شكّلت الاتفاقيات الإبراهيمية، وهي سلسلة معاهدات واتفاقيات سلام طبّعت العلاقات بين الموقعين العرب عليها وبين إسرائيل، إنجازاً من الإنجازات القليلة في السياسة الخارجية لإدارة الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب.
قبل شهر ونصف من الانتخابات العامة الأمريكية للعام 2020، وقّع قادة البحرين والإمارات العربية المتحدة وإسرائيل اتفاقيات السلام الشهيرة (على الرغم من أن أياً من الموقعين لم يكن في حالة حرب خطيرة). وبعد ذلك بوقت قصير، انضم المغرب والسودان إلى هذه الاتفاقيات، في 23 تشرين الأول/ أكتوبر، و22 كانون الأول/ ديسمبر من العام نفسه، على التوالي.
وسرعان ما ادّعت حملة إعادة انتخاب ترامب أن الرئيس الأمريكي السابق "حقق السلام في الشرق الأوسط"، حتى أن بعض الأعضاء الجمهوريين في الكونغرس الأمريكي ذهبوا إلى حد القول بأنه يستحق جائزة نوبل للسلام لدوره في استهلال ما سُمّي بحقبة غير مسبوقة من السلام في منطقة الشرق الأوسط.
على الرغم من أن السياسة الخارجية للإدارة الأمريكية السابقة تتسم بالعديد من التصنيفات، إلا أن نهج ترامب تجاه الشرق الأوسط قام على السعي الغامض إلى تحقيق "السلام" في هذه المنطقة. بعد فوزه في الانتخابات العامة الأمريكية في العام 2016، أعرب ترامب عن اهتمامه بمعالجة "مشكلة" الشرق الأوسط بشكل مباشر، وكان سيعيّن صهره جاريد كوشنر مبعوثاً خاصاً للتوسط في السلام في المنطقة.
وفي العام 2017، أطلق ترامب عبارته الشهيرة عن أن هناك "فرصةً جيدةً جداً" لإدارته في أن تحقق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، مدّعياً أن السلام "ربما، ليس صعباً إلى الدرجة التي اعتقدها الناس على مر السنين". ومع مرور الوقت، شرع جاريد كوشنر في جولات دبلوماسية مكوكية في جميع أنحاء الشرق الأوسط لإنجاز ذلك. وكشف ترامب قبل نهاية فترته الرئاسية عن "صفقة القرن": خطة السلام الإسرائيلية الفلسطينية التي سُخر منها على نطاق واسع، والتي ماتت فور ظهورها. في الوقت ذاته، اتخذت الولايات المتحدة بقيادة ترامب سلسلةً استثنائيةً من خطوات الدعم المتشدد للحكومة الإسرائيلية، مثل نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس وقطع جميع المساعدات الأمريكية عن السلطة الفلسطينية.
في حين أن الاتفاقيات الإبراهيمية لم تساعد في النهاية ترامب على الفوز في الانتخابات، إلا أنها أثّرت بشكل أساسي على كيفية تفاعل القوى الإقليمية مع إسرائيل والتعامل مع فلسطين، وتعزز دعم الولايات المتحدة الذي لا جدال فيه بالفعل لإسرائيل مقابل تقلّص الدعم للفلسطينيين.
ومع تحديد المملكة العربية السعودية الآن ثمناً لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، يبدو أن الاتفاقيات الإبراهيمية ليست أثراً منسياً لإدارة ترامب. بدلاً من ذلك، يبدو أن المزيد والمزيد من الدول العربية تفكر علناً في فوائد العلاقة الإيجابية مع إسرائيل. وعلى الرغم من أن تطبيع العلاقات مع إسرائيل لا يحظى بشعبية كبيرة، ومن أن الدول العربية اختارت تقليدياً التمسك بالفلسطينيين بدلاً من التطبيع، إلا أن القادة العرب ينظرون الآن بشكل متزايد إلى نتائج سياسية براغماتية بدلاً من التلويح بالفضيلة من أجل فلسطين.
على الرغم من أن الاتفاقيات دفعت العديد من الدول العربية إلى تحالفات غير مسبوقة مع إسرائيل باسم السلام، إلا أنها لم تفعل شيئاً لتقليل أي صراع تشارك فيه، أو يشارك فيه أي موقّع على الاتفاقيات ولم تفعل شيئاً لتخفيف العنف ضد الفلسطينيين
الاتجاه إلى التطبيع
أدخلت الاتفاقيات الإبراهيمية رسمياً البحرين والإمارات والمغرب والسودان بوصفها الدول العربية الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة التي طبّعت العلاقات مع إسرائيل، بعد مصر في العام 1978، والأردن في العام 1994.
في ظاهرها، تمثّل الاتفاقيات نقطة تحول تاريخيةً في السياسة الخارجية للبحرين والمغرب والسودان والإمارات، والتي كانت في القرن العشرين تعارض وجود إسرائيل بشدة. في الأول من أيلول/ سبتمبر من العام 1967، بعد حرب 1967، صوتت الدول الأربع في قمة جامعة الدول العربية على تبنّي نداء الخرطوم، الذي اشتهر بتلخيص وجهة نظر الدول العربية الجماعية تجاه إسرائيل على أنها "اللاءات الثلاثة": "لا سلام مع إسرائيل، لا اعتراف بإسرائيل، ولا مفاوضات معها".
لعقود من الزمن، تميّزت العلاقات الخليجية مع إسرائيل بذلك، وتمثّل ذلك من خلال إجراءات مثل حظر النفط في العام 1973، والذي عرقل اقتصاد العالم، وتقديم الخليج مليارات الدولارات كمساعدات لمنظمة التحرير الفلسطينية في سبعينيات القرن الماضي وثمانينياته.
في القرن العشرين، تميّزت اتفاقيات ومفاوضات السلام الرئيسية بين الدول العربية وإسرائيل بمفهوم "الأرض مقابل السلام"، بناءً على قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 242، الذي يطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي المحتلة مقابل السلام.
ولكن في نهاية المطاف، انتقلت معظم دول الخليج من العداء الصريح تجاه إسرائيل إلى القبول الإقليمي الحذر للتعاون الضمني معها، لا سيما بعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر، وكان ذلك زواج مصلحة تأسس في الغالب على التعاون الأمني ومعارضة إيران.
وقبل التوقيع على الاتفاقيات الإبراهيمية، طوّرت إسرائيل والمغرب أيضاً علاقةً سريةً استمرت لعقود من الزمن تميزت بالتعاون تحت الطاولة في مجالات الاغتيالات والاستخبارات والمسائل العسكرية والهجرة اليهودية. من نواحٍ عديدة، عززت الاتفاقيات اتجاهات تاريخيةً إلى التطبيع، وإنْ لم يبدُ ذلك بطريقة جلية إلا حديثاً.
باسم السلام... صفقات الدفاع والأمن والتجارة تكثر
تختلف الاتفاقيات الإبراهيمية في مدتها ومحتواها وخصوصياتها، فالاتفاقية بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة هي الأكثر شمولاً، وتلك التي بين إسرائيل والسودان هي الأكثر غموضاً. تحدد الاتفاقيات مجالات جديدةً ومتعددةً للتعاون بين كل دولة موقعة وإسرائيل، وتتمحور في المقام الأول حول الأمن السيبراني والفعلي وإقامة أنواع مختلفة من العلاقات الاقتصادية.
من الناحية الأمنية، تُعدّ الاتفاقيات مفيدةً للغاية بالنسبة إلى الموقعين عليها. تقدم إسرائيل لحلفائها العرب الجدد جهازاً عسكرياً للمراقبة متطوراً للغاية، وهي مزوّد رئيسي للأسلحة المتطورة. من خلال تشكيل تحالف أمني مع البحرين والإمارات، عززت إسرائيل بشكل كبير التحالف الإقليمي للدول المتحالفة ضد إيران، وهي الدولة التي عُدّت تقليدياً المنافس الرئيسي لإسرائيل والسعودية والإمارات. وفي ما يتعلق بالمجال السيبراني، تتيح الاتفاقيات التعاون السيبراني بين إسرائيل والموقعين بمستوى غير مسبوق. وبدأت البحرين والمغرب والإمارات العربية المتحدة تتبنى بالفعل التكنولوجيا الإسرائيلية المتطورة لمراقبة المعارضين، ومن المفارقات أنها تستخدم نفس برمجية التجسس التي تستخدمها إسرائيل ضد الفلسطينيين.
كما مهدت الاتفاقيات الطريق لصفقات أسلحة جديدة متعددة بين إسرائيل والدول الموقعة عليها. اشترت الإمارات منذ ذلك الحين أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية الصنع المعروفة بالاسمين "باراك" و"سبيدر"، كما اشترى المغرب أنظمة أسلحة باراك الاعتراضية. وفي العام 2022، كشف وزير الأمن الإسرائيلي السابق بيني غانتس، أن إسرائيل وقعت صفقات تصدير دفاعية، بقيمة نحو 3 مليارات دولار، مع الموقعين على اتفاقيات أبراهام منذ العام 2020.
على الرغم من الاتجاه المتنامي للدول العربية إلى التطبيع، تثبت الإحصاءات الرسمية أن الرأي العام العربي موحداً بغالبية ساحقة في معارضة التطبيع مع إسرائيل
بعد توقيع الاتفاقيات، قدّمت الولايات المتحدة لمعظم الموقعين هدايا جذابةً لتطبيع العلاقات مع إسرائيل. على سبيل المثال، وافقت الولايات المتحدة على بيع طائرات F-35 Lightning II المقاتلة للإمارات في صفقة قيمتها 23.3 مليارات دولار (على الرغم من أن الإمارات علّقت الصفقة مؤقتاً، إلا أن المحادثات لا تزال جاريةً). كما وافقت الولايات المتحدة على الاعتراف بمطلب المغرب المتنازع عليه بشأن الصحراء الغربية وعلى إزالة السودان من قائمة وزارة الخارجية الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، ما أتاح للسودان استعادة الوصول إلى فرص التمويل العالمية وتخفيف ديونه.
بالإضافة إلى ذلك، فإن إحدى أوضح الفوائد التي جناها القادة العرب من الاتفاقيات، اقتصادية. وسعت المغرب والإمارات بسرعة إلى العلاقات التجارية مع إسرائيل، فقد وقع المسؤولون الإماراتيون اتفاقية تجارة حرة في عام 2022، بقيمة تُقدّر بنحو عشرة مليارات دولار على مدى خمس سنوات (نحو 30 مرةً أكبر من حجم التجارة السنوي بين مصر وإسرائيل). وفي أقل من ثلاث سنوات، وقع المغرب وإسرائيل اتفاقيةً تجاريةً بقيمة 500 مليون دولار، واستثمرت صناديق الاستثمار ورأس المال الاستثماري الإماراتي أكثر من مليار دولار في إسرائيل، وأنشأت إسرائيل والإمارات صندوقاً للبحث والتطوير بقيمة 100 مليون دولار، ووعد رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة محمد بن زايد، بعشرة مليارات دولار من الاستثمارات في إسرائيل.
إجمالاً، ووفقاً لإحصائيات الحكومة الإسرائيلية، استوردت إسرائيل بقيمة 2.57 مليار دولار في العام 2022، من جميع الدول التي ترتبط معها باتفاقيات سلام (بما في ذلك الأردن ومصر). وبالإضافة إلى التجارة، أدت اتفاقيات أبراهام أيضاً إلى زيادة السياحة الإقليمية. فعلى الرغم من أن عدد العرب الذين زاروا إسرائيل كان حوالي 5000 في عام 2022، فقد زار ما يقرب من نصف مليون سائح إسرائيلي دول الاتفاقيات الإبراهيمية في ذلك العام.
هل حققت الاتفاقيات السلام؟
يدّعي إعلان الاتفاقيات الإبراهيمية الرسمي بشكل مركزي أن الموقّعين "يعتقدون أن أفضل طريقة لمواجهة التحديات هي من خلال التعاون والحوار وأن تطوير العلاقات الودية بين الدول يعزز مصالح السلام الدائم في الشرق الأوسط وحول العالم"، ويضيف أنها "تسعى إلى التسامح والاحترام لكل شخص من أجل جعل هذا العالم مكاناً يمكن للجميع فيه التمتع بحياة كريمة وحياة فيها أمل، بغض النظر عن العرق أو الدين أو الجنس".
ومع أن الاتجاه العام للعنف في جميع أنحاء الشرق الأوسط الأوسع يتجه إلى الأسفل -وعلى الرغم من الادعاءات بأن الاتفاقيات حفزت نوعاً من "عملية السلام في الشرق الأوسط"- فإن صراعات متعددةً تستمر في الدول العربية في عام 2023، ولم تفعل الاتفاقيات الإبراهيمية شيئاً لمعالجتها. وفقاً لنظام متابعة الصراعات العالمية التابع لمجلس العلاقات الخارجية وبرنامج بيانات الصراع في أوبسالا، تستمر النزاعات بدرجات متفاوتة من الشدة في العراق وليبيا ولبنان وفلسطين وإسرائيل والصومال وسوريا واليمن. ومع أن تطورات مهمةً تظهر في ما يتعلق بوقف محتمل لإطلاق النار في اليمن، فإن المحادثات الجارية ليست لها صلة محددة باتفاقيات أبراهام أو بالموقعين عليها.
عدد النزاعات العنيفة في المناطق الرئيسية في جميع أنحاء العالم. (المصدر: ديفيز، شون، تيريز بيترسون وماغنوس أوبرج (2022). العنف المنظم 1989-2021 وحرب الطائرات من دون طيار. مجلة أبحاث السلام 59 (4))
بالإضافة إلى ذلك، لا تتناول الاتفاقيات سجلّ أي موقّع عليها في مجال حقوق الإنسان ولا تتناول تاريخ استخدام القمع العنيف في أي دولة من الدول الموقعة. ولعل الأمر الأقل غرابةً، هو أن الاتفاقيات فشلت في معالجة الصراع الأكثر بروزاً ودمويةً، والذي يشارك فيه أي موقّع عليها: إسرائيل وعنفها المستمر ضد الفلسطينيين. تم تسجيل العام 2022، على أنه العام الأكثر دمويةً على الإطلاق بالنسبة إلى الفلسطينيين المقيمين في الضفة الغربية منذ العام 2004، ورداً على ذلك، ازدادت الهجمات التي يشنها الفلسطينيون كذلك. في العام 2022، بدأت إسرائيل "عملية كاسر الأمواج"، وهي حملة عسكرية مكثفة استمرت على مدار عشرة أشهر لتعطيل المسلحين المزعومين في الضفة الغربية المحتلة، وتضمنت غارات ليليةً وانتزعت من آلاف الفلسطينيين حقوقهم وحياتهم. وفي آب/ أغسطس 2022، شنت إسرائيل عمليةً عسكريةً استغرقت ثلاثة أيام على قطاع غزة، تسببت في ما وصفته منظمة العفو الدولية بأنه سلسلة من "جرائم الحرب الظاهرة".
واستمراراً لهذا الاتجاه، في العام 2023، تصاعد عنف إسرائيل ضد الفلسطينيين والهجمات العسكرية والمدنية على الإسرائيليين بشكل غير مسبوق. ووفقاً لمسؤولي الصحة الفلسطينيين، بدأ العام 2023 بكونه العام الأكثر دمويةً للفلسطينيين منذ أوائل القرن الحالي، وكان هناك بالفعل عدد لا يحصى من الغارات المميتة على القرى الفلسطينية. زيادةً على ذلك، بعد أن شنّت إسرائيل هجوماً مداناً على نطاق واسع على المصلين الفلسطينيين في مسجد الأقصى في القدس خلال شهر رمضان من هذا العام، سُجل أكبر تصعيد في العنف بين إسرائيل ولبنان منذ العام 2006، حين تبادلت قوات الأمن الإسرائيلية وناشطو "حماس" أو مَن اشتُبه بأنهم من "حماس"، صواريخ وغارات جويةً بين غزة وجنوب لبنان وبين إسرائيل.
وعليه، وبالرغم من أن الاتفاقيات دفعت العديد من الدول العربية إلى تحالفات غير مسبوقة مع إسرائيل، إلا أنها لم تفعل شيئاً لتقليل أي صراع تشارك فيه، أو يشارك فيه أي موقّع على الاتفاقيات ولم تفعل شيئاً لتخفيف العنف ضد الفلسطينيين.
رغم أن تطبيع العلاقات مع إسرائيل لا يحظى بشعبية قاطعة عند العرب، إن القادة وداعميهم في البحرين والمغرب والسودان والإمارات تلقوا فوائد دفاعيةً واقتصاديةً وأمنيةً وسياسيةً هائلةً من الصفقات، مما يلبّي تفضيلات السياسة الخارجية للنخب داخل الدول الموقعة والولايات المتحدة
رأي العرب العام تجاه تطبيع العلاقات مع إسرائيل
على الرغم من الاتجاه المتنامي للدول العربية إلى التطبيع، يظل الرأي العام العربي موحداً بغالبية ساحقة في معارضة التطبيع مع إسرائيل. وفقاً لمؤشر الرأي العربي 2022، وهو استطلاع رأي شمل 33،300 عربي في 14 دولةً عربيةً، فإن 84% من المستجيبين لم يوافقوا على الاعتراف بدولة إسرائيل. 95% من الفلسطينيين، و72% من السودانيين، و67% من المغاربة الذين شملهم الاستطلاع عارضوا اعتراف بلدانهم الدبلوماسي بإسرائيل، وأكد 46.7% من المستطلَعين أن الاحتلال الإسرائيلي للفلسطينيين هو السبب الرئيسي وراء رأيهم هذا.
ووجد استطلاع أجراه معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أن نحو 66% من المواطنين في البحرين والإمارات ينظرون إلى الاتفاقيات الإبراهيمية بشكل سلبي، وأن 58% من البحرينيين و55% من الإماراتيين لا يوافقون على إقامة علاقات تجارية أو رياضية مع إسرائيل. وفي خطوة تجسد ذلك على أرض الواقع، خلال الزيارة الرسمية الأولى لعضو مجلس وزراء إسرائيلي إلى البحرين، استُقبل وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق يائير لابيد، باحتجاجات نادرة في شوارع المنامة ضد تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وزيادةً على ذلك، استُقبل لابيد بتوقيع عريضة من قبل أكثر من 240 رجل دين بحرينياً شيعياً، تعارض بشدة "التطبيع مع العدو الصهيوني".
الاتفاقيات الإبراهيمية... الفائزون يأخذون كل شيء
من الناحية العملية، لا يهم ما إذا كانت الاتفاقيات الإبراهيمية محبوبةً أم لا، إذ يحتفظ الزعماء في الأنظمة الاستبدادية بالسلطة إلى حد كبير من باب توزيع الموارد على أنفسهم وعلى أولئك الذين يساعدونهم على البقاء في السلطة، وهو ما لا يمثل بالضرورة شعوب الدولة. على الرغم من أن تطبيع العلاقات مع إسرائيل لا يحظى بشعبية قاطعة في الدول العربية، إلا أن القادة وداعميهم في البحرين والمغرب والسودان والإمارات تلقوا فوائد دفاعيةً واقتصاديةً وأمنيةً وسياسيةً هائلةً من الصفقات، مما يلبّي تفضيلات السياسة الخارجية للنخب داخل الدول الموقعة والولايات المتحدة.
الشيء الأكثر تخييباً للآمال بالنسبة إلى الفلسطينيين، هو أن الاتفاقيات الإبراهيمية ساعدت، باسم السلام، وبشكل منهجي، في ترسيخ موقف إسرائيل من الهيمنة على الفلسطينيين، وفي بناء الأخيرة علاقات قويةً مع بعض مؤيدي فلسطين الأكثر صخباً (سابقاً) في التاريخ الحديث
في ظل افتقارها إلى أي جهود سلام جوهرية أو إيجابيات يمكن إثباتها للعرب العاديين، نجحت الاتفاقيات بشكل مذهل في جانب رئيسي واحد: تفاقم حالة فلسطين المتردية بشكل متزايد. وإلى جانب ذلك، الشيء الأكثر تخييباً للآمال بالنسبة إلى الفلسطينيين، هو أن الاتفاقيات الإبراهيمية ساعدت، باسم السلام، وبشكل منهجي، في ترسيخ موقف إسرائيل من الهيمنة على الفلسطينيين، وفي بناء الأخيرة علاقات قويةً مع بعض مؤيدي فلسطين الأكثر صخباً (سابقاً) في التاريخ الحديث.
وتخلى القادة العرب، من خلال التوقيع على الاتفاقيات الإبراهيمية، بشكل رمزي عن مبادئ دعم تقرير المصير للفلسطينيين التي يزعمون بأنها عزيزة عليهم... ولسوء حظهم، فإن الدعم الحقيقي لحل مشكلة معاملة إسرائيل الوحشية للفلسطينيين سوف يتطلب حساباً شاملاً مع الدولة ذاتها التي أبرموا معها اتفاقيات مربحةً. في الوقت نفسه، يفترض ذلك أن الاتفاقيات كانت تهدف بالفعل إلى السلام عندما تمت كتابتها.
أُتيح للقادة العرب مع القوة الكافية، أو بدعم أولئك الذين يستطيعون إبقاءهم في السلطة، تطبيق سياسات غير شعبية وغير محبوبة إلى حد غير مسبوق. إن تكلفة التعاون مع إسرائيل تستلزم إلى حد ما تهميش الفلسطينيين. ليس من الضروري أن يكون الأمر كذلك، ولكن إنْ كانت الفوائد مغريةً بما فيه الكفاية، فإن نظام الأبارتايد والاحتلال لا يبدوان سيئين على الإطلاق، فجأةً.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...