شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
أقلّ من أوسلو، أقلّ من نتنياهو… صيغة أمريكيّة للحلّ

أقلّ من أوسلو، أقلّ من نتنياهو… صيغة أمريكيّة للحلّ

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي نحن والمشرّدون

الجمعة 22 مارس 202411:59 ص

انقسم الكتّاب والمهتمون وكل من يتعاطى الشأن السياسي في الساحة الفلسطينية حول المتوقع من هذه الحرب بعد انتهائها. الغالبية العظمى تصرّ على أن نتيجة الحرب ستكون لمصلحتنا نحن الفلسطينيين، بينما هناك فئة أخرى تعتقد أن القضية الفلسطينية وصلت إلى طريق مسدود، أو على الأقل مظلم تماماً، وأن حقوق الفلسطينيين أضحت في مهب الريح.

الفريق الأول يدافع عن وجهة نظره مستنداً إلى عدة معطيات، أهمها:
أولاً، أن السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 شكّل هزيمة لإسرائيل على عدة مستويات، أهمها المستوى العسكري والمستوى الاستخباراتي، ونتيجة لذلك فإن أسطورة الجيش الذي لا يُقهر لم تعد فاعلة أو تخيف أحداً، وإن هذا الجيش يمكن هزيمته، إن لم يكن الآن ففي المستقبل.
ثانياً، أن المقاومة على الأرض على امتداد ستة شهور حتى اللحظة، تثبت أن الجيش الذي هُزم في السابع من أكتوبر لا يستطيع حتى الآن أن يرمم صورته، أو أن يستعيد قوة الردع التي كان يتمتع بها، بل على العكس من ذلك فإنه يغوص أكثر وأكثر في وحل غزة وفي وحل الهزيمة، وهو يتعرض لخسائر لا يمكن نكرانها ولا احتمالها على المدى الطويل.

يمكننا افتراض أن الإدارة الأمريكية، وبعض حلفائها الأوروبيين والعرب، قد ملّوا من محاولاتهم المتكررة لإيجاد حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ووجدوا ضالتهم في هذه الحرب، أو هم انتظروها وجاءت على مقاس رغباتهم
ثالثاَ، ولأن هذه الخسائر التي يتعرض لها الجيش الإسرائيلي تتوالى، فكان لا بد له من الانتقام بطريقة همجية من المدنيين ومن المباني والمستشفيات، ومن كل مظاهر الحياة في القطاع، مما كشفه أمام العالم كجيش فاشيّ مجرم، ولا يتمتع بما يدعيه طوال عقود من أنه الجيش الأخلاقي في المنطقة. يتبع ذلك بالطبع ما ينعكس على تعريف الدولة عموماً من صفات تخرجها من صورة الدولة الديمقراطية أو الدولة التي تتمتع بقيم أوروبية حديثة، ويضعها في مكان ومكانة الدول المارقة، أو المجرمة على أقل تقدير.
رابعاً، إذا اجتمعت كل العوامل السابقة مع ما تشهده الساحة الدولية من حراك شعبي يقف مع الفلسطينيين، ويتظاهر بلا انقطاع في شوارع المدن العربية والأوروبية، وبقية مدن العالم، فإن أصحاب الرأي المرجّح لانتصارنا كفلسطينيين، يكسب نقطة إضافية. فلا شك أنه لأول مرة يكون التضامن العالمي مع قضيتنا بهذا الزخم وهذا الاستمرار. ولنكن منصفين علينا أن نعترف أنه بغض النظر عن الأسباب، سواء أكان هذا التضامن بسبب وحشية الحرب التي تُشن ضدنا أم بسبب طول فترتها، أم بسبب عدد الضحايا وطبيعتهم، فلا أحد يستطيع إنكار أن القضية الفلسطينية تم وضعها مجدداً على جدول أعمال العالم وأجنداته السياسية.
إذن، فأصحاب الرأي المرجّح لانتصارنا لديهم ما يكفي من المبررات لهذا الرأي، أما أصحاب الرأي المخالف فإنهم يدافعون عن وجهة نظرهم بالعوامل والمبررات التالية:
أولاً، الرياضيات بمنطقها الحسابي البسيط في هذه الحرب ليست لمصلحتنا كفلسطينيين. فمقابل كل قتيل من العدو لدينا أكثر من عشرين، ومقابل كل بيت أو مؤسسة مهدمة، إن وجدت، لدينا خمسون ألفاً، ومقابل كل آلية معطوبة لدينا خمسمائة مدرسة وجامعة تم تدميرها كلياً أو جزئياً، ولدينا أكثر من مائة مستشفى ومركز صحي تم إخراجها عن الخدمة، وباختصار ودون تعداد..لدينا شعب بأكمله تم جرفه.
ثانياً، الجغرافيا ليست في مصلحتنا كذلك، لأن المنطق البسيط يقول إن كل متر مربع من قطاع غزة كان بحال أفضل قبل الحرب مما هو بعدها. هذا دون أن ندخل في جدال حول الفارق بين الاحتلال والحصار، فلا شك أن غزة كانت محاصرة، لكنها الآن محتلة.
ثالثاً، الزمن ليس في مصلحتنا أيضاً. فمع كل يوم يمضي من هذه الحرب تزداد معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة، ويزداد جوعهم وحاجتهم الماسة إلى وقف القتال، والإغاثة العاجلة. وليس أدل على ذلك أكثر من مناداة الطرف الفلسطيني بوقف الحرب، فبأي منطق حربي ينادي المنتصر بذلك بينما الذي يرى الهزيمة ماثلة أمام عينيه يمعن في القتل ولا أحد قادر على إيقافه.
رابعاً، وهذه الرابعاً يمكن أن يدور حولها نقاش له أول وليس له آخر، وهو أن العالم الذي يقف معنا ومع دمنا ومعاناتنا، ويوجه نقده اليومي، بل واشمئزازه من تصرفات إسرائيل الفاشية، لا يمكنه أن يسمح بهزيمتها أمام حركة "متطرفة" حسب رأيه بها. فإسرائيل بالنسبة لهذا العالم هي دولة لديها هيكليتها ومؤسساتها والتزاماتها الدولية، كما أن لهذا العالم التزاماته تجاهها، وهو وإن تعاطف مع حقنا كفلسطينيين، وإن أدان تصرفات إسرائيل الإجرامية، إلا أن فكرة انتصار حركة إسلامية على دولة قائمة ليست في وارد العالم، المتشكل، أساساً، من دول وليس من حركات، والذي تحكمه قوانين وتشريعات الدول وليس الحركات مهما كانت طبيعتها. ناهيك أيضاً عن الإسلاموفوبيا في العالم، سواء كانت حقيقية أو مفتعلة.
كيف يمكن فهم هذين المنطقين المتناقضين إذن؟ وكيف يمكن التوفيق بينهما لرسم صورة مفترضة جديدة للصراع ومآلاته؟ وكيف يمكننا استناداً إلى كل هذه التشعبات أن نفهم التصريحات الأوروبية والأمريكية التي تنصفنا نظرياً لكنها لا تفعل شيئاً لصالحنا على أرض الواقع؟

لكي تستطيع ضمان نفوذها في المنطقة، لا بد لواشنطن من إيجاد حل للقضية الفلسطينية، وهذا الحل ليس بالضرورة أن يرضي الفلسطينيين ويحقق مطالبهم، بقدر ما يرضي الأصدقاء العرب الذين لا بد من كسبهم كحلفاء إلى جانب الحليف الإسرائيلي. من جانب آخر لا بد لهذا الحل أن يتم انتزاعه من الحليف المزمن، إسرائيل، وأن يتم في المقابل ضمان أمنه واستقراره، ولو على حساب تقليم أظافره قليلاً، وذلك ليتم قبوله عربياً

يمكننا، بتحليل ما سبق من معطيات، افتراض أن الإدارة الأمريكية، وبعض حلفائها الأوروبيين والعرب، قد ملّوا من محاولاتهم المتكررة لإيجاد حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ووجدوا ضالتهم في هذه الحرب، أو هم انتظروها وجاءت على مقاس رغباتهم. لا داعي للخوض بما هو معروف من تراجع مكانة الولايات المتحدة في الحرب الروسية الأوكرانية، و تراجع سطوتها فيما يخص تايوان والصين، وتآكل نفوذها في أماكن عدة في القارة الإفريقية، وأن الشرق الأوسط هو المتبقي، بما يحويه من أهمية سياسية واقتصادية.
ولكي تستطيع ضمان نفوذها في المنطقة، لا بد لها من إيجاد حل للقضية الفلسطينية، وهذا الحل ليس بالضرورة أن يرضي الفلسطينيين ويحقق مطالبهم، بقدر ما يرضي الأصدقاء العرب الذين لا بد من كسبهم كحلفاء إلى جانب الحليف الإسرائيلي.
من جانب آخر لا بد لهذا الحل أن يتم انتزاعه من الحليف المزمن، وهو هنا إسرائيل، وأن يتم في المقابل ضمان أمنه واستقراره، ولو على حساب تقليم أظافره قليلاً، وذلك ليتم قبوله عربياً.
كيف لهذا أن يحدث دون حرب يتم من خلالها تخفيض سقف مطالبات، وتوقعات الطرفين على السواء؟ إن الإدارة الأمريكية تعمل على إطالة أمد الحرب، على عكس ما يُخيّل للبعض، وهي بذلك تنتظر قبول الفلسطينيين بحل يحقن دماءهم، وقبول الإسرائيليين بحل يضمن أمنهم وإعادة صورتهم التي تم تشويهها على يد اليمين الديني الفاشي. ولن يتم ذلك إلا بتقليم قوى الطرفين وإنهاكهما، وبعد ذلك تقديم المغريات الاقتصادية والأمنية لهما. أما هذه المغريات فستكون من الخليج مالياً، ومن إيران أمنياً.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

أكثر من مجرد أرقام

نظراً إلى الحروب والأزمات الاقتصادية والكوارث الطبيعية، شهد العقد الماضي تشريد ملايين الأشخاص في منطقتنا.

سواء كانوا نازحين داخلياً، أو اضطروا إلى عبور القارات بحثاً عن منزل جديد، فإن الأشخاص الذين تم تشريدهم غالباً ما يتم تمثيلهم على أنهم أرقام ثقيلة العبء في وسائل الإعلام.

نحن مهتمون بقصصهم الشخصية. نؤمن بأن وسائل الإعلام لديها واجب تسليط الضوء على الكرامة الإنسانية، لا التقليل منها.

Website by WhiteBeard
Popup Image