شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!

"زمكان"... موسيقى بعيدة عن صراع البدائل و"الماين ستريم"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الأحد 29 يناير 202304:51 م

تظل الموسيقى تشق طريقها عبر الزمان والمكان، حتى مع تغير الظروف والأذواق، الموسيقى هي الفن الأكثر تجدداً؛ ربما لأن عملية إبداعها هي الأكثر تجرداً من بين كل أشكال الإبداع الفني. لهذا فقد يظن الناس أن لوناً موسيقياً ما قد انتهى للأبد و"عفى عليه الزمن". إلا أن هناك دائماً من يأتي بجديد في قلب القديم؛ فيحيله إبداعاً طازجاً قادراً على استعادة الجمهور القديم وكسب أرضية جديدة.

يظهر هذا في ميلاد الفرقة الموسيقية المصرية "زمكان"، التي ابتكر أعضاؤها طرقاً جديدة في الدعاية لأنفسهم وللونهم الموسيقي الأكثر كلاسيكية، في مواجهة سيادة أغاني الراب والمهرجانات التي باتت تحكم المشهد الموسيقي في مصر.

البداية

ظهر أفراد فرقة "زمكان" من خلال طرح أغنيات جديدة أسبوعياً، عبر المنصات الرقمية المتاحة للعرض الموسيقي مثل يوتيوب وأنغامي وسبوتيفاي وغيرها.

اختار أعضاء الفريق كلمات أغاني ألبومهم الأول لترسم رحلة حياة شاب مصري، وما يواجهه ويمر به منذ مرحلة الدراسة في الجامعة إلى العمل والحياة العاطفية

تشكلت فرقة زمكان في العام 2019، وهي مكونة من أحمد الصدفي، مغني أول وملحن ولاعب غيتار، ويوسف عيد مغني ثان ولاعب بيز غيتار وملحن لمعظم أغنيات الألبوم الأول للفرقة، ومصطفى البدري ويلعب الدرامز ورابعهم محمد التنير ويلعب الكلارينيت.

سلسلة من الصدف هي ما جمع أفراد الفريق، حيث كانت نشأتهم جميعاً خارج مصر في دول مختلفة، واجتمعوا في مصر حيث الدراسة الجامعية، وفي ساحة الجامعة حين كان هناك مساحة لممارسة الهوايات، تعرفوا من خلال هواية كل منهم في عزف الموسيقى وقرروا تشكيل فرقة موسيقية، وانضم إليهم لاحقاً محمد التنير عازف الكلارينت، وهو سوري جاء إلى مصر بحثاً عن الأمان بعيداً عما تشهده الأراضي السورية من عنف ومذابح.

صدر الألبوم الأول للفريق بعنوان "مراحل"، وقام بعمل الميكساج والماستر للألبوم الموزع فهد، الذي أضاف للألبوم فنياً بخبراته.

يروي قائد الفريق أحمد الصدفي لرصيف22، أن الملحن إيهاب عبد الواحد استمع للفريق خلال إحدى حفلاتهم في الجامعة الأمريكية، وقابلهم بعدها مرات عديدة حيث كان يعطيهم بعض النصائح، وهو من شجعهم على ترك الغناء باللغة الإنجليزية التي بدأ معها الفريق، والبدء في كتابة أغاني باللغة العربية، وأهداهم كلمات أغنية "كان عندي بيت" التي صارت أولى أغانيهم وأولى تجاربهم في التلحين.

سلسلة من الصدف هي ما جمع أفراد الفريق، حيث كانت نشأتهم جميعاً خارج مصر في دول مختلفة، واجتمعوا في مصر حيث الدراسة الجامعية ومن هنا وُلد اسم الفريق "زمكان"

مزاج شرقي

كان عبد الواحد هو الداعم الأساسي للفريق حتى صدور الألبوم، فهو من تنبه إلى سيطرة المزاج الغربي على تلقيهم الموسيقي، وتولى تعريفهم على الموسيقى العربية وتاريخها وألوانها المختلفة، ليكون إنتاجهم الموسيقي قريباً – عن علم- مما يفضله جمهورهم.

البحث عن الهوية

أتت الموسيقى في الألبوم متنوعة بين البوب والروك والراب، فلا يعتمد الفريق على موسيقى بعينها ولا يطمح في أن يحصر نفسه في قالب موسيقي معين.

إلا أن التأثر بالموسيقى الغربية بادٍ في إنتاجهم، كما في أغنيات "ليل ونهار" و"فهلوة" و"فاشل". وظهرت كذلك في صولوهات الغيتار و الدرامز، بينما تواجدت الموسيقى الشرقية ولكن بشكل محدود في أغنيات أبرزها "كان عندي بيت".

ريما كانت الجمل الموسيقية لا تتمتع بهوية واضحة، كونها تشكل بداية احتراف أفراد الفريق للتأليف الموسيقي، لكنها تعبر عن مواهب حقيقية تحتاج التطوير، كما أن مستوى الكلمات كان أعلى من مستوى الموسيقى، ويبدو أن الكلمات تحظى بالتركيز الأكبر من الفريق، على الأقل في أول ألبوماتهم.

وعن اختيار اسم الفريق "زمكان"، يقول يوسف عيد لرصيف22، إن صديقاً يعمل في مجال التسويق كان وراء اختيار الاسم الذي يعبر عن ظروف تلاقي أفراد الفريق واكتشافهم لتقاربهم الموسيقي: "جئنا من دول مختلفة، والتقينا في زمان ومكان محددين عن دون علم منا أو خطة مسبقة، فاجتمعنا وتشكل الفريق، لهذا كان الاسم جامعاً بين سلطتي الزمان والمكان كأداتين من أدوات القدر أو الصدفة، التي أدت إلى لقائنا وصداقتنا".

يقول أفراد الفريق لرصيف22، إن رحلة البحث عن صوتهم الخاص بدأت من البحث عن الكلمات التي تعبر عنهم، ثم يأتي اللحن والأداء.

اختار أعضاء الفريق كلمات أغاني ألبومهم الأول لترسم رحلة حياة شاب مصري، وما يواجهه ويمر به منذ مرحلة الدراسة في الجامعة إلى العمل والحياة العاطفية. لكن عازف الكلارينيت في الفريق محمد التنير، يؤكد لرصيف22 أن الألبوم الأول لا يجب النظر إليه باعتباره معبراً عن هوية الفريق بشكل نهائي، وأنهم يطمحون دائماً إلى التجريب وخوض المغامرات الموسيقية، ولا يريدون أن يحددوا لأنفسهم نوع موسيقي معين، ولا أن يضعوا أنفسهم في تصنيفات مثل "الغناء البديل" أو الغناء الرائج، فـ"الماين ستريم" دائماً متغير، قبل عشر سنوات كان هو الأغنية الشابة الرسمية، وبعدها جاءت المهرجانات والآن صار الراب الذي كان مهمشاً هو الماين ستريم وهكذا.

رحلة شاب

أولى أغنيات الألبوم طرحاً عبر المنصات الموسيقية كانت "فهلوة" من كلمات وألحان أمير يوسف، وهي أغنية خفيفة عن حياة الشاب الجامعي الذي لم يعتد بعد على تحمل المسؤولية، ما يجعله يلجأ لـ"الفهلوة" للخلاص من تلك المسؤوليات وتبعاتها.


ومنها تنتقل أغاني الفريق إلى موسيقى البوب وموضوعات الحب، مثل أغنيتي "بكلامها عني" من كلمات أحمد حيدر، و"ليل ونهار" لهبة الغمراوي.


"كان عندي بيت وطن، وراح مني. وبقيت جوايا صورة ورايحة منها الألوان " هذه الكلمات هي مطلع أغنيتهم " كان عندي بيت"، من كلمات منه القيعي.

وعلى الرغم من شهرة منة كواحدة من أنجح شعراء الأغاني الشابة حالياً؛ إلا أن هذه الأغنية تختلف عن المعتاد من موضوعاتها.
أهمية هذه الأغنية تأتي من أنها تججربة التلحين الأولى لأعضاء الفريق، إذ وضع موسيقاها يوسف عيد.


أغنية " فاشل " من كلمات محي الدين ووليد ممدوح، ويعتبرها أفراد الفريق هي الأقرب إليهم، في تعبيرها عن الإحباطات التي يمر بها جيلهم ونظرة المجتمع والآباء لهم، وتزايد الضغوط التي تحد من قدرتهم على تحقيق طموحاتهم. الأغنية تتخذ شكل الحوار بين الأجيال، وتجمع موسيقاها بين البوب والروك. وهو الشكل مقسه الذي تكرر في أغنيتهم التالية "أنا عارف" من كلمات رنا محمد



أغنية "ميت صورة" خظت بفرصة جيدة للتجريب الذي تحدث عنه التنير، فقد جرب أفراد الفريق غناءها بأكثر من صيغة وصوت، إلى أن استقروا على شكلها النهائي.


وكتبت إيرين يوسف أيضاً الأغنية الختامية للألبوم، بعنوان "مراحل" لتكمل فكرة الألبوم، التي يؤكد أفراد الفريق أنها "تكونت صدفة، مثل الصدف التي جمعتهم، وكأنها رسائل ربانية لهم". لتصبح فكرة الألبوم هي استعراض الحياة التي يعيشها الشاب المنتقل من مرحلة الطفولة والفصل المغلق إلى الدنيا المفتوحة، ويواجه فيها مراحل مختلفة فتؤثر فيه وتجعله "يتعلم لكن مش ببلاش".


ولإظهار قدراتهم في العزف، يحوي الألبوم تراك وحيد، عبارة عن "ميدلي" من موسيقى جميع الأغنيات، أسموه "الرحلة".

الأصوات الغنائية المتمثلة في كلا من أحمد الصدفي ويوسف عيد، حسنة الأداء ومتناسبة مع الموسيقى، واختلاف صوتيهما يعد ميزة إضافية لقدرتهما على تقديم أداء متنوع غير مكرر، ولكن طبيعة الصوت تكشف بوضوح عن خلفيتهما الغربية في الموسيقى والغناء ما يؤثر على قدرتهما على أداء المقاطع ذات السمة الشرقية التي تحتاج إلى قدر من التطريب، لكن الأمل في إصرارهم على التعلُّم والتطوير.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image