يقطن كريم عمر في الدور الأخير في أحد مباني منطقة المعادي الجديدة التابعة لمحافظة القاهرة، واعتاد حرارة الطقس خلال فصل الصيف معتمداً مع أسرته على مراوح السقف، لكن فصل الصيف هذا العام في مصر جاء مختلفاً مع حدوث موجات شديدة الحرارة في مختلف أرجاء البلاد منذ أيار/ مايو، مما جعل من الصعب الاعتماد على المراوح في درجات حرارة تخطت الأربعين مئوية.
"بعد عملية بحث مطولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لجأت إلى الوسيلة الأرخص في التنفيذ"، يقول عمر لرصيف22، شارحاً أنه توجه لعمل طبقة عزل على سطح منزله، بالاعتماد على شبك تظليل الصوب الزراعية، نظراً لانخفاض سعره وإمكانية تنفيذه وفق قدرته المادية، ويضيف: "ليس في مقدوري شراء مكيفات الهواء".
كثرت الأسئلة على صفحات ومجموعات مواقع التواصل عن حلول يمكن اللجوء إليها لمعالجة مشكلة الحر.
ويشرح آلية تنفيذ العزل: "تختلف كثافة الشبك حسب نسب التظليل، فمنها ما نسبته 63% وهو الأرخص فيبلغ سعر المتر المربع 10 جنيهات (ما يعادل 0.21 دولاراً)، أما سعر المتر من شبك العزل بنسبة تظليل 75% فيبلغ 15 جنيهاً (0.31 دولاراً)، لذلك اعتمدت على الأول لأن مساحة السطح عندي تبلغ 100 متر مربع، فكانت التكلفة الكلية نحو 20 دولاراً". ولا يتجاوز متوسط الراتب الشهري في مصر 250 دولاراً.
وعن خطوات تنفيذ شبك التظليل فوق سطح منزله يحكي عمر: "يجب رفع أعمدة فوق سور المنزل وربط الشباك بأسلاك رفع من الصلب على الأعمدة، وهي كانت الأعلى في التكلفة". لكن الأمر كان يستحق كما يقول، فبعد عمل التظليل بالشبك لمس المتحدث فرقاً بنسبة كبيرة: "كأني لم أعد من سكان الدور الأخير الذين يشعرون بكامل حرارة فصل الصيف".
وعن عيوب هذه الطريقة يقول إنها تحتاج إلى صيانة دورية، خاصة أن عمرها الافتراضي من 3 إلى 5 سنوات وفق عمليات بحثه، وإن اشتد الهواء فقد تُقطع الأسلاك التي تثبت الشبك أو يطير الشبك عن الأعمدة، ولذلك يفحصها بشكل شبه يومي للتأكد من أن كل شيء سليم.
صيف غير مسبوق
وقد شهدت مصر منذ أيار/ مايو الماضي موجات "لاهبة" وصلت فيها درجات الحرارة لأكثر من 40 درجة مئوية في مختلف أرجاء البلاد، بل وصلت في بعض المحافظات لأكثر من 45 درجة، وهو أمر غير معتاد في مثل هذا الوقت من السنة، فبدا للمصريين وكأن الصيف بدأ قبل موعده الرسمي في 21 حزيران/ يونيو.
وما زاد من لهيب الصيف خطة الحكومة المصرية لتخفيف الأحمال الكهربائية بسبب نقص كميات الوقود والغاز الطبيعي، والتي بدأت منذ بداية العام الجاري، عن طريق قطع الكهرباء في مختلف المناطق السكنية لأكثر من ساعتين يومياً، مع إعلان جدول زمني لساعات القطع في كل منطقة.
وتسبب هذا بشعور المصريين بوطأة حرارة فصل الصيف، على عكس الأعوام الماضية، الأمر الذي دفعهم لإيجاد حلول بديلة يمكن بها التكيف مع حالة الجو، من دون أن تكون مكلفة مادياً، أو تعتمد في تنفيذها على الكهرباء غير المتوفرة بشكل كامل، وكثرت الأسئلة على مختلف صفحات ومجموعات مواقع التواصل عن حلول يمكن اللجوء إليها لمعالجة مشكلة الحر، خاصة في الأدوار السكنية الأخيرة.
عزل حراري بألواح "الفوم"
من هنا جاء قرار ليل جمال وزوجها في عمل عزل حراري عن طريق ألواح الفوم لمنزلهم في منطقة المحلة الكبرى، وتقول لرصيف22: "المراوح كانت توزع هواء ساخناً لم نتحمله بأي شكل، وليست لدينا قدرة مادية لشراء مكيفات هواء لكل غرفة".
من هنا سعت العائلة للبحث عن حل آمن وبديل يمكن به إنشاء عزل حراري لسطح المنزل، يقيهم حر فصل الصيف ودرجات الحرارة المرتفعة، وتضيف: "اقترح أخو زوجي وهو مهندس، أن نعزل السطح عن طريق طبقات ألواح الفوم".
وتشرح الطريقة: "يتطلب الأمر إزالة البلاط الموجود ثم تنظيفه بشكل جيد ثم العزل بمادة البتومين البارد اللاصقة. بعد ذلك تلصق ألواح الفوم بارتفاع 7.5 سنتيمترات على السطح كاملاً، ثم توضع طبقة من الرمل والاسمنت بكمية بسيطة، ثم التبليط بكسر سيراميك أو بلاط بميل في اتجاه أماكن الصرف في السطح".
وعن نجاح تجربة العزل بألواح الفوم التي تختلف في الارتفاع والسمك تؤكد ليلى: "شكّل هذا العزل فرقاً بنسبة 70%، لأن الجدران ما زالت غير معزولة، إلا أن الاعتماد على المروحة فقط في الترطيب بات كافياً إلى حد كبير".
اعتمدت عائلة سالي على الخوص أو جريد النخيل لعزل سطح المنزل، من خلال نصب أعمدة فوق السطح في كافة الأركان، ثم فرش الجريد وربطه ليشبه الحصير، ليمنع بذلك وصول الشمس لسطح المنزل، وتقول إن هذا الحل ساهم بخفض درجات الحرارة بنسبة معقولة في المنزل
أما بالنسبة للتكلفة التي تكبدتها العائلة فتوضح ليلى بأنها تختلف وفق سعر المتر لكل لوح وارتفاعه، وكذلك الحال بالنسبة لكل مادة استخدمت في عملية العزل، "إلا أنه لم يكلفني المبالغ التي كنت سأحتاجها لشراء مكيف واحد على الأقل"، تضيف.
العزل الأفقي والرأسي للمنازل
ضمن هذا السياق يقول خبير الاقتصاد المعماري وأستاذ التخطيط العمراني الدكتور سيف فراج: "في طقس مصر الحالي يجب الاعتماد على عزل الأماكن الأفقية وهي الأسطح، والأماكن الرأسية وهي الجدران الخارجية. يفضل عزل الأسطح بألواح الفوم الذي كلما كانت كثافته أعلى وسمكه أكبر كلما كان عازلاً أفضل، مع ضرورة تغطيته بالرمال بسمك لا يقل عن 5 سنتيمترات، لأنه سريع الاشتعال ويمكن أن يتأثر بحرارة الشمس، لذلك يجب الحذر عند الاعتماد عليه".
ويوضح فراج في حديثه لرصيف22 بأن هناك طرقاً مختلفة للعزل الحراري للأسطح إلى جانب ألواح الفوم، ومنها الدهان المطاطي أكريل فليكس، إلا أنه أيضاً مادة سريعة الاشتعال، لذلك يجب على من يلجأ له أن يضع فوقه طبقة عازلة حتى لا يتسبب في حدوث الحرائق.
وتشير دراسات إلى أن العزل بألواح الفوم فعال في مقاومة درجات الحرارة المرتفعة، كما أنه يخفض من تكاليف استخدام الطاقة ويساهم في الحفاظ على البيئة.
دهانات وأوراق النخيل
يعمل محمد الشنشن في مجال الدهانات، ومؤخراً نفذ العديد من عمليات العزل الحراري باستخدام مادة فليكس 200 العازلة للحرارة والمياه، ويعتبرها من أفضل أنواع العزل الحراري، ويقول لرصيف22: "بات الطلب عليه من المواطنين كبيراً في الفترة الأخيرة نظراً لتوافره وانخفاض سعره، وهو دهان عالي الجودة معد خصيصاً للتشطيبات الخارجية والداخلية وللظروف الجوية القاسية".
يشير الشنشن إلى أن الدهان بمادة فليكس 200 غير مكلف، فيبلغ سعر عبوة حجمها 15 كيلوغراماً 1200 جنيه (25 دولاراً)، يكفي الكيلوغرام الواحد لدهن 1.5 متر مربع، ويشرح: "يتم الدهان به بعد غلق الفواصل الموجودة في الأسطح، وتنظيفها بشكل كامل، وعمل عوازل بمواد اسمنتية ومضادة للمياه والرطوبة لملء الفراغات وتسوية الأرض".
بعد عملية بحث مطولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لجأت إلى الوسيلة الأرخص في التنفيذ، فتوجهت لعمل طبقة عزل على سطح منزلي، بالاعتماد على شبك تظليل الصوب الزراعية، نظراً لانخفاض سعره وإمكانية تنفيذه وفق قدرتي المادية
بدورها، اعتمدت عائلة سالي محمد المقيمة في منطقة أجا التابعة لمحافظة الدقهلية على الخوص أو جريد النخيل لعزل سطح المنزل، من خلال نصب أعمدة فوق السطح في كافة الأركان، ثم فرش الجريد وربطه ليشبه الحصير، ليمنع بذلك وصول الشمس لسطح المنزل.
تقول سالي إن هذا الحل ساهم بخفض درجات الحرارة بنسبة معقولة في المنزل، وعدم الإحساس بحالة الطقس مثلما كان الحال قبل وضع هذا العازل، وتشير إلى أن تكلفته ليست مرتفعة، ويراوح سعر الحصيرة الواحدة ما بين 100 جنيه إلى 150 جنيهاً (ما بين دولارين وثلاثة دولارات ونصف)، وتكون أبعادها مترين بمترين.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
HA NA -
منذ يومينمع الأسف
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ أسبوعحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ أسبوععظيم