على وقع استقالة المبعوث الأممي إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، ومن قبلها انسحاب فريق نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، سيف الإسلام القذافي، وانسحاب ممثلي الجيش الوطني الليبي، من تجهيزات المؤتمر الوطني الجامع للمصالحة الوطنية الليبية، والذي كان مقرراً انعقاده برعاية أممية وأفريقية في مدينة سرت (شمال ليبيا) نهاية نيسان/ أبريل 2024، دخلت الأمور في ليبيا مجدداً طريقاً مسدوداً.
أُعلن عن تأجيل مؤتمر "المصالحة" لأجل غير مسمىً، في ظل حالة الجمود والتراجع التي تسيطر على جميع الأطراف، تلك الحالة التي كشفت عن العديد من التحديات والعقبات التي تواجه مشروع المصالحة الوطنية المأمولة بعد سنوات طويلة من التخبّط في الأداء والممارسات.
وعلى الرغم من تعدد التحديات التي تقف حائلاً دون إحداث تغيير إيجابي في الشأن الليبي، إلا أن التطورات الأخيرة المتمثلة في تقارب العلاقات الثنائية والإقليمية بين عدد من الدول المتداخلة بشكل أساسي في ليبيا، والتي تمتلك زمام العديد من الأمور على الأرض، باتت فرصةً واعدة يمكن البناء علىها لأجل تغيير يُعيد للشعب الليبي الأمن وإلاستقرار، بعد أكثر من ثلاثة عشر عاماً من الأزمات المتلاحقة عقب إطاحة نظام القذافي في 2011.
مقدمات بائسة تؤدي إلى نتائج يائسة
قبل نهاية 2023، انسحب فريق سيف الإسلام القذافي من المشاركة في مشروع المصالحة الوطنية، بسبب التصميم على عدم الإفراج عن المعتقلين المحسوبين على النظام السابق، وعلى رأسهم رئيس جهاز المخابرات في عهد القذافي، عبد الله السنوسي. ورغم محاولات الاتحاد الأفريقي والمجلس الرئاسي العمل على عودة الفريق للاجتماعات التحضيرىة للمؤتمر، لم تنجح جهودهم لعدم قدرتهم على رأب الصدع، حيث تسيطر ميليشيات متعددة على مجموعات من المعتقلين، وتضعهم في سجون خارج هيمنة الحكومتين اللتين تديران البلاد.
بعد أن كانت مدينة سرت على وشك استقبال المؤتمر الوطني الجامع للمصالحة الوطنية الليبية في نيسان الماضي، وبعد أن سمح الليبيون لأنفسهم بقليل من الأمل، وصلت الأمور من جديد إلى طريق مسدود مع انسحاب الأطراف واحداً تلو الآخر، وأُعلن عن تأجيل المؤتمر لأجل غير مسمى
وفي آذار/ مارس 2024، وقبل قرابة شهر من الموعد المزمع للمؤتمر، قررت القيادة العامة للجيش الليبي تعليق المشاركة فيه، والانسحاب من اجتماعاته التحضيرىة بسبب سحب المجلس الرئاسي قرار ضم قتلى وجرحى الجيش من هيئة الشهداء. وانتقد الجيش أداء نائب رئيس المجلس الرئاسي ومسؤول ملف المصالحة، محمد اللافي، متهماً إياه بالتحيّز وإلاقصاء والمراوغة، مطالباً بأن يسحب الاتحاد الأفريقي مسؤولية ملف المصالحة من أيدي المجلس الرئاسي.
بعد ذلك بأيام قليلة، قامت عدة ميليشيات قبلية في الزنتان (غرب ليبيا) بعرض عسكري كبير، أعلنت خلاله دعم ترشح سيف الإسلام نجل القذافي للانتخابات الرئاسية، ولم تمر إلا ساعات قبل أن يتم اختطاف رئيس فريق سيف الإسلام بلجنة التحضير لمؤتمر المصالحة، الشيخ علي أبو سبيحة ونجله زكريا، وسط حالة تنديد واستنكار من غالبية القبائل الليبية، ووسط اتهامات لمعسكر المشير خليفة حفتر الشرقي بالمسؤولية عن اختطاف الشيخ المُسن وإخفائه في بنغازي بعد نقله بطائرة إلى هناك.
تزامنت تلك التوترات مع هجوم بعض أعضاء مجلس النواب الليبي، الشريك بمؤتمر المصالحة، على ممارسات المجلس الرئاسي المسؤول عن ملف المصالحة، وسط حديث العديد من المتابعين السياسيين عن خلافات حادة بين ممثلي البرلمان الليبي واللافي، خاصة أن مجلس النواب الليبي محسوب على معسكر الشرق الذي يضم القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية التي قررت الانسحاب من المؤتمر.
تحديات سياسية وتهديدات أمنية
عقب تأجيل مؤتمر المصالحة الوطنية لأجل غير مسمى، بات واضحاً أن هناك العديد من التحديات والتهديدات والعقبات التي تحول دون تحقيق المصالحة الوطنية الليبية الشاملة. يقول المحلل السياسي المهتم بالشأن الليبي، سعيد أبو عرقوب، لرصيف22، إن مختلف الأطراف السياسية الليبية تتحمل المسؤولية عمّا آلت إليه الأوضاع من فشل محاولات المصالحة المتتالية، مؤكداً أنهم استغلوا جميع هذه المحاولات لتنمية علاقاتهم الشخصية من أجل أجندات سياسية ضيقة، ومحاولة فتح أبواب جديدة تسمح لهم بالبقاء في المشهد، دون الاهتمام بأهداف المشروع ذاته، حتى أصبح مستقبل الدولة الليبية مرهوناً بمصالح الفرقاء السياسيين المتناقضة.
ويشير أبو عرقوب إلى أن عدم وجود رؤى تفصيلية لدى العديد من الأطراف الليبية عن شكل المصالحة، أو شروطها أو آلياتها، بالإضافة إلى تخوّف بعض الأطراف من مواجهة الماضي التي تتطلب وجود آلية للمحاسبة تضمن عدم الإفلات من العقاب، والتفاف أطراف أخرى على آلية جبر الضرر، وإقصاء أطراف متعددة منها، مستدلاً على ذلك بعدم وجود مفهوم وطني موحد للمصالحة. كما تتخبط الآراء بين الأطراف الليبية حول أولوية المصالحة الوطنية أم أولوية المسار الدىمقراطي، بحسب أبو عرقوب الذي يردف بأن هذا هو ما يؤدي كل فترة إلى القفز على مشروع المصالحة بحجة الانتقال الديمقراطي الذي لا يكتمل هو الآخر.
يرى بعض المحللين أن تخوّف بعض الأطراف من مواجهة الماضي، الأمر الذي سيتطلب بالضرورة وجود آلية للمحاسبة أدى إلى فشل محاولات المصالحة.
في نفس الإطار، يقول الباحث في مركز المستقبل للأبحاث والدراسات الليبية، محمود عسقلان، لرصيف22، إن اختيار المجلس الرئاسي كمسؤول عن مشروع المصالحة الوطنية رغم أنه طرف منافس يبحث عن مصالحه وعن البقاء في السلطة، يعد بلورة لرغبة الدول الغربية المتداخلة في الشأن الليبي باستمرار تردي الأوضاع الليبية، مذكراً بفشل المجلس في كافة الجهود التي أسندت إليه بما في ذلك توحيد المؤسسة العسكرية وتنمية العلاقات الليبية الدولية، جعله يستخدم ورقة المصالحة من أجل بقاء الاعتماد عليه بعد أن أصبح بلا أي أساس دستوري أو قانوني.
ويضيف عسقلان أن العامل الأمني يعد أبرز مهددات مشروع المصالحة الوطنية بالنظر إلى انتشار السلاح في أيدي المواطنين، وهيمنة التشكيلات المسلحة المتنوعة في الشرق والغرب على مقاليد العملية السياسية، واستحواذها الكامل على الموارد الاقتصادية للدولة، وممارستها الضغط على الحكومات والمؤسسات لتحقيق مصالح دول بعينها، بالإضافة إلى انتشار المرتزقة الأجانب في ليبيا، حيث تتضارب مصالح الدول العظمى على البساط الليبي وتتنامي مساحات وأدوات القواعد العسكرية الأجنبية التي تكرّس سياسات الهيمنة والنفوذ، ولا تهتم مطلقاً بتردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية في البلاد.
عقبات قانونية
في سياق متصل، يرى أستاذ القانون الدولي في جامعة بنغازي، محفوظ العبدلي، أن هناك تحدياً قانونياً كبيراً يواجه مشروع المصالحة الوطنية، يتلخص في عدم تفعيل قانون المصالحة والعدالة الانتقالية الذي أصدرته أول سلطة تشريعية ليبية عقب الحراك الليبي ضد نظام القذافي، مشيراً إلى أن مشروعات قوانين المصالحة الجديدة تتجاهل جميع قرارات جبر الضرر التي صدرت في فترات سابقة منذ الثورة، قبل أن تلتف حولها حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، حينما أصدرت قرارات مخالفة بصناعة مؤسسة جديدة تصبح مسؤولة عن مشروع المصالحة، وهو ما أدى إلى التحايل على أهداف القانون، وخلق وجهات نظر مناقضة للآليات المعتادة في عملية العدالة الانتقالية، لتقف الأمور مجمدة دون أي جديد حتى اليوم.
يؤكد العبدلي أن الوضع القانوني الحالي للمشروع يحتاج إلى إعادة دراسة وتقييم لجميع التشريعات والقرارات المتضاربة، التي تخص تشريعات العدالة الانتقالية والعزل السياسي، والتي خرجت من البرلمان أو الحكومة أو المجلس الرئاسي، تمهيداً لإطلاق عملية حوار وطني شاملة تضم كافة قطاعات المجتمع بما فيها النساء والقبائل ومؤسسات المجتمع المدني، بهدف الوصول إلى رؤية ليبية وطنية واحدة حول أهداف وشروط وضوابط وآليات مشروع المصالحة، علاوة على العمل المتوازي على توحيد وإصلاح المؤسسات الأمنية والتشريعية والتنفيذية والسلطة القضائية.
صراع النفوذ الدولي ولعنة الجغرافيا
ومنذ أن تدخلت طائفة من القوى العظمى الدولية في الأزمة الليبية وقد ازداد الوضع اشتعالاً، في الوقت الذي لم تقدم خلاله أي قوة سياسية ما يسمح بالوصول إلى مصالحة حقيقية جامعة، بل تفنّنت المشروعات الدولية في توسيع الفجوة بين الأطراف الليبية فيما اتسم أداء كل دولة بالبحث عن مصالحها، بدعوى العمل على إعادة الأمن والسلم في البلاد. ومما لا شك فيه أن وجود هذا الكم من المشروعات الأجنبية المتضاربة على الأراضي الليبية يمثل تهديداً واضحاً لكل مشروع وطني يسعى إلى حل الأزمة.
ولم تهدأ يوماً التوترات السياسية بين الروس والأمريكان على الأراضي الليبية، ولعل أبرزها المطالب الأمريكية الأخيرة بتقديم سيف الإسلام القذافي إلى المحكمة الجنائية الدولية، حيث سبق أن صدرت بحقه مذكرة توقيف دولية، بدعوى ارتكابه جرائم حرب ضد الإنسانية، وقد وُجِهت تلك المطالب برفض روسي حاد لتدخل المحكمة الدولية في الشأن الليبي حيث اتهم الروس المحكمة بالكيل بمكيالين. كما فتحت تلك المطالب دفاع اتحاد القبائل الليبية عن نجل الزعيم الراحل في خضم زخم قبلي يحظى به. علاوة على أن ليبيا لم توقع على بروتوكول المحكمة، وليست عضوة بها.
في هذا الصدد، يقول الباحث بمركز المستقبل الليبي، محمود عسقلان، إن الصراع الدائر بين القوى العالمية الكبرى على أرض ليبيا ساهم في تعزيز صراع الفرقاء الليبيين، كما أدي إلى توسيع حيز الصراع الليبي إقليمياً، سيّما مع الثقل الجغرافي الكبير لليبيا، باعتبارها بوابة الوصول لجنوب أفريقيا وشرقها، ومكانتها كواحدة من أكبر دول القارة في انتاج النفط والغاز، ويمكّنها موقعها الإستراتيجي على ساحل البحر الأبيض المتوسط بالسماح بنقل النفط والغاز للغرب بشكل مباشر.
تدخُّل القوى الكبرى زاد من اشتعال الأمور في ليبيا، ووسّع الفجوة بين الفرقاء، ولعلّ المثال الأوضح في المطلب الأمريكي بتقديم سيف الإسلام القذافي إلى المحكمة الجنائية الدولية بعد صدور مذكرة توقيف بحقه، الأمر الذي لاقى رفضاً روسياً حيث اتهم الروس المحكمة بالكيل بمكيالين
يشير عسقلان أيضاً إلى أن الصراع الأمريكي الروسي على أرض ليبيا يمثل عبئاً كبيراً أمام أي مشروع جاد للمصالحة الوطنية، خاصة أن باكورة وحدة الصف الليبي تعني الانحياز لإحدى القوتين المتصارعتين، وهو ما يزيد من مخاوف الدولتين. فروسيا بحاجة إلى الشواطئ الليبية لتدعيم وتعزيز إمدادات الفيلق الأفريقي الذي تسلّم مهام قوات فاغنر في أفريقيا، وهو ما جعلها لا تقدم أي مبادرات حقيقية لتسوية الأزمة ودعم مشروعات المصالحة الوطنية.
كما أن أمريكا رغم كونها أحد المنخرطين في حل الأزمة ظاهرياً إلا أن الخطوات الرئيسية لنهجها تتلخّص في محاولة الهيمنة على أداء البعثات الأممية للبلاد بما يحقق مصالحها، ودعم عمليات التسوية السلمية والانتقال السلمي للسلطة وتسهيل إجراءات العملية الانتخابية بعيداً عن تقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين، تخوفاً من وحدة صف ممكنة ضد أهدافها، وهو ما دفع بها أن تجعل القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا راعية لمباحثات لجنة 5+5 الأمنية والسياسية.
شكوك حول دور الاتحاد الأفريقي
رغم سعيه الحثيث لدعم مشروع المصالحة الوطنية حيث استضافت الكونغو عدة اجتماعات ولقاءات لتنظيم وتعزيز المسار، إلا أن هذا الأداء لم يشفع للاتحاد الأفريقي لدى فئة كبيرة من الشارع الليبي. يقول أبو عرقوب إن الأداء القديم المتجدد للمنظمة الأفريقية يقف حائلاً لحراكها لأجل تعزيز مشروع المصالحة الوطنية، رغم امتلاكها لنهر وفير من تجارب التحول الدىمقراطي ومسارات العدالة الانتقالية بالقارة.
كما يوضّح أن قرارات الاتحاد لدعم مسار المصالحة الوطنية في ليبيا دائماً ما تم النظر إليها في سياق العلاقات القديمة المتينة التي كانت تربط المنظمة بالقذافي، إضافة إلى علاقاته الوطيدة بالعديد من القيادات الأفريقية، عدا أن تاريخ الاتحاد الأفريقي منذ الإطاحة بحكم القذافي مثّل شرخاً كبيراً لدى الليبيين الذين ثاروا في 2011 ضد سياسات القذافي خاصة وأن الاتحاد قد سعى بعد الحراك الليبي إلى إعادة تمكين بقايا النظام السابق، والدفاع عنهم.
ويضيف أبو عرقوب أن الأمم المتحدة لم تعطِ المنظمة الأفريقية قدراً كبيراً من الاهتمام والمسؤولية بدورها في ليبيا، نتيجة ضعف المشاركة في قممها المتكررة وتكرار الخطاب المعتاد من جانب الدول الأعضاء بها، كما أنها قد اكتفت بأن يكون أداؤها مجرد تعبير عن خطوات المجلس الرئاسي الليبي الذي يرعى المشروع، رغم أنه يتحرك وفق سيناريوهات تفرضها التدخلات الإقليمية والدولية، وهو ما يشير إلى أن دور الاتحاد الأفريقي لمعالجة الأزمة الليبية يحتاج لجهد فاعل من أجل وجود حقيقي يسمح بإبراز النتائج المرجوة.
فرص واعدة
رغم كثرة التحديات والعقبات التي باتت تحاصر مشروع المصالحة الوطنية الليبية إلا أن التغيرات الإقليمية الأخيرة التي سمحت بإعادة ترتيب العلاقات بين العديد من الدول المتداخلة في ليبيا تمنح فرصاً واعدة لتحسين الأوضاع بين الفرقاء الليبيين، في ظل العلاقات الوطيدة التي تجمع كافة المعسكرات الليبية بتلك القوى الإقليمية.
يؤيد هذا الرأي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سبها، شاكر فضل الذي يقول لرصيف22 إن التقارب المصري التركي الذي تم خلال الفترة الأخيرة والذي تزامن مع تطور وتنمية العلاقات الإماراتية التركية بعد سنوات من الخصومة، يمثل أحد أهم نماذج الفرص الواعدة القادرة على كسر حالة الجمود والتراجع والتوتر التي تسيطر على العلاقات بين الأطراف الليبية في الداخل، خاصة أن المعسكر إلاماراتي المصري الذي دعم معسكر الشرق الليبي خلال سنوات الحرب الأهلية، والمتمثل في الجيش الليبي بقيادة حفتر، ومجلس النواب بقيادة عقيلة صالح، كان مجابهاً بقوة لمعسكر الغرب الذي ترعاه تركيا بشكل واضح والمتمثل في حكومة الوفاق ومن بعدها حكومة الوحدة، بالإضافة إلى دعم عسكري غير محدود لعدد من القبائل والميليشيات المحسوبة على التيار الإسلامي المتحالف بشكل أو بآخر مع حكومة طرابلس.
بعض الآراء تقول بأنه على الرغم من أن الصراع الليبي لم يكن دافعاً خلف التقارب التركي الإماراتي إلا أن تلك المصالحة قد تسمح بتسهيل فترات من السلام المستدام بليبيا.
ويستطرد فضل: "بالرغم من أن الصراع الليبي لم يكن دافعاً خلف التقارب التركي الإماراتي إلا أن تلك المصالحة قد تسمح بتسهيل فترات من السلام المستدام بليبيا، وقد تكون دافعاً نحو تحوّل مهم في جميع الأحداث المقبلة، بعد أن كانت القوتان تقفان على النقيض تماماً"، موضحاً أن كلتا الدولتين تملكان قوات خاصة تابعة لهما على الأرض، وفي حال الاتفاق في ما بينهما على سحبها، فإن هذا قد يهيئ الأوضاع لترتيب البيت الليبي نحو مشروع المصالحة المغضوب عليه.
يتفق عسقلان مع هذه الرؤية، ويضيف أن تقارب تركيا والإمارات ومصر، بعد التفاهمات الأخيرة بينها، قد انعكس بوضوح على انفتاح كافة الأطراف في ليبيا، وسمح بكسر حالة الجمود القديمة. فزيارات ممثلي مؤسسات طرابلس الحكومية لكل من مصر والإمارات باتت اعتيادية، ومصالح تركيا لم تعد بعيدة عن معسكر الشرق الليبي الذي كان محرّماً عليها في السابق وفق عسقلان الذي يتابع بأن التفاهم حول ميلاد ثوابت محور إقليمي جديد في ليبيا بين الدول الثلاث قد يسمح بممارسة الضغط على روسيا لسحب قواتها العسكرية، خاصة بعد أن استطاعت تلك القوى الإقليمية الموازنة في علاقاتهم بين الغرب وروسيا مؤخراً، وهو ما يعني القضاء على ملف المرتزقة الذي أنهك الشارع الليبي وهدّد أحلامه وطموحاته في استغلال ثروات بلاده، ويقف حائلاً كبيراً أمام مشروع المصالحة الوطنية.
بين التحديات والفرص، يظل مشروع المصالحة الوطنية الليبية الجامع حلماً عالياً بالأفق البعيد، رغم استشعار الجميع مدى أهميته من أجل التقدّم للأمام إلا أنه يظل في احتياج لجهد دؤوب ونية خالصة، وإيمان بقيمة الوطن.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.