شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!

"رخيصة ومتوفرة"... هل شراء الأدوية الجنسية عبر الإنترنت آمن؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والحريات الشخصية

الجمعة 5 يوليو 202412:23 م


مش ع الهامش

في عالم يتسارع فيه التحول الرقمي، أصبحت ظاهرة الشراء عبر الإنترنت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية. بضغطة زرّ واحدة يمكننا شراء كل ما نحتاجه، من الملابس إلى الأجهزة الإلكترونية. ولكن في الآونة الأخيرة، انتشرت في لبنان صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، تروّج لمنتجات وأدوية ومقويات جنسية يزعم مروّجوها أنها تعزز الرغبة، أو تزيد القدرة على الانتصاب وتكبّر حجم القضيب. فما هي حقيقة هذه المنتجات والأدوية؟ وما مدى فاعليتها؟ وهل هي آمنة للاستخدام؟

رأي التاجر

دلع (اسم مستعار)، سيدة في العقد الرابع من عمرها وصاحبة إحدى الصفحات لبيع منتجات "اللانجيري" على الإنترنت في لبنان، تقول لرصيف22، إنها تعرض منتجاتها عبر الصفحة الخاصة بها على موقع إنستغرام، وتتنوع بين اللانجيري ومنتجات أخرى كالمزلقات الجنسية والواقي الذكري، إلى جانب أعشاب و"أدوية" ومقويات جنسية مختلفة.

وبخصوص مصادر الاستيراد، تقول دلع إن بعض تلك المنتجات أو الأدوية العشبية مثل قطرات "سبانش فلاي" للإثارة، و"جيل" لمعالجة البرود الجنسي وغيرهما من المقويات الجنسية، تصل إلى متجرها الإلكتروني مهرّبةً، وهي مستوردة من بلدان عدة.

"تُعدّ الصين المصدر الرئيسي لهذه المنتجات، والإقبال عليها كثيف، ومن جميع الفئات العمرية، إذ لم تعد الحاجة إلى هذه المنتجات مقتصرةً على كبار السن، بل يقبل عليها الشباب أيضاً، خاصة في ظل الضغوطات اليومية التي يعيشها المواطن في لبنان"، وفقاً لدلع.

وفي حديثها عن مشروعها، تقول دلع: "في مجتمعنا اللبناني، يفضّل الناس شراء هذه المنتجات عبر الإنترنت بدلاً من الذهاب إلى الصيدليات أو المحال، لتجنّب الإحراج". هذا ما دفعها إلى بدء مشروعها عبر الإنترنت، لـ"توفير الراحة والخصوصية للعملاء المهتمين بتحسين حياتهم الجنسية في مختلف المناطق اللبنانية"، حسب تعبيرها. بالإضافة إلى ذلك، وكون الصفحة "أونلاين"، فهي غير محدودة في مكان جغرافي واحد، ما يمكّنها من الوصول إلى زبائن في جميع المناطق ومن مختلف الفئات العمرية والطبقات الاجتماعية.

وحول ما إذا كانت تعرف العواقب القانونية لبيع هذه المنتجات والأعشاب، توضح أن "الأمور في لبنان غير منضبطة، وهناك العديد من المواد التي تصل عن طريق التهريب، فالمسألة تالياً ليست متوقفةً على متجري الإلكتروني".

مش ع الهامش

تدّعي دلع أن "تركيبات هذه الأدوية تحتوي على مواد طبيعية مثل الجينسنغ (عشبة يشاع أنها تعزز القدرة الجنسية)، الموز، العسل، وبعض المواد الأخرى التي تحسّن المزاج، وتخفف التوتر وتعالج البرود الجنسي، وتعزز الطاقة الجنسية". أما الأسعار، فتتراوح بين 10 و30 دولاراً للعلبة الواحدة. على الجانب الآخر، يبيّن موقع الطبي أن "للجينسنغ" مثلاً أعراضاً جانبيةً محتملةً، مثل التغيّرات في الدورة الشهرية. قد يسبب أيضاً في حالات أقل شيوعاً آلاماً في الثدي، وزيادةً في نبضات القلب، وانخفاضاً في ضغط الدم، وإسهالاً، ونزيفاً مهبلياً، وتغيّرات في المزاج، أو فقدان الشهية، وغيرها من الأعراض.

تختم دلع حديثها بأنها "مصدر ثقة لزبائنها بفضل اهتمامها بحياتهم الجنسية الخاصة، سواء كانوا رجالاً أو نساءً"، مع التزامها بالحفاظ على خصوصية وسرّية المعلومات التي يشاركونها، بحسب تعبيرها.

فعّال... ولكن

تحدثت رنا (اسم مستعار، 38 عاماً)، وهي أم لثلاثة أطفال، عن تجربتها بعد ولادات طبيعية عدة، وكيف أثرت الأخيرة على حياتها الجنسية. تقول لرصيف22: "بعد الولادات الطبيعية، بدأت أشعر بأن المتعة في أثناء العلاقة الحميمة لم تعد كما كانت من قبل بالنسبة لي، حتى إن زوجي لاحظ أن مهبلي لم يعد ضيّقاً كما كان". شعرت رنا بالحرج من مناقشة هذا الموضوع مع الآخرين، حتى إنها شاركت مخاوفها مع صديقتها الوحيدة التي نصحتها باستخدام "تحاميل تضييق" تباع في محال اللانجيري.

"تُعدّ الصين المصدر الرئيسي لهذه المنتجات، والإقبال عليها كثيف، ومن جميع الفئات العمرية، إذ لم تعد الحاجة إلى هذه المنتجات مقتصرةً على كبار السن، بل يقبل عليها الشباب أيضاً، خاصة في ظل الضغوطات اليومية التي يعيشها المواطن في لبنان

تصف رنا شعورها بالتحسن وزيادة المتعة بعد استخدام هذه التحاميل، ولكن، بعد فترة وجيزة، بدأت تعاني من أعراض حكّة وتهيّج واحمرار وحرقة. على إثر هذه الأعراض، قررت زيارة طبيبها النسائي، الذي أخبرها بأنها تعاني من التهابات حادة.

في سياق مشابه، يروي إياد (اسم مستعار)، وهو في العقد الرابع من عمره، تجربته مع تناول عقاقير عشبية اشتراها من أحد محال بيع اللانجيري واللوازم الجنسية في بيروت، بالقرب من مسكنه، لمعالجة مشكلة الضعف الجنسي لديه. يقول إياد لرصيف22: "تحسنت مشكلة الانتصاب لدي، ولكن بعد فترة بدأت أعاني من ارتفاع في نسبة الزلال في الدم دون معرفة السبب". بعد فحوصات طبية مكثفة، تبيّن أن هذه العقاقير كانت السبب في تأثير سلبي على عمل الكليتين لديه. تسلّط تجربة إياد الضوء على المخاطر المحتملة لاستخدام العقاقير العشبية دون استشارة طبية، حتى لو كانت تُسوَّق على أنها طبيعية وآمنة.

"الأشخاص الذين يعانون من مشكلات في القلب معرّضون لخطر متزايد من الآثار الجانبية على الصحة القلبية والأوعية الدموية، ويصبحون أكثر عرضةً للنوبات القلبية، السكتة الدماغية، آلام في الصدر، ارتفاع ضغط الدم، وضربات القلب غير الطبيعية. وتذكر أسعد، أيضاً، الآثار الجانبية الأخرى مثل الصداع، احمرار الوجه، عسر الهضم، والدوخة".

إقبال جيّد

في نظرة سريعة على صفحات عدة تبيع هذه المواد على مواقع التواصل الاجتماعي، نجد أن هذه المحال تتمتع بقاعدة متابعين كبيرة تتجاوز 10 آلاف متابع. فمثلاً، هناك صفحة تحتوي على 14.5 آلاف متابع، وأخرى تضم 18.9 آلاف متابع. يُظهر هذا الإقبال الكبير اهتماماً واسعاً بين الناس بهذه المنتجات. إحدى الميزات التي تجذب العملاء هي خدمة التوصيل السريعة التي تضمن وصول المنتجات في اليوم نفسه. ومع ذلك، على الرغم من الأعداد الكبيرة للمتابعين، فإن التفاعل مع المحتوى المنشور على هذه الصفحات ضئيل للغاية. يتجنب الكثير من الزبائن التفاعل أو التعليق خشية كشف هويتهم.

الرأي الطبي

وفقاً للأطباء، يجب توخي الحذر والتأكد من فعالية وسلامة المنتجات التي يستخدمها المستهلك لعلاج مشكلاته الصحية، حيث يمكن أن تكون لهذه العقاقير تأثيرات جانبية خطيرة وغير متوقعة على الصحة العامة.

في هذا السياق، يؤكد الدكتور عباس خضرا، الاختصاصي في طب الذكورة والصحة الجنسية، المخاطر الكبيرة المرتبطة باستخدام المنتجات غير المسجلة التي تُباع في المحال. يقول لرصيف22:"نحن كأطباء نخاف من هذه المنتجات؛ لأنها غير مسجلة ومعظمها يدخل البلاد تهريباً وتركيبتها تكون غير واضحة، إذ لا يمكننا معرفة المواد الموجودة فيها، والتي قد تسبب للمريض حساسيةً". ويضيف: "تحتوي هذه الأدوية غالباً على كميات كبيرة من الفياغرا، ما قد يسبب مشكلات في ضغط الدم".

ويشير الدكتور خضرا إلى أن هذه الأدوية تُستخدم في المحال والطب العربي؛ لأنها رخيصة وتروق للناس، مثل فكرة تكبير العضو الذكري دون تكلفة كبيرة من خلال كريمات مثلاً، واصفاً ذلك بـ"الغش التجاري، ولا يمكن أن يكون فعالاً".

ينصح الدكتور خضرا بعدم استعمال هذه المواد، واللجوء إلى أهل الاختصاص لمعرفة المشكلة وحلها بطريقة صحيحة وعلمية، محذراً من أن هذه الأدوية أو المنتجات قد تفاقم المشكلة، وتزيد صعوبة حلّها.

من جهة أخرى، تؤكد الصيدلانية دينا أسعد (30 عاماً)، على عدم أمان هذه المنتجات والأدوية، مشيرةً إلى أنها قد تسبب مشكلات في الحمل إذا كانت تحتوي على هرمونات غير مصرّح عنها، وإن بعض الكريمات والقطرات قد تسبب التهابات حادةً.

"الأشخاص الذين يعانون من مشكلات في القلب معرّضون لخطر متزايد من الآثار الجانبية على الصحة القلبية والأوعية الدموية، ويصبحون أكثر عرضةً للنوبات القلبية، السكتة الدماغية، آلام في الصدر، ارتفاع ضغط الدم، وضربات القلب غير الطبيعية. وتذكر أسعد، أيضاً، الآثار الجانبية الأخرى مثل الصداع، احمرار الوجه، عسر الهضم، والدوخة".

تجمع هذه الآراء بين تحذيرات الأطباء وتحذيرات الصيادلة، مؤكدةً على أهمية تجنب استخدام الأدوية، العقاقير، الأعشاب، والمنتجات غير المصرّح عنها واللجوء إلى المختصين للحصول على العلاجات الصحيحة والآمنة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

نؤمن بأن للإنسان الحق في التفكير وفي الاختيار، وهو حق منعدم في أحيانٍ كثيرة في بلادنا، حيث يُمارَس القمع سياسياً واجتماعياً، بما في ذلك الإطار العائلي، حيث أكثر الدوائر أماناً، أو هكذا نفترض. هذا الحق هو الخطوة الأولى نحو بناء مجتمعات ديمقراطية، فيها يُحترم الإنسان والآخر، وفيها يتطوّر وينمو بشكل مستمر. لا تكونوا مجرد زوّار عاديين، وانزلوا عن الرصيف معنا، بل قودوا مسيرتنا!/ رحلتنا في إحداث الفرق. اكتبوا قصصكم. أخبرونا بالذي يفوتنا. غيّروا، ولا تتأقلموا.

Website by WhiteBeard
Popup Image