أُعلن زواج شيرين عبد الوهاب من حسام حبيب في شهر نيسان/أبريل عام 2018، وأثارت تصريحات شيرين حينها الجدل بعد ما وصفت حسام حبيب في كل اللقاءات بأنه رجل أحلامها وأنه "عوضها"، وبشكل مفاجئ، أصبحت خلافاتهما متكرّرة ومعلنة وصاخبة، وفي كل مرة يُصدر تصريح عن حقيقة الخلافات، يحتلّ التصريح مواقع التواصل الاجتماعي من شدّة فظاعته وغرابته، وسرعان ما ينتهي الأمر بالعودة إلى بعضهما، وبتكرار الأمر، لم أعد ألاحظ شيئاً يستحق الاهتمام والتوقف أكثر من نوع تبريرات شيرين لأسباب عودتها لحسام.
فبعد كل خلاف، تصل نيران غضب شيرين إلى السماء، ثم تعود معتذرة له أمام الجمهور والصحافة، مبررةً أن الخلاف كان بسببها، بسبب عصبيتها وجنونها وغيرتها واعتماديتها على حسام، ويظل حسام، الطرف المستقبِل، ملتزماً بالصمت، جالساً على عرش الضحية المنقذ.
اتهمت شيرين حسام، في كل مرّة ينفصلان فيها، باتهامات أفظع من سابقتها، مثل النصب والخيانة وسرقة أموالها ودفعها للإدمان والاستحواذ عليها، وأخيراً إتلاف الاستوديو الخاص بها، ثم ضربها بشكل مبرّح، حتى إنها قدمت بلاغاً لتثبت الواقعة، وقد كان الضرر بالغاً، حيث استدعى الأمر إجراء ثلاث غرز في رأسها إثر ضربه لها.
وكعادة حسام، يستخدم الضبابية في تصريحاته وردوده، وهذا وحده دائماً ما يثير غضبي وشكوكي في نواياه، فهذه اللعبة النفسية لم تعد مقبولة أو منطقية. يكرّر حسام في كل مرة في تصريحاته أن أذاه لشيرين حقيقي وحدث، ولكنه حدث لأسباب لا يريد أن يصرّح عنها أمام الجمهور، لأنها قد تلحق بسمعة شيرين، نجمة مصر والأم، الضرر. وبهذه اللعبة، يظل حسام يكسب الجولات والتعاطف، سواء أمام شيرين، الجمهور والرأي العام، فهو ببساطة يمنطق أفعاله المؤذية بصمته تحت حجّة أنه لا يريد فضحها، ما يضعه، بشكل غير واعٍ برأي الناس، موضع الرجل النبيل في خصومته.
، يظل حسام يكسب الجولات والتعاطف، سواء أمام شيرين، الجمهور والرأي العام، فهو ببساطة يمنطق أفعاله المؤذية بصمته تحت حجّة أنه لا يريد فضحها، ما يضعه، بشكل غير واعٍ برأي الناس، موضع الرجل النبيل في خصومته
وبغض النظر عن تبريرات حسام حبيب وتصرفات شيرين عبد الوهاب، يظل شيء واحد يستوقفني: لماذا تلقي شيرين، المرأة الناجحة المشهورة والأم لابنتين، في كل مرّة اللوم على نفسها لأجل رجل مثل حسام؟
صغيرة على الحب
يقول المثل المصري الشائع: "يا فرعون، إيه فرعنك؟"، ويقول الحكماء: "لكل فرعون ضحايا".
توتّرني الضحية وتثير خوفي وغضبي، وخاصة ضحية الحب. أشعر دائماً أن شيرين عبد الوهاب لم تنضج عاطفياً أبداً، حتى وهي مشهورة وغنية ومتحقّقة وأم. شيرين ما زالت مجوّفة من داخلها، تريد رجلاً يحبها ويحتملها وتعتمد عليه دون أخذ أي حسابات منطقية واقعية بعين الاعتبار. ما تريده شيرين من الحب حق طبيعي لأي إنسان، ولكن عدم النضج العاطفي هو إهدار لهذا الحق بكامل قوى الضحية العقلية.
أقول دائماً، عندما تُطرح أمامي أزمة شيرين عبد الوهاب في الأحاديث اليومية العابرة، إن شيرين مسكينة، ما زالت صغيرة على الحب. وهنا لا أقصد أن شيرين صغيرة عمرياً على التواجد في علاقة عاطفية، بل أقصد أنها صغيرة من حيث صورتها الذاتية داخل نفسها، صغيرة حقيقتها أمام عينيها، وصغيرة قيمتها في مرآتها. سماحها بالأذى المستمر والاستباحة، وغضبها الذي يشبه الثورات العنيفة جداً، والذي يجعلها لا تضع في حسبانها سمعتها ونجاحها وبناتها واحتمال تطاول الصحافة وسخرية الرأي العام، يشبه شجار الإنسان مع نفسه في بداية نضجه العاطفي، وإدراكه لحقيقته وحقيقة الحياة حين يشعر باحتمال الإهمال والرفض.
وكأن كل ما يسيطر عليها وقت غضبها هو أنها تريد فقط أن تخرّب الكون لمجرّد أنها مخذولة أو متألّمة، وكل شيء يصبح قادراً على دفعها للصراخ ليُقدِّر الجميع أزمتها ويشهد عليها، ثم تلقي اللوم على نفسها في نهاية المطاف بعدما تهدأ، وكأنها طفلة تصرخ بلا حسابات من أجل لعبتها، وعندما يعترف الجميع بحقها في امتلاكها، تعود بريئة طيبة مسكينة. ولا بأس من الاعتراف بأخطاء ليست أخطاءها، ولا بأس من تعظيم ذنبها لأجل استرداد الحبيب الذي يمنحها أقلّ مما تستحقه، لكنه يغذّي استحقاق هذه المرأة التي ما زالت من داخلها طفلة تائهة تعيش على إثباتات الآخرين لجودتها وجديّتها، طفولة عاطفية مؤذية جداً وواضحة كالشمس.
بعد إعلان شيرين عبد الوهاب وحسام حبيب عودتهما لبعضهما البعض، بعد أزمتهما قبل الأخيرة التي كان أول أسبابها، كما قيل، إدمان شيرين للمخدرات، من خلال بثّ مباشر حصري للإعلامي عمرو أديب لعقد قرانهما من جديد، وعدت شيرين، وهي تجلس على يمين عمرو أديب هادئة وكأنها في حضرة روحانية، حسام وعمرو والجمهور بأنها ستصبح أكثر هدوءاً وطيبة وعقلانية، وأوضحت أن ما يحدث في حياتها مع حسام هو عين أو سحر! لا أتذكر بالضبط أيٌّ منهما كان مبرّر الأزمة.
شيرين مسكينة، ما زالت صغيرة على الحب. وهنا لا أقصد أن شيرين صغيرة عمرياً على التواجد في علاقة عاطفية، بل أقصد أنها صغيرة من حيث صورتها الذاتية داخل نفسها، صغيرة حقيقتها أمام عينيها، وصغيرة قيمتها في مرآتها
أكد وقتها عمرو أديب على تبريرها ولعب دور المصلح الاجتماعي، حيث نصحها بالاتزان وضرورة حفاظها على أسرار بيتها، أما حسام فكان يجلس على يساره، هادئاً، راضياً، يبتسم ابتسامة الرجل المضحّي، المغلوب على أمره. بعدها أصبح التايم لاين كله يتحدّث عن هذا البثّ بشكل جنوني، فدخلت غرفة بث مباشر على تويتر، حيث باركت الإعلامية اللبنانية نضال الأحمدية عودة شيرين وحسام. وبغض النظر عن أن موقف نضال الذي تبدّل فجأة استوقفني، لأنها كانت قبلها تناشد السلطات المصرية في تصريح واضح أن حسام حبيب هدّدها بعلاقاته، ووصف نفسه بأنه "واصل"، وعليها تجنبه. استوقفني أيضاً رفض نضال، بشكل ناعم، لأي تدخّل يشير إلى أن شيرين تعاني من أزمة نفسية ستجعلها عاجلاً أم آجلاً ضحية حقيقية للحب.
شاركت صحفية، لا أتذكر اسمها، في غرفة البثّ، أن شيرين تذكرها بقصة المغنية التركية بيرغن، التي ظلّت تسامح حبيبها الذي تزوجته وتطلقت منه عدة مرات بسبب أذاه. وكان أشهر أفعاله الإجرامية تجاه بيرغن أنه ألقى على وجهها، أثناء خلاف بينهما، حمض النيتريك، ما تسبب في فقدانها عينها اليمنى، وكل ما فعلته بيرغن وقتها أنها ظلّت تغطي عينها الضائعة بشعرها الطويل. ومع ذلك، استمرّت بالسماح له بالتواصل معها واللقاء بها حتى قتلها. كان رد نضال حسب ما أتذكر، أنها تبالغ جداً وتفكر بشكل سلبي محبط.
لا أعلم لماذا نحن حتى اليوم نبسّط ونبرّر الأمور كلها في الحب، ولا نتوقع إلا أفضل السيناريوهات حتى وإن كان الواقع لا يبشّر إلا بما هو سيء. انتظرت طويلاً في هذا البثّ دوري لأخبر الأستاذة الأحمدية والزملاء الصحفيين والمستمعين برأيي الصغير المختصر. رأي لا يدين شيرين عبد الوهاب ولا حسام حبيب، بل يديننا جميعاً، وهو تجاهل التفكير المنطقي في المعطيات، وصبغ الحب بالقدسية، ودعم استمراره حتى وهو يبلغ أقصى مراحل تشوّهه.
فلو كان حسام رجلاً ناضجاً عاطفياً ومتزناً نفسياً، وضحية شريفة لجنون الحب كما وصف، لكان ببساطة أخذ بيد شيرين وجعلها ترى نفسها بشكل جيد لتصبح السيدة الأفضل التي يتمنى لو كانت. كان سيدعمها بشكل منصف وحقيقي، ويقبلها إذا كان قادراً على التعايش مع عيوبها، أو يتركها دون أذى إذا كان لا يحتمله، أو اكتشف أن قدرته أقلّ من استيعاب اضطرابات واحتياجات شيرين.
ولو كانت شيرين قادرة على حب نفسها وإدراك قيمتها، التي يبدو أنها آخر من يستطيع رؤيتها، لكانت أكثر هدوءاً واتزاناً في خلافاتها العاطفية. لكانت تركت حسام أو غيره بهدوء، أو استمرّت، إذا كانت الخلافات ضمن نطاق استطاعتها لمجاراتها وتصحيحها واحتوائها، أو فضّلت العيش وحيدة بكل مرارة الوحدة، بدل ما يلحق بنفسيتها وسمعتها تحت مسمّى الحب وضرورة الشراكة.
شيرين تشبه من يلومها
لا تُذكر قضية اضطراب زواج شيرين في مجلس إلا وقال الجميع: هي مخطئة، لماذا لا تهجره ببساطة؟ فهي امرأة غنية، لا تحتاج إلى تحمّل أذاه لتجد مأوى لها ولابنتيها، ومصروفاً يوفر حياة كريمة لهما، وهذا، منطقياً، حقيقي. ولكن هناك أشخاصٌ ظروفهم أقل من ظروف شيرين ويتخلون عن العلاقة إذا أصبح الأذى جزءاً من استمرارها، وهناك أشخاصٌ ظروفهم مثل ظروف شيرين، أو أفضل، ولا يستطيعون الانسحاب أو التخلي. الأزمة الكبرى تكمن في تشوّه رؤيتنا للحب، في تفاوت نضجنا العاطفي، في خلل ثقتنا في قدراتنا وأنفسنا، وليس في الظروف، وإن كان للظروف دور أساسي لا يمكن تجاهله.
الكثير من المشاهير والمثقفين والأثرياء، رجالاً ونساءً، كانوا وما زالوا ضحايا لأنفسهم في الحب، وأكثر من نصف من يلومون شيرين هم مثلها وربما أكثر، فالبشر لا يتعقلون إلا في جنون الآخرين، وهذا أمر طبيعي. ولكن الشيء المؤكد هو أن هناك محركاً وجدانياً داخلنا يرفض بقاء شيرين في هذا الموقف، لأن هذا الموقف ببساطة يثير الهلع حتى لو بشكل غير مباشر، فهو يؤكد أنه لا نجاة في الحياة إلا بشراكة مع حبيب، ويؤكد أن الشهرة والنجاح والثراء والأمومة قد لا تحمي من الوحدة والاضطرار إلى احتمال الأذى لتجنبها، كما يؤكد أننا إذا ضعفنا وضحينا أمام أحبائنا ومن أجلهم، وتغافلنا عن أنفسنا، قد نسحق إلى الأبد.
حبيبتي شيرين: تذكري دائماً أن كل الجروح لها دواء، لهذا نريدك جميعاً أن تعودي بروحك، بخفّتك القديمة، لتخبري "حسام"، ومن مثله، بكل صدق وتحدّ للحياة: "ده أنا بيك من غيرك مش فارقة، قدامك أهو لسه بغني"
حبيبتي شيرين:
أريد أن أكتب "حبيبتي" لا "عزيزتي" حتى يصبح خطابي ودياً. أنا أحبك، أحبك بشكل حقيقي. أحب مسلسل "طريقي"، وأحب آخر مشهد فيه وأنتِ تغنين بكبرياء "لسه في الأيام أمل مستنيينه". هذا المشهد يجبرني على احترام إصرارك ومشوارك، حتى لو كان مشهداً تمثيلياً. أحب صدق قلبك وصوتك الذي يعبر عن حبك بـ "الكلام لو كان يعبر على الحنان، كنت قولت إنّي بحبك من زمان". هذا المقطع يذبحني وجدانياً، ويجعلني مجنونة بمن أحب. وبرغم جنوني به، تركت الحب يا شيرين من أجل نفسي وكرامتي، وسأظل أتركه كلما فكر في تحطيمي.
شيرين، أحب أن أذكّرك بأملك العذب لكل المحبطين، وصوتك يؤكد لنا بأن "في عشق بينسينا العشق اللي عشقناه"، وأحب أن أذكرك أيضاً بثورتك على المشاعر التي تجعل كل شيء ينقصه شيء في غياب الحبيب بـ "يادي يادي يادي المشاعر"، حتى تتحرّري من سطوتها عليك، وأتمنى أن تتخلي عن جَلْد روحك، ولا تغنّي، حتى بينك وين نفسك: "جرح تاني! هو قلبي لسه طاب من جرحه الأولاني".
حبيبتنا، تذكري دائماً أن كل الجروح لها دواء، لهذا نريدك جميعاً أن تعودي بروحك، بخفّتك القديمة، لتخبري "حسام"، ومن مثله، بكل صدق وتحدّ للحياة: "وايه يعني غرامك ودعني، إيه يعني فارقني ولا ارجعلي، ليه فاكر إن الدنيا في بعدك مفيهاش لا قبلك ولا بعدك، ده أنا بيك من غيرك مش فارقة، قدامك أهو لسه بغني". غنّي يا شيرين، وعودي لنفسك، وتذكري ابتهالات قلبك، فأنت صاحبة دعوة أن "لسه العمر بيصالح سنينه".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...