شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
هل العلاقة الجنسية سرّ الاستقرار الزوجي؟

هل العلاقة الجنسية سرّ الاستقرار الزوجي؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والحريات الشخصية

الجمعة 19 يوليو 202409:50 ص

قبل أيام، كنت أشاهد فيلم "النعامة والطاووس"، الذي يركّز على أهمية الاستقرار الجنسي بين الزوجين.

والواقع أن التناغم الجنسي في العلاقة قد يقود إما إلى الاستقرار في الحياة الزوجية أو إلى الفشل وافتعال المشكلات حتى وإن لم تكن هناك مشكلات حقيقية على أرض الواقع بين كلا الطرفين.

التوافق الجنسي لاستمرار الزواج

يشدد العديد من الأطباء على أن استمرارية العلاقة بين الطرفين تقوم على التوافق الجنسي بينهما، وهو ما يذكره الدكتور فادي سعادة، استشاري المشاكل الزوجية، من خلال حوار معه في أحد البرامج التلفزيونية، حيث يقول إن التوافق الجنسي بين الشريكين أساس استمرارية العلاقة الجنسية بينهما، وهذا التوافق يقوم على أمور عدة أهمها مصارحة كل شخص للآخر برغباته ونقاط سعادته.

كما تؤكد دراسة أجرتها كلية التمريض والتوليد في جامعة شهيد بهشتي في إيران، وشملت 502 رجلاً وامرأةً، أن التوافق الجنسي هو أحد أبعاد الرفاهية في استمرارية الحياة بين الزوجين، وقد ينتهي عدم التوافق الجنسي بين الطرفين إلى الطلاق، مشيرةً إلى أن النساء ذوات الدرجات الأعلى في التوافق الجنسي أقلّ عرضةً للاكتئاب.

يتّهمني بالفجور

بالرغم من أهمية التقارب الجسدي والجنسي بين الزوجين، إلا أن عدداً من النساء يستسلمن للأمر الواقع، ويرين أن مصارحة الشريك بعدم التناغم الجنسي معه تُعدّ جرحاً كبيراً لكبريائه، بينما تخشى بعض السيدات من أن يتهمهنّ أزواجهنّ "بالفجور".

تقول لبنى السيد (اسم مستعار)، لرصيف22: "كنت متزوجةً قبل ثلاثة أعوام بعد حب استمر خمس سنوات، ولكنني انفصلت عن زوجي وتزوجت مرةً ثانيةً. لم أكن أعلم أي شيء عن أهمية التناغم الجسدي بين الأزواج خلال زيجتي الأولى، لذا لم يكن هناك أي توافق في رغباتنا الجنسية، وحين كنت أصارحه بذلك كان يتهمني بالفجور، عادّاً أن المرأة المتربية يجب أن تكون خجولةً وألا تفصح عن رغباتها الجنسية لأي شخص حتى لو كان زوجها".

وتضيف السيد: "بات يعطيني محاضرات عن حياء المرأة وخجلها، واتهمني بأنني كنت منخرطةً في علاقات جنسية قبل أن أتزوجه، وبات ينعتني بأبشع الكلمات، فقبلت بالواقع وبرغم أنه لم يكن يعاني من أي ضعف جنسي لكن لم يكن بيننا تناغم ولم يهتمّ برغباتي".

وتتابع: "للأسف، هذا الأمر كان له تأثير سلبي للغاية، فقد كنت أكثر عصبيةً وباتت الحياة الزوجية بيننا أشبه بالجحيم، وكنا نفتعل المشكلات على أتفه الأسباب، بعكس زيجتي الثانية حيث هناك تناغم كبير بيننا في العلاقة الجنسية، وكل منّا يسعى إلى معرفة رغبات الآخر وإشباعها بصورة مرضية".

"بات يعطيني محاضرات عن حياء المرأة وخجلها، واتهمني بأنني كنت منخرطةً في علاقات جنسية قبل أن أتزوجه، وبات ينعتني بأبشع الكلمات، فقبلت بالواقع وبرغم أنه لم يكن يعاني من أي ضعف جنسي لكن لم يكن بيننا تناغم ولم يهتمّ برغباتي"

بدورها، تقول باكينام (اسم مستعار)، وهي متزوجة منذ خمسة أعوام: "التناغم الجنسي ركن مهم جداً في السعادة الزوجية بشكل عام، فقد كانت الحياة بيني وبين زوجي مستقرةً للغاية برغم أنني لم أخض أي تجربة قبل الزواج، ولكنني كنت أسعى دوماً إلى تعلّم كل شيء من أجله، وهو ما كان يسعده كثيراً، خاصةً أن زوجي رجل منفتح وذو عقلية ناضجة. كان يسعد كثيراً كلما فاجأته بأي شيء جديد في أثناء العلاقة".

وتضيف لرصيف22: "لكن بعد أن أنجبت طفلتي الثانية، التي تفصل بينها وبين طفلتي الأولى سنة واحدة، أصبحت منشغلةً للغاية بالاعتناء بالطفلتين، وأعترف بأنني أهملت زوجي لفترة طويلة حتى في أثناء العلاقة الجنسية، وحين كان يتهمني بالتقصير في حقه كنت أتهمه بالأنانية وعدم تقدير تعبي، وازدادت الخلافات بيننا بصورة كبيرة إلى أن قررت تخصيص بعض الوقت لعلاقتنا، فتجددت حياتنا وعاد الشغف بيننا من جديد".

من جهتها، تخبر سارة (42 عاماً)، أنها متزوجة منذ عشرة أعوام، وبرغم أن زوجها في الظاهر شخص "مثالي" لجهة تأمين مصاريف المنزل وتربية الأبناء، ولكن هناك خلافات بينهما حتى على أبسط الأمور: "في الحقيقة، أنا لم أجد متعتي الجسدية معه طوال الزواج والسبب في ذلك هو عدم اقتناعي بشكله وبمواصفاته الجسدية، والتي تغاضيت عنها على اعتبار أنها ليست كل شيء في الزواج، ولكن للأسف لم أجد متعتي معه في أثناء ممارسة العلاقة الزوجية، وأعتقد أنه يعاني من المسألة نفسها، برغم أن لا أحد منّا يصرّح للآخر، ولكن ذلك يظهر من خلال انعدام اللهفة بيننا وعدم رغبة كل منا في الاقتراب من الآخر حتى لو مرّ وقت طويل دون ممارسة العلاقة الزوجية".

وتضيف سارة: "الحياة أخذت منحى الشكل الاجتماعي الظاهري، ولم أعد أفكر في السعادة الجنسية بل أصبحت العلاقة الجنسية بيننا مثل المأكل والملبس أو أي شيء روتيني يحدث من باب الواجب لا من باب المتعة، ما يزيد الفجوة بيننا أكثر".

وتتابع: "أكثر من مرة فكرت في أن أصارحه، ولكن في كل مرة كنت أتراجع حتى لا أتسبب في إحراجه أو حتى لا يشك في سلوكي، لذا ارتضيت بالوضع ومرت أعوام عديدة حتى بات زواجنا باهتاً ومجرد شكل اجتماعي ليس أكثر".

الانفصال السريري

تكشف هدى عبد الحليم، وهي أخصائية استشارات زوجية، أن هذه الحالة تُسمّى في علم النفس "الانفصال السريري"، وهي أبعد ما يكون عن الزواج الناجح الذي يقوم على أمور عدة يجب أن تتوافر بين الزوجين، من ضمنها أن يتقبل كل من الطرفين جسد الآخر وأن يشعر كل منهما بالرغبة في التلامس مع الآخر.

وتضيف هدى لرصيف22: "أحياناً تأتيني فتيات مترددات في الموافقة على عريس ما، وأول سؤال أطرحه عليهنّ هو: هل تتقبلن أن يكون هناك تقارب جسدي مع ذلك الرجل أم هناك نفور لمجرد التخيل، والإجابة هنا مهمة وجوهرية، فهناك الكثيرات من الزوجات اللواتي يشعرن بالنفور من أزواجهنّ دون أي سبب".

"كنت أكثر عصبيةً وباتت الحياة الزوجية بيننا أشبه بالجحيم، وكنا نفتعل المشكلات على أتفه الأسباب، بعكس زيجتي الثانية حيث هناك تناغم كبير بيننا في العلاقة الجنسية، وكل منّا يسعى إلى معرفة رغبات الآخر وإشباعها بصورة مرضية"

وتوضح هدى أن طبيعة المرأة تختلف عن طبيعة الرجل، فالمشاعر تلعب دوراً مهماً في حياة الأنثى، في حين تلعب الغريزة الدور الأكبر في حياة الرجل: "يأتيني الكثير من الأزواج الذين ليس بينهم أي خلافات على أرض الواقع، سوى أن الزوجة لا تشعر بالأمان الكافي مع الرجل أو مشاعرها تجاهه ليست كافيةً وتالياً تبدأ مرحلة الفتور في كل شيء حتى في أثناء ممارسة العملية الجنسية، ومن هنا تبدأ المشكلة تنمو لدى الرجل الذي يشعر بأنه مرفوض من زوجته، وتبدأ الخلافات الأسرية بالازدياد".

وتقول هدى: "لا أعني أن الزواج يقوم على أساس الغريزة إطلاقاً، ولكن القبول الجسدي شرط أساسي من شروط الزواج وحين تهتز رغبة أحد الزوجين في الآخر تبدأ الحياة الزوجية ككل بعدم التوافق".

في النهاية، يمكننا القول إن مصارحة الشريكين لبعضهما في كل شيء هو أساس استمرار الحياة بينهما، فخير وسائل العلاج هي التعبير بالكلمات عمّا تحمله النفوس.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

نؤمن بأن للإنسان الحق في التفكير وفي الاختيار، وهو حق منعدم في أحيانٍ كثيرة في بلادنا، حيث يُمارَس القمع سياسياً واجتماعياً، بما في ذلك الإطار العائلي، حيث أكثر الدوائر أماناً، أو هكذا نفترض. هذا الحق هو الخطوة الأولى نحو بناء مجتمعات ديمقراطية، فيها يُحترم الإنسان والآخر، وفيها يتطوّر وينمو بشكل مستمر. لا تكونوا مجرد زوّار عاديين، وانزلوا عن الرصيف معنا، بل قودوا مسيرتنا!/ رحلتنا في إحداث الفرق. اكتبوا قصصكم. أخبرونا بالذي يفوتنا. غيّروا، ولا تتأقلموا.

Website by WhiteBeard
Popup Image