شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
النجاة من غزة إلى الغربة... هل تحقق بلجيكا وعودها بلم شمل الفلسطينيين؟

النجاة من غزة إلى الغربة... هل تحقق بلجيكا وعودها بلم شمل الفلسطينيين؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والمهاجرون العرب

الجمعة 19 أبريل 202403:18 م

تتابع أمة الله النجار، المقيمة في بلجيكا قوائم الإجلاء التي تصدرها الحكومة البلجيكية للمواطنين الفلسطينيين الذين حصلوا أهاليهم على جنسيات وإقامات فيها، متأملة أن يكون اسم ابنتها مسك ذات العامين والنصف بينهم.

تعيش مسك الصغيرة مع جدتها، بعدما نسفَ الاحتلال منزلهما في قرية بني سهيلة شرقَ مدينة خانيونس مما اضطر الجدة للانتقال مع حفيدتها إلى خيمةٍ في مدينة رفح بالقرب من الحدود المصرية، وعانت الطفلة أثناء إقامتها في الخيمة من نزلة معوية جراء الطعام المعلب الذي تتناوله، ناهيك عن نزول وزنها وإصابتها بالجفاف. وكانت عائلة مسك قد فشلت في استصدار أوراق لم الشمل لها بسبب الحرب. إذ قالت والدتها: "لم تحصل مسك على موافقة للم الشمل قبل تأكيد الأبوة الذي طلبته منا بلجيكا، وكان يجب أن تخضع لفحص DNA غير أن الحرب عطلت ذلك" وأضافت: "سافر زوجي لخمس سنوات دون أن يتمكن من الحصول على الجنسية ما اضطرني للسفر إليه وتقديم طلب لجوء منفصل، غير أن الظروف اضطرتني للعودة لغزة وهناك تبينَ أنني حامل بمسك، وبعد إنجابها بعام تقريباً حصل والدها على الإقامة وحصلت أنا وأشقائها على موافقة لدخول بلجيكا، عدا مسك التي كانت بحاجة لذلك التأكيد"، بقيت الطفلة في حضانة جدتها تنتظر إجراء فحص DNA في السفارة البلجيكية في القدس، وهو أمر صار من الصعب تحققه نتيجة الحرب الإسرائيلية على غزة. قالت الوالدة: "خرجت مسك مع عائلة زوجي من منزلنا في بني سهيلة شرق خانيونس قبل اقتحام الاحتلال الإسرائيلي لشرق المدينة ولم يكن أمامهم إلا الاستقرار في خيمة بالقرب من الحدود المصرية والمعروف بمحور فيلادلفيا، أثناء ذلك فقدت ابنتي وزنها وأصابتها نزلة معوية أدت لدخول جسدها الصغير بحالة من الجفاف، وبقيت في المشفى يومين قبلَ أن تغادر لاكتظاظ المكان".

تعيش مسك الصغيرة مع جدتها، بعدما نسفَ الاحتلال منزلهما في قرية بني سهيلة شرقَ مدينة خانيونس مما اضطر الجدة للانتقال مع حفيدتها إلى خيمةٍ في مدينة رفح بالقرب من الحدود المصرية

تابعت: "بعد التهديد الإسرائيلي باقتحام مدينة رفح، خفنا على ابنتنا وطلبنا من جدتها أن تعود بها إلى خانيونس، في منطقة المواصي الساحلية حيث أوهمنا الاحتلال بأخباره وخرائطه التي نشرها على مواقع مختلفة أنها مناطق آمنة، فانتقلت عائلة زوجي إلى حيث كانت عائلتي نازحة، وبعد أيام استيقظ الجميع على أصوات الدبابات الإسرائيلية التي اقتربت من مكان اقامتهم".

إجراءات معطلة

خرجت عائلة أمة الله وعائلة زوجها في الظلام هرباً من الرصاص الذي تطلقه الدبابات الإسرائيلية بعشوائية، وتمكنوا من النجاة، وعن ذلك قالت: "غامر والدي بإخراج الجميع تحت الرصاص، إذ كان يقول إن احتمال نجاتهم أثناء الهروب أكبر من احتمال نجاتهم لو احتموا بالخيمة أو ظلوا في محيطها".

وأضافت: "بعد اقتحام مواصي خانيونس- الشريط الساحلي لمدينة خانيونس- لم يعد أمامي إلا أن أبحث عن طريقة لإيصال ابنتي إلى مصر، فدفعنا 2600 يورو لمكتب "يا هلا" للتنسيق لابنتي للسفر إلى مصر حيث ستكون خالتها بانتظارها حتى ننهي إجراءات إقامتها في بلجيكا ونذهب لاصطحابها".

"غامر والدي بإخراج الجميع تحت الرصاص، إذ كان يقول إن احتمال نجاتهم أثناء الهروب أكبر من احتمال نجاتهم لو احتموا بالخيمة". تقول أمة الله، المقيمة في بلجيكا والتي تنتظر لم شمل ابنتها إليها

تتابع: "طرقنا كل الأبواب في بلجيكا، ذهبت لمحامين ومؤسسات تساعد اللاجئين، وتواصلت مع السفارة البلجيكية في القدس وكنت أعود في كل مرة بخفي حنين، فجميعهم يعدون بالمساعدة ويطلبون مني الانتظار، والانتظار خيار صعب للأسف، فالموت يحيط بالجميع في غزة وأنا أخشى أن أفقد مسك".

ميلا وسيلا أحمد طفلتان تنتظران أن يُجليهما والدهما أيضاً إلى بلجيكا فتنامان على سريرٍ دافئٍ لا حشرات تستوطنه كأرض الخيمة الرملي التي تعيشان فيها رفقة والدتهما منذ أشهر.

والدهما محيي الدين قال إن عائلته الصغيرة، زوجته وابنتيه، نجت من قصفٍ إسرائيلي استهدف محيطها في مخيم النصيرات وتسبب بانهيار منزلهم فوق رؤوسهن، مما اضطرهن إلى النزوح لرفح والبقاء في خيمة.

قال: "كان من المفترض أن تذهب بناتي لاستكمال إجراءات لم الشمل في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلا أن الحرب حالت دون ذلك، مما عطلَ فرصة حصولهن على تأشيرة للسفر وصار من الصعب عليّ اجلائهن خارج غزة، وللأسف لم يساعدني أحد في بلجيكا، فالجميع يقول إنه لا يمكن متابعة الإجراءات قبل أن يضع أطفالي بصمتهم"، أضاف محي الدين مشيراً إلى أن السفارة البلجيكية في القدس أخبرته إنه من الصعب إجلاء عائلته كذلك إلا بعد موافقة السلطات المصرية والإسرائيلية، وهي موافقة لم يحصل عليها منذ قدمَّ لها في ديسمبر/ كانون الأول 2023.

تسهيلات محدودة

مؤخراً تساهلت بلجيكا مع الحاصلين على إقامة بلجيكية إذ صار بالإمكان متابعة عائلاتهم إجراءات لم الشمل عبر موقعٍ إلكتروني، تبعاً لأحمد الذي باشرَ استخراج تأشيرات الكترونية ودفعَ مقابلها نحو 774 شيقل لكل شخص، ووصله رد بأن ملف عائلته قيد الدراسة وبانتظار الموافقة.

قال: "هذا هو الحل الأخير أمامي ولا أعرف ماذا عليَّ أن أفعل إن تعذر تحققه، فصغيرتاي ووالدتهما في خيمة برفح، يشترين السلع الأساسية بأسعار مضاعفة ولا يتلقين خدمات صحية جيدة إن مرضت إحداهن، ناهيك بخطر الموت القريب دائماً".

فشلت كل محاولات محمد عابد لاستصدار تأشيرة لأطفاله الخمسة وزوجته لأنه لم يباشر كما سابقيه بإجراءات لم الشمل قبل الحرب ليتابعها إلكترونياً كأحمد أو يسعى لسفر أبنائه لمصر إلى حين استكمال إجراءاتهم، لأن الحرب سبقته.

قال: "أبنائي الخمسة وزوجتي نازحون في مدرسة للإيواء في مخيم النصيرات وهي المكان الأخير الذي استقروا فيه بعد رحلة نزوحهم الخامسة، إذ لا أمل لدينا بسفرهم خاصة أن الحرب سبقت إجراءات لم الشمل التي كنا نرتب لها".

لدى محمد عابد طفلان مصابان جراء استهداف مدارس الإيواء التي لجؤوا إليها، إضافة لإصابة أحد أطفاله بسرطان الدم.
وصلَ اليأس به لعرض كليته للبيع لتوفير ثمن التنسيق الأمني لإجلاء عائلته إلى مصر.

لدى عابد طفلان مصابان جراء استهداف مدارس الإيواء التي لجؤوا إليها، ناهيك بإصابة أحد أطفاله بسرطان الدم الأمر الذي يتطلب حصولهم ثلاثتهم على رعاية صحية خاصة، وغير متوفرة في مكان نزوحهم.

وصلَ اليأس بالرجل لعرض كليته للبيع لتوفير ثمن التنسيق الأمني لأطفاله لإجلائهم إلى مصر، قال: "عرضت كليتي للبيع، وأنا لا أمزح، فأبنائي في خطر وأخشى فقدانهم، ناهيك بتعطل كل إجراءات الإجلاء التي حاولتها بحجة أن إجراءات لم الشمل غير مستكملة".

وعود لا تتحقق

تواصل عابد مع كل المؤسسات البلجيكية التي نصحه الناس بقصدها لمساعدته في الحصول على موافقات لعائلته لدخول بلجيكا، غير أن طلبه قوبل بوعودٍ لم تتحقق منذ بدء الحرب حتى اليوم.

قال: "وصلَ فيَّ اليأس إلى طباعة صور أبنائي الجرحى وجراحهم المفتوحة وعرضها على المؤسسات التي تساعد اللاجئين في إجراءات لم الشمل، ولكن لا فائدة إذ يقول الجميع إن عليَّ الحصول على موافقات جمع الشمل قبلَ التأشيرة".

وتابع: "أشعر بالعجز لأن أبنائي يواجهون الحرب الإسرائيلية بمفردهم وأنا هنا لا أملك شيئاً لإجلائهم أو نقلهم حتى لمكانٍ آمن، حتى إنني فكرت بالعودة الطوعية لأواجه ما يواجهونه، غير أن أبنائي يريدون السفر، فالموت مخيف وإصاباتهم حرجة وهم بحاجة حقيقية للمساعدة".

يسيطر شعور العجز على الفلسطينيين في بلجيكا أمام عدم قدرتهم على إجلاء عائلاتهم أو حمايتهم، خاصة أن كل التسهيلات التي قدمتها الحكومة البلجيكية والمؤسسات المختصة بمساعدتهم كإتاحة الموقع الإلكتروني ودفع بعض تكاليف السفر للحاصلين على تأشيرات مسبقة لدخول البلاد، لا تستهدف الذين توقفت إجراءاتهم بسبب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، الأمر الذي يجعل الكثير من الفلسطينيين يائسين وقليلي الحيلة، ومحبطين.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ثورتنا على الموروث القديم

الإعلام التقليديّ محكومٌ بالعادات الرثّة والأعراف الاجتماعيّة القامعة للحريّات، لكنّ اطمئنّ/ ي، فنحن في رصيف22 نقف مع كلّ إنسانٍ حتى يتمتع بحقوقه كاملةً.

Website by WhiteBeard
Popup Image