شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
اغتصاب في البحر وترانزيت إجباري في اليمن… عن مأساة المهاجرين الأفارقة للسعودية

اغتصاب في البحر وترانزيت إجباري في اليمن… عن مأساة المهاجرين الأفارقة للسعودية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والمشرّدون

الخميس 13 يونيو 202402:20 م
Read in English:

Rape at sea and forced transit in Yemen: The plight of African immigrants headed to Saudi Arabia

في 10 حزيران/ يونيو الجاري، أُعلن عن وفاة 49 مهاجراً أفريقياً، منهم 31 امرأة و6 أطفال، وفقدان 140 آخرين كانوا على متن قارب تهريب، غرق بهم في سواحل محافظة شبوة شرق اليمن، قادماً من شواطئ الصومال، وفق بيان لمنظمة الهجرة الدولية، التي قالت إن القارب كان على متنه 115 مهاجراً صومالياً و145 إثيوبياً، بينهم 90 امرأة.

يحلم المهاجرون الأفارقة بدخول الأراضي السعودية، لكن الكثير منهم يتجه للهجرة غير الشرعية، التي تبدأ بتهريبهم عبر البحر من منطقة القرن الأفريقي إلى الأراضي اليمنية، في مغامرة هي الأخطر، تكاد تنعدم فيها نسبة النجاة، ومن ينجو منهم وقبل انطلاق رحلتهم نحو السعودية، يتعين عليهم إحضار المبالغ المالية التي يطلبها المُهرّبون، فيضطرون مُجبرين على البقاء في اليمن فترة قد تطول أو تقصر لجمع المال، وخلالها يزاولون العديد من الأعمال، من بينها أعمال شاقة، وأخرى أجرها زهيد.

في هذا التحقيق، يعرض رصيف22 شهادات حية، من واقع معاناة آلاف المهاجرين الأفارقة الذين يقررون، لأسباب مختلفة، منها اقتصادية ومعيشية، هجرة بلدانهم، إلى اليمن بهدف العبور إلى السعودية. يخوضون أولاً رحلة موت شاقة وخطيرة في البحر، ثم يقعون ضحية استغلال لا إنساني، من بعض أصحاب المهن والأعمال في اليمن، فيقبلون مضطرين بأي عمل وأي مقابل، على أمل أن تأتي فرصتهم، ويجتازون الحدود إلى السعودية، وهناك لن تتوقف مأساتهم، بينما البعض يقصد اليمن هرباً من الوضع في بلاده، وينوي الاستقرار في المنطقة التي يصل إليها، ويقوم بأي عمل يوفر له ولأسرته قوت يومهم، ولا يفكر بخوض مغامرة الذهاب إلى المملكة.

وجود المهاجرين الأفارقة في اليمن

يتركز تواجد المهاجرين الأفارقة الذين يصلون اليمن قادمين من عدة دول أفريقية، في المحافظات اليمنية القريبة من الحدود السعودية بشكل كبير، حتى تسهل مهمتهم في النفاذ إلى الأراضي السعودية، عبر شبكات التهريب. وجدنا أفارقة في محافظة صعدة (شمالاً)، واتجه الكثيرون إلى رداع عاصمة محافظة البيضاء (وسط البلاد) وتوزع آخرون في الضالع، وحجة، ولحج، وأبين، وفي العاصمة المؤقتة عدن (جنوباً). أما محافظة شبوة الساحلية (شرقاً) فتُعَد بوابة دخول الأفارقة إلى المحافظات اليمنية المشار إليها. 

في هذا التحقيق، يعرض رصيف22 شهادات حية، من واقع معاناة آلاف المهاجرين الأفارقة الذين يقررون الهجرة إلى اليمن بهدف العبور إلى السعودية. ثم يقعون ضحية استغلال من بعض أصحاب المهن فيَقبلون مضطرين بأي عمل وأي مقابل، على أمل أن تأتي فرصتهم، ويجتازون الحدود إلى السعودية، وهناك لن تتوقف مأساتهم  

تختلف الأعمال التي يقوم بها المهاجرون الأفارقة في اليمن من منطقة إلى أخرى، لكن المشترك في جميعها هو المقابل القليل الذي يحصلون عليه. في عدن مثلاً يعمل معظمهم لدى شركات النظافة التي بدورها توزعهم على المستشفيات والأسواق التجارية الكبيرة، وقليلون يعملون في مهنة الصيد، ومنهم من يعمل في المطاعم وغسل السيارات. أما في محافظات مثل البيضاء، والضالع، وحجة، وصعدة، فعمل أغلب الأفارقة يكون في مزارع القات.

عشرات المهاجرين الأفارقة من الجنسية الإثيوبية يعملون في مزارع القات بمديرية الحصين بمحافظة الضالع (جنوب اليمن) ويتقاضون أجوراً أقل من تلك التي يحصل عليها أقرانهم من العمال اليمنيين، مع أنهم يبذلون نفس المجهود. هذا ما أكده المهندس عبدالاله قاسم من أبناء مديرية الحصين لرصيف22 بقوله: "إن عدد الأفارقة بمديرية الحصين كبير، وأغلبهم يعملون في مزارع القات، ويحصلون على أجر أقل من العمال الآخرين".

وكحد أعلى يحصل العامل الإفريقي نظير عمله في مزارع القات في مديرية الحصين، على 130 ألف ريال شهرياً، وفق عبدالاله، إذ تراوح أجورهم ما بين 100 ألف و 130 ألف ريال، أي أقل من 74 دولاراً أمريكياً في الشهر (الدولار الواحد = 1760 ريال يمني في مناطق الحكومة الشرعية). أما العمال الآخرون من أبناء المنطقة، فلا يقل أجر الواحد منهم عن 180 ألف ريال في الشهر، أو يزيد.

يعمل الأفارقة في مزارع القات تلك، بواقع سبع إلى ثمان ساعات في اليوم، لا يعلم المهندس عبدالاله إذا كانت هذه الأجور تكفي أولئك العمال يقول: "الله أعلم. لكن بيمشوا حالهم".

بلا مأوى

سالم (اسم مستعار) وقد طلب عدم الكشف عن اسمه خوفاً من أن يفقد عمله، هو مهاجر إثيوبي في اليمن، يعمل كحارس لمزرعة قات في محافظة الضالع، على مدار الساعة، إلى جانب قيامه بسقي مزرعة القات التي يعمل فيها، يقوم كذلك برش المبيدات. يتحدث لرصيف22: "إنه يسكن في مأوى مؤقت متواضع، من الكراتين والطِربال، ولا توجد دورة مياه". لا يُجيد سالم عملاً آخر، فهو ليس صاحب مهنة كما قال.

يحصل سالم ومثله الكثيرون ممن يعملون في مزارع القات بمحافظة الضالع على أجور شهرية بمتوسط 90 ألف ريال، ويعملون في ظروف إنسانية صعبة، وبيئة غير ملائمة. 

يعمل كثير من المهاجرين الإثيوبيين العالقين في اليمن يعملون في مزارع القات في محافظة الضالع جنوباً، ويتقاضون أجوراً أقل من تلك التي يحصل عليها أقرانهم من اليمنيين، مع أنهم يبذلون نفس المجهود. 

قال إبراهيم الشجيفي لرصيف22، وقد عمل سابقاً مع منظمة الهجرة الدولية وشارك في مسح ميداني للمنظمة بالمحافظة: "إن هناك الكثير من الأفارقة في الضالع يعملون بالأجر اليومي، في ري القات والاعتناء بمزارعه، وبأجر زهيد خصوصًا في مديرية الحصين". يضيف أيضاً: "وجدتُ في أحواش مزارع القات في الضالع، الكثير من العمال الأفارقة في حالة يرثى لها، يعانون الغربة والتعب والمخاطر، خاصةً وهم يتعاملون مع السموم والمبيدات أثناء رش نبتة القات".

أما مازن محمود، وهو ممثل عن منظمة الهجرة الدولية بمحافظة الضالع، فيقول: "إن وجود الأفارقة في محافظته كبير، ويعملون في عدة أعمال، في المطاعم وفي سراويس غسل السيارات، وأيضاً في مزارع القات، وبعضهم يعمل لدى مقاولين في الصبات الخرسانية وأعمال البناء".

اليمن… ترانزيت إجباري 

أنصار شاب إثيوبي هاجر من بلاده رفقة عشرة من أصدقائه عبر قارب صغير في عملية تهريب أوصلتهم إلى الأراضي اليمنية كمحطة عبور توصلهم إلى السعودية وجهتهم الأساسية؛ لكنهم تعثروا في الوصول إليها واضطروا للبقاء في اليمن، يقول: "الطريق إلى السعودية عبر الحدود أصبح غير آمن، الكثير فقدوا أرواحهم وهم يحاولون العبور إلى الأراضي السعودية، لذا نفضل البقاء هنا".

يعمل أنصار في مزارع القات في إحدى قرى رداع بمحافظة البيضاء بمقابل أقل من 6 دولارات وهو العمل الذي استطاع الحصول عليه بعد أن توجه إلى القرية حيث ينوي البقاء والاستقرار فيها.

المقابل القليل الذي يتقاضاه نصار ليس مشكلة بالنسبة له، بل المشكلة في ندرة العمل، الذي لا يتوفر إلا كل أربعة أيام كما قال، وهي مشكلة يعاني منها معظم الأفارقة الذين يعملون في مزارع القات هناك.

أنصار ورفاقه، يتقاسمون ظروفاً معيشيةً صعبة، يقطنون في غرفة مهجورة أقصى القرية لا يتوفر فيها نوافذ أو دورة مياه، ويضطرون لقطع مسافات طويلة لجلب الماء، هذه الأوضاع المعيشية السيئة تظل أفضل من الأوضاع التي دعتهم لهجرة وطنهم، بحسب وصفهم.

أصبح الكثير من مالكي مزارع القات في قرى رداع بمحافظة البيضاء وسط اليمن، التي يستقر فيها عدد كبير من الأفارقة، يُفضلون تشغيل المهاجرين من الصومال وأثيوبيا في مزارعهم لما يظهرونه من نشاط واجتهاد في العمل بمقابل أقل من نظرائهم العمال اليمنيين، كما يقول عبد الله مسعد، وهو صاحب مزرعة قات يعمل فيها ثلاثة إثيوبيين، يوضح: "إن تشغيل الأفارقة في أرضه يعود بالفائدة عليه؛ لأنهم يتقاضون ما يقارب نصف أجر العامل اليمني".

التقى رصيف22 الكثير من الأفارقة في محافظة الضالع الذين يعملون في مزارع القات، قالوا إنهم غير راضين عن وضعهم، والمقابل المالي الذي يحصلون عليه، وأنهم يفكرون في التوجه إلى السعودية.

رحلة المهاجرين الأفارقة من بلدانهم إلى اليمن، التي تمر من البحر عبر جيبوتي، ثم انتقال البعض إلى السعودية ودول الخليج بحثاً عن عمل، رحلة شاقة محفوفة بالمخاطر من كل جهة، تُودي أحياناً بحياة الكثيرين، وتشهد سواحل اليمن وجيبوتي بين الحين والآخر حوادث غرق متكررة لمهاجرين أفارقة يحاولون الوصول إلى اليمن كمحطة عبور إلى السعودية، بسبب أن قوارب المهربين تحمل أعداداً أكبر من سعتها.

اغتصاب في البحر

الموت غرقاً في البحر أو الوقوع في يد السلطات السعودية، ليس كل ما يثير مخاوف المهاجرين الأفارقة الذين يقصدون المملكة بطريقة غير نظامية، فكثيراً تتعرض النساء الأفريقيات المهاجرات للاغتصاب أثناء رحلتهن في البحر على متن قوارب المهربين وعصابات الإتجار بالبشر، وفق ما ذكرته الشابة الإثيوبية ريتا (اسم مستعار) والتي وصلت إلى السعودية قبل فترة، بعد رحلة تهريب شاقة، تقول: "الكثير من النساء يتعرضن للاغتصاب في البحر أثناء رحلتهن من القرن الأفريقي إلى اليمن في طريقهن إلى السعودية؛ لذا لجأتُ إلى طبيبة نساء لوضع شريحة منع الحمل، كنت أخشى حدوث حمل إذا تم اغتصابي، وبذلك ستنتهي مغامرتي".

لم تنته معاناة ريتا، بوصولها واستقرارها في السعودية وحصولها على عمل كخادمة لدى إحدى الأسر هناك، تحكي أنها تعرضت للاستغلال من سيدة أثيوبية تستقبل المهاجرات غير النظاميات وتنسق لهن أعمال كخادمات في المنازل، تقول: "كانت تطلب مني مبلغ 300 ريال سعودي شهرياً مقابل أنها وفرت لي العمل، استمررت لمدة طويلة وأنا أدفع لها المبلغ، ثم توقفت عن إعطائها أي شيء".

وبعيداً عن أعين السلطات السعودية تختبئ ريتا في المنزل الذي تعمل فيه، خوفاً من الإمساك بها، لمخالفتها نظام الإقامة. تقول السيدة صاحبة المنزل الذي تعمل ريتا فيه: "تخشى ريتا الخروج من المنزل، ولم تغادره أبداً، إلا مرة واحدة، عندما أخذتها إلى طبيبة النساء لانتزاع شريحة منع الحمل المزروعة في ذراعها".

عالقون في السعودية

في السعودية تضع السلطات، قوانين وعقوبات صارمة للعمالة الأجنبية المخالفة لنظام الإقامة بشكل عام، تبدأ بإيقافهم في السجن عدة أيام ثم ترحيلهم إلى بلدانهم، لكن السعودية وخلال الخمس السنوات الأخيرة، بدأت في تسهيل بعض الإجراءات ودعت أكثر من مرة المخالفين إلى سرعة تصحيح أوضاعهم، وهذا الأمر يتطلب مالاً. 

تقول الإثيوبية ريتا والتي وصلت إلى السعودية قبل فترة، بعد رحلة تهريب شاقة: "الكثير من النساء يتعرضن للاغتصاب في البحر أثناء رحلتهن من القرن الأفريقي إلى اليمن في طريقهن إلى السعودية؛ لذا لجأتُ إلى طبيبة نساء لوضع شريحة منع الحمل، كنت أخشى حدوث حمل إذا تم اغتصابي، وبذلك ستنتهي مغامرتي"

محمد من إثيوبيا استطاع الدخول إلى السعودية، كان يعمل في مطعم بالعاصمة الرياض، يقول: "أنا الآن في السعودية، لكني تركت أسرتي خلفي في اليمن، الوضع هنا صعب لأن تأشيرة الزيارة التي دخلت بها انتهت منذ وقت طويل، لا يمكنني الخروج والتنقل بحرية، وفي أي لحظة قد أقع بيد السلطات ويتم ترحيلي، أنا عالق هنا، لا أستطيع العودة بسهولة إلى أسرتي في اليمن، ولا أجد العمل المناسب في السعودية".

يوجد في السعودية عدد كبير من العمالة القادمة من القرن الأفريقي، من إثيوبيا والصومال، وكذلك من السودان، ويحاول بعض الأفارقة الذين يخشون خوض مغامرة التهريب عبر اليمن إلى السعودية، لما لها من مخاطر، الحصول على تأشيرات زيارة أو عمل في السعودية، وهذا يتطلب مالاً أكثر ويستغرق وقتاً أطولاً، بعدها يبدأون بالبحث عن أي عمل بمجرد وصولهم الأراضي السعودية. على سبيل المثال يمكن للمواطنين الأفارقة، في الدول غير المستقرة، استخراج تأشيرة زيارة لغرض العمرة أو الحج من بلدانهم مباشرة، لكن تأشيرات العمل التي تتطلب الحصول على فيزا، يشترط المعاملة عليها من مكاتب خاصة باستقدام العمالة، في دول أخرى مجاورة للسعودية، مثل البحرين وسلطنة عُمان، وتقوم السعودية بترحيل أي عمالة أفريقية مخالفة، إلى بلدها الأم.

هروب إلى الحرب

صورة أخرى لمعاناة الأفارقة اللاجئين في اليمن، يعرضها رصيف22 في هذا التحقيق، هي قصة الشاب الصومالي محمود محمد يوسف (40 عاماً)، الذي فر من سعير الحرب الأهلية في بلاده ليصل عدن جنوب اليمن، لكنه لم يكن يعلم بأن حرباً أخرى ستنفجر أمامه، حدث ذلك مطلع العام 2015، فبعد وصوله، بشهور إلى عدن، شهدت المدينة حرباً عنيفة بين القوات الحكومية الشرعية، وجماعة الحوثيين والقوات الموالية لها، وبالرغم من ذلك صمد محمود واستقر في عدن إلى اليوم، ويعمل حالياً في غسل السيارات ويعول أسرته (زوجته وثلاثة أطفال) ويكسب في اليوم الواحد ما بين 6 و10 آلاف ريال.

يقول: "إن السعودية ليست وجهته الأساسية، فلم تعد الوجهة الرئيسية للكثير من المهاجرين من الصومال والقرن الأفريقي، لأنها لا تحقق لهم الدخل الذي يبحثون عنه، ولا يجدون فيها الأعمال المناسبة فضلاً عن صعوبة عبور الحدود إليها". 

حدثت الحرب بعد وصول محمد إلى عدن بأشهر، لكنه تمكن من الاستقرار والعمل في غسل السيارات، ويقول إن السعودية لم تعد الوجهة الرئيسية للكثير من المهاجرين لأنها لا تحقق الدخل الذي يبحثون عنه. 

تواصل رصيف22 مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في اليمن، للسؤال حول دورها، تجاه المعاناة التي يعيشها الأفارقة في اليمن، فقالت إنها تتعاون تعاوناً وثيقاً مع مختلف الشركاء، بما في ذلك الجهات الحكومية وغير الحكومية، وشركاء الأمم المتحدة، لضمان حصول طالبي اللجوء واللاجئين على الخدمات والمساعدة الأساسية.

وذكرت أن هذا النهج يمنح الأولوية لإدماج اللاجئين في الأنظمة والخدمات المحلية الحالية، بدلاً من إنشاء مجالات موازية، داعيةً إلى إدراج اللاجئين في قوانين العمل الوطنية، مع تقديم الدعم لبرامج التدريب المهني، والتركيز على العمل الكريم والاعتماد على الذات.

وأضافت: "وفي حين أن معايير العمل تندرج ضمن مهام الدول، تقدم المفوضية الدعم القانوني للأفراد الذين يواجهون نزاعات في العمل لضمان احترام حقوقهم، كذلك نتعامل أحياناً مباشرة مع أرباب العمل، ولا سيما فيما يتعلق بالتوظيف، والتدريب الصناعي، ومبادرات الأعمال التجارية الصغيرة، لكن المراقبة الأوسع لظروف العمل، بما في ذلك الصحة والسلامة في مكان العمل ومسائل الدفع/الراتب، تندرج ضمن مهام الدولة".

وأوضحت أنها تتلقى مجموعة من الطلبات وشكاوى اللاجئين، منها المتعلقة بانتهاكات العمالة والحقوق، وفي المسائل التي تنطوي على قضايا قانونية مثل عدم دفع الأجور أو العنف؛ تقدم المفوضية المساعدة القانونية المجانية من خلال شركائها. لافتةً إلى أن الشكاوى الخاصة بالمهاجرين، تقع في نطاق ولاية المنظمة الدولية للهجرة فهي المتخصصة لمعالجة شواغلهم.

أعداد المهاجرين

في نيسان/ أبريل 2024، أبلغت مصفوفة تتبع النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة في اليمن عن دخول 1,479 مهاجرًا إلى اليمن، وهو انخفاض بنسبة 23 بالمائة عن الرقم الإجمالي المُبلغ عنه في الشهر السابق (1,930 مهاجرًا).

وشهد الربع الأول من العام الجاري 2024، تراجع أعداد المهاجرين الأفارقة الوافدين إلى اليمن إلى أدنى معدل له خلال الست سنوات الأخيرة، وتقول البيانات الشهرية الصادرة عن منظمة الهجرة الدولية إن 5,411 مهاجراً أفريقيا دخلوا اليمن خلال الفترة بين يناير/ كانون الثاني ومارس/ أذار 2024 ، وهو المعدل الأدنى مقارنة بنفس الفترة من أعوام 2019 و2020 و2022 و2023، باستثناء عام 2021 الذي شهد انخفاضاً ملحوظاً بسبب القيود المفروضة على التنقل المتعلقة بفيروس كورونا.

وأرجعت منظمة الهجرة الدولية سبب انخفاض عدد المهاجرين الوافدين إلى اليمن في الأشهر الأخيرة إلى الحملة الأمنية المشتركة ضد شبكات التهريب، والتي بدأت في أغسطس/آب 2023 بهدف الحد من عبورهم إلى اليمن باتجاه السعودية ودول الخليج الأخرى. تضاعفت الأعداد السنوية للمهاجرين الوافدين إلى اليمن، ثلاثة أضعاف من عام 2021 إلى عام 2023، حيث ارتفع العدد من حوالي 27,000 إلى أكثر من 90,000 مهاجر، ومن المتوقع أنه في عام 2024، سيكون هنالك أكثر من 300,000 مهاجر معظمهم من الصومال وإثيوبيا، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية وخدمات الحماية، وبالأخص النساء والفتيات، بحسب بيان منظمة الهجرة الدولية الصادر في أيار/ مايو الماضي.

في المقابل، قرر الكثير من الأفارقة في اليمن، العودة إلى بلدانهم بشكل طوعي. وقالت بيانات منظمة الهجرة الدولية (IOM)، إن ما مجموعه 2,232 مهاجراً عالقاً في اليمن؛ أغلبهم إثيوبيون، عادوا إلى بلدانهم ضمن برنامج الرحلات الإنسانية الطوعية (VHR)، خلال الفترة من يناير/ كانون الثاني-مارس/أذار 2024، مع استمرار وجود 14,500 مهاجر أفريقي عالق في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، منهم 5 آلاف في عدن، ومثلهم في شبوة و4,500 في مأرب، تقطعت بهم السبل ويعيشون أوضاعاً مأساوية.

في أبريل/ نيسان 2024، سجلت مصفوفة تتبع النزوح في منظمة الهجرة الدولية، ما مجموعه 819 مهاجرًا غادروا اليمن إما طوعًا أو تم ترحيلهم بالقوارب من اليمن. وتتكون هذه المجموعة من 91% من الرجال، و8% من النساء، وأقل من %1من الأطفال.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel

ثورتنا على الموروث القديم

الإعلام التقليديّ محكومٌ بالعادات الرثّة والأعراف الاجتماعيّة القامعة للحريّات، لكنّ اطمئنّ/ ي، فنحن في رصيف22 نقف مع كلّ إنسانٍ حتى يتمتع بحقوقه كاملةً.

Website by WhiteBeard