بعد مرور 8 أشهر على بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي تركت دماراً غير مسبوق، وأزهقت أرواح نحو 37 ألفاً من الفلسطينيين، ووسط محاولات عديدة للتوصل لوقف إطلاق النار طيلة الفترة السابقة، وإقناع إسرائيل وحماس بقبول الشروط عبر الوسطاء، ظهر الرئيس الأمريكي، جو بايدن، مساء الجمعة الماضي من البيت الأبيض ليعلن عن مقترح لرأب الصدع، أهم ملامحه وقف إطلاق النار بشكل مستدام وإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، وانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة في غزة، ودخول المساعدات.
مقترح بايدن يثير الكثير من الأسئلة، حول تفاصيله ودلالة توقيته، وما هو ميزان الحكومة الإسرائيلية له سواء بالقبول أو التصعيد والرفض؟ كذلك انعكاسات ذلك على الداخل الإسرائيلي؟ خاصة فيما يتعلق بأهالي المختطفين، وكذلك انعكاسات المقترح على مآلات الحرب ومستقبل القطاع، وكيف يرى المحللون سواء العرب أو الإسرائيليون أو الأمريكيون هذه الخطة ومنطقيتها ومدى نجاعتها؟ وهل يمكن أن تتم الصفقة فعلاً وتنتهي معاناة الشعب الفلسطيني؟
تفاصيل الصفقة
عرض بايدن تفاصيل الصفقة مساء الجمعة 31 أيار/ مايو 2024، والتي ستُنقل لحماس من خلال الوسيط القطري، وتتكون من ثلاث مراحل، الأولى مدتها 6 أسابيع، وتشمل وقف شامل وكامل لإطلاق النار وانسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق المأهولة بالسكان في غزة، كذلك إطلاق سراح الأسرى من الشيوخ والنساء والجرحى، وتسليم جثث محتجزين إسرائيليين، في مقابل إطلاق سراح سجناء فلسطينيين، مع عودة الفلسطينيين إلى غزة بما فيها الشمال، كما ستدخل المساعدات للقطاع بمعدل 600 شاحنة يومياً.
وبحسب تفاصيل المقترح الذي وصفه بايدن بأنه خارطة طريق لإنهاء الحرب بشكل دائم، سيتم التفاوض في هذه الأسابيع الستة بين حماس وإسرائيل على "الوقف الدائم لإطلاق النار، مع استمرار الهدنة حال استمرار المحادثات، وطالما وفت حماس بالتزاماتها"، وفي المرحلة الثانية سيتم تبادل جميع الأسرى الأحياء المتبقين، بما في ذلك الجنود الذكور، وستنسحب القوات الإسرائيلية من غزة وسيبدأ وقف إطلاق النار الدائم، في حين تشمل المرحلة الثالثة خطة كبرى لإعادة إعمار غزة وإعادة "الرفات الأخيرة" من الأسرى إلى عائلاتهم.
وصف بايدن المقترح الذي جاء في 3 مراحل وسيُنقل لحماس من خلال الوسيط القطري بأنه "خارطة طريق لإنهاء الحرب بشكل دائم"، وسيتم التفاوض في الأسابيع الستة على الوقف الدائم لإطلاق النار، مع استمرار الهدنة حال استمرار المحادثات، وطالما "وفت حماس بالتزاماتها"
وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن إن "هذا الاتفاق لوقف الحرب مطابق تقريباً لمقترحات حماس التي قدمتها قبل أسابيع قليلة فقط"، بحسب ما نشرته "واشنطن بوست"، وعلّق بايدن بحسب المصدر نفسه، على فكرة قبول الصفقة داخل الحكومة الإسرائيلية من عدمه بقوله: "أعلم أن البعض في إسرائيل لن يوافق على هذه الخطة وسيدعو إلى استمرار الحرب إلى أجل غير مسمى، حتى أن البعض في الائتلاف الحكومي أوضحوا أنهم يريدون احتلال غزة، إنهم يريدون مواصلة القتال لسنوات، ولقد حثثت القيادة في إسرائيل على الوقوف وراء هذه الصفقة، على الرغم من أي ضغوط".
الصفقة في ميزان حكومة نتنياهو
على الرغم من تأكيد المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية، صامويل وربيرغ، في حديثه مع شبكة "سكاي نيوز" على أن المقترح المعلن من بايدن هو ما قدمته الحكومة الإسرائيلية، لكن مكتب نتنياهو ردّ صباح السبت الأول من حزيران/ يونيو الجاري، على مقترح بايدن على موقع التغريدات القصيرة "إكس"، بالقول: "لم تتغير شروط إسرائيل لإنهاء الحرب: تدمير قدرات حماس العسكرية وحكمها، وإطلاق سراح جميع الرهائن، وضمان ألا تشكل غزة تهديداً لإسرائيل"، وفي تغريدة أخرى أعلن المكتب بأن إسرائيل ستواصل الإصرار على استيفاء هذه الشروط قبل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وأضاف "إن فكرة موافقة إسرائيل على وقف دائم لإطلاق النار قبل استيفاء هذه الشروط هي فكرة غير مقبولة".
وقد أثار رد مكتب نتنياهو ضجة في الأوساط الإعلامية، واعتبرت "القناة 12" العبرية بأن الرد "قاسٍ"، ووصفته صحيفة "يسرائيل هيوم" بأنه "رد غير عادي وحرج"، بل وهاجم عدد كبير من قرّاء الخبر على الصحيفة رئيس الوزراء، حيث قال أحدهم في تعليقه: "نتنياهو عدو إسرائيل، يعلم الجميع أيضاً أن نتنياهو يفضل مصالحه الشخصية على أمن إسرائيل"، وقال آخر: "نتنياهو، لم يعد بإمكانك الاستمرار في ممارسة الألعاب، أنت تتجنب تحمل المسؤولية، ويجب عليك تقديم التوضيحات، الشعب يريد إجابات، وليس أعذارًا".
هاجمت الصحافة العبرية رد مكتب رئيس الحكومة على الصفقة، وفحواه بأن "شروط إسرائيل لم تتغير"، فوصفته القناة 12 بأنه "قاسٍ"، بينما حثت المعارضة الحكومة على "قبول العرض الذي على الطاولة".
وحث زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، الحكومة ونتنياهو على قبول صفقة بايدن، وغرد قائلًا: "لا يمكن للحكومة الإسرائيلية أن تتجاهل الخطاب المهم الذي ألقاه الرئيس بايدن. هناك صفقة مطروحة على الطاولة ويجب تنفيذها".
واصطدمت خطة بايدن لإنهاء الحرب بهجوم ضاري من بعض وزراء حكومة نتنياهو مثل، وزير الأمن القومي المتطرف، إيتمار بن غفير، الذي قال: "الصفقة تعني نهاية الحرب، وهي غير شرعية وتمثل انتصاراً للإرهاب، لن نسمح بانتهاء الحرب دون القضاء التام على حماس، إذا نفذ رئيس الوزراء الاتفاق بموجب الشروط المعلنة، والذي يعني نهاية الحرب واستسلام حماس، سيقوم حزب عوتسما يهوديت بحل الحكومة".
وأعلن وزير المالية المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، -وهو واحد من أشد الوزراء تبنياً لسياسة توسيع الاستيطان في الضفة، ورفض أي حلول للسلام- عن رفضه بأن يكون جزءاً من حكومة توافق على الخطة المقترحة لإنهاء الحرب دون تدمير حماس وإعادة جميع الرهائن، وأضاف في حسابه الرسمي على موقع "إكس": "لن نوافق على إنهاء الحرب قبل تدمير حماس، ولا على إلحاق ضرر جسيم بإنجازات الحرب حتى الآن من خلال انسحاب الجيش الإسرائيلي وعودة سكان غزة إلى شمال القطاع، ولا للإفراج بالجملة عن الإرهابيين الذين سيعودون لقتل اليهود".
ودفعت التهديدات السابقة زعيم المعارضة، لابيد، للرد على الوزيرين المتطرفين فاعتبر كلامهما إهمالاً واضحاً للأمن القومي ومصير المختطفين، وقال: "هذه هي الحكومة الأسوأ والأكثر فساداً في تاريخ البلاد، بالنسبة لهم، ستكون هناك حرب هنا إلى الأبد، صفر مسؤولية، صفر إدارة، فشل كامل".
تعلّق مديرة المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار"، د. هنيدة غانم على احتمالات نجاح الصفقة بقولها: "كثيرة هي العوامل التي ستؤثر على سير الصفقة أو إتمامها، العامل الأول والأهم هو قرار محكمة العدل العليا في إسرائيل اليوم بخصوص قانون التجنيد، إذا رفضت استناف الحكومة، وقالت بأن على الجيش البدء بتجنيد الحريديم، سيخرج الحريديم من الحكومة، حينها لن يعود نتنياهو خائفاً من سموتريتش وبن غفير وسيذهب إلى الصفقة، لأنه سيضطر لتفكيك الحكومة في كل الحالات".
وتضيف في حديثها لرصيف22: "السيناريو الثاني هو إذا لم يحدث الاحتمال السابق وأخذت الحكومة مهلة جديدة، حينها سوف يتنصل نتنياهو حفاظاً على حكومته، أما السيناريو الثالث فهو القبول في المرحلة الأولى وإفساد الأمور في المرحلة التالية من الصفقة، كل الاحتمالات مفتوحة اليوم".
هل أحرجهم بايدن؟
تتحدث "القناة 12" العبرية في تقرير بعنوان: "المفاجأة في إسرائيل: لم يتم إبلاغ مكتب رئيس الوزراء بخطاب بايدن إلا قبل حوالي 3 ساعات من إعلانه"، عن أن إدارة البيت الأبيض أبقت الأمر سراً فيما يتعلق بتوقيت إعلانه. ونشر التقرير تصريحات مسؤول إسرائيلي كبير لم يسمّه الموقع، بأن الأمريكيين وجدوا خطوة من شأنها أن تبعثر الأوراق، وأن خطاب نتنياهو سيعيد تشكيل اللعبة، وبحسب التقرير فقد أراد بايدن الحديث مباشرة إلى الإسرائيليين في محاولة للضغط من أجل وقف الحرب.
يرى بعض المحللين بأن أهمية التوقيت تهدف لتخفيف الأعباء عن الإدارة الأمريكية قبيل الانتخابات، بعد انخفاض شعبية بايدن بسبب الحرب الحالية، والسعي لتعزيز مصداقية الدور الأمريكي من خلال التحرك مع الشركاء والوسطاء لوقف الحرب وإنهاء معاناة الفلسطينيين
فكرة حديث بايدن إلى الإسرائيليين مباشرة تحدثت عنها باستفاضة، دانا فايس، مراسلة الشؤون السياسية في التلفزيون الإسرائيلي، وعززت من فكرة الرسالة الضمنية التي أرادها الرئيس الأمريكي وهي ضرورة اغتنام الفرصة لعقد صفقة التبادل، وإنهاء الحرب، وفي التقرير نفسه تحدث، نير ديبوري، وهو المراسل العسكري للقناة 12 الإسرائيلية عن خطاب بايدن واعتبره "الفرصة الأخيرة لاتخاذ القرارات"، لكنه في الوقت نفسه طرح عدة تساؤلات حول مستقبل حماس والقطاع، وماذا سيحدث مع السلطة الفلسطينية، وكلها أمور في نظره غير محسومة في خطاب بايدن.
وبشكل تقريبي لم تتوقف مظاهرات واحتجاجات أسر المختطفين في إسرائيل، الذين لم يملّوا من المطالبة بضرورة عقد صفقات تبادل لعودة ذويهم، آملين في تحريرهم بأسرع وقت، ويرى ديمتري دلياني، عضو المجلس الثوري والمتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح، في حديثه إلى رصيف22 أن "تصريحات بايدن أحدثت شرخاً واضحاً بين الشعب والحكومة، حيث يرون أن الحكومة تكذب عليهم وغير معنية بعودة المختطفين، وهناك ضغوطات على نتنياهو لقبول الصفقة، لكنها مسألة وقت، والمؤكد أن حكومة الاحتلال في مأزق سواء في مواجهة الشعب أو بعد ذلك إدارة بايدن".
ووصف أوفير فولك مستشار نتنياهو للسياسة الخارجية، في تصريحات صباح اليوم الأحد، صفقة بايدن وتصريحاته بأنها سياسية في المقام الأول، وأشار إلى أن هناك العديد من التفاصيل التي يجب العمل عليها قبل التوصل إلى اتفاق، إسرائيل لا ترفض الخطوط العريضة التي قدمها بايدن لأنها خطة وافقت عليها إسرائيل.
وحاول الدكتور شاي هار تسفي، رئيس الساحة الدولية والشرق الأوسط في معهد السياسات والاستراتيجية (IPS) في جامعة ريتشمان، تحليل الصفقة المعلنة للرئيس الأمريكي في مقالته المنشورة أمس الأول من حزيران/ يونيو في صحيفة "معاريف"، حيث يرى أن بايدن حاول حث الإسرائيليين على دعم الصفقة، وحاول إحراج نتنياهو وإيصال رسالة له بأن زمن التردد والتأجيل قد انتهى وعليه اتخاذ القرار الآن، وإلا فإنه سيضيع الفرصة التاريخية لتحقيق حلم التطبيع مع السعودية، ويرى هار تسفي أن بايدن يسابق الزمن لتحقيق إنجاز قبيل الانتخابات الأمريكية، بضرورة وقف الحرب.
وطالب المحلل السياسي الإسرائيلي في موقع "والا" العبري، بن كسبيت، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بضرورة قبول الصفقة، ويرى أن بايدن باغت نتنياهو الذي اعتاد طيلة حياته على إطالة أمد أي مفاوضات أو جولات يدخلها، لكن بايدن وكأنه أخرجه من الخزانة وصدمه بضوء شديد في وجهه، ولم يبقي له وقت للكثير من التفكير في هذه الصفقة، وحث الكاتب رئيس حكومة الاحتلال على النظر إلى المكاسب الأخرى مثل ملف التطبيع، وتكوين تحالف أمريكي إسرائيلي سني ضد إيران.
دلالة التوقيت
صفقة بايدن المعلنة مساء الجمعة، جاءت في توقيت له دلالات، تحدث عنها كثير من المحللين سواء الإسرائيليين أو الأمريكيين أو حتى العرب، وتحدث الكاتب في شؤون الأمن والاستخبارات، ديفيد سنجر، في صحيفة "نيويورك تايمز" عن دلالة التوقيت، حيث يرى أن الصفقة المطروحة من قبل بايدن، "جاءت في لحظة محورية في حملة إعادة انتخابه، بعد يوم من إدانة منافسه الرئيس السابق دونالد ترامب، بـ 34 تهمة جناية، وفي الوقت نفسه، كان يواجه ضغوطاً متزايدة في الداخل بسبب إراقة الدماء في غزة، والتي أدت إلى اندلاع أعمال عنف في حرم الجامعات وفي شوارع المدن الأمريكية، وأثارت نفور العديد من أنصاره".
يقول الدكتور طارق فهمي، خبير دراسات الأمن القومي والشؤون الإسرائيليّة، في حديثه لرصيف22: "الأمريكيون يطرحون هذه الصفقة تحت مسمى (رؤية جديدة) للمفاوضات والاتصالات، بالتالي يظهر لدينا التساؤل حول ما إذا كانت الصفقة المطروحة ستلغي ما سبق؟ الأمر الثاني، كان على بايدن تحديد البنود الخاصة بخارطة الطريق، لو أنه كان يطرح لنا رؤية جديدة كما يسموها في أمريكا".
وبرأيه، فـ"توقيت الطرح له دلالته الخاصة، فمن جملة الأهداف هو تخفيف الأعباء على الإدارة الأمريكية قبيل الانتخابات، بعد انخفاض شعبية بايدن بسبب الحرب الحالية، سعي الإدارة الأمريكية لتعزيز مفهوم مصداقية الدور الأمريكي بأننا نتحرك مع الشركاء والوسطاء ونبحث وقف الحرب وإنهاء معاناة الفلسطينيين، خاصة أنه أشار إلى دور الشركاء لكن السؤال ما هو الدور الأمريكي الحقيقي، كما أن المفاوضات توقفت مؤخراً،بالتالي رغبة الإدارة الأمريكية في تحريك المشهد في الوقت الحالي دفعهم للإعلان في هذا التوقيت".
وتحدث فهمي عن "مخاوف أمريكية من دخول أطراف دولية أخرى في حل القضية بالتالي تهميش الدور الأمريكي، هذه الأطراف أهمها الصين، حيث طرحت بكين الأسبوع الماضي فكرة المؤتمر الدولي لوقف الحرب على غزة يكون أكثر موثوقية وفعالية، كذلك روسيا تتحرك، بالتالي هناك تخوف من تلك التحركاتوالتي قدتؤثر على الصورة الأمريكية وتراجع دور واشنطن في المنطقة".
بحسب تسريبات صحافية لم يتم إبلاغ مكتب نتنياهو بخطاب بايدن إلا قبل 3 ساعات من إعلانه، وأبقت إدارة البيت الأبيض توقيت الإعلان سراً.
وتحدث متخصص الشؤون الإسرائيلية ومحاضر اللغة العبرية، محمد علي إلى رصيف22 عن دلالة التوقيت كذلك، حيث يرى أن "حكومة نتنياهو أصبحت بين المطرقة والسندان، فهي تسارع الزمن للتغلب على التناقض بين حكومة الحرب وبين الحكومة العادية، حيث أن هناك تخبط بين ترحيب وزراء الحرب مثل بيني غانتس بالمقترح الأمريكي، وبين هجوم وزراء آخرين مثل سموتريتش وبن غفير، وعلى نتنياهو حسم موقفه في أسرع وقت، حيث يواجه غليان داخلي من شعبه، وهناك تحركات معلنة وأخرى خفية من عائلات المحتجزين للضغط على الحكومة بقبول فوري للصفقة أملأ في عودة ذويهم لأن عامل التوقيت ليس في صالحهم، خاصة مع سوء الأوضاع الصحية للكثيرين من المختطفين، وضغوط خارجية من أمريكا التي وضعته أمام الأمر الواقع، ولا مجال للمماطلة أو التسويف الإسرائيلي المعتاد".
ماذا يعني رفض الصفقة؟
وجد كثير من المحللين الإسرائيليين صفقة بايدن فرصة وطوق نجاة، بالتالي لا مجال لرفضها من قبل نتنياهو، الأمر الذي دفع الكاتب الإسرائيلي المشهور، جدعون ليفي، في صحيفة "هآرتس" إلى الذهاب بعيداً في الهجوم على نتنياهو، ودعوة الإسرائيليين إلى إعلانه مجرم حرب في حالة رفضه لتلك الصفقة بشكل واضح، واعتبر أنها ستكون بمثابة جريمة حرب، ورأى أن "استمرار الحرب لا يعزز الشكوك حول دوافع نتنياهو فحسب، بل يعزز الشكوك حول شركائه والمبتزين من اليمين، الذين يريدون الإبادة الجماعية".
وحول مستقبل الصفقة والحرب في الفترة المقبلة وما يمكن أن تسفر عنه الساعات المقبلة، رأى الدكتور عقل صلاح الكاتب الفلسطيني في حديثه لرصيف22 أن "التطورات الأخيرة خلال الأسبوعين الماضيين قد تساعد على قبول هذه الصفقة، حتى لو عارضها اليمين المتشدد، ومن ضمن هذه العوامل الموقف الدبلوماسي الحرج الذي تجد إسرائيل نفسها فيه، مثل موقفها في الجنائية الدولية ومحكمة العدل، ومذكرات التوقيف في حق نتنياهو وغيره من الوزراء، وعودة القضية الفلسطينية على الساحة بشكل قوي خصوصًا الحق في تقرير المصير وإعلان الدولة، والاعتراف بها من قبل دول كبرى، كما أن الولايات المتحدة ترغب في تحقيق التهدئة في الشمال مع حزب الله، لذا فاستمرار الحرب مع حماس لا يساعد على ذلك، وبالتالي قد يجد نتنياهو نفسه مضطراًإلى الموافقة على الصفقة، خاصة في مراحلها الأولى".
يعتقد الدكتور عبد المهدي مطاوع المحلل السياسي الفلسطيني في حديثه لرصيف22 أن "الأزمة ستتفجر في المرحلة الثانية من الصفقة، وليس الأسابيع الست الأولى، وهي المرحلة الأولى، لأن الهدنة مستمرة حتى لو لم يتم إنجاز شيء وهو ما قد يعرضها للانفجار، لكن هذه الصفقة هي الفرصة الأخيرة لإيقاف شلال الدم، ونصح مطاوع حركة حماس بضرورة قبولها بشكل معلن وواضح لإنقاذ الأبرياء والمدنيين.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ يومأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ 3 أياملا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 5 أياممقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه
بلال -
منذ أسبوعحلو
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعالمؤرخ والكاتب يوڤال هراري يجيب عن نفس السؤال في خاتمة مقالك ويحذر من الذكاء الاصطناعي بوصفه الها...