شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
لم الشمل في فرنسا... انتظار بطعم الفراق

لم الشمل في فرنسا... انتظار بطعم الفراق

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!
Read in English:

Family reunification in France: Delays, regulations and the bitter taste of separation

"تزوجنا عن حب، لكن سنين الفراق عصفت بعلاقتنا. ظننا أن إجراءات لم الشمل سهلة لكن يبدو أن الأمور ستتعقد أكثر". هكذا يحكي متأسفاً لرصيف22، أمين.أ، وهو مغربي عمره 30 عاماً، مقيم في مدينة غرونوبل، جنوب شرق البلاد بعد أن سمع بمستجدات قانون الهجرة الجديد.

أثر الانتظار

ويتابع أمين الذي تزوج عام 2019 ورزق بطفلة عام 2021: "بدأ صبري ينفذ. ابنتي تكبر بعيداً عني. أخاف أن يكون مآل زواجي الطلاق كما حدث مع بعض معارفي بعد أن سئموا الانتظار. نخضع لإجراءات إدارية ثقيلة، طويلة ومرهقة ليحصل أفراد أسرنا على تأشيرة النجاة. وها نحن اليوم أمام قانون هجرة جديد وضع حق لم الشمل في مرمى أهدافه".

وإلى جانب الضغط النفسي والمعنوي الذي يعاني منه المهاجرون الراغبون في لم شمل أسرهم، يوجد أيضاً العامل المادي الذي وفقاً لأمين أصبح يثقل كاهله، يقول: "أنا حالياً أصرف على بيتين من مرتبي وأسافر ثلاث مرات سنوياً إلى المغرب. تذاكر الطيران غالية وأسعار المعيشة سواء في فرنسا أو في المغرب تواجه غلاء مهولاً. أنا لا أدّخر أي فلس".

"بدأ صبري ينفذ. ابنتي تكبر بعيداً عني. أخاف أن يكون مآل زواجي الطلاق كما حدث مع بعض معارفي بعد أن سئموا الانتظار". أمين، مغربي مقيم في فرنسا.

لكل شخص قصة خاصة، لكن كل المهاجرين الراغبين في لم شمل أسرهم يمرون من سلم صعوبات يتدرج وفقاً لمعايير متعددة ومختلفة.

شروط القانون الحالي

قانون لم الشمل الحالي الخاص بالأجانب المقيمين في فرنسا يسمح بإحضار الزوج أو الزوجة والأطفال القصر، مقابل استيفاء عدة شروط. إذ يجب أن يكون الحد الأدنى من مساحة السكن 22 أو 24 أو 28 متراً مربعاً لشخصين، اعتماداً على موقع المنزل، والتي يجب أن يضاف إليها 10 متر مربع لكل شخص إضافي حتى إجمالي 8 أشخاص، و 5 متر مربع لكل شخص إضافي فوق أكثر من 8 أشخاص.

ويجب أيضاً أن يكون لدى الأجنبي المتقدم بلم شمل الأسرة تصريح إقامة لمدة سنة واحدة على الأقل، أو تصريح إقامة لمدة 10 سنوات أو إيصال لتجديد هذه التصاريح.

ولا يمكن البدء بهذا الإجراء إلا بعد الإقامة في فرنسا لمدة 18 شهراً على الأقل. وعلى المتقدمين بعد ذلك إثبات وجود موارد مالية كافية على أن تخضع أماكن إقامتهم للتفتيش.

وإذا اختل أي بند من البنود، قد يتم رفض الملف بعد دراسته التي تكلف سنوات انتظار كما حصل مع فتيحة، الشابة الجزائرية التي تقيم في فرنسا منذ 13 سنة، وتبلغ من العمر37 عاماً، التي تقول: "بدأت بالمحاولات في أغسطس 2019 عندما تزوجت في الجزائر".

تتابع: "عند عودتي من بلادي في سبتمبر/ أيلول 2019، أرسلت ملف لم شمل عائلتي إلى مكتب "فال دواز" في إيل دو فرانس"، وانتظرت من شهر أكتوبر/تشرين الأول إلى يوليو/تموز 2020 لتلقي رسالة أولى تطلب مني تقديم مستندات مفصلة عن حالتي الاجتماعية. ولم أتلق أبداً شهادة إيداع كما يقتضي القانون. ولاحقاً، بعد إرسالي العديد من رسائل التذكير عبر البريد الإلكتروني، جاء أخيراً مفتش أرسلته بلديتي لزيارة مكان إقامتي وطلب وثائق الموارد، وقد تم ذلك في 2 مارس 2021".

لكن الحظ لم يحالف فتيحة، إذ بعد طول انتظار قوبل طلبها بالرفض في أبريل/نيسان 2022، ما اضطرها لتكليف محامي لصياغة الملف من جديد في يوليو 2022، لتعود من جديد لدكة الانتظار والترقب.

احتجاجات وتأخير 

ويبدو أن التأخر في معالجة ملفات الأجانب هو نقطة مشتركة بين عدة ولايات في فرنسا. لهذا يضطر العديد من المتقدمين لتنظيم وقفات احتجاجية مثل ما حصل مع حوالي 200 شخص تجمعوا شهر مايو/أيار الماضي أمام ولاية الرون، بدعم من نقابة المحامين والجمعيات في ليون للتنديد بالتماطل.

" العديد من الولايات الفرنسية للأسف، لا تحترم المواعيد المنصوص عليها في القانون الفرنسي. وفي هذه الحالة، الطريقة الوحيدة للحصول على الرد هي اللجوء إلى المحاكم". يانيس لانتوم، محامي متخصص في حقوق الأجانب

وحضر هذه الوقفة المحامي المتخصص في حقوق الأجانب، يانيس لانتوم، الذي أكد لرصيف22 بأن: "الولايات للأسف، لا تحترم في غالب الأحيان المواعيد المنصوص عليها في القانون الفرنسي. وفي هذه الحالة، الطريقة الوحيدة للحصول على الرد هي ربما اللجوء إلى المحاكم الإدارية للطعن في الرفض الضمني. لأنه من جهة، لم يتم احترام القانون وثانياً لأنه لا يوجد رفض مكتوب".

ويعتبر أن هذا التأخر: "يختلف باختلاف الولايات. فهو أحياناً يتعدى سنتين في حين قد لا يتعدى ستة أشهر في بعض المناطق".

ويستبعد في المقابل، أن يكون هذا التأخر والتماطل بسبب تبعات كوفيد-19، يقول: "لا يمكن أن نستمر في إلصاق كل المشاكل بالوباء حتى بعد مرور ثلاث سنوات على الجائحة. هو قد يكون عقدها أكثر فقط، إنما السبب الحقيقي هو أنه لا يوجد موظفون كافون لدراسة العدد الكبير من ملفات لم الشمل".

تشديد شروط لم الشمل

وأمام كل هذه المعاناة، لا تزال الأمور تسير نحو الأسوأ بالنسبة للمتقدمين الجدد بملف لم شمل الأسرة. فقد وافق مجلس الشيوخ يوم الاثنين 6 نوفمبر/ تشرين الأول، على تشديد الشروط والمساطر.

ولعل أبرزها، إقراره تمديد شرط الإقامة المطلوب للأجنبي المقيم في فرنسا، حتى يتمكن من صياغة طلب لم شمل الأسرة لأحد أقاربه من ثمانية عشر شهراً كما هو الحال حالياً، إلى أربعة وعشرين شهراً. وسيكون من الضروري الآن إثبات الحد الأدنى من إتقان اللغة الفرنسية والتأمين الصحي للأجنبي وأفراد أسرته. كما تم سن 21 عاماً لـ "الكفيل" وزوجته، مقابل 18 حالياً.

بصيص أمل

لكن المديرة المساعدة والباحثة في مركز الأبحاث في سياسيات الهجرة في أوروبا، كاميل لو كوز، ترى في حديثها لرصيف 22: "أنه من الممكن جداً عدم إقرار هذه الإجراءات التي صاغها مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي، وقد يتم الطعن فيها في الجمعية الوطنية اعتبارا من 11ديسمبر/أيلول المقبل".

وقد تقدمت بالفعل الأحزاب الاشتراكية والبيئية واليسارية بتعديلات لحذف المادة المتعلقة بالالتزام بالتأمين الصحي في مجلس الشيوخ، غير أنها لم تجد أذناً صاغية.

وفي انتظار 11ديسمبر/أيلول المقبل، يمكن أيضاً أن تتغير أوضاع المهاجرين. قد يفقد صاحب الطلب وظيفته ويعاني من خسارة الدخل كما يمكنه أن ينجب أطفالاً وفي هذه الحالات، لم تعد ظروف السكن مناسبة والضوء الأخضر سيبقى أحمراً إلى أن تستوفى الشروط.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image