شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
نانسي عجرم ورونالدو يتحدثان عن غزة… ماذا يقول أهلها عن تضامن المشاهير؟

نانسي عجرم ورونالدو يتحدثان عن غزة… ماذا يقول أهلها عن تضامن المشاهير؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

"كانت صور الإبادة بطريقة أكثر صدقاً وبلاغة مما نريد قوله. لقد وصلت إلى العالم، بشعة كما هي، صاعقة، صادمة، موجعة. فكان على من رآها التحرك والغضب. هل يمكنك أن تمنع نبض قلبك من الارتفاع أمام المجزرة؟"، تتساءل الغزية هالة عثمان (26 عاماً).

وربما حرّكت وأغضبت صور الإبادة المباشرة، لا سيّما في الشهرين الأولين منها، عدداً كبيراً من النجوم العرب والعالميين، سواء عبر تصريحات إعلاميّة أو عبر تعبير عن التضامن في عروض أمام الجمهور أو في إطلاق أغان خاصّة بغزّة وفلسطين.

إلا أن هذه الأصوات بدأت بالخفوت مع مرور نحو عام على الحرب على قطاع غزة، لم تتوقف فيها المجازر والتهجير القسري وسياسة التجويع والعقاب الجماعي.

وكانت آخر خطوة أقدم عليها مشاهير من أجل الضغط باتجاه إنهاء الحرب، هي رسالة للرئيس الأمريكي جو بايدن، وقعها فنانون أمريكيون تحت مبادرة "فنانون من أجل وقف إطلاق النار" يوم 5 أيلول/ سبتمبر 2024. ومنهم بيلا حديد وباسم يوسف وجينيفر لوبيز وبن أفليك وتوم هاردي وفرح بسيسو ورامي يوسف.

لكن أشكال تضامن النجوم العرب والعالميين يفرض آراءً مختلفة ومتباينة لدى الغزيين. فمنهن من يرى فيه واجباً يُعمل به، ومنهم من يرى فيه متاجرة أو في الأقل، أفعالاً لا تحقق أدنى تغيير لإيقاف الحرب المسعورة.

نانسي عجرم لم تعتد المشهد

قرأنا في صفحة النجمة نانسي عجرم على منصة "إكس"، منشوراً كتبته عقب مجزرة الفجر في مدرسة التابعين في غزة، مستغربةً تحول مواقف التضامن والإدانة المتكررة إلى فعل دون تأثير.

وتساءلت عما يمكن فعله لإيقاف قتل الأبرياء قائلة: "بزعّل كيف صار القتل عادي والمجازر عادي وكل الحكي والاستنكار والرفض بِمرّ مرور الكرام".

وأضافت: "تعبنا أكيد، نوجعنا كتير ورح نضل نتضامن لأقصى الحدود بس لو شو ما صار، شو ما صار، بعمرنا ما رح نتعوّد. ما بعرف شو فينا نقول لغزة أكتر من اللي نقال. إذا عدالة الأرض خذلتنا، عدالة السما رح تاخد حق كل هالأبرياء".

عن هذا الموقف، تقول الغزية نورا أبو وردة (25 عاماً) لرصيف22: "لقد لمستني كلمات نانسي عجرم حول غزة. شعرت بأنني نلت عناقاً عميقاً منها حين قرأت تعليقها على مجزرة الفجر".

وتتابع شارحةً: "في مواقف الخوف، نحن بحاجة لأي كلمة تدعمنا. وفي الوقت الذي تُحسب فيه للمشاهير كل كلمة، فقد شعرت بالأمل قليلاً لحظة وجدت فنانة شهيرة كنانسي تضع أمام العالم موقفاً أخلاقياً كهذا".

لكن سامح (29 عاماً)، يرى غير ذلك. فيقول لرصيف22:"لم ترد نانسي عجرم سوى التظاهر والترويج الإعلامي حول موقفها من حرب غزة. كثيرة هي الأقوال والجمل الرنانة التي تتضامن مع الدم في غزة، لكننا تعبنا من كثرة الكلام".

ويردف: "نريد أن تقف الحرب فعلاً، لا بالقول والتضامن. سئمنا من تكرار الدموع نفسها فيما نصحو في غزة كل صباح على مجزرة جديدة".

رونالدو: "يشعر بالضغط الحقيقي من يعيش الحرب"

فيما أتى تصريح متلفز لنجم كرة القدم البرتغالي كريستيانو رونالدو، ليعيد صورة غزة المبادة إلى أذهان متابعي كرة القدم عالمياً. إذ قال في إجابة عن سؤال حول الضغط الذي يشعر به حيال كونه نجماً سيتبعه كثيرون: "بالنسبة لي، الضغط هو ذاك الذي يشعر به شعب تحت الحرب، لا يملك طعاماً، ويواجه إطلاق النار والقذائف خلال الليل. هذه هو الضغط الحقيقي".

يعلق سامح على موقف رونالدو: "فرحي بموقف رونالدو كان أكبر من فرحي بمواقف النجوم العرب. فنجوم الغرب لا تربطنا بهم سوى المستويات الإنسانية. لكن بإمكان النجوم العرب فعل الكثير، كوقف حفلاتهم وإلغاء عقودهم والتضحية بالقليل من المال من أجل الضغط لإيقاف قتل الأبرياء في بلد عربي يشاركهم الهوية".

أما هالة عثمان، فاعتقدت طيلة حياتها بأن الغرب يقف ضد القضية الفلسطينية. "لكن حرب الإبادة وتصريحات النجوم العالميين، أوضحت لي بأن تقصيرنا الإعلامي الطويل كان سبباً في جهل الآخرين بسرديتنا وحقوقنا. ولطالما كانت رواية إسرائيل أكثر امتداداً وتحظى بانكشاف أكبر"، تقول لرصيف22.

غناء إليسا وأحلام "لا يتناقض من تضامنهما"

تتعارض دعوة سامح للفنانين العرب بإيقاف حفلاتهم مع مواقف الفنانتين إليسا وأحلام الإماراتية.

ففي الحادي عشر من آب/ أغسطس 2024، وقفت إليسا في حفلة في مدينة مالمو السويدية أمام 14 ألف متفرج وقالت: "رغم إنه كلنا عايشين حياتنا، أنا عم بعمل شغلي، عم بغني. كل حدا منكن عم يعمل شغله، بحقله ينبسط شوي. ما رح ننسى غزة واللي عم بصير فيها. ما رح ننسى الإجرام اللي عم بصير بحق غزة".

https://www.facebook.com/alkompis/videos/7970461163049551

كذلك، أعلنت الفنانة الإماراتية أحلام، في بداية الحرب، تضامنها الكامل مع غزة، قائلة إن "دعم فلسطين ليس جديداً وغريباً علينا. كل عمرنا ندعم فلسطين".

لكنها اعترضت على الدعوات إلى وقف الحفلات من قبل النجوم العرب، معتبرة أن هذا عملهم ويجب أن يستمر، تماماً كما استمرت الحياة في فلسطين، على الرغم من استمرار الحروب لسنوات طويلة.

تعلق أبو وردة حول ذلك: "يجب على الفن أن يقول كلمته في أحلك الظروف. نحن في غزة نستمع للأغاني ونشاهد الأفلام بينما الطائرة في السماء تتوعدنا بالموت. فليس من المعقول أن تتوقف حياة الآخرين لأن غزة تتعرض للحرب".

وتراهن أبو وردة على استمرار الضغط من المشاهير، فتضيف: “نعيش في غزة ظروفاً شديدة القسوة والحرب تأكل أجسادنا كل يوم. أي موقف يساند غزة يجب أن نرحّب به ولا نرفضه. المخيف هو اعتياد الآخرين على مشهد موتنا".

وتكمل: "لا أخاطب الفنانة أحلام وحدها، بل أتمنى من كل نجم أعلن تضامنه مع غزة أن يستمر في إبداء ذلك، وألا يتوقف. فكما تستمر حفلاتكم وحياتكم، يجب على مطالبتكم بوقف الحرب أن تستمر أيضاً".

نعيش في غزة ظروفاً شديدة القسوة والحرب تأكل أجسادنا كل يوم. أي موقف يساند غزة يجب أن نرحّب به ولا نرفضه. المخيف هو اعتياد الآخرين على مشهد موتنا

وفي حفلات عديدة لفنانين عرب، لوحظت أشكال للتعبير عن التضامن مع غزة. لكن معظم هذه الحفلات سُجّلت في الشهرين الأولين من بداية الحرب على القطاع، ثم خفتت المقاطع التي يرفع فيها الفنانون كوفيةً أو علماً أو كلمةً لغزة.

ومن هذه الحفلات، افتتاح مهرجان "العلمين" قبل شهرين في مصر، والذي قدمت فيه الفنانة دينا الوديدي أغاني لفلسطين بمشاركة راقصين بزي فلكلوري. كذلك، وعلى منصة المهرجان نفسه، قدّم محمد منير أغنية "القدس عربية".

وسجلت لحظات تضامن أخرى من قبل فنانين عرب، خلال حفلاتهم، مثل مغني الراب المصري "ويجز"، وفرقة "كايروكي" المصرية، و"سولكينغ" الجزائري.

لكن ما هو شكل التضامن؟

لا يقتصر الجدل الذي يحصل أحياناً بين الغزيين حول بعض المواقف التي تظهر من فنانين عرب، على شكرهم أو لومهم، بل قد ينتقد أو يوافق شكل التضامن وتفاصيله ودلالاته.

ففي حين برز الفنان المصري محمد عطية بموقفه الثابت والداعم لفلسطين، منذ بداية الحرب- متجسداً بمنشوراته عبر صفحته على "إنستاغرام" وظهوره بكوفية فلسطينية في وسائل الإعلام العربية مدافعاً عن سردية الشعب الفلسطيني- أثارت أغنيته "البطيخ" جدلاً واسعاً بين الغزيين والغزيات. مستخدماً فاكهة "البطيخ"، وهو الشعار البصري الذي صار بديلاً عن علم فلسطين حين مُنع الفلسطينيون من رفعه، قدم عطية أغنيته التي دافع عنها في منصات عديدة، بعد أن انتقد غزيون أسلوبها وأكل المشاركين فيها البطيخ في الوقت الذي يعيش فيه القطاع حرب تجويع.

"أستغرب من أولئك الذين يمتلكون الطاقة لانتقاد أي فنان أو مثقف أو مؤثر، في طريقة تضامنه مع فلسطين"، يقول الغزي عماد شاهين (35 عاماً) لرصيف22.

ويضيف: "أنا أدعم، بكل قوة، شخصاً يقدم على التعري والوقوف في ميدان عام في أي مكان بهدف دعم فلسطين. فما بالكم بفنان عربي ينتج عملاً يؤازر فيه شعباً يتعرض للإبادة. هذا فعل يستوجب الشكر، لا الانتقاد".

ويرى شاهين أن الفنان الغربي أو العربي المتضامن مع غزة، ربما لا يعرف كثيراً عن فلسطين، لكنه يعرف عن إنسانيته وعن ذاته الحرة، ويتمسك بالصوت الداخلي فيرفعه في وجه الإبادة".

أما الصحافية سلوى (34 عاماً) فتتساءل: "ماذا يعني التضامن للناس الذين يعيشون تحت الإبادة؟ هل لديهم إمكانيات لمشاهدة هذا التضامن عبر قنوات البث المختلفة؟".

على مدار ثمانية أشهر، ركضنا من نزوح إلى آخر لنبحث عن قصة نصوّرها للعالم. وفي النهاية، لا يوفّر "تضامن" العالم أدنى متطلباتي الإنسانية

وتضيف في حديثها لرصيف22: "الناس يعانون الجوع والقتل والتدمير، الأطفال يقفون في طوابير الخبز والماء، الآباء يسعون لجمع الحطب والأمهات تلتهب وجوههن أمام اشتعاله. الناس في حاجة للأكل والمياه النظيفة والخيام التي اهترأت".

وتتذكر سلوى موقفاً أرسلت فيه الفنانة نانسي عجرم تحية للصحافيين في غزة ولبنان، قائلة: "بعض الزملاء كانوا يتأملون الرسالة المصوّرة وينظرون إلى أحذيتهم المهترئة مقابل لباسها وزينتها التي خرجت لتتضامن فيها".

"ربما رأت في تضامنها أثراً كبيراً. لكنها ذكرتني، كصحافية، كيف نزحت بـ"شبشب" تحت القصف من شمال غزة. ولم نحمل معنا أنا وزوجي سوى معدات عملي الصحافي"، تضيف.

وتختم: "على مدار ثمانية أشهر، ركضنا من نزوح إلى آخر لنبحث عن قصة نصوّرها للعالم. وفي النهاية، لا يوفّر "تضامن" العالم أدنى متطلباتي الإنسانية. وعليّ ألا أتفوه بكلمة حين أسمعه يتضامن معنا".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ألم يحن الوقت لتأديب الخدائع الكبرى؟

لا مكان للكلل أو الملل في رصيف22، إذ لا نتوانى البتّة في إسقاط القناع عن الأقاويل التّي يروّج لها أهل السّلطة وأنصارهم. معاً، يمكننا دحض الأكاذيب من دون خشية وخلق مجتمعٍ يتطلّع إلى الشفافيّة والوضوح كركيزةٍ لمبادئه وأفكاره. 

Website by WhiteBeard
Popup Image