شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
مقطوعات التكنو وأغاني الراب... رقص تفاعلي بين دمشق وبرلين

مقطوعات التكنو وأغاني الراب... رقص تفاعلي بين دمشق وبرلين

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة نحن والمهاجرون العرب

الجمعة 31 مايو 202402:43 م

نجحت نقابة صدى الصوتية، التي أسستها مجموعة سوريين حول العالم يجمعهم اهتمامهم ووعيهم بالإمكانيات الفاعلة للصوت كأداة، أن تتعاون مع واحدة من أبرز شركات الإنتاج والتوزيع في مجال الموسيقى الإلكترونية والتكنو، وهي Boiler room، التي منذ تأسيسها في العام 2010 في لندن، وهي المنصة التي تحصد الجوائز الموسيقية المتتالية.

Boiler room تسعى إلى إقامة حفلات موسيقى التكنو في مدن متفرقة من العالم، وبثها إلى الجمهور بتصوير الحفل والتسجيل الموسيقي المباشر.

فأنتجت مع المجموعة السورية مشروعاً بعنوان (صوت سوريا)، وهو مجموعة من حفلات موسيقى التكنو تبث حية، وتمتد بين دمشق (6 موسيقيين/ات)، وبرلين وأمستردام (12 موسيقياً).

Boiler room

الصور من موقع مشروع بويلر روم


مقطوعات موسيقى التكنو وأسئلة المكان والهوية

قُدمت الحفلات في أماكن موسيقى التكنو في دمشق، وكذلك الحال مع الحفلات الأوروبية لتشكل بمجموعها 12 ساعة من الموسيقى المتواصلة تناوبت على تحقيقها مجموعة من الموسيقيين ومدمجي الموسيقى ومغني الراب السوريين/ات. وتضمن المشروع أيضاً تقديم فيلمين: الأول بعنوان (الديار، دمشق)، والثاني بعنوان (المنفى، أوروبا) حويا لقاءات مع فنانين وموسيقيين/ات في داخل سورية ومع المنتشرين في المدن الأوروبية، يروون فيها تجربة الموسيقى، والحرب، والهجرة، واللجوء، وأسئلة الإبداع الموسيقي بين الداخل والمنفى، من إخراج يامن المقداد وجولين هدايا.

قُدمت الحفلات في أماكن موسيقى التكنو في دمشق، وكذلك الحال مع الحفلات الأوروبية، لتشكل بمجموعها 12 ساعة من الموسيقى المتواصلة تناوبت على تحقيقها مجموعة من الموسيقيين ومدمجي الموسيقى ومغني الراب السوريين/ات.

يكتب القائمون على المشروع: "صوت سوريا هو تأمل في الحالة السورية التي تشكلت خلال أكثر من عقد من الحرب المستمرة والتشتت، في الذل والفرح اللذين يشكلان تلك الحالة ومكانة الموسيقى في الحساب والسعي من أجل الحياة. تم تصميمه وإنتاجه من قبل سوريين للسوريين بمساعدة تحريرية من نقابة صوت الصدى"، وتعتبره شركة الإنتاج الموسيقية فرصة لاستكشاف مشهد موسيقى التكنو في سورية، والتعرف على أبرز أساليب الموسيقيين/ات في المرحلة الراهنة. كما أنه يعرفنا على يومياتهم الموسيقية وأفكارهم ومشاريعهم، ويربطهم بالموسيقيين السوريين في الخارج ليفتح فنوات التواصل الفني والإبداعي. كان المشروع قد بدأ منذ العام 2022، إلا أنه واجه العديد من العقبات، ليس آخرها صعوبة تحقيقه في ظل الأوضاع الحالية التي تعيشها غزة. لذلك أصر القائمون في البيان الخاص وفي تيترات الفيديوهات على ذكر الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب السوري والجرائم التي ترتكب في غزة: "إن عملنا اليوم وكل يوم موجه نحو سوريا لنا وفلسطين حرة".
يقدم الجزء الأول من المشروع بعنوان "الديار"، والذي تم تصويره في دمشق - بثاً مدته 6 ساعات مصحوباً بفيلم قصير، يغوص في عوالم الفنانين بين دمشق وحلب ويعرف المتلقي على يومياتهم، وممارساتهم في صناعة الموسيقى وتنظيمها. بمشاركة كل من الموسيقيين والموسيقيات: بوشوكو Boshoco، مهدي MH-D، سعادة Saadé، ستاش Stash، ولاشي Walashi، ويارا محرز Yara M.

Boiler room

الصور من موقع مشروع بويلر روم

تتحدث الشخصيات في الفيلم عن اكتشاف موسيقى التكنو وحفلات الإنصات والاستماع ولعب الموسيقى الجماعي، التي يرى فيها البعض ضرورة لكي تخلق فضاءاً بديلاً عن الواقع العنفي الذي تعيشه المدينة.

تكرر الشخصيات الحديث عن متعة الموسيقى، الخصوصية التي تجمع المحبين/ات لهذا النوع الموسيقي.

يصف سعادة المميزات الخاصة بالموسيقى الإلكترونية، والتشابه الذوقي والجمالي عند المستعمين إلى هذه الموسيقى، ويصفها بالطاقة التي تجمع الناس، ولكن أيضاً تعطي شعوراً بالانتماء إلى فئة محبي التكنو التي يصفها بالعائلة. يتوقف مهدي عند الفئات الاجتماعية المتنوعة التي تنخرط في الطقس الموسيقي لموسيقى التكنو، من أطباء وموسيقيين وراقصين وفنانين، تتواصل الاختصاصات المتنوعة عن طريق التذوق الموسيقي، كما يقول. ويروي الموسيقي ستاش، تجربة استلهام الموسيقى من مصاعب الحياة اليومية، لقد ألف مقطوعة موسيقية مستوحاة من تجربة صعود الدرج الطويل الذي يتوجب عليه عبوره يومياً للوصول إلى منزله في مناطق سكنية بعيدة وعالية، فجعل من إيقاع الصعود والهبوط التركيبة الصوتية الأساسية لمقطوعته الخاصة. بينما يتحدث الموسيقي بوشوكو عن واقع الحال الموسيقي في السنوات الماضية في حلب. لقد انتقل من كتابة الأغاني إلى مزج الموسيقى الإلكترونية: "شعرت أن كلماتي لم تعد قادرة على التعبير، فلجأت إلى الموسيقى الإلكترونية".

يتحدث الموسيقي بوشوكو عن واقع الحال الموسيقي في السنوات الماضية في حلب: "شعرت أن كلماتي لم تعد قادرة على التعبير، فلجأت إلى الموسيقى الإلكترونية"
تسترجع الشخصيات واقع الموسيقى في سورية منذ العام 2011 وحتى الآن، وصعوبة العمل والإنتاج الموسيقي في ظل الحرب. يتحدث ستاش عن الموسيقى كفضاء رحب للهروب من الواقع، نسيان أحداث المكان، والخروج من الذات. بالمقابل، تعتقد الموسيقية ولاشي أن الفعل الموسيقي فعل تواصل وتفاعل، ولا يتعلق بالهروب من الواقع.
تقول: "الفن عبارة عن رسالة، تواصل، يطلقها الفنان مع كل أغنية وكل لحن، لتصل إلى الجمهور عبر العمل الفني"، بينما يعبر بوشوكو ، بعمق عن العلاقة بين الموسيقى والذات: "موسيقى التكنو تشكل جزءاً من أجوبة أسئلة الهوية لدي". ويستعرض الفيلم أثناء مرور الشهادات الصوتية لمشاهد فيديو مصورة في أماكن السهر والرقص في دمشق.

Boiler room

الصور من موقع مشروع بويلر روم

أغاني الراب وموسيقى التكنو في خدمة القضايا الإنسانية

و يقدم المشروع في الجزء الثاني بعنوان (المنفى أوروبا)، والذي تم تصويره بين أمستردام وبرلين، بثاً مدته 7 ساعات مع 14 فناناً، يليه فيلم قصير يستعرض قضايا الموسيقيين/ات السوريين/ات في أوروبا، ويعرفنا على المتغيرات التي تعيشها ممارساتهم الفنية أثناء تنقلهم في واقع الهجرة والشتات. ويشارك فيه مغنو راب: (بوكلثوم، جندي مجهول، وابن حواري، تمان، مالكم). ويشارك عازف الأورغن ريزان سعيد، وهو الذي برز في ألحانه وأداءه في أغاني عمر سليمان، وقد حول آلة الأورغن الإلكتروني من دور العزف خلف الكلمات إلى تأليف ودمج موسيقى التكنو. كذلك الموسيقي، هالوبسيكاليبو Hello Psychaleppo، الذي تميز بالجمع بين إيقاعات موسيقى التكنو و Drum and Base، وأغنيات الطرب العربي كما في ألبومه الذي يحمل عنوان (قول لاه، 2013)، حيث يبتكر الهارموني بين إيقاعات موسيقى التكنو وأداءات طربية بصوت من أم كلثوم، وتحضر عناوين تجمع نوعي الموسيقى معاً مثل TARAB Dub أو SUFI HOP.

يقدم المشروع في الجزء الثاني بعنوان (المنفى أوروبا)، والذي تم تصويره بين أمستردام وبرلين، بثاً مدته 7 ساعات مع 14 فناناً، يليه فيلم قصير يستعرض قضايا الموسيقيين/ات السوريين/ات في أوروبا، ويعرفنا على المتغيرات التي تعيشها ممارساتهم الفنية أثناء تنقلهم في واقع الهجرة والشتات
وتضاف في الجزء الثاني مجموعة من شهادات موسيقيي ومؤلفي أغاني الراب في الفيلم الخاص بالمنفى، فيتحدث بو كلثوم، عن الحركة الفكرية التي شكلها الراب الجديد، ويربطها "بتغيير يحمله الجيل الجديد"، ويوافق، ابن حواري، على ذلك، فلقد شكلت أغنية راب وعيه في عمر الـ17 عاماً، لإمكانية توظيف الأغنية في النقد الاجتماعي والسياسي، يقول: "كان السائد هو الغناء عن الحب والسيارات والقوة، لكن حين سمعت هذه الأغنية أدركت الاحتمالات". ويشرح بسيكاليبو عن تجربة الدمج بين الموسيقى التكنو والـDrum and base، والموسيقى الشرقية: "الغنية والكثيفة واللانهائية، إنها متقاربة مع موسيقى التكنو، وأمزج بين النوعين بمتعة ودقة. المقامات في الموسيقى العربية واسعة، حين أرغب أن توحي الموسيقى بالسعادة أستعمل مقام الرست، وبالمقابل يعطي إيقاع الصبا الإحساس الحزين حين مزجه مع الموسيقى الإلكترونية". وتناقش الموسيقية، لايزر غايزر LazerGazer، خلال ظهورها في الفيلم، العلاقة بين السياسية والفن، فهي تدعو إلى الفاعلية في الأحداث السياسية، لأجل التغيير، وذلك عن طريق الموسيقى.

Boiler room

الصور من موقع مشروع بويلر روم

ونذكر أخيراً، التجربة الموسيقية المميزة التي قدمتها الفنانة، Noise Diva نويز ديفا، والتي امتدت على مدار 45 دقيقة شكلت تنويعات بين صوتيات الأغاني العربية وإيقاعات التكنو الحيوية.
تقول الموسيقية، نويز ديفا : "في سوريا تم تهميش الموسيقا الفلكلورية السياسية في العديد من المناطق الجغرافية وتوجّهت الجهود نحو صناعة الأغاني التي تفتقد أي مضمونٍ سياسي لكن توهج الثورة السورية سلّط الضوء على حناجر لم تكن مسموعة من قبل"

كانت الموسيقية، نويز ديفا، قد أصدرت مؤخراً ألبوماً بعنوان (أن تكون فلسطينياً، 2024) يتضمن تسجيل بعنوان (الأنقاض)، يستلهم أصوات القصف والدمار التي تأتي من غزة، وتسجيل آخر يحمل اسم الألبوم. كما قدمت هذا العام أيضاً ألبوماً بعنوان (دارنا، 2024) تتضمن المقطوعات: (اجتياح، بحر غزة، الدار، أمل). المؤلفة الموسيقية نويز ديفا، هي أيضاً باحثة في مجال العلاقة بين الموسيقى والواقع الاجتماعي والسياسي، يناقش بحثها بعنوان، أصوات ثائرات، دور الأغنية الشعبية في استعادة السردية النضالية النسوية السورية، كيف تخزن القصص والسرديات الشفوية الصدى الصوتي في منطقة بلاد الشام، وكيف يقاوم الفنان/ة السوري/ة تجربة الأنظمة القمعية داخل سوريا وخارجها عبر الفن الصوتي؟ وكيف أثرت مساعيهم/ن الإبداعية على مجتمعاتهم/ن، سواء داخل سوريا أو بين الشتات، وما هو الدور الذي يلعبه عملهم/ن في الحفاظ على التراث الثقافي السوري وتعزيزه. تقول الموسيقية: "في سوريا تم تهميش الموسيقا الفلكلورية السياسية في العديد من المناطق الجغرافية وتوجّهت الجهود نحو صناعة الأغاني التي تفتقد أي مضمونٍ سياسي لكن توهج الثورة السورية سلّط الضوء على حناجر لم تكن مسموعة من قبل. ومن هنا نسأل: كيف يمكن آن توفّر الممارسات الصوتية وسائل لتضخيم أصوات الأشخاص الذين تم تهميشهم وتجاهلهم تاريخياً في صناعة الموسيقى المحلية والعالمية؟"


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

بين دروب المنفى وذكريات الوطن

خلف كلّ مُهاجرٍ ولاجئ، حياة دُمِّرت وطموحاتٌ أصبحت ذكرياتٍ غابرةً، نُشرت في شتات الأرض قسراً. لكن لكلّ مهاجرٍ ولاجئ التمس السلامة في أرضٍ غريبة، الحقّ أيضاً في العيش بكرامةٍ بعد كلّ ما قاساه.

لذلك هنا، في رصيف22، نسعى إلى تسليط الضوء على نضالات المهاجرين/ ات واللاجئين/ ات والتنويه بحقوقهم/ نّ الإنسانية، فالتغاضي عن هذا الحق قد يؤدّي طرديّاً إلى مفاقمة أزمتهم والإمعان في نكبتهم. 

Website by WhiteBeard
Popup Image