شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
المفاوضات تبتعد أكثر فأكثر... وغزة تستقر على وضع المؤقتية

المفاوضات تبتعد أكثر فأكثر... وغزة تستقر على وضع المؤقتية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي نحن والحقوق الأساسية

الخميس 12 سبتمبر 202412:31 م

بينما يتتبع "الجميع" أخبار المفاوضات بين إسرائيل والوسطاء الذين يتفاوضون بالنيابة عن حركة حماس بترقبٍ وحذر، فإن هناكَ حقيقةً واحدةً يود "الجميع" عدم تصديقها، وهي أن الحراك الحقيقي لوقف العمليات العسكرية العدوانية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة لم يبدأ بعد، لأن بدايته مرهونة باستقرار الإدارة الأمريكية على من يصلح لاتخاذ قرارات مصيرية بشأن أحد أكثر الصراعات تعقيدًا في الواقع المعاصر، وترتفع الآمال لدى اليمين الإسرائيلي بأن يكون دونالد ترامب هو ذلك الرجل. 

حل اللّاحل 

وللعودة إلى حقيقة أن الحراك الحقيقي لوقف العمليات الإسرائيلية بغزة لم يبدأ بعد، لا بد من التوقف عند خطاب بنيامين نتنياهو في الكونغرس بتاريخ 24 يوليو/تموز ذلك الخطاب الذي اعتبره كثيرٌ من المراقبين والمحللين بمثابة إعلانٍ لشكل نهاية الحرب المقبول لنتنياهو وداعميه سواء داخل حزب الليكود، أو المجلس الأمني الموسع –بعد حل كابينت الحرب-، تلك النهاية التي تنطوي على استسلام حركة حماس وإلقاء السلاح. 

هناكَ حقيقة واحدة يود "الجميع" عدم تصديقها، وهي أن الحراك الحقيقي لوقف العمليات العسكرية العدوانية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة لم يبدأ بعد، لأن بدايته مرهونة باستقرار الإدارة الأمريكية 

وعبر مواقفه المتصلبة يؤكد نتنياهو المرةَ تلو الأخرى أنه ماضٍ في تطبيق "حل اللاحل" بالنسبة لقطاع غزة، إضافةً إلى الضغط العسكري الهائل على حركة حماس، داخل غزة وخارجها، والذي وصل إلى حد اغتيال رئيس حركة حماس اسماعيل هنية، في طهران، بتاريخ 31 يوليو/تموز، أملاً في الوصول إلى مخرج آمن يمكّن نتنياهو الذي بات يحتكر القرار السياسي في إسرائيل من تحقيق أهداف الحرب المتمثلة بالقضاء على حماس، واستعادة الأسرى. دون الحاجة إلى تقديم أية تنازلات قد تفتح آفاقاً سياسية لحركة حماس، وهذا ما يزيد الصورة تعقيداً على المستوى المحلي والاقليمي.

وحتى مؤتمره الصحافي بالأمس 2 أيلول/ سبتمبر، 2024، يعود بنيامين نتنياهو مرةً أخرى بعد أكثر من عشرة شهور من الحرب ليؤكد أن اليوم الذي تنتهي فيه الحرب هو اليوم الذي يوافق نهاية حركة حماس، وأن ليس ثمة من هو أكثر حرصًا منه على حياة المختطفين لدى حماس، مع ذلك فلا تنازلات من أجل التوصل إلى صفقة، على الرغم من وصول الغضب الإسرائيلي ذروته بعد إعلان الجيش الإسرائيلي استعادة 6 جثث لمختطفين إسرائيليين في وقتٍ وجيز بعد تحطم المفاوضات على عقبة محور فيلادلفيا. 

بعد أكثر من عشرة شهور من الحرب لا يزال نتنياهو يؤكد في كل مناسبة أن اليوم الذي تنتهي فيه الحرب هو اليوم الذي يوافق نهاية حركة حماس.

ومع الدعم الواسع الذي يحظى به نتنياهو داخلياً وخارجياً في "سياسة اللاحل" التي يتبعها في الحرب ضد غزة، ومحور الممانعة كاملاً، لا يمكن أن تؤدي التباينات الإسرائيلية الداخلية إلى أي تغيير كبير في الواقع المركب للمشهد العام للحرب، فعند جمهور الإسرائيليين المتطرفين والمتدينين، يقدم نتنياهو نفسه أميناً على مصالح الدولة اليهودية وأمنها وسيادتها ومستقبلها، أما على المستوى الخارجي "الأمريكي والغربي" فقد أعاد نتنياهو طرح "إسرائيل" كطرف يحفظ الحضارة من عبث البربريين الهمج، في إنكارٍ واضح لحق الفلسطيني بالمواطنة والحياة الكريمة. 

تدمير غزة... بهدوء و بلا استعجال 

إن ذلك الدعم يجعل من أزمات نتنياهو الداخلية في إسرائيل محدودة التأثير على قراراته السياسية، وأيضاً توجيهاته للقيادة العسكرية، إذ نجح نتنياهو في وضع الإسرائيليين أمام مفترق طرق: إما المختطفين -والذين يظهر نتنياهو في كثيرٍ من الأحيان كغير مبالٍ بأمرهم-، أو الأمن الدائم لإسرائيل، بل الأمن للعالم بأسره.

وقد ظهرت هيمنة توجهات نتنياهو داخل إسرائيل عبر تصريحات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريش: "إن صحت التسريبات المتداولة حول قادة في المؤسسة الأمنية لا يؤيدون سياستنا فمرحبا باستقالتهم"، وقبل أيام كان قد صرّح في إشارة إلى الإضراب الذي أعلنته نقابة العمال في إسرائيل بعد استعادة جثث المختطفين الستة: "الإضراب المقرر غداً الإثنين غير قانوني ومن سيشارك فيه لن يحصل على أجره".

أما سياسة اللاحل التي يفرضها نتنياهو على القيادة السياسية الإسرائيلية والمجلس الأمني الموسع، فتنطوي على توجهٍ واحدٍ واضح كان قد ذكره عامر بدران في مقالٍ سابق على رصيف22 بعنوان: "اليوم التالي للحرب أخطر من يومها الأول"، وهو: "خلق مأساة إنسانية وقذفها في حضن الجميع". وهذا ما يتم تطبيقه بالضبط حالياً في شمال القطاع وجنوبه، عبر تثبيت غزة في وضعٍ المؤقتية، حيث لا حاضر، ولا مستقبل، ولا حتى أي آفاق أو بوادر لحلول تلوح في الأفق، وصولاً إلى حالة اليأس التام، التي تضمن فصل الغزي عن ارتباطه الجيوسياسي والثقافي ببقية الدولة الفلسطينية.

وإلى ذلك الحين الذي تحقق فيه القيادة الإسرائيلية ما تصبو إليه بهدوءٍ ودون استعجال، ستستمر الحالة المؤقتة في غزة، حيث بلغ عدد النازحين من شمال غزة إلى جنوبها 1.9 مليون نازح، بحسب آخر احصائيات للأمم المتحدة، يعيشون في مجتمعات استجابة إنسانية طارئة في مساحة لا تتعدى 22 كيلومتراً هي طول جنوب غزة، مع انعدام لكافة أشكال الحياة المستقرة أو الطبيعية. 

حتى ذلك اليوم الذي تحقق فيه القيادة الإسرائيلية ما تصبو إليه بهدوءٍ ودون استعجال، ستستمر الحالة المؤقتة في غزة، مع بلوغ عدد النازحين من شمال غزة إلى جنوبها 1.9 مليون نازح، يعيشون في مجتمعات استجابة إنسانية طارئة في مساحة لا تتعدى 22 كيلومتراً

أما شمال القطاع فيعيش تحت تهديد شبح المجاعة من جهة، والتهديد الذي لا يزال قائمًا باستكمال عملية إفراغ شمال القطاع من سكانه نحو جنوب القطاع تمهيدًا للاستعمار في الشمال، واستكمال مشهد المعاناة والمؤقتية جنوب القطاع، وفي خضم الحالة المؤقتة لكل شيء، يستمر السكان شمالًا وجنوبًا في حالة الانتظار لأي قرارٍ سياسي، أو أي جهةٍ/جهاتٍ تقرر احتواء الكارثة، أو إيجاد أيَ حلول. 

المؤقتية

وستستمر مع المؤقتية الكثير من الأسئلة دون إجابات، ولا شيء سوى "المساعدات الإنسانية الطارئة" وبعض البضائع باهظة الثمن، إلى أن يتم الانتقال بغزة إلى واقعها الجديد بصورةٍ تدريجية، بينما كانت قبل هذه الحرب تسير نحو مستقبلها، وتصنع واقعها بنفسها.

ويستمر الانتظار! حتى يعلن أصحاب مشروع المقاومة انتصارهم في "جولة من جولات الصراع المفتوح"، ثم يُترك الفلسطينيون لمصيرهم فوق الركام وخرائب المدينة، مع فارق أن هذه المرة لن يكون هناك أي ركامٍ يمكن البناء عليه، أو خرائبٍ مألوفة كما في "الجولات السابقة"، إذ يبدو أن إسرائيل قد حشدت الشرعية لإبقاء غزة تحت بند المؤقتية/الاستجابة العاجلة، مع رفع اعلانٍ فوق بوابات المدينة: "منطقة منكوبة للبيع لأعلى سعر"، شرط ألا تتقدم للشراء أي جهة فلسطينية، أو على علاقة بفلسطين، ومع ملاحظة نهاية الاعلان "المنطقة فرصة مثالية لبناء مدينة ملح".

كل هذا لن يمنع متحدثاً رسمياً باسم "المقاومة" أن يظهر من عاصمةٍ ما، ويدلي ببيان حماسي "أن احتلال قطاع غزة، ليس نهاية العالم، ومشروع المقاومة مستمر ليس مهماً من أين، وكيف، ولماذا.. المهم أنه مستمر بعون الله، وتمويل الفقيه، وتعاسة الشعوب".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel


* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

ما زلنا في عين العاصفة، والمعركة في أوجها

كيف تقاس العدالة في المجتمعات؟ أبقدرة الأفراد على التعبير عن أنفسهم/ نّ، وعيش حياتهم/ نّ بحريّةٍ مطلقة، والتماس السلامة والأمن من طيف الأذى والعقاب المجحف؟

للأسف، أوضاع حقوق الإنسان اليوم لا تزال متردّيةً في منطقتنا، إذ تُكرّس على مزاج من يعتلي سدّة الحكم. إلّا أنّ الأمر متروك لنا لإحداث فارق، ومراكمة وعينا لحقوقنا.

Website by WhiteBeard