شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
هل تنهي الحرب على غزة عصر احتكار الدراما الإسرائيلية؟

هل تنهي الحرب على غزة عصر احتكار الدراما الإسرائيلية؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن وحرية التعبير

السبت 20 أبريل 202401:14 م

قبل السابع من تشرين أول/ أكتوبر 2023 ليس كما قبله، ففي الوقت الذي استفردت الرؤية الإسرائيلية في السينما والتلفزيون سابقاً بمحاولة تعميم روايتها عن الحرب والمظلومية والاضطهاد، واحتكرت دور الضحية منذ الحرب العالمية الثانية إلى اليوم، لا يبدو أن الأمور ستكون بهذه السهولة في المستقبل، فالعالم قد شهد على فعل الإبادة الجماعية الذي مورس ولا يزال بحق أهل غزة، والتوثيق الجديد وتداول الآراء وتشكيلها لم يعد حكراً على عدد قليل من المنتجين وأصحاب رؤوس الأموال الإعلامية العملاقة في العالم. 

ولأن رواية التاريخ لمن لم يشهده تختلف كثيراً عن إعادة كتابته لمن عاشه، يجوز التساؤل عن انتهاء عهد الاحتكار الإسرائيلي للشاشات. يعزز هذا التساؤل ظهور خلافات كبرى أخيراً بين اللوبي اليهودي في الإنتاج الموجود في هوليود، وبين صناع الدراما داخل إسرائيل لمحاولة المنتج الإسرائيلي المقاربة بين الهولوكست وما يحدث اليوم في غزة، وهو ما يعتبره الكثير من اليهود في الولايات المتحدة تشويهاً للتاريخ اليهودي واستغلالاً له. 

وبالإضافة لكل ما سبق، يتفق الكثيرون على أن إسرائيل تواجه مشكلة عندما يتعلق الأمر بالتواصل مع بقية العالم. ومع ذلك، حظيت الدراما التلفزيونية الإسرائيلية قبل حرب إبادتها الأخيرة بحضور كبير خاصة بعد عرض مسلسلات إسرائيلية على المنصات الإلكترونية كنتفلكس وغيرها، مما أعطاها فرصة سهولة الوصول إلى الجمهور. 

جاءت الحرب على غزة لتترك تأثيراً عميقاً على صناعة الدراما الإسرائيلية، ليس فقط بتعطيل الإنتاج وتغيير أنواع المشاريع التي يتم تنفيذها، لكن أيضاً في ما يخص مدى تقبل العالم للدراما الإسرائيلية بعد مشاهد الحرب المفزعة في قطاع غزة والتي لا تتقاطع بأي شكل من الأشكال مع الصورة "البطولية" لممثلي "الخير" التي تحاول الدراما الإسرائيلية الترويج لها. 

نتيجة لذلك، بدأت أخيراً تُطرح الكثير من الأسئلة حول مدى إمكانية استمرار الدراما الإسرائيلية في اختراق العالم؟ وطبيعة القصص التي ستقدمها؟ وفي المقابل، عن مدى الاهتمام العربي بعرض الرواية الفلسطينية في أعمال درامية جديدة قادرة على تحقيق التوازن المطلوب وتقديم الحقيقة؟

الحرب تشل صناعة الدراما في إسرائيل

أعلنت "نتفليكس" عن إطلاق المسلسل الإسرائيلي الجديد "نار وماء"، ولكن بعد اندلاع الحرب على غزة، قامت المنصة في كانون الثاني/ يناير 2024 بتأجيل عرضه، ثم أطلقته مؤخراً ولكن بعد حجبه عن دول العام، وجعله متاحاً فقط للمشاهدة في إسرائيل، بحسب تقرير لموقع "يديعوت أحرونوت"

وقال مصدر في الإنتاج للموقع: "هذا بسبب الكراهية التي لدينا الآن في العالم، فلن ترغب نتفلكس في التورط مع أي جهة بسبب الحرب، ولن يرغبوا في إزعاج الآخرين". لكن قبل فهم تداعيات الحرب على الدراما الإسرائيلية، من المهم أن نفهم لماذا استطاعت لفت الانتباه في المقام الأول؟

حاولت بعض التحليلات الإجابة عن هذا السؤال، ففي تقرير موسع لموقع "دويتش فيلله" الألماني، ذكر أن إسرائيل بدأت في لفت الانتباه عندما أطلق المسلسل الأمريكي الناجح "Homeland"، والذي يعتبر النسخة الأمريكية من المسلسل الإسرائيلي "أسرى الحرب".

وبحسب التقرير، فإنّ سبب نجاح المسلسلات الإسرائيلية هو نوعية القصص التي تتطرق إليها، وليس عناصر الإبهار في الإنتاج أو الموازنة الضخمة، فقد أشار منتج "أسرى الحرب" جدعون راف في التقرير إلى أن الموسم الأول بأكمله من النسخة الإسرائيلية كلّف أقل من حلقة واحدة من المسلسل الأمريكي. 

جاءت الحرب على غزة لتعطل الإنتاج وتغير أنواع المشاريع التي يتم تنفيذها في الدراما الإسرائيلية، وأيضاً فيما يخص مدى تقبل العالم لها بعد مشاهد الحرب المفزعة في غزة، والتي لا تتقاطع بأي شكل من الأشكال مع الصورة "البطولية" لممثلي الخير في الدراما الإسرائيلية 

أما الجدلية الكبرى فمن نصيب مسلسل "فوضى" الذي يحيل التقرير سبب نجاحه إلى ما أسماه بالـ"واقعية في عرض الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الفوضوي والقذر والمُعقد أخلاقياً، فالأبطال يخطئون أحياناً فيه، والفلسطينيون محبون ولطيفون أحياناً".

المسلسل لاقى هجوماً من كل الأطراف، فاتهمه متشددون من اليمين المتطرف الإسرائيلي بأنه "يضفي طابعاً إنسانياً على الإرهابيين" بحسب وصفهم، في حين دعت حركة المقاطعة(BDS) نتفلكس إلى وقف عرضه، واصفة إياه بأنه "دعاية عنصرية". 

يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس د. أيمن الرقب لرصيف22: "تابعت مسلسل فوضى في ثلاثة أجزاء، وهناك تضخيم للأبطال بأن لا أحد يستطيع القضاء عليهم، وهذا عند مقارنته في الوقع نجده غير دقيق وهو ما كشفته العمليات في المخيمات، إذ لم تستطع القوات الإسرائيلية أن تنجح في المخيمات مثل المدن الكبيرة كما وصف في المسلسل".

يضيف: "القوات الإسرائيلية يمكنها أن تنجح في المدن الكبيرة عندما تتنكر في زي نسائي، كما حدث عند اقتحام عند مستشفى الخليل، فالدراما الإسرائيلية تحاكي وقائع محددة، وكما عرض مسلسل فوضى نجاح المهمات الإسرائيلية؛ فهو كذلك عرض أيضاً العناد الفلسطيني لمكافحة الاحتلال".

الرواية الإسرائيلية المتحيزة عرفت طريقها إلى الشاشة في الكثير من الأعمال، ودون أن تعرض لوجهة النظر الأخرى، مثل مسلسل "False Flag" الذي عرض على قناة "فوكس" وفيه يستيقظ خمسة إسرائيليين يحملون جنسية مزدوجة، ليجدوا أنفسهم متهمين بالإرهاب، وأسماءهم ووجوههم معلقة على كل جهاز تلفزيون وموقع إخباري. ومثل فيلم "الملاك"، الذي يتبنى مقولة عمالة أشرف مروان لإسرائيل، وأيضاً مسلسل "الجاسوس" الذي يتحدث عن "إيلي كوهين" الجاسوس الإسرائيلي في سوريا.

لكن السياسة ليست المصدر الوحيد للدراما الإسرائيلية، فمثلاً اعتمدت الكاتبة والمخرجة كيرين مارجاليت على تجربتها الخاصة، كأم لصبي مصاب بالتوحد، لإنشاء سلسلة حول تربية طفل في مجتمع لا يوجد فيه سوى القليل من الدعم، فضلاً عن الدراما الأرثوذكسية، التي تتطرق إلى حياة اليهود المتشددين، مثل مسلسل "شتيسل" الذي عرض على نتفليكس، ويحكي عن قصة رجل أرثوذكسي وقع في حب امرأة مطلقة، وهو ما يعتبر غير معتاد في تلك المجتمعات، وكذلك مسلسل "كيبات برزيل" الذي يحكي قصة ثلاثة شبان متدينين يتحدون تقاليدهم ويختارون أداء الخدمة العسكرية مع الجيش الإسرائيلي، بحسب موقع "the Jewish chronicle".

عمليات تحولت إلى حقيقة

لكن بين ما تظهره نشرات الأخبار وما تعالجه الدراما مساحة شاسعة يمكن فيها استبدال أدوار الخير والشر، كما حدث في كانون الثاني/ يناير 2024، إذ تم الكشف عبر لقطات فيديو عن اقتحام قوة إسرائيلية "متنكرة" لمستشفى ابن سينا في جنين في الضفة الغربية، حيث أعلن الجيش الإسرائيلي أن العملية استهدفت "إرهابيين".

بيد أن اللقطات المسربة تشابهت بشكل كبير مع لقطات متكررة من "فوضى" إلى حد تماثل اللقطات وأساليب الهجوم وتنكر قوة المستعربين في المسلسل وفي الواقع، لكن الفرق هو أن الفلسطيني جُرّد من صفة الضحية في المسلسل.

واقعة أخرى تحولت إلى عمل درامي، إذ يظهر وجود تفاصيل متشابهة شديدة الدقة بين العملية الإسرائيلية على المنشأة النووية الإيرانية "ناتانز" في نيسان/ أبريل 2021، وبين أحداث المسلسل الإسرائيلي "طهران". 

تشابهت لقطات مسربة لاقتحام مستشفى في جنين مع لقطات مسلسل  "فوضى" إلى حد تماثل تنكر قوة المستعربين، الفرق هو أن الفلسطيني جُرّد من صفة الضحية في المسلسل.

المسلسل الذي عُرض الموسم الأول منه في حزيران/ يونيو 2020 يحكي قصة عميلة موساد شابة كُلفت باختراق المفاعل النووي الإيراني، وتعطيله حتى يتمكن الجيش الإسرائيلي من شن غارة جوية عليه، وقد اعتمد المسلسل الرواية الإسرائيلية التي تقول بحدوث هجوم سيبراني على المنشأة النووية الإيرانية عن طريق قطع التيار الكهربائي.

الدراما الإسرائيلية ويهود أمريكا

كثيرون حاولوا الربط بين الدراما الإسرائيلية والدراما المنتجة من قبل المنتجين اليهود في هوليود، فيما حاول البعض الخلط بين الاتجاهين واعتبار أن لديهما أهدافاً مشتركة، لكن بحسب دراسة للمدير التنفيذي لمنظمة علماء من أجل السلام في الشرق الأوسط عساف روميروفسكي، والمنشورة في معهد بيغن السادات للدراسات، فالأهداف ليست واحدة.

ترى الدراسة أن إسرائيل استخدمت صناعة الدراما والسينما قبل فترة كأداة لعرض وجهة النظر الإسرائيلية بشأن الصراع العربي الإسرائيلي، ولكنها كما يبدو لم تنجح بعد في التأثير على اليهود الأمريكيين، فاليهود الأميركيون اليوم منقسمون ومتضاربون في علاقتهم بإسرائيل، وهو ما يظهر جلياً في الدراما الأمريكية التي تنتقد إسرائيل كثيراً.

وفي هذا الإطار، تقول الأستاذة في قسم الإذاعة والتليفزيون في كلية الإعلام/ جامعة القاهرة د. سارة فوزي إن الجماعات اليهودية في أمريكا بدأت بالفعل بإنتاج قوي يناقش اليهودية بدون التطرق إلى الصهيونية، وهو أمر يحتاج إلى تحليل.

وتتساءل مؤلفة كتاب "تحولات الخطاب الصهيوني وتحليل السرد" عما إذا كان الذراع الصهيوني يحاول أن يظهر الوجه الطيب لليهود من خلال الجماعات اليهودية أم أن الانقسام اليوم حاد لدرجة أن الجماعات اليهودية تريد أن تتحدث باسمها وعن نفسها دون أن تتطرق إلى إسرائيل والصهيونية.

دراما إسرائيل ما بعد الحرب

الحرب غيّرت كثيراً في الإنتاج الدرامي الإسرائيلي، وبحسب تقرير لموقع "سكرين ديلي" فقد تم إيقاف العديد من المشاريع الدرامية في إسرائيل. وعلى الرغم من أن بعض الأعمال استأنفت تصوير مشاهدها في الأسابيع الأخيرة، إلا أن كثيراً من المنتجين قرروا استكمال التصوير في دول أخرى، وبعضهم قام بتغيير السيناريوهات للتوافق مع الواقع الجديد. 

استخدمت إسرائيل الدراما والسينما كأداة لعرض وجهة نظرها بشأن الصراع العربي الإسرائيلي، ولكنها لم تنجح  في التأثير على اليهود الأمريكيين، وهم اليوم منقسمون ومتضاربون في هذا الشأن، وهو ما يظهر جلياً في الدراما الأمريكية التي تنتقد إسرائيل كثيراً

وذكر التقرير أن الشبكات الكبرى أوقفت جميع الأعمال الدرامية، وتحولت القناة التلفزيونية التجارية الأكثر مشاهدة في إسرائيل "كيشيت 12" إلى دورة إخبارية مدتها 24 ساعة، كما أمرت قيادة الجبهة الداخلية للجيش الإسرائيلي بوقف إنتاج الأفلام والتلفزيون الإسرائيلي جميعها محلياً. فضلاً عما تسبب به التحاق العديد من المنتجين والممثليين من طواقم العمل إلى قوات الاحتياط.

وكما أمست المسافة بين الواقع والخيال متقاربة، فسخرية القدر لم تعد بعيدة كذلك، فالممثلين الإسرائيليين "تساحي هاليفي"، و"يعقوب زادا دانيال"، و"عيدان عميدي" والذين شاركوا في مسلسل فوضى أصيبوا جميعاً بجروح خطيرة في انفجار ضخم وقع في غزة في كانون الثاني/ يناير 2024، ليعيشوا واقعاً يشبه ما كانوا يمثلونه.

لكن كيف ستؤثر الحرب على الطلب الدولي على الدراما الإسرائيلية؟ بحسب موقع "سكرين ديلي"، فإنه لا يزال من السابق لأوانه معرفة تأثير الحرب على الإنتاج الإسرائيلي، لكن بحسب تجربة سوق الأفلام الأوروبية الذي أقيم في شباط/ فبراير 2024 في برلين، فهناك حالة من القلق من أن المهرجانات قد تكون مترددة في اختيار المنتجات الإسرائيلية في المستقبل، أو على الأقل سيكون وكلاء المبيعات والمشترين أكثر حذراً بشأن العمل في المشاريع الإسرائيلية، وذلك إما لأسباب سياسية، أو خوفاً من التسبب في خلاف مع المشاهدين الذين لديهم آراء قوية حول الصراع في غزة.

تعلق فوزي بالقول: "هناك بعض الملاحظات على مشاهدة الدراما الإسرائيلية، أهمها ارتفاع مشاهدة الأفلام التسجيلية وانخفاض مشاهدة الأعمال الدرامية، ولكن في المنصات مثل نتفليكس وأمازون وآبل، فالأعمال الدرامية الإسرائيلية كانت متصدرة سواء في الأكشن أو التاريخي أو الجريمة لكن مشاهدتها قلت مؤخراً، وربما هذا ليس بسبب انقطاع الجمهور العربي عن المشاهدة، ولكن بعد تراجع المشاهدات في أوروبا وفي أمريكا الجنوبية تضامناً مع الفلسطينيين".

وتضيف أن الإنتاج الإسرائيلي تأثر في الفترة الأخيرة، ولهذا حاولت الشركات الإسرائيلية عقد شراكات مع شركات أمريكية لتقديم أعمال مشتركة، ولكنها قللت الإنتاج المشترك بسبب الحرب، في الوقت الذي لا يزال اللوبي الصهيوني يضغط على المنصات لتقديم أفلام أجنبية تتطرق إلى إسرائيل ومظلومية اليهود، وقبل الحرب كانت تلك المنصات تعيد عرض أفلام ومسلسلات قديمة عن الهولوكست بكثافة. 

وفي هذا السياق، يقول الرقب: "قبل الحرب كان هناك انحياز كامل في المنصات التي تعرض المسلسلات الإسرائيلية، ونقل الرواية الإسرائيلية عبر الدراما كان ناجحاً، للأسف، وقد أثر على الشعوب العربية، لكن أحداث 7 أكتوبر، وخاصة في الشهرين الأخيرين والجرائم التي مارستها إسرائيل في الحرب أثّرت حتى على قبول المشاهد العالمي وتصديق ما يجرى في الدراما، بعد أن رأى العالم كيف يقتل الإسرائيليون الفلسطينيون في غزة؟ وهو ما ألقى بظلاله على عرض الدراما في المنصات".

الوقت المناسب لنقول روايتنا

في الغالب ستواجه الدراما الإسرائيلية تحديين رئيسيين، التحدي الأول هو كيف ستعرض الدراما الإسرائيلية الحرب في أعمالها، لا سيما مع معايشة كل الجمهور لحرب الإبادة على غزة أولاً بأول عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يختلف جذرياً عن ذاكرة الحرب العالمية والهولوكست. 

ثلاثة من الممثلين الإسرائيليين الذين شاركوا في مسلسل "فوضى" أصيبوا بجروح خطيرة في انفجار ضخم وقع في غزة، ليعيشوا واقعاً يشبه ما كانوا يمثلونه.

يمكن استنباط أن الإستراتيجية التي ستعتمدها إسرائيل هي التعتيم على جمهورها، فعلى الرغم من أن العالم كان يتابع عن كثب وحشية الحرب المستمرة في غزة. وصور الفلسطينيين الذين يفرون جنوباً ويبحثون عن أقاربهم تحت الأنقاض، ومقاطع الفيديو لأطفال يبحثون عن الطعام والماء، إلا أن هذه الصور لا يمكن العثور عليها في وسائل الإعلام الإسرائيلية. فبحسب تقرير منشور في مجلة "972magazine"، نادراً ما تقوم معظم وسائل الإعلام الإسرائيلية بتحديث عدد الضحايا الفلسطينيين ولا تبلغ مشاهديها أن معظم ضحايا الهجوم الإسرائيلي من المدنيين، وتحديداً من النساء والأطفال.

يقول الرقب: "ستحتاج الدراما الإسرائيلية لوقت طويل لتستعيد تأثيرها على الجمهور العالمي، بعدما شاهد الإجرام الإسرائيلي في غزة".

أما التحدي الثاني، فهو الفراغ الذي ستتركه هذه الدراما والذي من الممكن ملؤه بأعمال تنافسية لمواجهة "البروباغندا"، مثل مسلسل "مليحة" الذي عرض في النصف الثاني من رمضان 2024، ويدور حول قصة أسرة فلسطينية تضطر إلى النزوح والهجرة إلى ليبيا عقب الانتفاضة الفلسطينية الثانية، ولكن بعد أحداث ليبيا تضطر للعودة مرّة أخرى إلى غزة عن طريق مصر، فتواجه العديد من الصعوبات، فيما عرض تتر المسلسل توثيقاً موجزاً لتاريخ الصراع وبداية الاحتلال، ومدعّماً بالصور واللقطات التاريخية، في شكل وثائقي.

حاول "مليحة" ربط الماضي بالحاضر، منذ إعلان قيام دولة إسرائيل، حتى الحرب الحالية في غزة، مما جعله محط أنظار بسبب تزامن عرضه مع الحرب في غزة، ولكن بعض الآراء كالمقال المنشور في جريدة "النهار" ترى أن "المسلسل لم يكن على قدر التوقعات، لأن إنتاجه تم على عجل ليلحق بالموسم الرمضاني".

يختم الرقب: " نحتاج إلى أعمال بلغات أجنبية مختلفة، وهذه مهمة المنتجين في المنصات الدولية، لنقل الرواية الفلسطينية بطريقة أكثر مهنية وجذباً، مثلاً مسلسل "مليحة" جيد، لكن لا يمكن عرضه في منصة دولية".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

منبر الشجعان والشجاعات

تكثُر التابوهات التي حُيِّدت جانباً في عالمنا العربي، ومُنعنا طويلاً من تناولها. هذا الواقع هو الذي جعل أصوات كثرٍ منّا، تتهاوى على حافّة اليأس.

هنا تأتي مهمّة رصيف22، التّي نحملها في قلوبنا ونأخذها على عاتقنا، وهي التشكيك في المفاهيم المتهالكة، وإبراز التناقضات التي تكمن في صلبها، ومشاركة تجارب الشجعان والشجاعات، وتخبّطاتهم/ نّ، ورحلة سعيهم/ نّ إلى تغيير النمط السائد والفاسد أحياناً.

علّنا نجعل الملايين يرون عوالمهم/ نّ ونضالاتهم/ نّ وحيواتهم/ نّ، تنبض في صميم أعمالنا، ويشعرون بأنّنا منبرٌ لصوتهم/ نّ المسموع، برغم أنف الذين يحاولون قمعه.

Website by WhiteBeard
Popup Image