شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
الصبر والصبّار في الهوية الفلسطينية... وتغلغل

الصبر والصبّار في الهوية الفلسطينية... وتغلغل "التسابار" الإسرائيلي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الجمعة 14 يونيو 202411:20 ص

تُشكل نبتة الصبّار في الحيز الثقافي الفلسطيني مؤشراً بيئياً ومجازياً قوياً لمفاهيم الهوية والمقاومة والصبر والصمود الاجتماعي والسياسي.

بالنسبة للعديد من صناع هذا الحيز، تعكس هذه النبتة القادرة على الصمود وحتى الازدهار في ظروف قاسية وبأقل قدر من الرعاية، روح الصمود الفلسطينية والمثابرة أمام ما تواجهه على مدى عقود مستمرة من المعاناة والانتكاب المتواصل.

إن قدرة نبتة الصبّار على الازدهار في بيئات لا ترحم، تمثل استعارة لإصرار الشعب الفلسطيني على مواجهة التجارب وتمسّكه الذي لا ينضب بأرضه وقضيّته.

الجناس اللغوي والتقاطعية اللسانية بين الصّبْر كصفة لحالة من مواصلة التحمّل (الزمني والمكاني) ونبتة الصبّار المدعوّة بالفلسطينية المحكية كذلك "صَبِر"، يُشدّد على الأهمية الثقافية للنبتة في الحيّز الفلسطيني.

جمل ومصطلحات يومية كـ"صبر أيوب" و"إن الله مع الصابرين" تتحوّل لمصطلحات مشحونة برمزيات سياسية داعية لكلّ من التوجهين- الخامل الداعي للصبر على الابتلاء وانتظار الفرج، والناشط الداعي للصمود كمقاومة.

في هذه المعادلة اللغوية، تندمج السياقات الدينية في قصة ابتلاء النبي أيوب ومواصلته الإيمان والعبادة بالرغم من ابتلائه. حيث قال تعالى في سورة ص: "إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ".

إن قدرة نبتة الصبّار على الازدهار في بيئات لا ترحم، تمثل استعارة لإصرار الشعب الفلسطيني على مواجهة التجارب وتمسّكه الذي لا ينضب بأرضه وقضيّته

وورد ذكر "الصبر" في القرآن بمائة وثلاثة مواضع مختلفة، وُظّف فيها اسماً وفعلاً، وعلى لسان الإمام أحمد، فالصبر "هو نصف الإيمان؛ فإن الإيمان نصفان: نصف صبر، ونصف شكر".

تتأجج السياقية اللغوية كذلك في الموسيقى والغناء العربي والفلسطيني، وتتمركز هذه الرسائل في فلسطنة الصّبر، كما يعرض الفنان أحمد عيد في أغنيته "صبر أيوب". وفيها يقول: "صبر أيوب وما في حدا احتمل الوجوع، بلد مهجور تاركين القلب مزروع"، رابطاً مجازية الصبر بالزرع.

كذلك في أغنية "الصبر" الشعبية الفلسطينية الموثقة على لسان لطيفة سمعان، والتي غنتها أمل مرقس في ألبوم "نعنع يا نعنع" قائلة: "الصبر يا مبتلي والصبر يا أيوب، والصبر جبتو معي حتى ينمحي المكتوب، والصبر جبتو معي من يوم هجرتنا، وحجارة الدار تبكي فرقتنا".

هكذا تتحوّل نبتة الصبّار إلى نبتة تنادي بنفسها للصبر على الابتلاء، ليس فقط لمجرد حملها لهذا الاسم، بل كذلك لصفاتها البوتانيقية (علم النبات)، كونها أكثر النباتات صَبراً وتكيّفاً مع البيئات القاحلة. كما يمكنها البقاء على قيد الحياة لفترات طويلة بدون ماء. كما أن تخزين المياه في ألواحها تسمح لها بالنمو حيث تموت النباتات الأخرى.

بالإضافة لكونها نبتة تتمسك جذورها بالأرض، ما يمكّنها من منع الجرف والسيول. حضورها في الحيز البيئي حولها إلى نبتة متكافلة مع الحيوانات التي تعتاش على ثمارها وتقطن ألواحها وتبني عليها وبينها أعشاش.

الصبّار في الفن الفلسطيني

العلاقة بين الصبر والصبّار، في الحيز الفني التشكيلي الفلسطيني، تأتي مُعاكِسة- من الصبّار إلى الصَبر. حيث يُعتبر الصبّار عنصراً متكرراً في الفن الفلسطيني، يمثل موضوعات متشابكة للمقاومة والبقاء وطبعاً- الصّبر.

كثيراً ما يصور الفنانون الفلسطينيون الصبّار ليرووا قصص النزوح والصمود وواقع الحياة المرير في الأراضي المحتلة. وغالباً ما تتناقض هذه التمثيلات الفنية بين المظهر الخارجي الخشن للصبار وبين ثماره المغذية (هناك من يسميه التين الشوكي).

نجد هذه الرمزية في التجربة الفلسطينية التي تحمّل المشقّة مع الحفاظ على الأمل والحيوية في الداخل.

لا تُستخدم الصور كشعار ثقافي فحسب، إنما كشكل من أشكال التعبير الفني ضد القمع والمحو والتهجير أيضاً.

في السنوات الأخيرة، ينشط الكثير من الفنانين الفلسطينيين في توظيف الصبّار في فنهم التشكيلي، مثل أحمد ياسين ابن نابلس الذي يعتمد ألواح الصبّار كلوحات حية لرسوماته.

يقول ياسين لجريدة الشرق الأوسط: "لا أريد رسماً يُحفَظ في متحف. المتحف هو الأرض؛ بؤرة الصراع الفلسطيني".

مثال آخر هو الفنان فؤاد إغبارية ابن قرية مصمص الواقعة في الداخل الفلسطيني، الذي يعود ويتواصل مع الصبّار مرة تلو الأخرى في معارضه، مثل معرض "نسيج وشقوق"، الذي عرض فيه أمان سجادة الصلاة والسجّاد الفارسي الشرقي، في خلفية هزلية التهديد الكياني من خلال عرض الطائرات الحربية والجرافات والقنابل كألعاب ودمى.

بقاء لفؤاد إغبارية، (2018، ألوان زيتية على قماش)

في واحدة من لوحات هذا المعرض، نرى نبتة صبّار تعقرها لعبة قلّاب رملي من أرضها وتنقلها لمكان آخر على خلفية السجادة، وفي أخرى نبتة صبّار كبيرة تنحصر جذورها في أصيص صغير (نسيج وشقوق، 2018)، وهي تمثيل قد تكرر في أعمال أخرى لإغبارية مثل "صورة ذاتية" (2016)، وإلى جانبها نجد لوحات مثل "بقايا من صبر اللجون" (2010-2012) و"بقاء" (2018)، التي تعرض تحدّي ونضال الصبّار للقوالب الطبيعية والمادية.

صورة ذاتية لفؤاد إغبارية، (2016، ألوان زيتية على قماش)

لكن توظيف الصبّار ليس حديثاً، بل يعود إلى بدايات الفن الفلسطيني، نجد توظيفه عند الفنان الفلسطيني الراحل ابن أم الفحم، عاصم أبو شقرة (1961-1990)، الذي حوّل في أعماله نبات الصبّار إلى رمز قوي للهوية والصمود ضد القمع، مما أثار جدلاً واسع النطاق بين النقاد الفنيين الفلسطينيين والإسرائيليين.

يقتلع أبو شقرة صبره من الأرض ويزرعه في أصص، فيُضفي هذا التصوير طابعاً إنسانياً على الصبّار، ويُصوره على أنه مُقتلع ومُهجَّر، مثل الشعب الفلسطيني نفسه، الذي ينتمي بشكل طبيعي إلى الأرض، وليس محصوراً في الأصص.

لكن الظروف السياسية الاستعمارية "روّضته" في الأصص كما في لوحته صبّار (1988) وفي مقولته: "الصبّار يفتنني بقدرته المذهلة على الإزهار وسط الموت الشوكي".

عمل لعاصم أبو شقرة

تبرز بامتياز، في هذا السياق، الفنانة رنا بشارة (1971-)، ابنة ترشيحا في الجليل الأعلى، التي تقوم بإعادة تشكيل الصبّار بأشكال مختلفة مثل القطع أو التجفيف أو الخياطة أو التعليق.

في أحد أعمالها البارزة، تعرض بشارة شرائح نبتة الصبّار في وعاء زجاجي يُستخدم تقليدياً لتخليل الخضار، كاستعارة لاستمرار الروح الفلسطينية وبقائها على الرغم من الظروف المأساوية التي تلاحقها.

ويحمل العمل عنوان "من كثر ما صبرنا صار صبرنا مخلّل" (2012)، مُؤكدة على أهمية الصبّار المُزدوَجة، البشرية والبيئية.

"التسابار" الإسرائيلي

بالمقابل، في الحيّز الثقافي الإسرائيلي، تم تخصيص الصبّار لتمثيل رواية مختلفة ومشابهة في ذات الوقت.

يُعرف النبات بالعبرية العامية باسم "تسابار"، وهو ذاته المصطلح الذي يُستخدم لوصف الإسرائيليين المولودين في البلاد.

وتُستخدم هذه الرمزية المزدوجة لصياغة هوية وطنية مرتبطة بالأرض وخصائصها المتمثلة في الصمود وفردانية اليهودي الصهيوني المولود في فلسطين.

اعتمد الفنانون والشخصيات الثقافية الإسرائيلية الصبار بأشكال مختلفة، من الفنون البصرية إلى الأدب. وغالباً ما استخدموه للتأكيد على موضوعات البقاء والتكيف ذات الصلة بالذاكرة والهوية الجماعية الإسرائيلية الصهيونية.

أحد أبرز تمثيلات "التسابار" الصهيوني يتمثل في سياق عالم الأطفال على خلفية بناء الأمة العبرية ومحاولات تربية الأطفال المولودين في الدولة الجديدة على أنهم "ملح هذه الأرض"، (ميلَح هَآرِتس بالعبرية)، وأنهم التسابار الحقيقي.

ظهر هذا التمثيل أولا في الخمسينات في شخصية سروليك (وهو كنية "يسرائيل" على لسان الأشكيناز)، الذي وُصف على أنه يُمثل "التسابار الحقيقي" الذي يرتدي قبعة تمبل وصندل توراتي، ويمثّل سكان الكيبوتس.

سروليك

وفي عام 1976، ظهرت شخصية كيشكشتا الصبّارية التامة، أولاً كدمية على شاشات التلفاز، وثم كشخصية مألوفة في أدب الأطفال الصهيوني.

وكيشكشتا هو نبتة صبّار مُأنسنة، تتحدّث إلى الأطفال عن أهمية تواصلهم مع الأرض والزراعة. وما زالت شخصية كيشكشتا تظهر بين الحين والآخر في الحيزات الثقافية الصهيونية التي تنادي الأطفال بالارتباط بالأرض.

كيشكشتا

هذا إلى جانب تصدير مفهوم الصبّار على أنه ماركة تجارية ترمز لدولة إسرائيل. حيث تُعد شركة "صبرا للتغميس" (Sabra Dipping)، على سبيل المثال، واحدة من أكبر الشركات المُصنعة للحمص في العالم، خاصة في الولايات المتحدة.

كذلك، شخصية البطلة الخارقة الإسرائيلية التابعة لشركة الكوميكس مارفل، تدعى أيضاِ صبرا (Sabra). في سياق كتب الكوميكس المُصوّرة، صبرا هي بطلة خارقة وعميلة لجهاز المخابرات الإسرائيلي- الموساد.

كان أول ظهور لصبرا عام 1980، ضمن مجلّات الرجل الأخضر (Incredible Hulk)، الذي يهاجمها عندما تقتل طفلاً فلسطينياً ولا تكترث بموته، فيصرخ في وجهها قائلا: "طفل مات لأن شعب الطفل وشعبك يريدون نفس الأرض! طفل مات لأنكم لا تريدون المشاركة. طفل مات بسبب كتابين يقولان إن عليكم القتال والقتل من أجل الأرض. طفل مات الآن، حتى أنه لم يقرأ أياً من الكتب" (ركاكة اللغة في الأصل).

وصف الاحتلال على أنه صراع بين شعبين على نص ديني، وبالذات على لسان الرجل الأخضر- كأخرق يكاد لا يجيد الكلام- هو اشكالية ترويجية كبيرة لا بد من دراستها في سياقها التاريخي في الثمانينات.

لكن في سياقنا هذا، يؤكد التكرار في محاولات تصدير الصبّر عالمياً على أنه تمثيل في الثقافة الإسرائيلية، على كونه نشاطاً ترويجياً سياسياً لعلاقة اليهودي بالأرض، وكبديل لصورة اليهودي المنفي- الغالوتي.

لكن مصطلح التسابار بقي محصوراً على اليهودي الأصلاني، ولم يشمل اليهودي المهاجر. هكذا أصبح مصطلح التسابار نفسه، الذي جاء ليرمز لأصلانية اليهودي المولود في فلسطين، مصطلحاً إقصائياً لكافة اليهود الصهاينة الذين جاؤوا مع الحملات الاستعمارية- أو مع ما يسمى "العَلِيُوت" بالعبرية.

بالإضافة لإقصاء الإسرائيلي الصهيوني المعاصر، غالبًا ما يؤدي هذا الاستيلاء الثقافي على صورة الصبّار من قبل الخطاب الإسرائيلي إلى توترات حول روايات الانتماء والأصالة.

بالنسبة للفلسطينيين، يرمز تبني إسرائيل للصبار وإعادة تفسيره إلى مزيد من التعدي على مشهدهم الثقافي والمادي والبيئي، شبيه بمحاولات الاستيلاء الحمص والفلافل ووصفها بمأكولات إسرائيلية. وفي الواقع، لا يختلف كثيراً عن الاستيلاء على الممتلكات الثقافية الأخرى، المادية والرمزية.

يؤكد التكرار في محاولات تصدير الصبّر عالمياً على أنه تمثيل في الثقافة الإسرائيلية، على كونه نشاطاً ترويجياً سياسياً لعلاقة اليهودي بالأرض، وكبديل لصورة اليهودي المنفي

تتجلى هذه التوترات في الفنون والآداب بأوضح صورها، حيث يمكن أحياناً النظر إلى تصوير الفنانين الإسرائيليين للصبّار على أنه محاولة لتطبيع وإضفاء الشرعية على وجود المستوطنين الإسرائيليين ومطالباتهم بالأرض التي يسكنها الفلسطينيون، كآلية استعمارية نفسية وثقافية.

تلعب نبتة الصبّار دوراً هاماً كذلك في الفن التشكيلي الإسرائيلي. لكنها في الكثير من الأحيان تأتي نقدية لصورة التسابار الترويجية.

فمثلًا في لوحة داني كرفان (1930-2021) "طبيعة ساكنة مهجورة" (1955)، نرى لوح صبّار اقتطفه الفنان من قرية مهجّرة بعد احتلالها، ومثّل من خلاله مفارقة الطبيعة والهجرة والتهجير، كان واعياً لها أم غافلاً عنها.

وفي العملين "روس في أسرائيل" (ستوديو رامي وجاكي، 2012) و"هوية" (بنيامين فودو، 2009)، هناك نقد لإقصاء المهاجرين اليهود من روسيا ومن أثيوبيا من إيثوس اليهودي الأصلاني.

وطبعاً هناك الكثير غيرها من المظاهر الإسرائيلية للصبّار التي تسعى لمقارعة رسومات عاصم أبو شقرة وتقدّم روايات إسرائيلية بديلة، مثل "هيبوكامبوس" (روت شاتسمان، 2020) و"فيكوس في الأصيص" (نيلي أريئيلي، 2020).

نبتة الصبّار شاهدة وناجية ومُنقذة

خارج نطاق الفنون والسرديّات، فإن تعقّب نبتة الصبّار في فلسطين تحكي قصة لا تقل تعقيداً عما سبق. فقد تم استيرادها قبل حوالي أربعة قرون من المكسيك، ووظفها الشّعب الفلسطيني كجدار فاصل بينه وبين الخلاء، ليحمي بيته وماشيته من الحيوانات المفترسة والمُعتدين.

حضورها في فضاءات القرى الفلسطينية كجدران وأسوار خارجية، حوّلت نبتة الصبّار لشاهدة على النكبة الفلسطينية وحولت ألواحها لشواهد قبور على البيوت المهدومة، فدلت على مكانها وشهدت على وجودها.

لكن علاقة نبتة الصبار مع النكبة لا تقتصر على كونها شاهدة على كافة الانتهاكات القاسية بحق الحيز القروي الفلسطيني، بل هي كذلك الناجية الوحيدة في الكثير من القرى التي تم تهجير أهلها وهدمها بالكامل.

نجاة نبتة الصّبار في عام 1948، حولتها كذلك إلى مُنقذة في عام 2024، حيث انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي في الأشهر الأخيرة

مقطع فيديو للسيد مروان العوادية من شمال غزة، وهو يقشر ألواح الصبّار ويتناولها مردداً: "من صبرنا صرنا ناكل الصبر".

يذكرنا ذلك بلوحة للفنانة الغزية يارا زهد بعنوان "وليمة حرب"، التي يظهر فيها لوحا صبّار على صحن بجانب شوكة وسكينة. لوهلة، يبدو وكأنها إعادة تمثيل لعودة النبتة لأصولها المكسيكية حيث تعتبر هناك مصدر غذاء شعبي، بينما في الحيّز الغزّي تحت القصف والتجويع أصبحت النبتة منفذاً أخيراً.

إلا أن قدرة نبتة الصبّار على التحمل والبقاء حية في ظروف صعبة، تواجه التهديد في يومنا هذا من جانب نوع غازٍ (Invasive species) يتمثّل بحشرة قُرمزية، تجتاح الحقول وتتغذّى على ألواح الصبّار حتى تقضي عليها.

وكما جاء الصبّار من المكسيك، كذلك جاء هذا النوع من المَن القُرمزي الذي يظهر على ألواح الصبر بأكوام بيضاء كالقطن ويمتصّ سوائله حتى يجففه ويقضي عليه.

اجتياح الصبّار لم يعد رمزياً، وهناك حاجة لتفكيك رومانسية صموده وكأنه نبات خارق، وللتعرّف إلى ألمه ومأساته والعنف المُوجه ضده. في هذه الأيام يواجه الفلسطينييون والإسرائيليون اجتياح القُرمزية بأداتين مختلفتين، حيث ينادي الفلسطيني بتوظيف الطبيعة المحلية الأصلانية ضدها، من خلال استخدام الصمل من عائلة الدبابير والنّحل، الذي يتمكن من القضاء على القُرمزية.

بينما ينادي الاسرائيلي بتوطين حشرات غازية أخرى لتقضي عليها مثل الخنافس المكسيكية المفترسة (Hyperaspis).

وفي ظل هذه الأحداث، مرة أخرى تشكل لنا الطبيعة والبيئة مرآة للواقع الذي نعيشه، وتنادينا جميعاً بتفكيك الشعارات الرومانسية حول الصمود اللانهائي بحجة الصبر على البلاء حتى يأتي الفرج، بدلاً من النشاط الفعلي في تقديم بدائل فكرية ونفسية وسياسية واجتماعية، من أجل بناء مستقبل لا تحتاج فيه نبتة الصبّار أن تلعب دور الشمّاعة. 

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard