بدت هذه الأخبار كأنها متزامنة مع ما يجري في غزة، لكن رسالة مكتب الهجرة تعود إلى أغسطس/آب 2023، فما قصتها؟
تنص المادة 10 من قانون منح الجنسية البلجيكية على أن للطفل المولود في بلجيكا، والذي لا يحمل جنسية أخرى، الحق في الحصول على الجنسية البلجيكية. وبما أن بلجيكا لا تعترف بدولة فلسطين بالتالي يحق للأطفال الفلسطينيين المولودين على الأراضي البلجيكية الحصول على جنسيّتها.
الرسائل التي تلقتها البلديات أثارت جدلاً واسعاً في البلاد، كما أنها أقلقت المستفيدين من المادة القانونية أعلاه.
ينص القانون على منح الجنسية البلجيكية للطفل المولود في بلجيكا، والذي لا يحمل جنسية أخرى. وبما أن بلجيكا لا تعترف بدولة فلسطين بالتالي يحق للأطفال الفلسطينيين المولودين على الأراضي البلجيكية الحصول على جنسيّتهاعدنان، اسم مستعار، شاب فلسطيني لجأ إلى بلجيكا بعد لبنان في العام 2017، وبعد عامين أمضاهما في مخيمات اللجوء البلجيكية، تمكن من الحصول على الأوراق التي تنص على أنه تمت الموافقة على طلب لجوئه وزوجته، وخلال فترة الانتظار وُلد ابنه.
تتكون بلجيكا من ثلاثة أقاليم: الإقليم الفلامنكي وإقليم والونيا وإقليم بروكسل.
ولد الطفل في إحدى مدن الإقليم الفلامنكي. بعد الحصول على أوراق اللجوء الخاصة بالعائلة، توجه عدنان إلى البلدية لطلب الجنسية لابنه كونه يحق له الاستفادة من المادة 10 من قانون الجنسية البلجيكي.
يروي عدنان لرصيف22 رحلة ابنه مع الحصول على الجنسية البلجيكية: "في المرة الأولى طلبت مني موظفة البلدية أن أحضر ورقة من السفارة اللبنانية في بلجيكا تثبت أنني وزوجتي لا نحمل الجنسية اللبنانية، أحضرت الورقة وعدت إلى الموظفة لأتقدم بطلب الجنسية لابني، لكنها قالت لي إنه عليَّ الآن إحضار ورقة من السفارة الأردنية في بلجيكا تثبت أننا لا نحمل الجنسية الأردنية، فغادرت وعدت بعدها بأيام حاملاً الورقة المطلوبة، يومها عادت وطلبت مني أن أغادر وأعود بورقة تثبت أنني وزوجتي غير حاصلين على أرقام وطنيّة فلسطينية، فعدت بعدما حصلت عليها لأكمل طلبي. لكنني فوجئت بالموظفة تقول لي إنه عليَّ أن أتوقف عن مشاهدة الأفلام الأمريكية، فلا يمكن لابني الحصول على الجنسية البلجيكية".
خرج عدنان من المبنى بعدما فقد الأمل بحصول ابنه على الجنسية البلجيكية.
يكمل عدنان قصته: "بعد ثلاثة أعوام، انتقلت عائلتي للعيش في إحدى مدن إقليم والونيا، وبعد وصولنا بأسابيع أتت إحدى العاملات الاجتماعيات إلى منزلنا طالبة صورة لابني بهدف منحه الجنسية البلجيكية".
خبر سحب الجنسية من الأطفال الفلسطينيين أقلق عدنان، لكنه ليس الوحيد، فالخبر أثار بلبلة واسعة في البلاد كما لاقى انتقاداً من قبل أعضاء داخل المجلس المحلي للأحوال المدنية في بروكسل.
"على مستوى مدينة بروكسل، لم يتم سحب أي جنسية في سياق هذا الملف ولن تقوم المدينة بسحب أي جنسية في المستقبل". المكتب الإعلامي لأحمد الكتبي، عضو المجلس المحلي للأحوال المدنية والديموغرافية في بروكسل.في رد مكتوب من المكتب الإعلامي لأحمد الكتبي، عضو المجلس المحلي للأحوال المدنية والديموغرافية في مدينة بروكسل، يؤكد لرصيف22: "على مستوى مدينة بروكسل، لم يتم سحب أي جنسية في سياق هذا الملف ولن تقوم المدينة بسحب أي جنسية في المستقبل".
وأعلن المكتب في بيان صحافي: "رسالة مكتب الهجرة ليست ملزمة، فالمكتب غير مخوّل بإعطاء تعليمات إلى ضباط الأحوال المدنية".
ويؤكد الكتبي في البيان على أن: "مدينة بروكسل لن تسمح أن تُسحب جنسية أي طفل ليصبح من دون جنسية على أراضيها، بانتظار موقف واضح للحكومة الفيدرالية بشأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية".
يشرح مكتب الهجرة والأجانب لرصيف22 تفاصيل طلبه مشيراً إلى أن: "الرسائل التي أرسلها المكتب إلى البلديات لم تكن تعليمات بسحب الجنسية".
ويتابع: "ينص قانون الجنسية البلجيكي على أن الطفل المولود في بلدنا وعديم الجنسية - أي ليس لديه جنسية - يحق له الحصول على الجنسية البلجيكية. وبالتالي يجب على البلديات تحديد ما إذا كان الطفل عديم الجنسية لتطبيق هذا التشريع. في حالة الشك، يمكن للبلديات أن تطلب رأي النيابة العامة بالملف، لكن هذا ليس إلزاميّاً أبداً فالقرار النهائي للبلديات".
ويشير المكتب إلى أن تطبيق هذا التشريع يختلف من بلدية إلى أخرى: "ولذلك كان من الضروري أن يكون هناك آلية للتطبيق أكثر تجانساً لكن عندما يكون لدى مكتب الهجرة معلومات تحدّد جنسية الطفل - مثل وجود جواز سفر لأحد الوالدين - فإن مكتب الهجرة يشاركها مع البلديات ويطلب التحقق مما إذا كان من الممكن أيضاً، في ضوء العناصر الموجودة في ملف الوالدين، تغيير جنسية الطفل إلى الجنسية الفلسطينية والبلديات هي التي تقرر بعد ذلك ما يجب فعله".
ويشدد المكتب على أن القرار في هذا الشأن يقع على عاتق بلدية مكان ميلاد الطفل، مؤكّداً على أنه لم يُصدر تعليمات للبلديات بسحب الجنسية، وبالتالي لا معلومات لديه عمّا إذا تم سحب جنسيّة أي طفل وفقاً لتوصياته حول هذا الموضوع.
لم يتأثر ابن عدنان بطلب مكتب الهجرة، لكن الشاب يشير إلى أنه سمع من أشخاص محيطين به عن سحب جنسيّة أحد الأطفال الفلسطينيين: "لكن الأمر يعود إلى مشكلة في الأوراق المطلوبة لاستكمال ملف الجنسية"، يقول عدنان.
وفقاً لتقرير نشرته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في عام 2022 طلب 36871 شخصاً اللجوء في بلجيكا. ويمثل ذلك زيادة بنسبة 42% مقارنة بالعام 2021 إذ كان عدد طالبي اللجوء 25,971 شخصاً. وشكّل الفلسطينيّون ثالث أكبر عدد لطالبي اللجوء بعد أفغانستان وسوريا.
قد تكون المادة 10 من قانون الجنسية البلجيكي واحداً من أسباب جعل البلاد مقصداً للاجئين الفلسطينيين من بين دول الاتحاد الأوروبي. إذ على الرغم من إجراء ألمانيا لتعديلات على قانون منحها الجنسيّة مؤخراً، لتسهيل الحصول عليها، فقد أدرجت ولاية ساكسونيا إعلان دعم حق إسرائيل في الوجود كشرط أساسي للحصول على الجنسيّة الألمانية. فيما تتجه ولايات أخرى لاتخاذ خطوات مشابهة، مما سيجعل الأمر صعباً على الفلسطينيين.، كما أنه لا يمكن للطفل الحصول على الجنسيّة الألمانية بالولادة إلا إذا كان أحد والديه يحمل الجنسيّة الألمانية أو مكث في البلاد أكثر من 5 سنوات.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...