شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
البيئة بعيون الصحافة والمجتمع المدني في المغرب

البيئة بعيون الصحافة والمجتمع المدني في المغرب

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!
Read in English:

Green voices in Moroccan media and civil society

"تغطية المواضيع البيئية ليست مجرد توجه شخصي، بل هي مسؤولية أيضاً. أحاول معالجة هذه القضايا بشكل متعمق بهدف زيادة الوعي حول التحديات التي تواجه كوكبنا"، تقول جهان زيان، وهي صحافية متخصصة بمجال البيئة في المغرب.

تتابع: "تتناول كتاباتي مواضيع من علم البيئة، وكيفية تطبيق ممارسات التنمية المستدامة، وتأثير التغييرات المناخية على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية، وأطمح لأن أحفز القارئ على المساهمة في التغيير من خلال اتخاذ خطوات عملية وسهلة يمكن لأي منا اتباعها، كما أهدف إلى تمكين القراء وإظهار أنه من الممكن تغيير العالم بدءاً من المجتمع، من خلال رفع مستوى الوعي بين الناس حول القضايا الحرجة مثل ندرة المياه والتلوث، وكيفية تأثيرها على المجتمعات المحلية".

الكتابة الصحافية هي الأمثل لتناول القضايا البيئية كي تصل إلى الجمهور العريض.

تشير الصحافية إلى اهتمامها بتسليط الضوء على مرونة المجتمعات المحلية وحلولها المبتكرة، وترى بأنه من خلال عرض الجهود الشعبية لمكافحة التدهور البيئي، يمكن إلهام القراء وإظهار الدعم لهذه المبادرات. وتشرح لرصيف22: "على سبيل المثال، غطيت قصص الصمود في مواجهة الجفاف في قلعة مگونة جنوب شرق المغرب، وكيف يمكن للمشاريع المحلية الصغيرة التي تركز على الطاقة المتجددة أو الممارسات الزراعية المستدامة تغيير المشهد البيئي في المنطقة، والتأثير عليه بشكل إيجابي من وجهة نظر محلية".

وترى أن الصحافة البيئية تواجه عقبات يتطلب اجتيازها المثابرة والالتزام بالحقيقة، للوصول إلى المشاركة المتزايدة من الجمهور، وزيادة المساءلة من صانعي السياسات، لإحداث الفرق المنشود.

وفي ظل التغيرات المناخية التي يشهدها العالم، اليوم، تتكثف جهود المجتمع المدني في المغرب لتوعية الناس بأهمية وضرورة الحفاظ على البيئة، لتتضافر مع وسائل الإعلام من أجل نقل رسالتها وتوعية المجتمع بمخاطر التغير المناخي.

تحديات الصحافة البيئية

"كجميع القضايا الأخرى، دور الصحافة كبير جداً. أرى أن الكتابة الصحافية هي الأمثل لتناول القضايا البيئية كي تصل إلى الجمهور العريض"، يقول الكاتب الصحافي هشام حذيفة، ويضيف: "نلاحظ أن قضية الماء أصبحت متداولة جداً، وأظن أن الصحفيين لديهم مسؤولية كبيرة لتناول القضايا البيئية الأخرى، لأن مستقبل مغاربة الغد مرتبط بشكل كبير بمستقبل البيئة".

ويتابع في حديثه لرصيف22: "بالنسبة لي، مساهمة الصحافيين تكمن في تقديم أداء صحافي متمرس يحترم القواعد الصحفية. نحن، كصحافيين متمرسين في منصة En Tout Lettres، نحاول ربط قضايا البيئة بالقضايا الاجتماعية الأخرى مثل الصحة العمومية، والهجرة، وأنشطة الدخل العام. نحاول أن نبين في كتاباتنا أن البيئة قضية جوهرية ومرتبطة بحياة الناس اليومية. وهذا بالطبع يعني استخدام تقنيات صحفية وأساليب متميزة وإبداعية تشمل السرد القصصي، والفيديو، والبودكاست".

أطمح لأن أحفز القارئ على المساهمة في التغيير من خلال اتخاذ خطوات عملية وسهلة يمكن لأي منا اتباعها، كما أهدف إلى تمكين القراء وإظهار أنه من الممكن تغيير العالم بدءاً من المجتمع، من خلال رفع مستوى الوعي بين الناس حول القضايا الحرجة مثل ندرة المياه والتلوث

ويرى حذيفة أن هناك ثلاثة تحديات كبرى تواجه الصحفيين في الكتابات البيئية، ويقول: "تحديات الصحافة في تناول قضايا البيئة هي تحديات صحفية عامة. أولاً، الولوج إلى المعلومة البيئية، خاصة إذا كانت لها علاقة بقطاعات الدولة التي تعتبرها جوهرية، مثل الفلاحة. أيضاً، عندما نتحدث عن الصحافة الاستقصائية، نتحدث عن موارد مادية، وهذا يعتبر مشكلة، لأن إجراء استقصاء صحفي يتطلب ميزانية، فهو يتطلب السفر، والوقت، والمال."

بالنسبة للتحدي الثالث، يقول: "الاختصاص، الصحافي البيئي يجب أن يقوم ببحث مكثف، وأن يسأل مختصين يقدمون له المعلومات. يجب أن يكون بشكل أو بآخر مختصاً بالبيئة ليقدم قيمة مضافة للقارئ."

كما يؤكد حذيفة أن التعاون بين المجتمع المدني والصحفيين جوهري لتحقيق أساس متين للمعلومة وتمكين الصحفي من الوصول إلى خبايا المواضيع: "في قضايا البيئة، هذا التعاون جوهري جداً، لأن الناشطين في المجتمع المدني يكونون على دراية تامة وعميقة بما يحدث في مناطقهم. يمكنهم إتاحة الفرصة للصحفي للوصول إلى المعلومات التي تمكنه من أداء عمله بشكل كامل. بالطبع، يجب على الصحفي أن يكون جاداً ويهدف لخدمة المصلحة العامة وتقديم الحقيقة".

يختتم: "أعتقد أن البرامج التي تشجع الصحفيين على العمل مع ممثلي المجتمع المدني من البداية تكون ناجحة، لأن الجميع يستفيد. المستفيد الأول هو القارئ والمتلقي والمواطن لأن جودة العمل تكون عالية جداً. ثانياً، الصحفي يستفيد من الوقت والقرب من المعلومة المحلية، مما يمكنه من القيام بعمل جاد ومؤثر. ثالثاً، المجتمع المحلي الجاد يستفيد من وصول قضيته إلى المجتمع، مما يعزز صدى الجمعية ويساهم في تطورها".

المجتمع المدني في خدمة الإعلام البيئي

من جهته يقول غسان وائل القرموني، صحافي وعضو السكرتارية التنفيذية لمنتدى بدائل المغرب والمسؤول الإعلامي في منصة e-joussour المخصصة للصحافيين: "يبقى المجتمع المدني مصدراً أساسياً لوسائل الإعلام بشكل عام، فالمناضلون ونشطاء المجتمع المدني يكونون عادةً على دراية كاملة بالقضايا ويعرفونها جيداً، وبالتالي يكونون المبلغين الأوائل الذين يخبرون وسائل الإعلام، ويلعبون دور الخبراء الذين يساهمون في توجيه الانتباه إلى القضايا المحلية وتقديم التحليلات. على سبيل المثال، عند مناقشة قضايا المياه، غالباً ما يُسأل ناشطو المجتمع المدني الذين لديهم خبرة ميدانية، ويعتمد عليهم الصحفيون كمصدر موثوق في التحليلات والاستنتاجات".

ويؤكد القرموني لرصيف22 أن المجتمع المدني، بفضل وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح يقوم بدور إعلام المواطن: "لدينا مجموعة من الإذاعات المحلية المنتشرة في مناطق مختلفة من المغرب، ومن بين الأمور التي تغطيها هي القضايا البيئية والتغيرات المناخية وعلاقتها بالمجتمع، بالإضافة إلى قضايا معينة مثل قضايا المرأة، البطالة، والهجرة".

وعن عمل المنتدى يوضح: "من الأمور التي نشتغل عليها، قضايا حقوق الإنسان، والمرأة، ومحاربة الأخبار الزائفة، وكذلك القضايا المتعلقة بالبيئة والتغيرات المناخية، والهدف الأساسي الذي نعمل عليه هو التنوع في المشهد الإعلامي، مما يعني أننا ندافع عن إعلام ثالث غير الإعلام الخاص والعام، يشمل صناع المحتوى، والصحافيين المستقلين، وغيرهم، ونركز على تمكين الشباب للإلمام بالمواضيع التي يتحدثون عنها بطريقة شاملة، وكذلك تزويدهم بالأدوات والتقنيات التي تمكنهم من الحفاظ على مستوى عالٍ من الجودة".

أهم قضية اليوم هي كيفية توصيل إلحاح قضية التغيرات المناخية للمواطنين والمسؤولين وأصحاب القرار.

وفيما يتعلق بالقضايا البيئية والتغيرات المناخية، يعمل المنتدى مباشرة مع الجمعيات البيئية، ويقدم لها الدعم خصوصاً في الجانب التقني، كما يبتكر أنشطة لمعالجة المواضيع البيئية حتى بالنسبة للشباب غير المهتم.

ويقدم الخبير بعض النصائح للصحافيين الراغبين في الاستفادة من خبرة المجتمع المدني في تغطية القضايا البيئية: "يجب أن يكون لديهم توثيق دقيق عن الإشكالية التي سيشتغلون عليها، وأن يكونوا على دراية بالموضوع وتفاصيله، من خلال قراءة ما كُتب عن الموضوع، ومن هنا يمكن معرفة الأشخاص الذين يمكن التواصل معهم.كذلك يجب الأخذ في الاعتبار ديناميكية المجتمع المدني. في المغرب، لدينا مجتمع مدني نشيط، ويجب أخذ الوقت الكافي لمعرفة الجمعيات التي تشتغل في المنطقة التي يريد الصحفي العمل عليها، وهذا يسهل العمل خلال عملية التوثيق."

يتابع: "من المهم جداً أن يكون لدى الصحافي حس بالطبيعة وأن يدرك أن الإنسان جزء منها وليس المهيمن عليها. أدعو الصحافيين والصحافيات إلى أن تكون لديهم رؤية نقدية في تعاملهم مع الطبيعة، فلا يمكن أن تغطي قضايا البيئة وأنت بنفسك عدو للبيئة".

علاقة "إستراتيجية"

يعتبر الخبير في البيئة والتنمية المستدامة والتغيرات المناخية، سعيد شكري، أن العلاقة بين المجتمع المدني ووسائل الإعلام علاقة بعيدة المدى. يقول لرصيف22: "المجتمع المدني كان السباق في تسليط الضوء على قضايا البيئة منذ السبعينيات وكذلك قضايا التغير المناخي منذ التسعينيات، ولكن دور الإعلام أيضاً بارز جداً، فساهم بنشر المعلومات البيئية والمناخية على نطاق أوسع. بينما يعمل المجتمع المدني عن كثب مع المواطنين، فإن الإعلام يصل إلى جمهور أكبر ويمتلك وسائل ومنصات تواصل وتتيح التفاعل، مما يجعل التعاون بين المجتمع المدني ووسائل الإعلام أمراً ضرورياً لتحقيق تأثير شامل".

في قضايا البيئة، التعاون بين الصحافة والمجتمع المدني جوهري جداً، لأن الناشطين المدنيين يكونون على دراية تامة وعميقة بما يحدث في مناطقهم، ويمكنهم إتاحة الفرصة للصحفي للوصول إلى المعلومات التي تمكنه من أداء عمله بشكل كامل

وبخصوص كيفية تعاون المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام لتحقيق تأثير أكبر في تغطية قضايا البيئة، يقول: "مسألة التعاون هذه أصبحت ضرورية، لأنه لا يمكننا أن نتحدث عن بعض القضايا البيئية، خاصة التي تهم المواطنين في حياتهم اليومية، دون أن يحاول المجتمع المدني إثارتها والدفاع عنها. لكن الدفاع وحده يبقى محدوداً، لذا يجب أن يكون هناك تعاون لتحقيق تأثير أكبر. عندما يتناول الإعلام هذه القضايا وينشرها، ستصل إلى جمهور أوسع وربما إلى المسؤولين، مما يعزز التعاون ويزيد من القدرة على التأثير. ما ينقص المجتمع المدني هو أن قدرته على التأثير تكون ضعيفة، خاصة إذا كان يعمل محلياً".

ويختم بالقول إن أهم قضية اليوم هي كيفية توصيل إلحاح قضية التغيرات المناخية للمواطنين والمسؤولين وأصحاب القرار: "اليوم، التغيرات المناخية أصبحت موضوعاً يشغل العالم بأسره، لأنها لا تتعلق فقط بارتفاع درجات الحرارة، بل تشمل تأثيرات أخرى، خاصة على صحة الإنسان، واقتصاده، والأمن الغذائي والصحي".

إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ما زلنا في عين العاصفة، والمعركة في أوجها

كيف تقاس العدالة في المجتمعات؟ أبقدرة الأفراد على التعبير عن أنفسهم/ نّ، وعيش حياتهم/ نّ بحريّةٍ مطلقة، والتماس السلامة والأمن من طيف الأذى والعقاب المجحف؟

للأسف، أوضاع حقوق الإنسان اليوم لا تزال متردّيةً في منطقتنا، إذ تُكرّس على مزاج من يعتلي سدّة الحكم. إلّا أنّ الأمر متروك لنا لإحداث فارق، ومراكمة وعينا لحقوقنا.

Website by WhiteBeard