يُعد ربط البوق، المعروف أيضاً بأسم ربط الأنابيب، إجراءً جراحياً لتعقيم النساء ومنع الحمل بشكل دائم. يأتي ربط البوق كأحد الخيارات الفعالة لتحديد النسل، إذ تحصل من خلاله النساء على حماية دائمة من حدوث الحمل دون الحاجة إلى استخدام وسائل منع الحمل المؤقتة، خصوصاً تلك التي تترتب على استخدامها آثار جانبية.
مع ذلك، يثير ربط البوق العديد من التساؤلات والجدل في المجتمعات العربية، فبينما يعتبره البعض حلاً فعّالاً ومناسباً لتحديد النسل ومنع الحمل، يرى آخرون أنه يتعارض مع المعتقدات الدينية والثقافية.
ما هو ربط البوق؟
يُجرى ربط البوق عن طريق قطع أو ربط أو حجب قنوات فالوب، وهي الأنابيب التي تنقل البويضات من المبيضين إلى الرحم. يمنع هذا الإجراء الحيوانات المنوية من الوصول إلى البويضة، وبالتالي يمنع حدوث الحمل.
تُظهر الدراسات أن ربط البوق آمن وفعال لمنع الحمل إذ تبلغ نسبة فاعليته 99%، ويُقلل من خطر الإصابة بسرطان المبيض وسرطان الرحم، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
تُظهر الدراسات أن ربط البوق آمن وفعال لمنع الحمل إذ تبلغ نسبة فاعليته 99%، ويُقلل من خطر الإصابة بسرطان المبيض وسرطان الرحم. برغم مزاياه الصحية، إلا أنه يبقى الوسيلة الأقل شيوعاً في المنطقة العربية. لماذا؟
كما ويمتاز الإجراء بكونه لا يؤثر على الدورة الشهرية، ويمكن إجراؤه في أي وقت، بما في ذلك بعد الولادة القيصرية مباشرة أو مع أية جراحة أخرى بالبطن، إلا أن أبرز عيوبه أنه إجراء جراحي لا يمكن التراجع عنه في معظم الحالات، علاوة على أنه لا يحمي من الأمراض المنقولة جنسياً.
برغم مزاياه الصحية، إلا أنه يبقى الوسيلة الأقل شيوعاً مقارنة بوسائل منع الحمل الأخرى الهرمونية منها كحبوب منع الحمل أو اللولب الهرموني، أو وسائل منع الحمل غير الهرمونية كالواقي الذكري.
لعل من أسباب ذلك أن ربط قناة فالوب يتطلب إجراء شقوق في البطن تحت تأثير التخدير، الأمر الذي قد يترافق مع بعض المخاطر الناتجة عن التدخلات الجراحية كالنزيف، العدوى، تلف أعضاء أخرى داخل البطن، أو الحمل خارج الرحم. أيضاً، قد يؤدي فشل الإغلاق الكامل لقناة فالوب إلى حمل غير مرغوب به مستقبلاً.
ويوصي الأطباء النساء اللواتي خضعن لعمليات ولادة قيصرية لمرات عديدة بإجراء عملية ربط البوق، وذلك لتجنب المضاعفات التي قد تلازم حدوث حمل مرة أخرى لما تحدثه عمليات الولادة القيصرية المتكررة من مضاعفات على الرحم قد تدفع الأطباء إلى استئصاله، كما تؤكد أخصائية النسائية والتوليد في بغداد، الدكتورة ضي جاسم.
"يتم إجراء عملية ربط الأنابيب لنساء خضعن سابقاً إلى أربع أو خمس عمليات ولادة قيصرية إذ ننصحهن بإجراء عملية عقد الأنابيب، خوفاً على سلامتهن وصحتهن، وذلك بعد الحصول على موافقتهن المستنيرة"، تؤكد جاسم.
إلغاء ربط الأنابيب ممكن أيضاً، إلا أن نسبة التعرض لمخاطر حدوث حمل خارج الرحم ستكون مرتفعة وذلك للتغيير الذي أحدث في مسار قناتي فالوب عند إجراء عملية الربط.
إلغاء ربط الأنابيب ممكن أيضاً، إلا أن نسبة التعرض لمخاطر حدوث حمل خارج الرحم ستكون مرتفعة وذلك للتغيير الذي أحدث في مسار قناتي فالوب عند إجراء عملية الربط.
تشير الدكتورة ضي إلى وجود حالات تتطلب ضرورة إجراء ربط الأنابيب، كوجود مرض وراثي خطير يمكن أن يورّث للأبناء، أو حالات نفسية مزمنة أو اكتئاب شديد يدفع المرأة إلى اللجوء إلى عملية ربط الأنابيب. ومع ذلك، فإن
موافقة الزوج مطلوبة أيضاً في هذه الحالات، حتى وإن كانت متعلقة بصحة المرأة الجسدية وحدها بشكل مباشر.
وصاية ذكورية و نقص في المعلومات المتاحة
أن تقرر البحث في محرك غوغل عن ربط البوق أو الأنابيب باللغة العربية، ستجد أن أحد الأسئلة الأكثر شيوعاً هو: هل يعد ربط البوق حراماً؟. هنا، تظهر النقاشات حول ربط البوق صِداماً بين القيم الدينية والثقافية والتطلعات الطبية والصحية إذ يبدو أن الدين يلعب دوراً هاماً في توجيه وجهات النظر من خلال البحث الشائع عن موقف ديني بشأن الإجراء.
يُحرّم ربط البوق في بعض المذاهب الإسلامية، بينما يُجيزه البعض الآخر. يرى من يقولون بالتحريم إن ربط البوق يُشبه التشويه أو التغيير في بنية الجسد، وإن فيه تحدٍ لوظيفة الإنجاب والتكاثر، ولا تجوز إباحته إلا عند الضرورة القصوى، مثلاً في حال ثبت أن الحمل يشكل تهديداً على حياة المرأة.
في الدول العربية والإسلامية، يُسيطر الرجل في كثير من الأحيان على القرارات المتعلقة بصحة النساء سيّما الصحة الإنجابية. في العراق مثلاً، تفرض وزارة الصحة العراقية قيوداً على خيارات تحديد النسل لدى للنساء. فتمنع أولئك اللاتي يتمتعن بصحة جيدة ويعتبرن قادرات على إنجاب الأطفال من اللجوء إلى ربط البوق بدون موافقة الزوج والتي تعد شرطاً أساسياً لإجراء العملية بشكل قانوني.
ويعد الوصول إلى معلومات وإحصائيات حديثة حول مدى انتشار وشيوع ربط البوق في العالم العربي تحدياً حقيقياً. ويصعب - بالتالي - تحديد ما إذا كان الإجراء قد شهد ارتفاعاً في نسب إجرائه بين النساء خلال السنوات الأخيرة أم لا. على سبيل المثال، أحدث الدراسات المتاحة على صلة بالصحة الإنجابية في فلسطين تعود إلى عامي 2003 و2006، وقد أظهرت أن ربط البوق كوسيلة لمنع الحمل كان من الإجراءات الأقل شيوعاً في ذلك الوقت. أما في العراق، فآخر الدراسات في هذا الشأن أجراها جهاز الإحصاء المركزي التابع لوزارة التخطيط عام 2013، وذكرت بشكل عابر لجوء النساء إلى ربط الأنابيب كأحد خيارات تنظيم النسل الأقل شيوعاً، دون ذكر أية معلومات إضافية عن أعمار النساء اللاتي لجأن إلى الإجراء أو ظروفهن الصحية والاجتماعية.
يُحرّم ربط البوق في بعض المذاهب الإسلامية، بينما يُجيزه البعض الآخر. يرى من يقولون بالتحريم إن ربط البوق يُشبه التشويه أو التغيير في بنية الجسد، وإن فيه تحدٍ لوظيفة الإنجاب والتكاثر، ولا تجوز إباحته إلا عند الضرورة القصوى، مثلاً في حال ثبت أن الحمل يشكل تهديداً على حياة المرأة
ويربط ناشطون بين نقص توافر المعلومات والوصاية الذكورية التي تطبع على المجتمعات العربية من حيث الاهتمام المحدود بصحة المرأة وحقوقها الجنسية، وقلة شيوع الوسائل التي قد تمنع المرأة من الإنجاب بشكل عام، وهو يبرز أيضاً الضرورة الملحة للمزيد من البحث والتوعية حول هذه القضايا الحيوية.
برغم كفاءة ربط البوق كوسيلة لمنع الحمل وتحديد النسل، فإنّ استخدامها يتأثر بعوامل طبية واجتماعية ودينية معقدة في المنطقة العربية، تحديداً في العراق ولبنان وفلسطين. وربما آن الأوان أن تحصل النساء على معلومات كافية وموثوق بها حول هذا الإجراء، وأن يكون لديهن الحق في اتخاذ القرار المناسب بشأن استخدامه من عدمه بناءً على معرفتهن ورغباتهن بشأن أجسادهن.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومينمقال مدغدغ للانسانية التي فينا. جميل.
Ahmed Adel -
منذ 5 أياممقال رائع كالعادة
بسمه الشامي -
منذ أسبوععزيزتي
لم تكن عائلة ونيس مثاليه وكانوا يرتكبون الأخطاء ولكن يقدمون لنا طريقه لحلها في كل حلقه...
نسرين الحميدي -
منذ اسبوعينلا اعتقد ان القانون وحقوق المرأة هو الحل لحماية المرأة من التعنيف بقدر الدعم النفسي للنساء للدفاع...
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعيناخيرا مقال مهم يمس هموم حقيقيه للإنسان العربي ، شكرا جزيلا للكاتبه.
mohamed amr -
منذ اسبوعينمقالة جميلة أوي