في الفيلم الرومانسي The Notebook، تصل العلاقة بين البطلين إلى ذروتها في لحظة ساحرة تحت المطر، عندما تتلاقى شفاههما في قبلة تعبّر عن الحب والشوق الذي طال انتظاره. هذه اللحظة، التي تمثّل بدايةً جديدةً بعد سنوات من الفراق، تعكس كيف يمكن للقبلة أن تكون أكثر من مجرّد فعل جسديّ؛ إنّها تجسيد للحبّ والرغبة والتواصل العميق.
لا شك أن العلاقات العاطفية تقوم على العديد من العوامل التي تعزّز الترابط والانسجام بين الشريكين، ومن أبرزها التقبيل الذي يُعدّ أحد أكثر الأفعال تعبيراً عن الحبّ والحميمية، كما أن القبلة هي وسيلة قوية لبناء وتعزيز الروابط العاطفية والنفسية بين الطرفين. ومع ذلك، قد تتعرّض اللحظات الرومانسية في أثناء التقبيل لبعض التحديات والأخطاء التي قد تُفسد تلك اللحظات الجميلة.
أهمية التقبيل في العلاقة العاطفية
في حديثها إلى رصيف22، توضح المعالجة النفسية العيادية راشيل كيروز، أن الدراسات العلمية أثبتت أن التقبيل مرتبط بالشعور بالحميمية، كما أّنه يُعدّ وسيلةً لتقييم نوعية الشركاء المحتملين والحفاظ على روابط العلاقة وزيادة الإثارة الجنسية، ما يجعل التقبيل من أكثر الطرائق التي تعبّر عن الحبّ.
"في البداية، لم أقل له شيئاً ولكنّني لاحظتُ أن هذا الأمر يتكرّر مراراً. لذلك، في إحدى المرّات صارحته بطريقة مهذّبة بأن رائحة فمه تزعجني أحياناً، فاحترم رأيي ووعدني بأن يجد حلّاً لذلك... وهذا ما فعله حقاً"
بدوره، تحدّث الدكتور في علم نفس الشخصية الإجتماعية كيفين بينيت، لموقع سيكولوجي توداي، عن فوائد التقبيل في العلاقة العاطفية، وفنّدها على الشكل التالي:
• الحدّ من التوتر: يؤدّي التقبيل إلى إطلاق هرمون الأوكسيتوسين، والذي يُشار إليه غالباً باسم "هرمون الحبّ"، مما يساعد على تقليل التوتر وتعزيز مشاعر الارتباط. قبلة عاطفية بعد يوم طويل يمكن أن تُخفي التوتر والقلق بشكل فعّال.
• تعزيز جهاز المناعة: التقبيل يمكن أن يعزّز جهاز المناعة لديكم/ نّ، بحيث أنّكم/ نّ تتعرّضون/ ن لمختلف الجراثيم ومسبّبات الأمراض. يمكن أن يساعد هذا على بناء الأجسام المضادة، ممّا يجعلكم/ نّ أكثر قدرةً على مقاومة المرض.
• تحسين المزاج: تبادل القبل يحفّز على إطلاق الدوبامين، وهو ناقل عصبيّ مرتبط بالمتعة، يمكن أن يحسّن حالتكم/ نّ المزاجية ويجعلكم/ نّ تشعرون/ ن بالسعادة.
• تعزيز الاتّصال: بجانب الفوائد الفيزيولوجية، يُعدّ التقبيل من أشكال التواصل غير اللفظي، حيث ينقل الرغبة والمودّة والاتّصال العاطفي. ويمكن للقبلة في الوقت المناسب أن تكون أبلغ من الكلمات.
أخطاء عند التقبيل
تشرح الكاتبة كريستين سالاكي، في موقع Business Insider، أنّ هناك بعض الأخطاء التي قد تحصل عند التقبيل وتُفسد اللحظات الرومانسية مثل:
• التحدّث عشوائياً عند التقبيل.
• رائحة النفس الكريهة.
• التحديق المباشر في العيون.
• التفكير في الخطوة التالية عند التقبيل.
• إخراج الكثير من اللعاب.
• تصادم الأسنان في أثناء التقبيل.
تعليقاً على هذه النقطة، تشير راشيل كيروز، إلى أن تجربة التقبيل تختلف من شخص إلى آخر، ولكن "تبيّن أن من بين الأمور التي قد تؤثّر سلباً على هذه التجربة، عدم تواجد الشريك في لحظة التقبيل Not being present in the moment، أو عدم الاهتمام بإشارات التواصل غير اللفظي لدى الشريك في أثناء التقبيل".
تتابع كيروز: "يمكن للشريكين التعامل مع اللحظات الحرجة التي قد تحدث في أثناء التقبيل، بأن يضحكا معاً".
واللافت أن رائحة النفس الكريهة قد تفسد اللحظات الرومانسية بالنسبة للعديد من العشاق، بحيث تكشف رانيا (اسم مستعار)، بأنّها كلّما مارست العلاقة الحميمية مع زوجها وفي أثناء تبادلهما القبل، تنزعم من رائحة فمه السيئةً: "في البداية، لم أقل له شيئاً ولكنّني لاحظتُ أن هذا الأمر يتكرّر مراراً. لذلك، في إحدى المرّات صارحته بطريقة مهذّبة بأن رائحة فمه تزعجني أحياناً، فاحترم رأيي ووعدني بأن يجد حلّاً لذلك... وهذا ما فعله حقاً".
والأمر نفسه قد ينطبق على كثرة الكلام في أثناء اللحظات الرومانسية، وهو ما تعاني منه سالي (اسم مستعار)، التي تنزعج من كثرة التحدّث في أثناء التقبيل، فتقول لرصيف22: "كتير بشع إنّو يكون حدا عم ببوسك ويكون عم يحكي بنفس الوقت حتى لو كان عم يتغزّل. صراحةً ما كنت حسّ باللحظة أو الحميمية، كان في شي حسّو ناقص... الإحساس والمشاعر ناقصين".
وتضيف: "علاقتي الحميمية مع زوجي تأثّرت بشكل كبير لأنّني لم أعد أستمتع بقبلاته ولمساته، فكثرة الكلام في أثناء اللحظات الرومانسية تُخرّب المتعة. أمّا بالنسبة إلى علاقتي معه بشكل عام، فلا يمكن أن أقول إنّها فسدت، ولكنّها لم تعد كالسابق".
خطوات لتحسين اللحظات الرومانسية عند التقبيل
يساعد التقبيل المنتظم في الحفاظ على الروابط العاطفية وتعزيزها، والتي تعدّ ضروريةً لعلاقة صحية. لذلك، عدم التقبيل بطريقة حميمية وصحيحة، قد يُفسد العلاقة مع مرور الوقت.
تشير الأبحاث إلى أن الأزواج الذين يقبّلون بعضهم البعض بشكل متكرّر من دون إفساد اللحظات الرومانسية، يميلون إلى الإبلاغ عن مستويات أعلى من الرضا عن العلاقة، وفي بحث عن العلاقات أجراه المعالج النفسي جون غوتمان، تبيّن أن 6 ثوانٍ هي مدّة القبلة التي يمكن أن تخلق اتصالاً مع الشريك/ ة، وتساعد في رؤية الطرف الآخر من منظور إيجابي والتركيز على الأشياء التي يقدّرها كلّ شخص بشأن الطرف الآخر بدلاً من الأشياء التي تزعجه.
"علاقتي الحميمية مع زوجي تأثّرت بشكل كبير لأنّني لم أعد أستمتع بقبلاته ولمساته، فكثرة الكلام في أثناء اللحظات الرومانسية تُخرّب المتعة"
من هنا، تركز راشيل كيروز على ضرورة تواجد الطرفين في اللحظة الرومانسية من دون التفكير في الخطوة التالية أو في أشياء أخرى تشتتهما، كاشفةً أن جلسات التأمّل والتنفّس قد تساعد في تحسين اللحظات الرومانسية عند التقبيل، "ولكن هذا يعود بحسب رغبة وتفضيلات كلّ شخص"، على حدّ قولها.
باختصار، على الرغم من أن التقبيل يلعب دوراً مهمّاً في الحفاظ على الرومانسية والارتباط العاطفي بين الشريكين، إلّا أن بعض الهفوات التي قد تحدث في أثناء التقبيل لا تعني بالضرورة نهاية العلاقة، ولكن تبقى القدرة على التواصل المفتوح والتفاهم بين الشريكين هي المفتاح لتجاوز هذه اللحظات المحرجة وتحسين التجربة مع مرور الوقت.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...