بعيداً عن شاشات الرادار، تتجوَّل في المنطقة العربية صفقات اقتصادية مع رجال أعمال ومؤسسات مالية إسرائيلية. وصل الأمر إلى تمويل صناديق الاستثمار الإسرائيلية عبر الأثرياء العرب. وبينما تُعقد بعض الصفقات تحت غطاء اتفاقات "أبراهام"، يُبرَم بعضها الآخر في قصور متنفّذين عرب، "طالما ظلّ الهدوء عنواناً عريضاً للمنفعة المتبادلة"، حسب تعبير الدبلوماسي الإسرائيلي المتقاعد بروس كشدان. وبداعي المنفعة العامة، تفرض تل أبيب حظراً على هوية المتعاونين العرب معها، لكنها تترك المجال واسعاً أمام دوائر التسويق الإسرائيلية، التي تحرِّض على حتمية الفصل بين المواقف السياسية، وما تصفه بإنعاش التنمية الإقليمية، وتعزيز التعاون بين إسرائيل من جهة، والشعوب والحكومات العربية من جهة أخرى.
"طالما استفدتم، وخدم ذلك شعبنا، وجرى في إطار بالغ من الهدوء، فلا مانع؛ وأنت مدعو لزيارة بلادنا في أي وقت تريد". لم يبرح صدى العبارة رأس كشدان، حين حلّ ضيفاً على كبير مستشاري أحد أمراء دول الخليج، مطالباً بتسهيل إبرام صفقات تجارية وغيرها مع إسرائيل.
وفقاً لكتاب "سلام ترامب... اتفاقات أبراهام والتحولات في الشرق الأوسط"، قام الدبلوماسي الإسرائيلي على مدار 30 عاماً بالعديد من الجولات المكوكية السرّية في مختلف أنحاء المنطقة، ووقَّع خلالها صفقات بين دول خليجية وإسرائيل. وبينما لم يجرِ الدبلوماسي المخضرم لقاءً صحافياً واحداً، ولم يتحدث نهائياً مع أي صحافي، كان وما زال معروفاً لدى عدد كبير من ملوك وأمراء دول الخليج، بالإضافة إلى كبار رجال الأعمال العرب، حسب مؤلف الكتاب الإسرائيلي باراك رافيد.
يكشف الكتاب أنه منذ عام 1991، امتلك كشدان ما يقرب من 2،500 "همزة وصل" في دول الخليج، استهلّها برئيس إحدى شركات الطيران العربية، الذي أصبح في ما بعد صديقاً مقرّباً منه. ومن خلال "همزات الوصل" هذه، تمكّن من إبرام ما يقرب من 600 صفقة لصالح شركات إسرائيلية في دول الخليج. وحسب اعترافاته للكاتب الإسرائيلي: "كان ذلك سرّاً تعرفه شخصيات عديدة، لكن الجميع حافظ على الهدوء. أبلغت الشركات الإسرائيلية بأنهم إذا نجحوا في إبرام الصفقات، فسوف يساهمون في دعم دولة إسرائيل سياسياً".
بداعي المنفعة العامة، تفرض تل أبيب حظراً على هوية المتعاونين العرب معها، لكنها تترك المجال واسعاً أمام دوائر التسويق الإسرائيلية، التي تحرِّض على حتمية الفصل بين المواقف السياسية، وما تصفه بإنعاش التنمية الإقليمية، وتعزيز التعاون بين إسرائيل من جهة، والشعوب والحكومات العربية من جهة أخرى
الصندوق السيادي القطري ونظيراه في الإمارات والسعودية
وفي حين أغلقت قطر الممثلية التجارية الإسرائيلية لدى الدوحة في 18 كانون الثاني/ يناير 2009، دشنت الإمارات المتحدة والبحرين، ممثليّتين إسرائيلتين سرّيتين في دبي والمنامة، واستبقت عملية التدشين هذه توقيع اتفاقات "أبراهام" مع إسرائيل، في 15 أيلول/ سبتمبر 2020. وبرغم إبلاغ الخارجية القطرية طاقم الممثلية الإسرائيلية في حينه بمغادرة الإمارة في غضون أسبوع، وتجميد العلاقات الاقتصادية التجارية مع إسرائيل، احتجاجاً على عدوان تل أبيب حينذاك على قطاع غزّة، إلا أنّ علاقات الدوحة مع تل أبيب لم تنقطع، وأضحت أكثر انفتاحاً على الشركات الإسرائيلية مع مرور الوقت.
وفيما لم تتوقف حملات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة والضفة الغربية، لم تتجاهل إسرائيل ثروات الصندوق السيادي القطري، الذي يحتل المركز التاسع بين أكبر الصناديق السيادية على مستوى العالم؛ ومن خلال شركة "Snyk" الإسرائيلية–الأمريكية المتخصصة في الأمن والاستشارات السيبرانية، ضخّ الصندوق القطري 200 مليون دولار. وحسب قاعدة بيانات الشركات الإسرائيلية IVC، لم يكن استثمار صندوق الإمارة الخليجية في شركات إسرائيلية، هو الأول من نوعه، وإنما سبقته استثمارات أخرى، استقبلتها شركة الإنترنت الإسرائيلية "Koolanoo"، وهي الشركة نفسها التي أغلقت أبوابها في الصين نتيجة الأزمة الاقتصادية عام 2008، بالإضافة إلى شركة "Compass" الإسرائيلية-الأمريكية المتخصصة في صفقات الوساطة العقارية.
وانضمّ الصندوق السيادي القطري أيضاً، إلى نظيره السعودي، وصناديق إماراتية أخرى، مثل "مبادلة"، و"pif"، التي تستثمر جميعها أموالاً في شركات إسرائيلية، سواء بشكل مباشر أو عبر وسطاء، مثل: صناديق استثمار كبار شخصيات إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، لا سيما ستيفن منوتشين، المصرفي والسياسي والشريك المؤسس السابق لبنك "غولدمان ساكس"، وكذلك غاريد كوشنر، صهر ترامب وكبير مستشاريه. ويستثمر صندوق "مبادلة"، على سبيل المثال، في أكثر من صندوق إسرائيلي من بينها: "بيتنغو"، و"أنتري"، و"ألف"، و"يولا"، و"ميزما"، كما يحظى صندوق "ميرون كابيتل" الإسرائيلي بدعم إحدى عائلات الإمارات، التي تحظر تل أبيب الكشف عن هويتها، حسب صحيفة "غلوبس" العبرية.
ممثليّتان إسرائيليتان سرّيتان في دبي والمنامة
وبالعودة إلى تدشين الممثليّتين الإسرائيليتين السرّيتين في دبي والمنامة، لا تتوافر حول بداية نشاطهما مصادر معلوماتية عربية، وهو ما أتاح الأحادية المعلوماتية للكاتب الإسرائيلي باراك رافيد، في كتابه "سلام ترامب: اتفاقات أبراهام والتحولات في الشرق الأوسط"، واستند فيها إلى لقاءات مع كشدان، رئيس ومؤسس الممثلية الإسرائيلية السرّية في دبي، ويوش زرقا، رئيس ومؤسس الممثلية الإسرائيلية السرّية في المنامة.
كان الهدف المعلن من تدشين الممثليتين هو تحفيز إبرام اتفاقات اقتصادية بين رجال أعمال إسرائيليين من جهة، ونظراء لهم في الإمارات المتحدة والبحرين من جهة أخرى. وبعد الحصول على موافقة أبو ظبي، سجلت إسرائيل في عام 2006، شركةً في دبي باسم "مركز التنمية والتجارة الدولي"، جميع أعضاء مجلس إدارتها وجميع العاملين في مقرّها كانوا دبلوماسيين إسرائيليين، وكانوا يرسلون تقارير من هناك إلى مكتب مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية بشكل مباشر. وبينما استثمر الدبلوماسيون الإسرائيليون الذين عملوا في الممثلية وقتاً طويلاً في إشكاليات اقتصادية، حرصوا على السفر إلى أبو ظبي مرةً كل أسبوع أو أسبوعين، لإجراء محادثات سياسية.
بعد ثلاث سنوات، وتحديداً في 13 تموز/ يوليو 2009، سجّلت إسرائيل شركةً في وزارة الاقتصاد في المنامة، تحت اسم "Center For International Development & Commerce"، ونصَّت الأوراق الثبوتية على أنها مؤسسة أوراق مالية تُستخدم غطاءً لممثلية دبلوماسية سرّية لوزارة الخارجية الإسرائيلية في عاصمة البحرين. أما بروفايل المؤسسة الجديدة في موقعها الإلكتروني، فحدد مهامها في توفير خدمات غزو للسوق، وتقديم الاستشارات، والتسويق التكنولوجي في قلب الخليج. وقدّمت المؤسسة نفسها على أنها مزوِّد خدمات لعملاء في أوروبا والولايات المتحدة، يرغبون في دخول قطاعات السوق البحرينية بعيداً عن قطاع النفط. وحسب موقع المؤسسة، كان غالبية العملاء من شركات التكنولوجيا المتقدمة في مجالات الصحة، والطاقة المتجددة، والزراعة، وتكنولوجيا المعلومات، حتى أن المؤسسة تباهت بأنها طوَّرت شبكة علاقات متشعبةً في البحرين، مكَّنتها من إحراز العديد من الصفقات.
من خلال شركة "Snyk" الإسرائيلية–الأمريكية المتخصصة في الأمن والاستشارات السيبرانية، ضخّ الصندوق القطري 200 مليون دولار. وحسب قاعدة بيانات الشركات الإسرائيلية IVC، لم يكن استثمار صندوق الإمارة الخليجية في شركات إسرائيلية، هو الأول من نوعه، وإنما سبقته استثمارات أخرى
إسرائيليون… من جنوب أفريقيا وبلجيكا وبريطانيا وفنلندا
طرحت الشركة 400 سهم للتداول، قيمتها 20 مليون دينار بحريني، استحوذت بها على حصّتَي المؤسسَين الرئيسيَين؛ بيرت يوناثان ميلر، وهو رجل أعمال من جنوب أفريقيا، وعيدو موعيد، الذي بدا أنه رجل أعمال بلجيكي. لكن الاثنين لم يكونا سوى دبلوماسيين في وزارة الخارجية الإسرائيلية، ويحملان جنسيةً مزدوجةً. وفي مجلس إدارة الشركة، جلس أيضاً شخص يُدعى إيلان بلوس، يحمل الجنسية البريطانية. بلوس هو الآخر كان إسرائيلياً ودبلوماسياً في وزارة الخارجية. وفي 2018، جرى تعيين مدير عام جديد للشركة يُدعى نيفو برحاد، وكان يقدّم نفسه على أنه رجل أعمال فنلندي، حتى أنه دشَّن حساباً مزيّفاً على شبكة التواصل الاجتماعي "لينكد ان"، تضمّن تعريفاً بصاحبه لا علاقة له بالواقع.
بحسب الكتاب، يتذكر يوش زرقا، رئيس الممثلية الإسرائيلية السرّية في المنامة، جانباً من نمط العمل الاقتصادي في البحرين، مشيراً إلى أنه وطاقمه كانوا يلتقون رجال أعمال محليين، ويعرضون عليهم مبادرات تجاريةً في مختلف دول العالم. وفي مرحلة معيّنة، كان زرقا ورفاقه يقترحون فرصاً استثماريةً في إسرائيل؛ وبينما كان بعض البحرينيين يردّون بالإيجاب، رفض فريق آخر منهم الفكرة من الأساس. وأضاف زرقا، في لقاء مع مؤلف الكتاب الإسرائيلي: "أما أولئك الذين وافقوا، فأوصلناهم برجال أعمال إسرائيليين، وخرجنا بعدها من الصورة. في أكثر من حالة، أراد البحرينيون أن يدفعوا لنا عمولةً نظير الوساطة، فكنا نردّ عليهم بأنه لا داعي لذلك، لأننا حصلنا على عمولتنا من الطرف الآخر".
حصص إسرائيلية في شركات فلسطينية وبورصة نابلس
قبل توقيع اتفاقات "أبراهام"، دار مضمون الانفتاح الاقتصادي بين الدول العربية وإسرائيل حول المصالح المشتركة والعلاقات السرّية، التي لم تستثنِ أياً من العواصم العربية، ووصل الأمر إلى عضوية الفلسطينيين أنفسهم في نادي التعاون الاقتصادي مع إسرائيل، حسب تعبير رجل الأعمال ومدير الاستثمارات الإسرائيلي طال كينان، الذي أكّد في حوار لمجلة "ذي ماركر" عام 2013، أنه "رغم الفوضى الإقليمية، الدولة الوحيدة التي يجري بناؤها ولا تنهار هي فلسطين. نحن نمارس الأعمال التجارية، ولدينا العديد من العلاقات الشخصية هناك. هذا بلد منظّم، بمؤسسات منظمة وأمن في الشوارع. اليوم أشعر بالأمان عندما أجلس في رام الله مع أشخاص يتحدثون اللغة العبرية ويعرفون من أنا".
واعترف مدير الاستثمارات الإسرائيلي (أمريكي الأصل)، بامتلاك حصص في شركات فلسطينية، بما في ذلك شركات الطاقة وبورصة نابلس، مشيراً إلى أن استعانة السلطة الفلسطينية بالإمكانات الإسرائيلية أصبحت حتميةً عند تدشين بنى تحتية لقطاع الطاقة الفلسطيني، لا سيما الغاز الطبيعي.
وفي ما يخص دول الخليج، لم يخفِ طال كينان، رفض عائلات سعودية، على سبيل المثال، التعامل مع رجال أعمال إسرائيليين. لكنه أوضح في المقابل: "هناك أيضاً من يبدي رغبةً في التعامل معنا"، وقال في هذا الصدد: "التقيت منذ فترة قريبة رجل أعمال سعودياً كبيراً جداً، ولم يخجل حين اعترف بأنه لن يمانع -إذا اقتضت الحاجة- الاستعانة بطبيب قلب، أو محامٍ، أو مدير ماليّ من إسرائيل".
وبينما لم يكشف كينان، هوية رجل الأعمال السعودي، تحدث عن لقاء جمعه في تنزانيا عام 2013، بمديرة صندوق رجل الأعمال السعودي الوليد بن طلال، وعنه يقول: "أنا عضو في منظمة روَّاد أعمال شباب العالم (YGL)، وهي منظمة تمثّل منتدى شباب يتبع المنتدى الاقتصادي العالمي، الذي يجمع نحو 700 رائد أعمال من جميع أنحاء العالم". في أولى ليالي المؤتمر الذي جرت فعالياته في العاصمة دودوما، استقلّ كينان –كما يقول– المصعد، متجهاً إلى غرفته في الفندق، فدخلت معه المصعد سيدة لم يعلم إلا لاحقاً بأنها رئيسة صندوق الوليد بن طلال الاستثماري، وبادرت بتبادل أطراف الحديث معه باللغة العربية. وأضاف: "لم أدرِ السبب في اعتماد العربية لغةً للحوار، ربما اختلط على السيدة الأمر، إذ بدا من بطاقة اسمي اقتراب اسم 'طال' من 'طلال'!".
وصايا بالاستثمار الخليجي في بيت المال الإسرائيلي
كينان يرأس مجلس إدارة مؤسسة استثمارات "KCPS Clarity"، التي تتخذ من أبراج "عزرائيلي" في تل أبيب مقراً رئيسياً لها، واعتمد في علاقاته المتشعبة على جمع رؤوس أموال أثرياء الدول العربية، إلا أن إسرائيل، حسب الكاتب الإسرائيلي خاجي عاميت، حظرت لدواعي المصلحة العامة كشف هوية هذه الشريحة. وعن ذلك يقول طال كينان: "علاقتي بأثرياء دول الخليج تعود إلى عمل هؤلاء مع مؤسسات مالية في مختلف دول العالم، لا سيما التي تتموضع في سويسرا، إلا أنهم يتلقون هناك توصيات بالعمل مع بيتنا الاستثماري"، في تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال".
إلى ذلك، وفي ما وُصف في حينه بأنه أول استثمار سعودي معلن في إسرائيل، وافق وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان، من خلال صندوق استثمارات صهر ترامب، على الاستثمار في شركات تكنولوجيا إسرائيلية ناشئة. وبعد مغادرته البيت الأبيض، استغلّ كوشنر العلاقات التي كوّنها في منطقة الشرق الأوسط، وفي طليعتها علاقته الوطيدة بوليّ العهد السعودي، وجمع بالفعل 3 مليارات دولار لصالح صندوقه، من بينها مليارا دولار من صندوق الاستثمار الحكومي السعودي، الذي يرأسه بن سلمان نفسه. وبرغم ابتعاده عن عالم السياسة، لم يألُ صهر دونالد ترامب، جهداً لاستقطاب دول خليجية ثرية أخرى للاستثمار في إسرائيل، خاصةً الإمارات المتحدة وقطر، حتى وإن كانت الأولى والبحرين قد نفّذتا استثمارات عدة في إسرائيل.
أييليت فريش، التي عملت في السابق مستشارةً للرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، وساعدت في تنسيق اجتماعات مؤسسة غاريد كوشنر "أفينيتي"، قالت إن "كوشنر يستطيع فتح الأبواب أمام الشركات الإسرائيلية حتى في الدول التي لا توجد لدى إسرائيل علاقات معها مثل السعودية وقطر"، حسب الصحيفة.
سيدة الأعمال الإسرائيلية نافا ماشيَّح: "وسط حالة انفلات غير مسبوقة بفعل رياح 'الربيع العربي'، وهيمنة فصيل الإخوان المسلمين على مفاصل غالبية الحكومات العربية، لا بد من التجاوب مع معسكر الشباب الإخواني، الذي يتمتع ببراغماتية غير محدودة، ويتطلع إلى انفتاح على الغرب من خلال التعامل مع الإسرائيليين"
شباب الإخوان أكثر تجاوباً مع الانفتاح على اليهود
وتوازياً مع اضطرابات سياسية وأمنية فرضت نفسها على الواقع الإقليمي في 2011، دعت سيدة الأعمال الإسرائيلية نافا ماشيَّح، إلى حتمية استغلال الفرصة السانحة، وفتح قنوات استثمار لدى دول عربية، لا سيما الكويت وقطر والبحرين ورأس الخيمة وأبو ظبي ودبي والأردن ومصر. وأضافت في تصريحات لصحيفة "غلوبس" العبرية: "وسط حالة انفلات غير مسبوقة بفعل رياح 'الربيع العربي'، وهيمنة فصيل الإخوان المسلمين على مفاصل غالبية الحكومات العربية، لا بد من التجاوب مع معسكر الشباب الإخواني، الذي يتمتع ببراغماتية غير محدودة، ويتطلع إلى انفتاح على الغرب من خلال التعامل مع الإسرائيليين".
نافا ماشيَّح، تدير شركة "Middle East Links"، التي تعمل على تعزيز مبادرات الأعمال المشتركة بين إسرائيل والدول العربية (الأردن ومصر ودول الخليج). الشركة، المملوكة لماشيَّح وشريك آخر إسرائيلي يعيش في الأردن (لم يتم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية)، لديها مكاتب في يافا وعمَّان.
وبالإضافة إلى عمَّان التي تزورها مرةً أو مرتين سنوياً، تحرص ماشيَّح، منذ حتى ما قبل توقيع اتفاقات "أبراهام"، على زيارة دبي وأبو ظبي، نظراً إلى ارتفاع معدل الطلب على البضائع زهيدة الأسعار، والتي يتم تصديرها إلى باكستان والهند والشرق الأقصى. وعلى حد قول سيدة الأعمال الإسرائيلية، "تعلم السلطات الإماراتية منذ عقود بوجود بضائع إسرائيلية في الأسواق، وتؤثر غضّ الطرف، طالما يجري النشاط التجاري بعيداً عن الصخب والأضواء".
وبينما كانت تتداول أروقة الاستثمارات الإسرائيلية معلومات حول ما يسمى بـ"التجارة غير المباشرة"، بين إسرائيل والدول العربية، اعتقدت دوائر تل أبيب أن حجم هذه التجارة، التي تتم عبر وساطة دولة ثالثة، تراوح قبل عام 2011، ما بين 90 و100 مليون دولار سنوياً، وتركز في غالبيتها على مجالات أجهزة الكمبيوتر والبرمجيات ومعدات الاتصالات والسلع الزراعية. وفيما تبيع الشركات الإسرائيلية بضائعها للأردنيين، يقوم المشتري بحذف بلد المنشأ من بوليصة الشحن، ثم إعادة شحن البضائع، خاصةً المنتجات الزراعية، على أنها أردنية، إلى دول عربية أخرى. إلا أن هذه العملية كانت تتعرض لبعض المشكلات، ومنها ما حدث أواخر 2002، حين تم العثور على أجزاء من هواتف محمولة داخل المملكة العربية السعودية مثبَّتة عليها عبارة "صُنع في إسرائيل"، حسب صحيفة "ذا غلوبس".
سيدة الأعمال المصرية الجريئة في تل أبيب
ومن خلال خبرتها في العمل لسنوات في عمَّان، ترى سيدة الأعمال الإسرائيلية أن "الأردنيين يجيدون الفصل بين المواقف السياسية والبيزنس"، مشيرةً إلى أن المصريين لا يحترفون هذا الفصل، ويعزفون عن التعامل مع الإسرائيليين، لكن تل أبيب تحاول على الأقلّ الحفاظ على العلاقات الفاترة القائمة. برغم ذلك، تعاملت ماشيَّح، مع القاعدة المصرية الاستثنائية، وفي عام 2003، تعاونت مع سيدة أعمال مصرية تُدعى دينا حياة، تدير شركة الاستثمار المصرية "لازارد كاتو"، لتوفير مستثمرين إسرائيليين وإنشاء صندوق استثمار إسرائيلي مصري مشترك. وفي وصفها لسيدة الأعمال المصرية، تقول ماشيَّح للصحيفة العبرية: "إنها سيدة جريئة للغاية، تؤمن إيماناً راسخاً بضرورة التعاون بين إسرائيل ومصر، وتأتي إلى إسرائيل من وقت إلى آخر، في محاولة للعثور على شركاء لمشاريع مناسبة".
عام 2003، تعاونت مع سيدة أعمال مصرية تُدعى دينا حياة، تدير شركة الاستثمار المصرية "لازارد كاتو"، لتوفير مستثمرين إسرائيليين وإنشاء صندوق استثمار إسرائيلي مصري مشترك.
للغرض نفسه، ولكن من زاوية أخرى، يعكف الحاخام الإسرائيلي يعقوف يسرائيل هيرتسوغ، على توطيد العلاقات الاقتصادية مع الدول العربية والإسلامية، وفيما بدأ ذلك بنفسه عبر تصدير بذور ومعدات وتقنيات زراعية إلى السعودية، من شركته الخاصة في القدس الغربية، آثر تقديم خدماته الدينية للعمالة اليهودية في الشركات الأجنبية داخل المملكة. وفي لقاء مع صحيفة "يديعوت أحرونوت"، كشف عن زياراته الدائمة للرياض.
وأضاف هيرتسوغ: "الجميع هناك يعرفني، سفراء الدول الأجنبية، ورجال الأعمال، فضلاً عن السلطات السعودية ذاتها. صحيح أنه لم يحدث بعد تطبيع كامل للعلاقات بين دولة إسرائيل والمملكة العربية السعودية، لكن الاتصالات تحت السطح بدأت تتقارب، مما أدى على سبيل المثال إلى السماح لشركات الطيران الإسرائيلية بالتحليق في سماء المملكة. ومع هذه التحركات غير المعلنة حتى الآن تقريباً، وإصلاحات وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان، الليبرالية، بدأ يهود أوروبا والولايات المتحدة يشعرون بالراحة عند استضافتهم في المملكة. وللإجابة عن استفساراتهم الدينية، وُلدت مبادرة تواجد أول حاخام لليهود في المملكة العربية السعودية".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ يومينتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 3 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ 6 أيامأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه