شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
رسالة مستعجلة إلى أخي العزيز

رسالة مستعجلة إلى أخي العزيز

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

مدونة نحن والنساء

الخميس 5 سبتمبر 202411:04 ص

أكتب رغم يقيني بأنك لن تقرأ هذه الكلمات. ربما أكتبها للتنفيس عن نفسي وغضبي، ربما أكتبها قلّة حيلة مني، وربما هو بوح لابدّ منه، عملاً بنصيحة كاتبتي المفضلة فاطمة قنديل، حين سلّمت عليها بعد ندوة أذكر أنها كانت عن الكتابة الذاتية، وأن الكاتبتين كان كلامهما عكس بعض لدرجة أنني لا أذكر حديثهما على المنصة، ولكن حمداً للرب أذكر سلامي وصورتي مع فاطمة، ونصيحتها لي، ولكل الفتيات بأن نكتب... وعليه، ها أنا أكتب بلا خوف، أو سمّها "بكل جرأة"، كما اعتادت أمي أن تصف حديثي.

أخي: أرجو أن تتذكّر أنني لست خادمتك. لست مريمك. لست والدتك الحنون. لست سوى أختك. ليس ذنبي أنني تركت نفسي للعالم يعلّمني التمرّد، إذا كان ما بي تمرّد وليس حقّ في الحياة، وليس ذنبي أني أتمسّك برأيي في موضوع "كوب الشاي" الذي هو مثال على الموضوع الأعمّ، وهو أنه عليك أن تنضج وتخدم نفسك بنفسك، أن تقوم وتحضّر كوب شايك الصباحي بنفسك.

صمتي الفترة الماضية في هذا الموضوع لم يكن سوى هدنة وإرضاء لك ولوالدينا. لم يكن سوى بحث عن سلامي النفسي. لطالما كان كوب الشاي يشكّل أزمة. أنتم تظنون أني كسلانة، وأنا تعبت من نفي هذه التهمة/الشبهة عني. كلّ الأمر أنه ليس ذنبي أني فتاة، وليس ذنبي أنني أستيقظ قبلك. كل الأمر أنني أبحث عن حقي في ألا تقطع حبل أفكاري وأنا أعمل على إحدى المقالات صباحاً، أو تفسد علي مشاهدة أحد الأفلام لمجرّد أن أصنع كوب شاي بإمكانك صنعه لنفسك مثلي وأفضل.

أخي العزيز: أعتذر لك عن كل العيوب التي بي، وأنني لم أكن قدوة حسنة لك، بل جعلتك تشهد على أسوأ ما بي. أعتذر لك عن الصفعات التي لم تنسها من طفولتك إلى الآن، ولكن صدقني: أنت كنت، وما زلت، طفلاً مستفزّاً.

أخي: أرجو أن تتذكّر أنني لست خادمتك. لست مريمك. لست والدتك الحنون. لست سوى أختك. وليس ذنبي أني أتمسّك برأيي في موضوع "كوب الشاي" الذي هو مثال على الموضوع الأعمّ، وهو أنه عليك أن تنضج وتخدم نفسك بنفسك، أن تقوم وتحضّر كوب شايك الصباحي بنفسك

أعتذر عن غبائي وصمتي. أعتذر عن اختلافي عنكم وخلافي معكم. أعلم أنها أشياء ليس من المفترض أن أعتذر عنها، ولكن حبّي لكم أنتم الثلاثة يحثّني على الاعتذار منكم.

أرغب في التخفّف من أعباء كثيرة، أولها اعتباركم لي عبئاً وهمّاً وكائناً طوال الوقت يُخشى عليه. أنتم تخافون أكثر مما يجب، لدرجة أنكم أزلتم عني مشاعر الخوف على نفسي، وهو أمر لو تعلمون، بقدر لطافته وفقدان البعض له، إلا أنه مؤذ، دون عمد منكم.

كي أبسّط الأمر: أنتم طوال الوقت على الشاطئ. صحيح أنني لا أعرف السباحة، ولكني أغوص إلى العمق كلما صرختم: "عودي ولا تدخلي للعمق، ولا تتجرّئي ولا تتغيرّي ولا تتحرّري". تصرخون وأنتم في مكانكم على الشاطئ. ثلاثة أشخاص يخاطبونني بـ "لا" صارخة، وبـ "غيّري أفعالك"، دون أن يفكّروا بدخول البحر معي. لا أطلب أن تصلوا للعمق ولا أن تلمس أقدامكم الرمال حتى، ولكن ألا توجد منطقة وسطى؟

أخي العزيز: ليس من حقك أن تلمس جسدي بالضرب، حتى وإن كان تأثير ضربتك مجرّد كدمة صغيرة في ذراعي. صدّقني هي لا تقلّ عن صفعة الوجه في تأثيرها، فكما الكذبة البيضاء تظل كذبة في عُرف الخطايا والآثام، فالضربة الخفيفة تظل ضربة في عُرف التعنيف، وأتدري ما الأدهى؟ ليس من حقك معاقبتي، وليس من حقك محاسبتي على ما أنشره بحساباتي بمواقع التواصل، ولا حتى من حقك قول جملة "احذفي ما نشرتيه". أتدري أنني أحذفه خوفاً؟ نعم، أصبحت أخاف منك، من صوتك، من يدك، من عينيك، أنت تتحوّل لنسخة أخرى من أبينا الذي كنا (ربما أنا ما زلت) نخاف منه.

أخي العزيز: ليس من حقك أن تلمس جسدي بالضرب، حتى وإن كان تأثير ضربتك مجرّد كدمة صغيرة في ذراعي. صدّقني هي لا تقلّ عن صفعة الوجه في تأثيرها، فكما الكذبة البيضاء تظل كذبة في عُرف الخطايا والآثام، فالضربة الخفيفة تظل ضربة في عُرف التعنيف

أشياء كثيرة ليست هي واجبك تجاهي كأخ. إذا كنت تظن أن ما تفعله هو خوف علي، أو أخوّة، فلا يا عزيزي ليس كذلك، كان كافياً أن تُكمل نواقصي وعجزي، كان كافياً وجود رأيك بأسلوب لطيف، ربما وقتها كان اقتنع عقلي السميك. لم أطمع سوى بالحديث معك براحة. تلومني على قلة الكلمات بيننا؟ قبل لومك لي، ألا ترى نفسك كلما سألتك عن شئ بهدف خلق حوار، أو حتى ارضاء فضولي في أحد المواضيع، تجيبني بصمتك ونظرك لشاشة هاتفك؟

سابقاً، كنت أرغب في الاستقلال فقط لأتعرّف على نفسي وأواجهها، لأصادق وحدتي الحقيقية، لأحصل على حرية لا يشوبها خوف، الآن أحتاج هذا الاستقلال والعيش بشقة لا تعرف طريقها يا أخي، والأسباب هي ما حاولت شرحه، ليس بهذه الرسالة فقط، وإنما على مدار حياتي. منزلنا هو مالطا التي أؤذن بها وحدي ولا أحد يصغي. أرغب بشدة في تلك الحوائط ودخان السجائر والصفحات البيضاء، هؤلاء هم جمهوري، هم المحتضنون كلما سقطت في بئر الضيق والتحسّس من كل كلمة وفعل طفولي تقوم به، من كل مرّة يعلو فيها صوتك وتخبرني بأني غبية وباردة، لمجرّد أني لم أغادر مكان جلوسك المفضل فور دخولك المنزل.

حفنة من التفاهات لا أعلم من منا سيندم عليها، ولكن أدرك جيداً أن أعقد العلاقات يحلها البعد والزمن، فما بالك بأخوين مثلنا، يحبان بعضهما ولا يجدان طريقة التواصل، أليس "شيل دا من دا" هو حل سحري؟ دعني وشأني إذن.

إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

فعلاً، ماذا تريد النساء في بلادٍ تموج بالنزاعات؟

"هل هذا وقت الحقوق، والأمّة العربية مشتعلة؟"

نحن في رصيف22، نُدرك أنّ حقوق المرأة، في عالمنا العربي تحديداً، لا تزال منقوصةً. وعليه، نسعى بكلّ ما أوتينا من عزمٍ وإيمان، إلى تكريس هذه الحقوق التي لا تتجزّأ، تحت أيّ ظرفٍ كان.

ونقوم بذلك يداً بيدٍ مع مختلف منظمات المجتمع المدني، لإعلاء الصوت النسوي من خلال حناجر وأقلام كاتباتنا الحريصات على إرساء العدالة التي تعلو ولا يُعلى عليها.

Website by WhiteBeard