اللولب الرحمي (IUD)، هو أحد أكثر وسائل منع الحمل من ناحية الفعالية وطول الأمد، حيث يوفر حمايةً من الحمل لفترات تتراوح من 3 إلى 10 سنوات اعتماداً على نوعه. يُعدّ اللولب خياراً شائعاً بين النساء اللواتي يبحثن عن وسيلة لمنع الحمل تكون خاليةً من الحاجة إلى تذكّرها يومياً أو تناولها بانتظام، كما أنه يوفر بدائل هرمونيةً وغير هرمونية تناسب احتياجات مختلفةً. وبرغم فعاليته العالية، يُثار جدل حول الألم المرتبط بعملية تركيبه
وبحسب التقرير، فعلى مدار سنوات طويلة، وصفت العديد من النساء عملية تركيب اللولب الرحمي بأنها تجربة "مؤلمة للغاية"، حيث تم تشبيه الألم بـ"سكين ساخن" يُغرس ببطء أو بـ"أسوأ ألم يمكن تخيّله". وبرغم هذه الشكاوى المتكررة، لم تحظَ هذه التجربة المؤلمة بالاهتمام الكافي في الأوساط الطبية، حيث لم يتم تقديم التدابير المناسبة لتخفيف الألم في كثير من الأحيان.
برغم شكاوى النساء المتكررة، لم تحظَ هذه التجربة المؤلمة بالاهتمام الكافي في الأوساط الطبية، حيث لم يتم تقديم التدابير المناسبة لتخفيف الألم في كثير من الأحيان.
تجاهل آلام النساء… جزء من تاريخ طويل
يكون اللولب الرحمي على شكل جهاز صغير على شكل حرف T، يتكون من ساق وذراعين وخيط يتدلى من نهاية الساق، يوضع في الرحم للحماية من حدوث حمل عبر إعاقة عملية تخصيب البويضة وعدم تهيئة الظروف لزرع البويضة المخصبة في بطانة الرحم، ولا يوفر الحماية من الأمراض المنقولة جنسياً.
يتوافر جهاز منع الحمل في صورتين هما اللولب النحاسي الخالي من الهرمونات، واللولب الهرموني الذي يحتوي على هرمون البروجستين بحيث يحاكي تأثير هرمون البروجسترون في الجسم.
وجاء في تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، خلال الشهر الماضي، أن المراكز الفيدرالية الأمريكية للصحة قد أوصت بضرورة تقديم الأطباء استشارات للنساء حول سبل "إدارة الألم" الذي قد يتسبب به اللولب قبل تركيبه، والنظر في استخدام التخدير الموضعي في أثناء عملية التركيب. تأتي هذه التوصيات بعد انتشار فيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي تصف "الألم المبرح" المصاحب لهذا الإجراء الذي تمرّ به النساء.
وعادةً ما يُتّهم الأطباء بعدم مراعاة حجم الألم الذي تشعر به النساء خلال هذه العملية. ولأول مرة، أوصى مسؤولو الصحة الفيدراليون، بضرورة تقديم الأطباء استشارات للنساء حول كيفية إدارة الألم قبل إجراء تركيب اللولب.
تأتي هذه التوصيات المحدثة من مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، في خطوة قد تدفع الأطباء إلى أخذ الألم على محمل الجد والنظر في استخدام التخدير بشكل أكثر تكراراً، وفقاً للخبراء.
وعلى الرغم من توافر إستراتيجيات فعالة لإدارة هذا الألم، إلا أن دراسةً أُجريت عام 2019، أظهرت أن عدداً قليلاً من الأطباء يقدمون هذه الخيارات، في حين أنّ أقلّ من 5% من الأطباء قدّموا حُقَن مخدّر موضعيةً في أثناء العملية، وقد اعتمد العديد منهم على وصف مسكنات الألم المتاحة دون وصفة طبية، التي أثبتت الدراسات أنها أقلّ فعاليةً.
على مدار سنوات طويلة، وصفت العديد من النساء عملية تركيب اللولب الرحمي بأنها تجربة "مؤلمة للغاية"، حيث تم تشبيه الألم بـ"سكين ساخن" يُغرس ببطء أو بـ"أسوأ ألم يمكن تخيّله". وبرغم هذه الشكاوى المتكررة، لم تحظَ هذه التجربة المؤلمة بالاهتمام الكافي في الأوساط الطبية
وأظهرت دراسة أخرى، في عام 2021، أن الأطباء يميلون إلى التقليل من حجم الألم الذي تعاني منه المريضات في أثناء تركيب اللولب.
وكما ورد في التقرير، وبحسب الأستاذة المساعدة في قسم التوليد وأمراض النساء في جامعة ديوك الأمريكية، بيفرلي غراي، فإن الانتشار الواسع لقصص النساء على الإنترنت والتي تعكس الألم الكبير الذي يعانين منه في أثناء تركيب اللولب، جعل القضية تخرج من دائرة الحديث الطبي الخاص إلى فضاء النقاش العام.
"لقد تم التقليل من شأن آلام النساء وتجاربهنّ عبر تاريخ الطب"، هذا ما قالته الدكتورة غراي، موضحةً أن تجاهل الألم الذي تعاني منه النساء ليس بالأمر الجديد، وأن هذه التوصيات الجديدة تُعدّ اعترافاً بأن بعض النساء قد يعانين من تجربة مؤلمة للغاية.
برغم أن النسخة السابقة من إرشادات مراكز السيطرة على الأمراض تناولت إدارة الألم في أثناء تركيب اللولب، قالت الدكتورة إيف إيسبي، رئيسة قسم التوليد وأمراض النساء في جامعة نيو مكسيكو، "أعتقد أنه تغيير مهم". وأضافت: "التركيز في هذا الموضوع انتقل من كونه محوراً للطبيب إلى كونه محوراً للمريضة". وأوضحت أن القلق من الألم قد يثني النساء عن التفكير في هذه الوسيلة الفعّالة والآمنة لمنع الحمل.
بدورها، توضح أخصائية النساء والتوليد، الطبيبة ضي جاسم، لرصيف22، أن هناك نوعين من اللولب الرحمي؛ اللولب الهرموني واللولب غير الهرموني. وتشير إلى أن النوع الهرموني يحتوي على هرمون البروجستيرون، لكن هناك محاذير تمنع بعض النساء من استخدام الهرمونات.
نتائج الدراسات الحديثة تُبرز أهمية توعية الأطباء بأهمية استخدام التخدير الموضعي لتخفيف الألم خلال هذه العملية.
مثلاً، في حالات الإصابة بالدوالي في اليدين أو القدمين، أو وجود مشكلات في الرحم، أو تاريخ للإصابة بسرطان الثدي، أو ارتفاع ضغط الدم، أو أمراض القلب، في هذه الحالات جميعها يتم تجنب استخدام وسائل منع الحمل الهرمونية، مثل حبوب منع الحمل، لذلك يُفضّل استخدام اللولب غير الهرموني.
وتضيف جاسم أن اللولب لا يمنع الحمل بنسبة 100%، وأن هناك مشكلات قد تحدث مثل الالتهابات، وذلك يعتمد على نوعية اللولب وعوامل أخرى كالنظافة الشخصية. وإذا لم يتم تركيبه بشكل صحيح، فقد يؤدي إلى حدوث حمل خارج الرحم. كما أن اللولب يمكن أن يهاجر من مكانه داخل الرحم إلى أعضاء أخرى كالمثانة، الأمعاء أو المستقيم، مسبباً أضراراً فيها.
وتلفت جاسم إلى أن اللولب الهرموني يُعدّ أكثر فعاليةً، ويعالج اضطرابات الهرمونات وزيادة سماكة بطانة الرحم، لأنه يحتوي على البروجسترون، ما يُقلل من سماكة بطانة الرحم ويساعد على تنظيم الدورة الشهرية.
أما بالنسبة إلى الألم المصاحب لتركيب اللولب، فتقول إن العملية قد تكون مؤلمةً بالفعل، وإن نتائج الدراسات الحديثة تُبرز أهمية توعية الأطباء بأهمية استخدام التخدير الموضعي لتخفيف الألم خلال هذه العملية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...