شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
من القرن 19 حتى الحرب الحالية على غزة… رحلة تبرّعات يهود الشتات لإسرائيل وأهدافها

من القرن 19 حتى الحرب الحالية على غزة… رحلة تبرّعات يهود الشتات لإسرائيل وأهدافها

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والتنوّع

الأربعاء 27 مارس 202403:57 م

"الصهيوني هو يهودي يجمع التبرعات من يهودي آخر لإرسال يهودي ثالث لأرض الميعاد"، نكتة شهيرة انتشرت في الأوساط الدولية خلال العقود الأولى من القرن العشرين، في إشارة واضحة إلى أهمية التبرعات ودورها في تهجير اليهود من الدول المختلفة إلى فلسطين لإقامة دولة قومية لهم. 

بمرور الوقت، تغيّرت الظروف السياسية، وانبثقت أهداف أخرى، وبالتالي اختلفت وظيفة التبرعات، وأصبحت بمثابة وسيلة لا غنى عنها لإنعاش الاقتصاد الإسرائيلي، خاصة أوقات الحروب والأزمات، وآخرها الحرب الجارية على غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

في هذا التقرير نحاول تتبع رحلة التبرعات إلى إسرائيل، ودوافع أصحابها "الأسخياء المتحمسين" في كل مرة.

تبرعات غير مسبوقة لمواصلة الإبادة

في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، أعلنت شركة "إنفيديا" الأمريكية لصناعة الرقائق الإلكترونية وجميع موظفيها التبرع بـ15 مليون دولار لدعم إسرائيل في حربها على غزة، بحسب تقرير لوكالة رويترز. أشارت الشركة إلى أن التبرع كان "أكبر حملة لجمع التبرعات الإنسانية عبر تاريخها" الممتد ثلاثين عاماً.

ولم تكتف "إنفيديا" بذلك إذ تبرعت بمئات أجهزة الحاسوب للعائلات التي أُجليت من شمال إسرائيل وجنوبها، على وقع تبادل الصواريخ مع جنوب لبنان وغزة، وقدّمت آلاف الوجبات الساخنة لهم.

"الصهيوني هو يهودي يجمع التبرعات من يهودي آخر لإرسال يهودي ثالث لأرض الميعاد"، نكتة شهيرة انتشرت في الأوساط الدولية خلال العقود الأولى من القرن العشرين، في إشارة واضحة إلى أهمية التبرعات ودورها في إقامة إسرائيل وتهجير اليهود إليها. كيف تغيّرت وظيفة هذه التبرعات خلال الحرب الإسرائيلية على غزة؟

في سياق متصل، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن يهود الولايات المتحدة جمعوا مبلغاً غير مسبوق في تاريخهم لمساعدة إسرائيل قُدر بمليار دولار، بينها نحو 600 مليون دولار جمعتها الاتحادات اليهودية في أمريكا الشمالية (JFNA) منذ اندلاع الحرب في غزة، وفق ما نشره باحثون من برنامج رودرمان للدراسات اليهودية الأمريكية في جامعة حيفا.

صندوق قومي لتهجير فقراء اليهود 

بيد أن تبرعات الجاليات اليهودية في دول العالم المختلفة لم تُقترن بالأزمات التي مرت بها إسرائيل فحسب، بل تمتد بجذورها إلى مرحلة ما قبل إنشائها بسنوات طويلة، بل إلى القرن التاسع عشر، عندما دعا مفكرون أوروبيون إلى إقامة "وطن قومي لليهود"، وطرحوا أكثر من مقترح لتوفير الأموال اللازمة لتحقيق هذا الاستيطان، ومنها التبرعات. 

من هؤلاء المفكر اليهودي يهودا القلعي (1798-1878)، الذي نشأ في صربيا، ودعا إلى إنشاء صندوق قومي يهودي لجمع المساعدات والتبرعات المالية من أثرياء اليهود وغيرهم، لإنشاء المستوطنات في فلسطين، وبدء تهجير فقراء اليهود للاستقرار فيها، والعمل على شراء المزيد من أراضيها، على أن تكون ملكيتها باسم الشعب اليهودي بأجمعه، حسب ما ذكر الدكتور أمين عبدالله محمود في كتابه "مشاريع الاستيطان اليهودي منذ قيام الثورة الفرنسية حتى نهاية الحرب العالمية الأولى". 

بحسب محمود، تبنّى الصندوق القومي اليهودي الذي تأسس عام 1901 الأفكار الرئيسية التي وضعها القلعي. 

الأمر كذلك للإنكليزي ويليام هشلر (1845-1931)، الذي كان من كبار رجال الدين المسيحي، وأحد أهم المؤيدين للمشاريع الاستيطانية اليهودية إذ أبدى اهتماماً بالغاً بأوضاع اليهود في أوروبا الشرقية، وجمع تبرعات مادية وأرسلها إلى جمعيات أحباء صهيون لتشجيع اليهود على الهجرة إلى فلسطين للاستيطان فيها تحت الحماية البريطانية، ذكر محمود. 

هداسا... من الرعاية الصحية لتهجير اليهود إلى فلسطين

وفي السنوات العشر الأولى من القرن العشرين بدأت فكرة التبرعات تتبلور في شكل مؤسسي لتحقيق الاستيطان اليهودي، وذلك من خلال عدد من المؤسسات والجمعيات الصهيونية، ومنها جمعية "هداسا"، وهي كلمة عبرية تعني "شجرة الريحان".

وتذكر إلهام جبر سالم شمالي، في دراستها "الصندوق التأسيسي الفلسطيني (الكيرين هايسود) ودوره في خدمة المشروع الصهيوني (1920-1948)"، أن "هداسا" أُسست عام 1912 في أمريكا، عندما قررت مجموعة "بنات حلقة صهيون الدراسية" أن تتوسع في عملها لتصبح منظمة قومية بقيادة هنريتا زولد، والتي زارت فلسطين (1909-1911).

وبعد عودتها إلى الولايات المتحدة، أخذت زولد على عاتقها جمع التبرعات والأموال وإرسالها إلى اليهود في فلسطين، لتحسين أوضاعهم الصحية، خاصة بين النساء والأطفال.

برز النشاط الأوسع لهداسا في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1918، عندما أرسلت وحدة طبية خاصة مكونة من أطباء وممرضين، ومزوّدة بإمدادات ومعدات طبية، وذلك لإدارة المستشفى القديم في يافا، ولتحسين الأحوال الصحية بالقدس بعد الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، وتأسيس عيادات ومستشفيات لخدمة اليهود، وبلغ عدد أعضاء الوحدة 45 عضواً، ووصلت ميزانيتها إلى نحو 90 ألف جنيه إسترليني.

وفي عشرينيات القرن الماضي، طوّرت هداسا من عملها باستصلاح الأراضي الزراعية وإقامة المشاريع عليها، ووصفت نفسها بأنها "شريك أساسي للصندوق القومي اليهودي" الذي تركّزت مهامه في تشجيع الاستيطان، وأخذت على عاتقها تأسيس معسكرات تدريب لإعداد المهاجرين اليهود لخوض الحياة الجديدة، بحسب إلهام شمالي.

لجنة التوزيع... إغاثة منكوبي الحرب

وفي عام 1914، تشكّلت في نيويورك لجنة التوزيع المشتركة الأمريكية اليهودية، بهدف وضع خطة لإغاثة منكوبي الحرب العالمية الأولى من اليهود في أوروبا وخارجها، عبر جمع الأموال والتبرعات من المنظمات والأفراد وتقديمها للمتضررين اليهود، بحسب الباحثة شمالي.

في السنوات العشر الأولى من القرن العشرين بدأت فكرة التبرعات تتبلور في شكل مؤسسي لتحقيق الاستيطان اليهودي، وذلك من خلال عدد من المؤسسات والجمعيات الصهيونية. تعرفوا عليها وعلى دوافع المتبرعين "الأسخياء المتحمسين" لإسرائيل لا سيّما خلال الحرب الإسرائيلية على غزة

وخوفاً من تدفق موجات الهجرة من شرق أوروبا إلى الولايات المتحدة، عملت لجنة التوزيع بشكل فوري على تقديم الغوث والعون وكل الخدمات التي تحتاجها الجماعات اليهودية، وأعدت لهم برامج التأهيل، لتتيح لهم البقاء والاستمرارية في أماكن وجودهم، ووفرت الدعم المالي والمعنوي للاستيطان الصهيوني في فلسطين بشكل سريع، لتحويل وجذب المهاجرين الصهاينة إليها.

ذكرت شمالي أن اللجنة جمعت 1.5 مليون دولار أمريكي في عامها الأول، وفي سنوات الحرب (1914-(1918 وصلت التبرعات لنحو 16.5 مليون دولار، كان نصيب معونة الاستيطان الصهيوني بفلسطين منها نحو 2 مليون دولار، قُدمت منها المؤن والملابس والمساعدة الطبية، والقروض التعاونية، وأنشئت مؤسسات صحية وتعليمية ومهنية ودينية، وأخرى لرعاية الأيتام والمسنين.

صندوقا "التجهيز" و"التحرير" لخدمة الاستيطان

وفي كانون الثاني/ يناير 1918، أعلنت المنظمة الصهيونية العالمية تشكيل "صندوق التجهيز"، للقيام بحملة في دول العالم لجمع تبرعات بقيمة 200 ألف جنيه إسترليني، وذلك لإصلاح الدمار الذي لحق بالاستيطان الصهيوني في فلسطين أثناء الحرب العالمية الأولى، والاستقلال المالي عن سلطة الاحتلال البريطاني عبر تنفيذ مهامها بأموال الصندوق.

لم يمر عام ونصف العام حتى قررت المنظمة في تموز/ يوليو 1919 تشكيل صندوق جديد للتبرعات باسم "صندوق التحرير"، لجمع مبالغ مالية أكبر من تلك التي جمعها صندوق التجهيز، حتى يتسنى البدء الفوري بتطبيق ما ورد في وعد بلفور، وتدعيم الاستيطان الصهيوني، وإدارة الهجرة وبناء المستوطنات، ودعم المشروعات الزراعية، وتأهيل المهاجرين الجدد وتوطينهم، وفق الباحثة.

حملات جمع التبرعات من اليهود في الدول العربية 

اللافت أن جمع التبرعات لتحقيق الاستيطان الصهيوني في تلك الفترة امتد إلى الجاليات اليهودية في الدول العربية. ذكر الدكتور عبدالوهاب المسيري في كتابه "الأيديولوجية الصهيونية… دراسة حالة في علم اجتماع المعرفة"، أن مبعوثين صهاينة أخذوا يطوفون جميع أنحاء العالم العربي في عشرينيات القرن الماضي، بهدف كسب أنصار للدولة الصهيونية والدعوة لتأييدها، فأقيمت معسكرات التدريب لمن يُحتمل أن يهاجروا إلى الدولة الصهيونية، ونُظمت حملات لجمع التبرعات. 

ومن 1920 إلى 1940، جمع الصهاينة تبرعات بلغت ربع مليون دولار في بغداد وحدها. استمرت هذه الحملة إلى ما بعد إقامة إسرائيل.

وفي ليبيا مثلاً – وهي المكان الذي كان الصهاينة قد فكّروا فيه عام 1908 كمنطقة محتملة لتوطين اليهود – قامت حملات لجمع التبرعات لحركة الاستيطان على أرض فلسطين، وهو ما أشار إليه تقرير المؤتمر الصهيوني الثاني عشر سنة 1921، بحسب المسيري.

قرار التقسيم واحترافية جمع التبرعات

وبعد أن أقرت هيئة الأمم المتحدة التقسيم سنة 1947، أُرسِلت غولدا مئير إلى الولايات المتحدة لجمع المال من أجل السلاح. ذكرت الباحثة الأمريكية لي أوبرين في كتابها: "المنظمات اليهودية الأمريكية ونشاطاتها في دعم إسرائيل"، أن مئير قالت للجماهير اليهودية هناك: "الطائفة اليهودية في فلسطين ستحارب إلى النهاية، وإذا توافر لدينا السلاح سنحارب به، وإذا لم يتوافر فسنحارب بالحجارة والأيدي".

نقلت أوبرين عن مائير ما كتبته في سيرتها الذاتية: "ولم يحن وقت عودتي إلى فلسطين، حتى كنت قد جمعت 50 مليون دولار، حُولّت على الفور إلى صفقات السلاح السرية من أوروبا للهاغناة (منظمة عسكرية صهيونية كانت نواة الجيش الإسرائيلي)".

بعد رحلة مئير لجمع المال من أمريكا، تحددت الأهداف الإسرائيلية من حملات التبرع السنوية في الحصول على السلاح، وإقامة مستوطنات للمهاجرين اليهود، ومواجهة الأعباء المالية غير العادية للحروب المستمرة مع العرب. 

ومنذ ذلك الوقت، أصبحت جباية المال اليهودية الأمريكية جيدة التنظيم، وعالية الاحتراف. بحسب أوبرين، اشتملت شبكة جمع التبرعات على فئتين من المنظمات، إحداهما تجمع المال من المساهمات المعفاة من الضرائب، وتضم منظمات النداء اليهودي، والنداء الإسرائيلي، ولجنة التوزيع المشترك، والصندوق القومي اليهودي في أمريكا، وصندوق وقفية فلسطين – صندوق وقفية إسرائيل، وصندوق إسرائيل الجديدة، إضافة إلى عشرات المجموعات التي تجمع المال مباشرة لمؤسسات إسرائيلية محددة كالجامعات والمستشفيات والمتاحف.

أما الفئة الثانية، فتجتذب الاستثمارات المالية لإسرائيل، وتضع الأموال تحت تصرف الحكومات الإسرائيلية كي تقترضها بشروط ملائمة، ومنها منظمة سندات دولة إسرائيل، والشركة الاقتصادية الإسرائيلية، والشركة الأمريكية الإسرائيلية، والأموال التي تستثمرها هذه المنظمات خاضعة للضريبة، بموجب القانون الأمريكي، قالت أوبرين. 

صك إثبات صهيونية يهود أمريكا 

في دراسته "إسرائيل ويهود الشتات… الولايات المتحدة"، أفاد نصير عاروري بأنه بعد قيام دولة إسرائيل عام 1948، كان دافيد بن غوريون يحث يهود أمريكا على الهجرة، وينكر عليهم الحق في أن يدعوا أنهم صهيونيون إلا إذا قرروا الهجرة، لكن عدداً كبيراً من هؤلاء اليهود كانوا يؤكدون صهيونيتهم عن طريق التبرعات المالية لإسرائيل. 

بلغت تبرعات الجالية أرقاماً أصبحت تسمح بالادعاء بأنها تؤّمن بقاء إسرائيل، لذا بدأ قادة إسرائيل في خمسينيات القرن الماضي يقللون من نغمة الهجرة وضرورتها بالنسبة إلى الجالية اليهودية في أمريكا، وأصبح مفهوم "الصدقة" أو "التبرع" أهم شعار للمؤسسات الصهيونية. 

وبحسب عاروري، كان المتبرع اليهودي بعطائه يعتقد أنه يؤدي واجباً عاماً تجاه الشعب اليهودي من جهة، خاصة في ظل ترويج الدعاية الصهيونية بأن عداء العرب للسامية بمثابة اكتمال لجرائم النازية، ومن جهة أخرى كان هذا المتبرع يعتقد أن سخائه سبيل للحصول على مرتبة اجتماعية عالية من جاليته اليهودية، إذ كانت قائمة الشرف تُعرّف بـ"كبار المتبرعين".

النساء يبعن جواهرهن في حرب عام 1967

مثلّت حرب حزيران/ يونيو 1967 منعطفاً في تاريخ علاقات الجالية اليهودية في أمريكا بإسرائيل، إذ تضاعفت تبرعات الجالية، وباعت النساء جواهرهن للمساهمة في "الدفاع" عن إسرائيل. فسّر عاروري ذلك بأن الجالية ربطت مصيرها بمصير إسرائيل أثناء الحرب وبعدها، فأصبحت إسرائيل الملجأ والخلاص الروحي، ولم تعد الجالية اليهودية تكترث بإمكان أن توجه التُهم إليها بعدم الولاء الكامل للولايات المتحدة حيث أصبح ارتباطها بإسرائيل واضحاً على جميع الصعد السياسية والثقافية والاجتماعية والدينية.

"بغض النظر عن المبلغ الذي يُجمع كل عام، فإن هذه التبرعات تؤثر في المجتمع اليهودي الأمريكي بطرائق عدة، منها أنها تحفظ مركزية إسرائيل في حملات جمع التبرعات، وتُبقي على القضايا المتصلة بها في رأس قائمة أعمال الإدارات المتعاقبة، بل تحول دون انتقاد السياسات الإسرائيلية، وتوجه النقاش إلى المشاغل الإنسانية والثقافية والتعليمية، ومن ثم تولد صورة إيجابية، من الناحية الأدبية، لإسرائيل في نظر اليهود وغير اليهود معاً"

وما حدث في حرب 1967 تكرّر بصورة أخرى في ثمانينيات القرن الماضي. ذكرت لي أوبرين في كتابها المذكور آنفاً، أنه بعد عام من بداية الحرب على لبنان (حزيران / يونيو 1982) طاف مناحم بيغن رئيس وزراء إسرائيل الولايات المتحدة وطلب التبرع بالمال، وبعد ثلاثة أشهر كانت وزارة المال الإسرائيلية قد تلقت هبات مالية من اليهود الأمريكيين قدرها 100 مليون دولار، وفي ما بعد وصلت قيمة التبرعات المنظمة التي تتلقاها إسرائيل إلى بليون دولار، وذلك بخلاف المساعدات السنوية المباشرة من الحكومة الأمريكية.

التبرعات والهوية الأمريكية

بيد أن تغيراً جذرياً طرأ على شكل التبرعات في تسعينيات القرن الماضي، إذ أصبح القسط الأكبر منها مكرّساً لمشاريع محلية للجالية اليهودية داخل الولايات المتحدة، ويُصرف معظمها لدعم تعليم الأطفال وتحسين الأوضاع الاجتماعية للطبقات الفقيرة.

حلّل عاروري هذا التحول بالذعر الناجم عن ازدياد الزواج المختلط بين أفراد الجالية، وبالتالي إمكان تلاشي الهوية اليهودية، لذا أصبحت التبرعات أقل مما كانت عليه في السابق، بل ويُصرف الجزء الأكبر منها على الجالية اليهودية في أمريكا نفسها قبل تحويل جزء منها إلى إسرائيل.

إلى ذلك، لفتت أوبرين في كتابها إلى أنه بغض النظر عن المبلغ الذي يُجمع كل عام، فإن هذه التبرعات تؤثر في المجتمع اليهودي الأمريكي بطرائق عدة، منها أنها تحفظ مركزية إسرائيل في حملات جمع التبرعات، وتُبقي على القضايا المتصلة بها في رأس قائمة أعمال الإدارات المتعاقبة، بل تحول دون انتقاد السياسات الإسرائيلية، وتوجه النقاش إلى المشاغل الإنسانية والثقافية والتعليمية، ومن ثم تولد صورة إيجابية، من الناحية الأدبية، لإسرائيل في نظر اليهود وغير اليهود معاً.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

تنوّع منطقتنا مُدهش

لا ريب في أنّ التعددية الدينية والإثنية والجغرافية في منطقتنا العربية، والغرائب التي تكتنفها، قد أضفت عليها رومانسيةً مغريةً، مع ما يصاحبها من موجات "الاستشراق" والافتتان الغربي.

للأسف، قد سلبنا التطرف الديني والشقاق الأهلي رويداً رويداً، هذه الميزة، وأمسى تعدّدنا نقمةً. لكنّنا في رصيف22، نأمل أن نكون منبراً لكلّ المختلفين/ ات والخارجين/ ات عن القواعد السائدة.

Website by WhiteBeard
Popup Image