شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
روايات و

روايات و"أساطير" إعادة بناء الهيكل في القدس... ماذا نعرف عنها؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة نحن والحقيقة

الجمعة 3 مايو 202412:47 م

"الرَّبُّ يَبْنِي أُورُشَلِيم، يَجْمَعُ مَنْفِيِّي إِسْرَائِيل". سِفر المزامير (147: 2).

عام 1990، في فندق الهيكل في القدس، عُقد مؤتمر يضمّ اليهود الذين يُعتقد أنهم من نسل الكهنة "أسباط اللاوي"، وهم الوحيدون المسموح لهم بتدشين الهيكل وإقامة الطقوس والشعائر اليهودية. عُقد المؤتمر تحت رعاية "وزارة الأديان" في إسرائيل لمناقشة هذه القضية، وتقرير ما إذا كان على اليهود في العصر الحديث إعادة بناء الهيكل أم لا، كما يذكر الدكتور عبد الوهاب المسيري، في موسوعة "اليهود واليهودية والصهيونية" (الجزء الرابع)، وعُرض فيه مجسّم مصغّر للهيكل المراد إقامته.

ولكن ما الذي يمنع اليهود من بناء هذا الهيكل بالفعل؟ وما هو مشروع "زاموش"؟

إعادة بناء الهيكل الثالث في الكتب اليهودية والتفسيرات الحاخامية

يذكر موسى بن ميمون، في تفسيره لسفر المزامير (147: 2)، أن بناء الهيكل سيتم على يد الملك الماشيح اليهودي، ولن يُبنى بإيدٍ بشرية، وعندها سيجمع المنفيين فيه، وفق ما يذكر الفيلسوف الفرنسي إيمانويل ليفين في كتابه "مقالات عن اليهودية".

يوضح الدكتور سامي الإمام أستاذ الدراسات اليهودية في جامعة الأزهر، أن عبارة "إعادة الهيكل" في المصادر اليهودية تشير إلى إعادة بناء الهيكل بعد عودة الإسرائيليين إلى صهيون في آخر الأيام تحت قيادة "الماشيح"

أما وفق ما ورد في كتب التصوف اليهودي "الزوهار"، فإن الهيكل "سينزل كاملاً من السماء، ثم تتم عودة المنفيين في أرجاء الأرض"، كما يوضح الدكتور سامي الإمام أستاذ الدراسات اليهودية في جامعة الأزهر كلية اللغات والترجمة بنين، في كتابه "هيكل أورشاليم كما جاء في المصادر اليهودية وتفنيد للمزاعم الإسرائيلية بأن المسجد الأقصى بني على أنقاضه"، ويكمل الشرح بأن عبارة "إعادة الهيكل" في المصادر اليهودية تشير إلى إعادة بناء الهيكل بعد عودة الإسرائيليين إلى صهيون في آخر الأيام تحت قيادة الماشيح.

ومن هنا تتضارب آراء اليهود حول موعد بناء الهيكل، ولكن الرأي الغالب هو أن ينتظروا العصر المشيحاني بمشيئة الإله، وحينئذ يمكنهم أن يشرعوا في إعادة بنائه ومن ثم لا يجب أن يتعجل اليهود الأمور ويقوموا بإعادة بنائه فمثل هذه الأمور من قبيل الهرطقة، والتعجيل في النهاية "דחיקת הקץ"، كما يوضح الدكتور عبد الوهاب المسيري في موسوعته "اليهود واليهودية والصهيونية" (الجزء الرابع).

بينما يذهب حاخامات اليهود إلى أن جميع اليهود مدنّسون، بسبب ملامستهم الموتى أو المقابر، ولا بد من تطهيرهم برماد "البقرة الحمراء". وبما أن اليهود جميعاً غير طاهرين ويستحيل تطهيرهم (بسبب عدم وجود ذلك الرماد المطلوب لعملية التطهر)، وحيث أن أرض الهيكل (جبل الموريا أو هضبة حرم القدس الشريف) هي طاهرة بالفعل، فإن دخول أي يهودي إليها يُعّد خطيئةً، ويضاف إلى هذا أن جميع اليهود، حتى الطاهرين منهم، يُحرم عليه دخول قدس الأقداس، بحسب الشريعة اليهودية، ونظراً إلى عدم معرفة أحد بمكان الهيكل بالتحديد من تلك البقعة، فمن المحرّم دخول اليهود إلى هناك لعلّ تلك البقعة تكون "قدس الأقداس".

وفي الفكر اليهودي تقديم القرابين أمر محرّم، لأن استعادة العبادة القربانية لا بد أن تتم بعد عودة الماشيح الذي ينتظرونه والتي ستتم بمشيئة الإله، وهذا الرأي يعتنقه اليهود الأرثوذكس وأغلبهم خارج الأراضي المحتلة وفلسطين.

موقف اليهود والصهاينة من بناء الهيكل

على صعيد آخر، هناك رأي على نقيض الرأي السابق، يرى أن على اليهود إقامة بناء مؤقت قبل عصر المسيح اليهودي المنتظر، وأنه يحلّ لليهود دخول منطقة جبل الموريا، ولكن هذا رأي الأقلية ولم يصبح جزءاً من أحكام الشرع اليهودي، وظلّ مدوّناً ومطروحاً بسبب طبيعة اليهودية، كما يوضح الدكتور سامي الإمام في كتابه "هيكل أورشاليم كما جاء في المصادر اليهودية وتفنيد للمزاعم الإسرائيلية بأن المسجد الأقصى بُني على أنقاضه".

استفاد من هذا التناقض قادة الصهيونية، فوصفوا الرؤية الحاخامية الأرثوذكسية. الحاخامية الأرثوذكسية هي في الأصل اليهودية التلمودية أو اليهودية الربانية، القائمة على فكر الفريسيين والكتبة، والمسيطرة على حياة جل الجماعات اليهودية منذ دمار الهيكل الثاني عام 70 ميلادي على يد تيتوس، وحتى ظهور حركة التنوير وعمليات التحرير في أعقاب عصر الإحياء الأوروبي، وانبثاق حركة الإصلاح اليهودية منذ بداية القرن التاسع عشر.

ومنذ ذلك الحين أصبحت اليهودية التلمودية تُعرف باسم اليهودية الأرثوذكسية، وبالتبعية أصبح روّادها يلقَّبون بدعاة التيار الأرثوذكسي، وهو أحد أهم تيارات اليهودية في العصر الحديث، والجدير بالذكر أن لفظة "أرثوذكسي" ذات أصل يوناني ومعناها "العقيدة القومية" أو الملتزمة أو المستقيمة، واستخدمها دعاة التيار الإصلاحي ناعتين بها معارضي دعوتهم في بداية القرن التاسع عشر الميلادي.

وتقبّل التقليديون المتدينون هذا اللقب، وأطلقوه على أنفسهم فصاروا "أرثوذكس"، إلا أنهم راحوا يفضّلون في وقت لاحق اسمَ "اليهودية المصدّقة للتوراة" كما يوضح عبد الفتاح محمد في كتابه "الدين والسياسة في إسرائيل-دراسة الأحزاب والجماعات الدينية في إسرائيل ودورها في الحياة السياسية"، وقرروا أخذ زمام الأمور بأيديهم، وقد أعلن الحاخام شلومو جورين أنه حدد مكان قدس الأقداس، وتالياً يستطيع اليهود زيارة جبل الموريا، ودعا في أكثر من مرة إلى نسف المسجد الأقصى.

الصهاينة ينقسمون إلى صهاينة يهود، وهم مختلفون تماماً عن الأرثوذكس والإصلاحيين، وصهاينة لا دينين لا يهتمون كثيراً بالعبادة القربانية ولا بإعادة بناء الهيكل.

أما الصهاينة فينقسمون إلى صهاينة يهود، وهم مختلفون تماماً عن الأرثوذكس والإصلاحيين، وصهاينة لا دينين لا يهتمون كثيراً بالعبادة القربانية ولا بإعادة بناء الهيكل، لذا فهم ينظرون إلى القضية من منظور عملي، ويرون أن محاولة الصهاينة المتدينين إعادة بناء الهيكل هي مسألة هوس ديني يهدد المستوطن الصهيوني بالخطر دون عائد مادي ملموس، ومن ثم نجد أن مسألة إعادة بناء الهيكل لا تتمتع بشعبية كبيرة داخل إسرائيل التي تتميّز بواحد من أعلى مستويات العلمانية في العالم.

إلى ذلك، أشار تيدي كوليك، عمدة القدس سابقاً، إلى المهووسين الذين قاموا بوضع حجر بناء الهيكل، وبيّن أنهم يسيرون على خطى الذين قاموا بوضع حجر أساس بناء الهيكل، أي على خطى شبتاي تسفي، الذي ألهب حماسة معظم اليهود في القرن السابع عشر، ووعدهم بالعودة إلى فلسطين، وعيّن بعض أتباعه حكاماً للأرض، ثم انتهت حركته بالفشل؛ الأمر الذي رجّ اليهودية رجّاً من أساسها وألقى بها في أزمة لم تفق منها قط. وعارض الحاخام جورين، صاحب فتوى موقع قدس الأقداس، مسألةَ وضعِ أساس الهيكل الثالث، كما يوضح الدكتور سامي الإمام، في كتابه سالف الذكر.

بينما يرى الصهاينة المتدينون (المتطرفون)، المسألة من منظور مختلف؛ فمسألة إعادة بناء الهيكل مسألة مركزية في عقيدتهم، وهي جلّ اهتمامهم والقضية بالنسبة لهم قضية عقائدية وليست علميةً، والكثير من المنظمات الإرهابية الصهيونية جعلت إعادة بناء الهيكل الثالث مع العودة الثالثة إلى أرض الميعاد، وهدم الآثار الإسلامية الموجودة في هذا الموقع من أهم أهدافها.

أما الحركة الإصلاحية اليهودية، ففي عام 1885، انعقد مؤتمر في مدينة بتسبرغ في ولاية بنسيلفانيا في الولايات المتحدة، يضم تسعة عشر حاخاماً من الطائفة الإصلاحية، وأهم ما أقرّوه في هذا المؤتمر، التالي:

الاعتراف بأن العصر الحاضر عصر حضارة عالمية، وعصر تحقيق أمل إسرائيل الخلاصي في إقامة مملكة الحق والعدالة والسلام لكل البشر (على حسب الفكر الديني اليهودي الأخروي)، واليهود ليسوا أمةً لكنهم جماعة دينية، ولهذا السبب لا يجب توقّع العودة إلى فلسطين، أو نظام عبادة يديره نسل هارون، ولا يجب استرداد أي قانون خاص بالدولة اليهودية، كما يوضح الدكتور محمد خليفة حسن، وهو أستاذ الدراسات اليهودية في كلية الآداب جامعة القاهرة سابقاً، في كتابه "الحركة الصهيونية وعلاقتها بالتراث الديني اليهودي".

منظمة أمناء جبل الهيكل

ما يحدث الآن من محاولات ذبح القرابين والأضحيات في باحات المسجد الأقصى، والنداءات التي تطالب بالتحرك لبناء الهيكل وهدم المسجد الأقصى لم تكن محاولات حديثةً أو جديدةً، فهناك العديد من محاولات تفجير الأماكن المقدسة الإسلامية في القدس، أو حرقها على مرّ السنوات السابقة، ومن أهم المنظمات التي عملت على ذلك هي "جماعة أمناء الهيكل - תנועת נאמני הר הבית וארץ ישראל"، ويموّلها المليونير الأمريكي الأصولي تري رايزنهوفر، وبناء الهيكل الثالث من أهم أهدافها وأقدسها.

قادت عضوة الكنيست السابقة جيئولا كوهين، حملةً لتأكيد أن منطقة المسجد الأقصى ومسجد الصخرة هي المنطقة التي كان يوجد عليها الهيكل (هيكل سليمان الأول)، ومن ثم فإن لليهود حقوقاً فيها (حسب علم الآثار التوراتي وما يروّجه من زيف)، وأسست مدرستين تلموديتين بالقرب من حائط المبكى، لتدريب مئتي طالب على شعائر العبادة القربانية، ليقوموا بها عند بناء الهيكل الثالث، وتُسمّى إحدى هاتين المدرستين باسم "ישיבת הבית – يشيفت بيت"، ووظيفتها الأساسية هي التعجيل في بناء الهيكل.

بدأت المدارس بإعداد أدوات العبادة القربانية، وانتهت من ثماني وثلاثين أداةً منها من أصل ثلاث وتسعين، تم وضعها في متحف خاص ويتم العمل على بقية الأدوات، وتوجد جماعات أخرى تدرس شجرات العائلة الخاصة بالكهنة، كما يوضح الدكتور سامي الإمام في كتابه "هيكل أورشاليم".

ففي تشرين الأول/أكتوبر عام 1989، قامت جماعة أمناء جبل الهيكل بوضع حجر الأساس للهيكل الثالث، في احتفال حضره كلّ من رئيس الجماعة المدعو جرشون سلمون، وكاهن يرتدي ملابس كهنوتيةً خاصةً مصنوعةً من الكتّان المغزول باليد من ستة خيوط مجدولة تم إعدادها في معهد الهيكل، واستخدموا في الاحتفال بعض الأواني الشعائرية، وبوق الشوفار (שופר)، وأدوات موسيقيةً.

أما حجر الأساس نفسه فحجمه متر مكعب قام نحّاتان يهوديان من القدس بإعداده دون استخدام أي أدوات حديدية (كما تتطلب الشريعة)، وحاولوا وقتها الوصول به إلى ساحة حائط المبكى، ولكن الشرطة الإسرائيلية تصدّت لهم، ولم تكن تلك المحاولات الوحيدة إذ سبقتها محاولة شراء حائط المبكى وشراء الأحياء المجاورة لتلك المنطقة، ولكن كل تلك المحاولات باءت بالفشل، كما يوضح الدكتور سامي الإمام في كتابه سابق الذكر.

ثم يأتي مشروع "زاموش"، وسُمّي بهذا الاسم نسبةً إلى صاحبه يورام زاموش، وهو جندي شارك في حرب الأيام الستة أو حرب تشرين الأول/أكتوبر، ورفع العلم الإسرائيلي فوق حائط المبكى، وهو من الصهاينة المتدينين المتطرفين الذين يؤمنون بحتمية بناء الهيكل الثالث. ففي عام 2007، تم الإعلان عن خطته لهدم الأقصى وبناء الهيكل، وتتمثل هذه الخطة بالتحديد في بناء معبد يهودي ضخم يوازي كنيسة بطرس في الفاتيكان على أنقاض المحكمة الإسلامية مقابل المسجد الأقصى.

ثم قام بحفر أرخبيل (مثل جزيرة صغيرة) يضم مدينة سلوان الحالية بعد هدم عشرات المنازل الفلسطيينة فيها وربطها بالمعبد، وفقاً لما كتبه الصحافي الإسرائيلي أنشيل بيبير، في جريدة "هآرتس" الإسرائيلية، في مقال نُشر عام 2009، وتمت أرشفته مُترجماً في مركز دراسات الشرق الأوسط، وحدة الدراسات الإسرائيلية، عمان، الأردن.

الصهيونية الجديدة والدولة الغيتوية

قامت الصهيونية بالعديد من المجازر قبل النكبة وصولاً إليها، وربطت دائماً فكرة بناء الهيكل، بتنفيذ عمليات قتل ومجازر، وعادةً ما تتزامن محاولات دخول المسجد الأقصى وانتهاكه مع عمليات قتل الفلسطينيين.

قامت الصهيونية بالعديد من المجازر قبل النكبة وصولاً إليها، وربطت دائماً فكرة بناء الهيكل، بتنفيذ عمليات قتل ومجازر، وعادةً ما تتزامن محاولات دخول المسجد الأقصى وانتهاكه مع عمليات قتل الفلسطينيين.

لدى الصهيونية سمة محددة لا ترتبط بالنسق الديني اليهودي، بقدر ارتباطها بالوضع الوظيفي المتميز لليهود في أوروبا الغربية سابقاً، وهو ما أسماه الدكتور عبد الوهاب المسيري، بـ"الغيتوية الصهيونية"، إذا يمكن رؤية أثر الغيتو على الصهاينة في جوانب مختلفة من سلوكهم وممارستهم رؤيتهم، ابتداءً بنظرية الأمن الإسرائيلية، المبنية على الشك العميق في الأغيار (الأغيار أي شخص غير يهودي) -فالطمأنينة لا توجد إلا داخل الأسوار- مروراً بالمؤسسات الصهيونية الانفصالية، وانتهاءً بالاحتلال الصهيوني ذاته، ويظهر جلياً ذلك الفكر في أن إسرائيل لا بد أن تظل مسلّحة إلى أقصى حد (المستوطنون أنفسهم لا بد من تسليحهم)، ويمكن القول بأن إسرائيل هي الغيتو المسلّح.

في إحدى المحاضرات التي ألقاها المعلّق السياسي والمفكر الإستراتيجي حاييم أورنسون، اقترح أن تحيط إسرائيل نفسها بسياج عالٍ من الأسلحة النووية (الجدار العازل) لمدة مئة عام، إلى أن تتم عملية التحديث في العالم العربي وما قد ينتج عنها من قلاقل وثورات! أي أنه يقترح تحويل الغيتو المسلّح (يقصد هنا إسرائيل) إلى غيتو نووي، كما يذكر الدكتور عبد الوهاب في كتابه "الأيدلوجية الصهيونية – دراسة حالة في علم اجتماع المعرفة".

وأعلنت وزارة التعليم الإسرائيلية عام 1979، تدريس "الإبادة الجماعية للفلسطينين" إجبارياً لتلاميذ الصف النهائي، وأتت تلك الفكرة من سفر يوشع بن نون، السفر الخامس في العهد القديم، حيث قضى يوشع وأتباعه على مدينة "أريحا" بحدّ السيف، وقضوا على البشر والحيوان واقتلعوا حتى الأشجار من مكانها.

أعلن رئيس اللجنة أن "الإبادة الجماعية يجب أن يشعر بها أولاً التلاميذ بعقولهم كما هي، وليس كمادة في السياق التاريخي الأوسع". وفي 26 آذار/مارس 1980، صوّت الكنيست لصالح تدريس الإبادة الجماعية، ومنذ ذلك الحين والأسئلة التي تُطرح عنها تمثّل 20% من منهج التاريخ قي الاختبارات النهائية للسنوات الدراسية.

مشروع "زاموش"، سُمّي بهذا الاسم نسبةً إلى صاحبه يورام زاموش، وهو جندي شارك في حرب الأيام الستة أو حرب تشرين الأول/أكتوبر، ورفع العلم الإسرائيلي فوق حائط المبكى، وهو من الصهاينة المتدينين المتطرفين الذين يؤمنون بحتمية بناء الهيكل الثالث

ولا يتوقف الأمر على المدارس بل في الجيش أيضاً، إذ كتب الحاخام العسكري جاد نافون، كتيّباً للجيش تحت عنوان "مقدمة كتاب التوراة"، ويُعدّ المسؤول عن إضفاء معاني القومية المتطرفة، إذ تصوّر مقدمة التوراة على أنها القانون الإلهي، الذي يعطيهم حقاً خاصاً على أرض آبائهم، وكدليل على التواجد المستمر للشعب اليهودي في المنطقة، حتى أصبحت مكملاً للنظام الأيديولوجي للصهيونية الدينية.

استُبدلت بالطبع كلمة "السلام" بكلمة "العدوّ"، وأصبح إبراهيم أباً للقومية اليهودية، التي تقف وحيدةً في مواجهة سائر العالم الذي يريد التخلص منها (مروّجين لفكرة معاداة السامية)، ويَختتم الحاخام الكتيّب بفقرة من سفر التثنية: "لأن الربّ إلهكم سائر معكم لمحاربة أعدائكم عنكم ليخلّصكم"، في محاولة من الحاخام لرفع حماسة الجنود، ويتضمن الكتيب أيضاً خريطةً تضمّ أرض إسرائيل الكبرى، التي تشمل الضفة الغربية والأردن. وليس هذا فحسب بل يرفق نصوصاً دينيةً معروفةً عن حلم الأرض الكبرى التي تمتد من نهر مصر "النيل" إلى النهر الكبير "الفرات".

وانطلاقاً من هذا التوجه الفكري، ينتشر فكر السماح بل الترحيب بالإبادة الجماعية للفلسطينيين بين كل مستويات الرتب العسكرية، وقد كتب كبير الحاخامات، أفيدان، وهو مسؤول ديني عن كتيبة عسكرية ويحمل رتبة كولونيل، في كتاب "طهارة الأسلحة في ضوء الهالاخاه" (أي الشريعة اليهودية)، يقول: "في أثناء الحرب أو في أثناء ملاحقة عسكرية أو عملية هجومية، وعندما تجد قواتنا نفسها في مواجهة مدنيين لا نعرف إن كانوا سيؤذوننا أم لا، فإن هؤلاء المدنيين حسب الهلاخاه، يجب قتلهم تحت أي ظرف، ولا نستطيع أن نثق بأي عربي، حتى إن كانوا يبدون متحضرين في الحرب، عندما تشنّ قواتنا هجوماً نهائياً، فإن الهالاخاه تسمح لهم بل تأمرهم بقتل حتى المدنيين السلميين، سواءً كانوا أطفالاً أم نساءً أم شيوخاً عاجزين".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

بالوصول إلى الذين لا يتفقون/ ن معنا، تكمن قوّتنا الفعليّة

مبدأ التحرر من الأفكار التقليدية، يرتكز على إشراك الجميع في عملية صنع التغيير. وما من طريقةٍ أفضل لنشر هذه القيم غير أن نُظهر للناس كيف بإمكان الاحترام والتسامح والحرية والانفتاح، تحسين حياتهم/ نّ.

من هنا ينبثق رصيف22، من منبع المهمّات الصعبة وعدم المساومة على قيمنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image