"مليتم البلد" و"السودانيين منتشرين زي الفيروس"، هذه العبارات المسيئة هي جانب مما يتردد على مسمع وداد، وهو اسم مستعار للاجئة سودانية في عقدها الثالث جاءت إلى مصر عقب الاشتباكات في السودان والتي بدأت في نيسان/ إبريل من عام 2023، بصحبة ابنتها ذات الثماني أعوام وإخوتها المرضى.
تقول إنها لا ترد على ما تسمعه من عبارات مسيئة أو غيره، وحتى عندما جرحت ابنتها في جبهتها ما تطلب إجراء خياطة للجرح؛ وكانت الإصابة نتيجة لتعرضها للعنف من أطفال مصريين، قررت وداد منع ابنتها من النزول إلى الشارع حماية لها.
وداد هي واحدة من ساكني الحي السادس في مدينة السادس من أكتوبر، في منطقة تتسم بالهدوء النسبي وتحفل بالكثير من اللاجئين السودانيين، إذ تستضيف مصر ما يقرب من 600 ألف لاجئ وطالب لجوء مسجلين من 62 جنسية مختلفة، ومع نهاية شهر تشرين أول/ أكتوبر 2023، أصبحت الجنسية السودانية هي الأكثر عدداً تليها الجنسية السورية، ثم أعداد أقل من جنوب السودان وإريتريا وإثيوبيا واليمن والصومال والعراق طبقاً لبيانات الأمم المتحدة.
رغم تنوع جنسيات اللاجئين الذين يعيشون في مصر إلا أن الجنسية السودانية لاحقها خطاب مسيء، ترتب عليه عنف لفظي وسلوكيات سلبية من جانب بعض المصريين.
وكانت الحكومة المصرية قد أقرت في حزيران/ يونيو من عام 2023 مشروع قانون لجوء الأجانب، الذي يهدف لإجراء حصر رسمي لأول مرة عن أعداد اللاجئين في مصر لتوثيق أوضاعهم خلال عام من إقرار اللائحة التنفيذية للقانون.
وينص قانون لجوء الأجانب، بأن يلتزم اللاجئون وطالبو اللجوء بتوثيق أوضاعهم طبقاً لأحكام القانون خلال عام من تاريخ العمل باللائحة التنفيذية، ويجوز لرئيس الوزراء بعد موافقة مجلس الوزراء، مد المدة لمدة مماثلة.
"مليتم البلد" و"السودانيين منتشرين زي الفيروس"، هذه العبارات المسيئة هي جانب مما يتردد على مسمع وداد اللاجئة السودانية في مصر.
وبحسب الموقع الإلكتروني لمفوضية اللاجئين يتم تقديم المساعدات النقدية للاحتياجات الأساسية إما بانتظام مرة كل شهرين، أو مرة واحدة خلال أشهر الشتاء للاجئين وطالبي اللجوء المسجلين ضمن الفئات الأكثر ضعفاً، كما يوجد منح نقدية أخرى مثل: كسب الرزق والمنح التعليمية والتي يتم تقديمها لمرة واحدة، وجاء في الموقع أيضاً أن التمويل لا يقتصر فقط على اللاجئين، لكن يشمل أيضاً المجتمعات المستضيفة عبر تنمية البنى التحتية لتلك الدول.
وكان العامل الرئيسي وراء زيادة المؤشرات لمعدلات اللجوء هو الحرب الأهلية في السودان، حيث جرى تهجير ما يقرب من 11 مليون سوداني بحلول نهاية عام 2023.
تأثير الأوضاع الاقتصادية
يعيش 32.5% من المصريين تحت خط الفقر القومي، وترتفع هذه النسبة بين اللاجئين إلى 84% بحسب الورقة البحثية المنشورة في مركز حلول للسياسات البديلة التابع للجامعة الأمريكية.
ومانت مصر قد تلقت في عام 2023 منحة من الاتحاد الأوروبي بقيمة 5 ملايين يورو كمساعدات نقدية وأخرى عينية، مثل: الغذاء والماء وأدوات النظافة للقادمين من السودان، إذ قدم الإتحاد إلى اللاجئين في مصر 37.9 مليون يورو منذ عام 2015.
وطالبت مصر الاتحاد الأوروبي بالدعم المالي لها على لسان وتصريحات الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء وذلك نظراً لما تتحمله الدولة من أعباء نتيجة استضافة اللاجئين وتلقيهم خدمات الصحة والتعليم أسوة بالمصريين، وقدر مدبولي في تصريحاته التكلفة المباشرة لاستضافة مصر اللاجئين بأكثر من 10 مليارات دولار سنوياً، من ضمن المميزات التي يحصل عليها اللاجئون هي توفير المياه والكهرباء والبنزين بسعر مدعم، علاوة على خدمات التعليم والصحة في الجهات الحكومية وبالأخص حملات التطعيم المجانية، وبحسب الورقة البحثية المنشورة عبر موقع الأمم المتحدة للباحثة دينا أرمانيوس تعاني الدولة المصرية من مشاكل الفقر والبطالة وعدم وصول معدلات النمو الاقتصادي لما يوازي الزيادة السكانية.
وكان رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي أعلن في وقت سابق أن الحكومة المصرية قررت السماح للأجانب بتملك العقارات داخل البلاد بدون التقيد بعدد محدد، بعد أن كان الحد الأقصى لتملك الأجانب للعقار محدد بعدد 2 في مدينتين مختلفتين سابقاً.
"يا زول"
"أعاني من التنمر المستمر" كانت هذه هي أولى كلمات منى وهو اسم مستعار لفتاة عمرها 17 عاماً تدرس في المرحلة الثانوية.
قبل الحرب في السودان كانت تحلم بدراسة الطب، لكنها اليوم أصبحت تكره ترك منزلها ولا ترغب في استكمال تعليمها ولا حتى العمل، "أنتم مليتم علينا البلد وجبتم الحر معاكم من السودان" عبارة تتكرر دوماً على مسمع منى كلما ذهبت إلى أي مكان، ولا سيما في المواصلات العامة،
وتقول إن البعض يرفض الجلوس إلى جوار السودانيين، وعادة ما يتم تكرار كلمة "يا زول" كلما مرت في أي شارع، ثم تتصاعد الضحكات، وفي حين أنها تعني بالعامية السودانية "يا شاب" أو "يا فتاة"، وتقال في حالة عدم معرفة الاسم، قالت منى: "مثلما يردد المصريون كلمة يا حاج لمناداة من لا يعرفون اسمه".
وقد روت منى تعرضها للإهانة عند قيامها بإجراءات تجديد الإقامة مع العلم بأنها زارت مصر قبل الحرب وكانت الأوضاع مختلفة ولم تشعر وقتها بأي كلمات غاضبة ومسيئة تلاحقها أينما ذهبت.
دراسة ترصد الكراهية
تحت عنوان "خطاب الكراهية والتحريض ضد اللاجئين في مصر على موقع تويتر"، نشرت ورقة بحثية في المجلة العلمية لبحوث الصحافة دراسة تحليلية أجريت خلال شهري نيسان/، إبريل وأيار/ مايو من عام 2023، ورصدت نتائج الدراسة وجود نموذج متكامل لخطاب الكراهية قدم صورة نمطية عن اللاجئين وخلق مناخاً معادياً ضدهم، كما كشفت النتائج عن وجود لغة عنصرية مهينة تجاه اللاجئين علاوة على التشجيع على التمييز ضدهم.
طالبت مصر الاتحاد الأوروبي بالدعم المالي لها لما تتحمله الدولة المصرية من أعباء نتيجة استضافة اللاجئين وتلقيهم خدمات الصحة والتعليم مساواة بالمصريين، إذ قدّر رئيس الوزراء مصطفى مدبولي التكلفة المباشرة لاستضافة مصر للاجئين بأكثر من 10 مليارات دولار سنوياً
تصدرت الحسابات التي تحمل أسماء حقيقية على موقع تويتر "X" بنسبة 77.6% في مقابل التغريدات التي كانت بأسماء مستعارة وبنسبة 22.4%، وبحسب الدراسة اتخذ خطاب الكراهية عدة مظاهر في مقدمتها التحريض على الكراهية وتقييد الحقوق بنسبة 33.5%، يليها إلقاء اللوم بنسبة 25%، ثم التحقير والازدراء بنسبة 21%، والسخرية بنسبة 11%.
من خلال متابعة التغريدات المسيئة على موقع التواصل الاجتماعي "X" خلال شهر حزيران/ يونيو من العام الجاري، تم استخدام أداة botometer التي تساعد على معرفة الحسابات الحقيقية وتمييزها عن الحسابات التي يتحكم فيها الروبوت، وجد أكثر من هاشتاج مسيء منها:" ترحيل اللاجئين مطلب شعبي" و"مصر للمصريين فقط"، و"لا لتمديد فترة أخرى للأغراب في مصر"، و"ترحيل السودانيين من مصر"، و"الطالب المصري أولى بجامعاتها".
ومن أبرز الحسابات التي تشارك تغريدات تحمل عبارات مسيئة حساب اسمه: "كفاية لاجئين في مصر قرفنا" والتعريف المختصر لصاحب الحساب هو: "قضيتي طرد اللاجئين من مصر وتطهير أرضها"، وهو حساب ينشط على فترات وتبين أنه من المحتمل أن يكون حساباً وهمياً أو مزيفاً.
حساب آخر يحمل اسم "الملكة مي" تم إنشاؤه عام 2023 ولا يشارك تغريدات إلا عن اللاجئين في مصر، وبالكشف عنه تبين أنه من المحتمل أن يكون روبوت أو مزيف، وتكرر الأمر مع حساب باسم "رمسيس أيوب" وحساب آخر من البارزين في مشاركة مقاطع فيديو وصور وهاشتاج فيه إساءة إلى اللاجئين في مصر، وغالبية الحسابات تحمل اسم "كيميت" أي مصر القديمة.
لم يقتصر خطاب الكراهية على شبكات التواصل الاجتماعي بل شمل أيضاً الخطاب الإعلامي، وتم ذلك في توقيتات تكاد تكون متزامنة، مثل تصريحات الإعلامي أحمد موسى الذي تحدث عن ارتفاع أسعار الشقق السكنية بسبب وجود اللاجئين السودانيين، كما طالبت الإعلامية قصواء الخلالي بضرورة وضع ضوابط لإدارة ملف اللاجئين وما تنفقه الدولة المصرية مقابل استضافتهم، وتحدث الإعلامي عمرو أديب عن الأمر نفسه في برنامجه "الحكاية" حين أشار إلى استضافة مصر لحوالي 9 مليون لاجئ وأن المنظمات الدولية لا تعترف بهذا العدد وأن تكلفة استضافتهم تصل إلى 10 مليار دولار سنوياً، وربط في حديثه بين استضافة اللاجئين وأزمة الكهرباء في مصر.
محاولات هشة للمساعدة
تأسست مبادرة أبناء الفولان عام 2016 وتعاقب عليها مجموعة من المؤسسين من اللاجئين السودانيين، والفولان وهي قبيلة تنتمي إلى شمال السودان.
في مقابلة مع غادة حسين إحدى أعضاء المبادرة التي تتخذ من مدينة 6 أكتوبر في الجيزة مقراً لها، قالت إن المبادرة تقدم خدماتها لجميع اللاجئين والنازحين حتى من قبل الحرب، كما تشمل الجهود جنسيات أخرى منها السوريين واليمنيين، وتشمل الخدمات التوعية بكيفية توفيق أوضاعهم القانونية والتواصل مع مفوضية اللاجئين للحصول على مساعدة مالية، وكذلك يتم التوجيه للمنظمات التي تساعد في العلاج وخاصة أن الكثيرين ممن جاؤوا إلى مصر بعد الحرب لديهم مشاكل صحية علاوة على المشاكل الاقتصادية.
فيما يخص خطاب الكراهية تجاه اللاجئين السودانيين، تصدرت الحسابات التي تحمل أسماء حقيقية على موقع X بنسبة 77.6% في مقابل التغريدات التي كانت بأسماء مستعارة, بنسبة 22.4%.
ولفتت إلى أن التحديات التي تواجه اللاجئين السودانيين زادت بشكل كبير نظراً لزيادة الأعداد والمشاكل التي يعانون منها وأبرزها المشاكل الاقتصادية، "نقوم بتنظيم تدريبات تعليمية للأطفال، وورش تدريبية للمرأة اللاجئة في مجالات التجميل وإعداد المخبوزات والخياطة والتطريز؛ والتي من شأنها المساعدة في إكسابهم مهارات تمكن المرأة من الحصول على فرصة عمل لإعالة نفسها وأسرتها، كما يتم تنظيم بازارات من أجل بيع المنتجات التي قاموا بتصنيعها، والمدربين وغالبية العاملين في المبادرة من المتطوعين".
وأضافت حسين أن المبادرة تحرص على إدماج المصريين في أنشطتها وذلك للعمل على التعايش السلمي بين الجانبين، كما يتم تقديم ورش للدعم النفسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي.
من جهته، تحدث لرصيف22 المسؤول الإعلامي لرابطة أبناء الفولان، سعيد الحاج، والذي حضر إلى مصر عام 2022، ويتولى مهمة التعريف بأنشطة المبادرة تجاه اللاجئين السودانيين بصفة خاصة، عبر إدارة صفحات المبادرة على شبكات التواصل الاجتماعي ومجموعات واتساب في مجالات التوعية القانونية والعنف القائم على النوع الاجتماعي، لافتاً إلى أنه بعد حرب السودان، زادت نسبة اللجوء، وموضحاً أنّ مقدمي الخدمات في المبادرة هم من المتطوعين، وأن الضغط زاد بصورة كبيرة لا سيما وأن المبادرة ممولة بالجهود الذاتية، ويصعب تلبية احتياجات كثير من المترددين على المبادرة بسبب محدودية الموارد.
أزمة العقارات
ارتفاع أسعار العقارات سواء مفروشة أو مستأجرة أو في حالة التملك، أمر برز بقوة مع قدوم الأعداد الكبيرة من اللاجئين السواديين وهو ما سبب في جانب كبير من نشاط خطاب الكراهية ضد اللاجئين السودانيين.
مؤشر عقار ماب مصر هو أداة لتقييم الوضع العام للقطاع العقاري المصري، يتم حساب قيمة المؤشر باستخدام مجموعة من المعادلات المبنية على أرقام وإحصائيات دقيقة يتم جمعها من محرك بحث عقارماب والذي يحتوي على 35.000 وحدة عقارية حديثة العرض، وأكثر من 70.000 وحدة عقارية عرضت من قبل، ما يساعد على إعطاء عن وضع السوق العقاري المصري، وبحسب المؤشر ارتفع الطلب على العقارات خلال شهر تموز/ يوليو من العام الجاري بنسبة 6٪ مقارنة مع شهر حزيران/ يونيو.
ويعد هذا الارتفاع ثالث ارتفاع لمؤشر الطلب العقاري على التوالي، وتأتي هذه الارتفاعات بعد فترة طويلة من التراجع على الطلب بدأت بعد تعويم الجنيه المصري، كما ارتفع الطلب العقاري في شهر مايو بنسبة 8٪ بالمقارنة مع الطلب في شهر نيسان/ أبريل، حيث سجل مؤشر عقارماب قيمة قدرها 4.935 في نهاية شهر أيار/ مايو.
وفي تصريحات للدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء المصري قال إن الأمر يخضع لظروف العرض والطلب وأن مصر تتمتع بالاستقرار مقارنة بدول الجوار.
في هذا السياق، قال المهندس عبدالمجيد جادو الخبير العقاري لرصيف22 إنّ ما حدث من ارتفاع للأسعار في السوق العقاري هو استغلال للوافدين من السودان، وهو ما لم يحدث وقت وصول اللاجئين السوريين على سبيل المثال حيث استقبلت مصر لاجئين من عدة جنسيات؛ نظراً لأن العدد كان أقل كما أنهم تجار بطبعهم لذلك جاء الانتشار بالتدريج.
وأضاف أنّ ما حدث مع اللاجئين السودانيين من استغلال هو نتيجة غياب الرقابة وثمرة لمشاكل موجودة بالفعل، ومثال على ذلك بعيداً عن سوق العقارات هو ما حدث العام الماضي للبصل وهو سلعة مهمة جداً بالنسبة للمصريين، حيث وصل سعر الكيلوغرام لخمسين جنيهاً، وهو رقم لا يعبر تماماً عن قيمة السلعة؛ بل نتيجة سياسات خاطئة دفع ثمنها المستهلك، ونتيجة العرض القليل ارتفع سعر السلعة، وما حدث هو بمثابة عرض صغير لمشكلة كبيرة متعمقة الجذور يعانيها المصريون.
وأوضح جادو أنه مما لا شك فيه أنّ القطاع الخاص يهمه المكسب وتحقيق عائدات تغطي التضخم الاقتصادي، مضيفاً أنّ السكن هو من الحقوق الأساسية لأي مواطن والمنظومة الحالية لا توفر للمواطن المتوسط المسكن اللائق بسعر مناسب؛ ونظراً للظروف الاقتصادية ارتفعت تكلفة عناصر صناعة العقار، كما زادت أسعار الأراضي بنسب تتراوح ما بين 40 و50% في بعض الأحيان.
يقول: "في المجتمعات الجديدة تمثل قيمة الأرض نسبة عالية في التكلفة، وهو أمر يحتاج لتضافر الجهات المعنية من وزارة الإسكان ونقابة المهندسين والخبراء المعنيين من مطورين عقاريين وخلافه، لا سيما وأن أسعار العقارات تضاعفت ثلاث مرات على الأقل، كما أن الأسعار غير منطقية على الإطلاق أصبحنا نجد وحدة صغيرة في حي شعبي يصل سعرها إلى 700 ألف جنيهاً وجودة بنائها سيئة".
من جانبها، قالت رئيسة الاتحاد النوعي لحماية المستهلك د. سعاد ديب لرصيف22 إنه "لا يمكن وجود رقابة على أسعار الشقق؛ لأنها تابعة للقطاع الخاص وتخضع لآليات السوق والعرض والطلب، لكن يوجد استغلال للظروف، لأن الشقة التي كانت يتم تأجيرها مقابل 3 آلاف جنيه أصبحت تؤجر بمبلغ 12 ألف جنيه، وهو ما لا يمكن مواجهته عبر حملات المراقبة"، وشبهت الديب الوضع بـ"الأواني المستطرقة"؛ أي أنّ أثر هذه الزيادات متشابك مع المجتمع كله، لأنها بدورها تؤثر على القوة الشرائية للشباب المقبل على الزواج ويعيقه، بالتالي سوف تزيد المشكلات الاجتماعية في مصر.
وأوضحت أنّ "المشكلة ليست في استقبال لاجئين من جنسية محددة، بل تكمن في الأزمة الاقتصادية في مصر، البلد الذي استضاف اللاجئين من سوريا والعراق ولم يتأثر، وما يحدث من استغلال زاد من الأعباء الاقتصادية".
في حديثها لرصيف22 تقول كرستينا بشاي المتحدثة باسم المفوضية السامية لللاجئين في مصر إنه "لا بد من فهم السياق الذي يصل فيه اللاجئين لمصر حيث أنهم يكونوا مضطرين للهرب من ظروف قاسية، وليس من خلال عملية هجرة نظامية؛ بل نتيجة للهروب من ظروف قاسية في بلدانهم يفقدهم الشعور بالأمان". لافتة إلى توقيع مصر اتفاقيات دولية تقضي باستقبال اللاجئين على أرضها، وبالتالي فإن الأمر يخضع لتنفيذ بنود الاتفاقيات التي وقعت عليها مصر باستقبالهم وتوفير الحماية لهم، وهو ما يتم على مدار مئات السنين.
ونوهت بشاي إلى أن الوافدين إلى مصر لم يحضروا من أجل المنافسة على فرص العمل أو تهديد النسيج الوطني أو الهوية المصرية بل هم أناس دفعتهم الظروف للقدوم إلى مصر لطلب الحماية.
وأوضحت المتحدثة باسم المفوضية السامية لللاجئين في مصر أنه يتم العمل على مشروعات بهدف توضيح المفاهيم ومشروعات على مستوى المدن والأحياء التي يسكنها نسبة كبيرة من اللاجئين، بالتعاون مع الحكومة المصرية وكذلك الشركاء المحليين للمفوضية على الأرض، وتكون مشروعات خاصة بالتوعية القانونية وتنمية قدرات وكفاءة المؤسسات الخدمية الحكومية التي يستفيد منها الجميع سواء المصريين واللاجئين، لا سيما وأن وجود اللاجئين قد يكون مؤقتا لكن ما يحدث من تنمية وتطوير يظل مستمراً، كما تشمل الجهود العمل مع المدرسين على رفع الوعي والعمل على التصدي لخطاب الكراهية في المدارس بهدف تعزيز الدمج ودفع الأطفال من اللاجئين لاستكمال تعليمهم في المدارس المصرية والتي تخضع هي الأخرى للتطوير، كما تم تطوير القطاع الطبي في نفس المناطق من أجل رفع كفاءته لاستقبال كثافة سكانية أكبر.
يرى متابعون أن ما حدث من ارتفاع للأسعار في السوق العقاري هو استغلال للوافدين من السودان، وهو ما لم يحدث وقت وصول اللاجئين السوريين على سبيل المثال حيث استقبلت مصر لاجئين من عدة جنسيات؛ نظراً لأن العدد كان أقل كما أنهم تجار بطبعهم لذلك جاء الانتشار بالتدريج
كما تشمل الجهود العمل على الجانب الرياضي حيث تم مؤخراً توقيع مذكرة تفاهم مع وزارة الشباب والرياضة من أجل دمج اللاجئين وإتاحة الفرصة لهم لممارسة الأنشطة الرياضية، وتم تأسيس مراكز للتعليم رقمي تقدم خدماتها سواء لقطاع اللاجئين أو للمصريين يمكن من خلالها الحصول على شهادات معتمدة في مجال البرمجة؛ ما يمكنهم من الحصول على فرص عمل، وفي نفس الوقت تنمية مهاراتهم.
أما عن الزيادة التي حدثت في السوق العقاري بعد قدوم اللاجئين السودانيين إلى مصر علّقت عليها كرستينا بشاي قائلة إن ارتفاع أسعار الإيجارات والطفرة في سوق العقارات بصفة عامة بالتأكيد أنها أثارت الغضب، ولكنها في النهاية مسألة عرض وطلب، ومن يرفع الأسعار هم أصحاب العقارات من المصريين وليس اللاجئين هم السبب؛ لأنهم في هذه الحالة ضحية استغلال، وحتى عند انتقادهم بأن أكثر من أسرة تسكن في نفس العقار يكون ذلك بسبب ارتفاع الإيجارات؛ فيلجأون لاقتسام الوحدة السكنية مع بعضهم وأيضاً اقتسام الإيجار.
وأضافت بشاي أن المؤجر هو من يرفع السعر وليس من المفترض لوم المستأجر على ذلك، واللاجئ السوداني هو مضطر للتأجير بأي سعر لأنه ليس لديه بديل، وغالبيتهم إما لا يمتلك موارد أو لديه مدخرات لكنها ليست دائمة، ومنهم من ترك بلده بشكل سريع ولم يتمكن من الخروج بمدخراته، وهو الأمر الذي نحاول رفع الوعي به من أجل تجاوز الغضب ضدهم.
"لكي يكون للتغطية الإعلامية تأثير إيجابي على تصور الجمهور لدمج اللاجئين في المجتمعات المضيفة؛ لا بد أن تكون عادلة ودقيقة ومتوازنة، لابد أيضاً أن توفر وسائل الإعلام فهماً أفضل للوضع المعقد الذي يجد المهاجرون واللاجئون أنفسهم فيه، ويتعين على المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن تزيد من قدرة البلدان المضيفة والمنظمات الإنسانية على توفير الفرص التعليمية، بما في ذلك دورات اللغة غير الرسمية وبرامج التوعية بالعنف القائم على النوع الاجتماعي لتعليم كل من السكان المحليين وسكان اللاجئين كيفية وقفه والرد عليه".
هذه هي التوصيات التي خرجت بها دراسة بحثية صادرة عن جامعة جورج واشنطن الأمريكية، والتي يمكن أن تكون دليل لوسائل الإعلام من أجل نبذ خطاب الكراهية تجاه اللاجئين.
تمّ إنجاز هذا التقرير بدعم من معهد التنوع الإعلامي، ومركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، والمركز الدولي للصحافيين.
تصوير عمر ساهر، والمونتاج تسنيم عادل.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 18 ساعةمتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع