنفسي: "بطني بتتقطع. قلبي بيتقطع. ابني بيتقطع"، ويعتصرني الألم تارة أخرى

رأيت الموت أمامي

"لا بد أن تأخذي حبوب الإجهاض، حتى لا نضطر لعمل عملية مرة أخرى": قال الأطباء. فقدت الخوف مثلما فقدت الأمل في لحظات بعينها. رأيت الموت أمامي ورآني، ابتسمت له ومددت له ذراعي، لكنه وقف بعيداً ينظر لي نظرة خالية من المشاعر. ظلّ شبحه يراودني كثيراً. بدأت بأخذ الحبوب، أربعة حبوب في المرة الواحدة، وأجلس أنتظر... ننتظر. بدأ النزيف، وبدأ الفقد.

تمر الساعات ولا يحدث شيء غير ألم يضرب بطني وظهري. آخذ أربعة حبوب أخرى وهكذا طوال أيام وأيام. يعتصرني الألم، تسقط مني كتل الدم. أغرق بالدم، وأقول لنفسي: "بطني بتتقطع. قلبي بيتقطع. ابني بيتقطع"، ويعتصرني الألم تارة أخرى، وأصرخ ولأول مرة في حياتي، وأنا صاحبة الجروح الكثيرة، وأقول بعلو صوتي: "آاااااه"، وأنادي أمي، وأنا التي تخشى أن تراها أمها تبكي، وأقول لها: "أنا بتصفّى". أنادي حبيبي، وأنا التي تخبّئ عنه برك الدم في كل مرة أجهض فيها، وأقول له: "أنا تعبت.. شوف بقا كلي دم".

أراهم ولأول مرة يرونني كما أنا، بلا قناع قوة أو قناع صبر، بلا جلد وابتسامة، يرونني مَحنِيَّةَ الظهر، لا أستطيع فرده من شدة الألم. يرونني غارقة في دمي، يرونني أضعف من ورقة شجر في مهب الريح.

"يسقيني المر وبرضو أسقيه من بحر الصبر اللي فقلبي"

أصابني الطلق وذقت طعمه، وأصبحت أردّد له بيت شعر لأحمد فؤاد نجم، ظل يرافقني في كل لحظة اهدأ فيها: "يسقيني المر وبرضو أسقيه من بحر الصبر اللي فقلبي"، لكني تمنيت أن أنالك يا صغيري في النهاية.

في كل مرة يعتصرني الألم، وتسقط مني كتلة دم، أتخيلها مثل قطع "البازل" التي كانت نهايتها ستكون صورتك. أبكي، أثور، أخبط بقدمي على نافورة الدم تحتي من شدة الألم والغضب، أهدأ، أحمد الله، أهوّن عليّ، ألمحني في مرآتي (جميلةً جميلة) برغم حبات العرق التي تتسلل بين خصلات شعري وتجري على وجهي هاربة. أراني جميلة بشكل لا أستطيع وصفه، جميلة كما لم أرني بها من قبل.

يشتد الألم مرة أخرى، ينحني ظهري، تتفتت بطني، لكني أقول: "أشعر بشيء داخلي ينفجر". لم يصدقني أحد. اشتد الألم، ذهبنا للمشفى وبعد الكشف قال الطبيب بالنص: "انفجر كيس الحمل داخل الرحم". أقول في عقلي: "أنا أصدق الناس بي. أنا أقرب الناس لي. أطبطب عليّ. أنا أولى بحنية قلبي".

تمر الأيام وأحلم بشيخي أحمد برين يحكي لي حكاية نبي الله موسى والخضر، وكأنه يذكرني بدروس القدر وألم أم موسى، ألم النساء اللواتي يعرفن معنى الفقد:

أنا أقوم من النوم تسبقني دموعي أبكي

على ولدي وضنايا اللي رميته وهو ملكي

ولدي ضنايا رميته في بحر وهو ملكي

وددت لو يعرف العالم أن هناك نساء حاصرهن الألم، ومن الواجب أن تتأخّر الشمس دقيقة في شروقها وأن يقف العالم كله، ولو ثوان، تقديراً لحزنهن وفقدهن

وعلى الرغم من معرفتي بشريط موسى والخضر للشيخ أحمد برين، لكني في تلك اللحظة شعرت أنه أتى إليّ وحدي ليؤنسني، مثلما آنستني "سورة الكهف" في ظلمة الليالي. أرجع لصوت برين في كل نهار وأنا أحاول بمشقة شديدة أن أنهض من فوق سريري، وأغني: "أنا أقوم من النوم تسبقني دموعي أبكي"، ومع كل دفعة حبوب آخذها ويعتصرني الألم مرة أخرى وأنزف وأفرّق الدم بالماء، أسمعه يردّد في أذني: "على ولدي وضنايا اللي رميته وهو ملكي"، وأشفق على أم موسى كيف تحملت هذا الاختبار، وأشفق عليّ. كيف ستتحملين يا حبيبة هذا الاختبار؟ في لحظة أتمنى أن أرى طفلي وفي اللحظة نفسها أقول: وإذا فقدته؟ على الأقل أنا أفقد ما أتخيله فقط.

تدور الأيام بقسوة رحى حازت قلبي داخلها، أفيق من ألمي. أجد أحبابي وأصدقائي وأفقد منهم من لا أفهم غيابه. أغضب منهم، يسقطون من قلبي مثلما يسقط الدم من رحمي، وتمر الأيام أكثر، وأشعر أنني الآن لا أبالي إطلاقاً بهم. وكأن رؤيتي اتسعت. هكذا ببساطة أضع كل امرئ في مكانه الصحيح، دون غضب، ودون حزن، ودون أي مشاعر سلبية، دون أي مشاعر أصلاً. أمسك في ثوب أحبابي وأقول لهم: "احملوني. لا أستطيع السباحة الآن". أعترف، أبكي كلما أردت أن أبكي، أحدّث الله كثيراً وأشعر أنه قريب مني لدرجة مدهشة، يحرسني، وينجيني من الغرق. أرى الموت ثانية. أبتسم له ولكني لا أمد له ذراعي هذه المرة. أنظر له متربصة وقلبي داخلي يدق بسرعة من شدة الألم والوهن. أمسك بشعري. أظنني أقطعه، أقطفه كالورد. أهدأ. كلما رأيت الموت قريباً، طلبت منهم أن يخرجوا من غرفتي.

جلست وحدي في ظلمة الغرفة، غيرت ملابسي وتعطرت، صففت شعري وقسمته لضفيرَتين. وضعت مرطب شفاهي. نظرت لمبخرتي ولكني شعرت بوهن يمنعني من المضيِّ إليها. مددت جسدي على سريري وأغمضت عيني؛ قلت: "أمي، وحبيبي وأهلي، يا رب، إذا قبضت روحي هوّن عليهم".

فتحت عيني، رأيت الموت شبحاً يقترب أكثر، وأنا أنظر له هادئة، لكنه تلاشى شيئاً فشيئاً، وقبل أن يختفي تماماً وجدتني أناديه وأقول من "سورة الكهف" مع صوت الحصري الخارج من هاتفي: "كيف أصبر على ما لم أحط به خبرا". ظننت الموت ألقى نظرة أخيرة عليّ قبل أن يتلاشى في نفس اللحظة التي غفلت فيها ونمت لأول مرة مذ ليالي طويلة مستسلمة. أعرف معنى الفقد والوحشة، الألم والصبر، أعرف الكثير. كان لا بد أن أدفع الكثير أيضاً، وددت لو مسحت بيدي عرق كل النساء اللواتي أجهضن مرات ومرات، وددت لو احتضنتهن جميعاً وقلت لهن إن الله يرى، وإنني أشعر بهن وأشد على أياديهن. وددت لو يعرف العالم أن هناك نساء حاصرهن الألم، ومن الواجب أن تتأخّر الشمس دقيقة في شروقها وأن يقف العالم كله، ولو ثوان، تقديراً لحزنهن وفقدهن.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel


* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

ثورتنا على الموروث القديم

الإعلام التقليديّ محكومٌ بالعادات الرثّة والأعراف الاجتماعيّة القامعة للحريّات، لكنّ اطمئنّ/ ي، فنحن في رصيف22 نقف مع كلّ إنسانٍ حتى يتمتع بحقوقه كاملةً.

Website by WhiteBeard