"زوجة واحدة لا تكفي"... أو كيف تصنع مسلسلاً "ضارباً"

"مسلسل ضارب" هو تعبير عامّي يعني عملاً فنياً حاز جماهيرية ونسبة مشاهدة عالية، ضارباً غيره من المسلسلات.

أما كيف تصنع مسلسلاً ضارباً، فهذه هي الوصفة والآلية:

بدايةً، تابع كل وسائل التواصل الاجتماعي وركّز على كل مشكلة صغيرةً كانت أم كبيرة. دوّنها في مفكرتك، وابحث عن أغرب الجرائم وأصعب المواقف وسجلها.

اجمع نجمة صف أول مع كل... وأعني "كل" نجوم الصف الثاني، إناثهم وذكورهم، صغارهم وكبارهم، وضعهم على جنب.

اجمع الشامي على المغربي وأكثر منهم، الأكثر أفضل.

هات كاتباً ساخراً يضع مواقف كوميدية و"قطات" ثم زد عليها بعض السخرية من الجنسيات، والقوميات، واللهجات. 

افتح كم كتاب وسجل كم عبارة مؤثرة مقتبسة وكم موعظة وكم بيت شعر، وحطهم على جنب.

مسلسل زوجة واحدة لا تكفي يرقى إلى وصفه بـ"الهابط" و"غير المنطقي" و"السطحي" إذ يحاول "استغباء" المشاهد. لذا، لا أعتبر أنه يمثل المجتمع في الكويت ولا في أي دولة. ففي المريخ لا تتجمع مصائب كهذه في مكان واحد وبوقت واحد وبهذا المستوى

هات كاتب سيناريو فذاً يستطيع أن يختلق مواقف لا منطقية، ولا واقعية، ولا طبيعية، ليتدبّر زج كل مصائب الدنيا في النص. 

دبّر منتجاً سخياً، مستعداً لأن يدفع الملايين دون حساب.

وظف مخرجاً بارعاً في الفانتازيا والمشاهد الخيالية.

ابحث عن منصة مستعدة لأن تعرض على شاشتها "أي شي" دون قيود أو رقابة، بل ربما بتشجيع.

ضع كل السابق في خلاط، اخلطه جيداً، ثم ادلقه على الشاشات ودع الناس تتفرج، وفي قول آخر: "خلّي اللي ما يشتري يتفرج".

أخيراً، لا تنس أن تدفع لبعض الحسابات المأجورة كي تمدح المسلسل وأيضاً لاستقطاب الـ"فانز" للتطبيل للمسلسل وأبطاله ومؤلفه ومنتجه ومخرجه وعامل القهوة وكهربائي الأستوديو.

الإثارة لا تحل المشكلات

تحقّقت هذه الوصفة بامتياز في مسلسل "زوجة واحدة لا تكفي" الخليجي الذي يعرض حالياً على قناة "إم بي سي"، من بطولة هدى حسين وماجد المصري وآخرين وأخريات. 

في أول خمس حلقات فقط من العمل "الفني"، شاهدنا: 

تنمر … ثم انتحار طفل.

سفاح قربى… ثم حمل.

اغتصاب.

بيع مخدرات.

تعدد زوجات.

عنف زوجي.

في خمس حلقات فقط من زوجة واحدة لا تكفي، شاهدنا: حادثة تنمر تبعها انتحار طفل. وقتل، واغتصاب، وبيدوفيليا، وسفاح قربى، وتعدد زوجات… إلخ. لا يمكن أن ننكر حدوث مثل هذه الأمور في مجتمعاتنا وفي كل المجتمعات. لكن طرحها لا يكون بهذا الكم ولا بهذا الكيف الذي لا يُفضي إلى حل هذه المشكلات بل قد يؤدي بأثر عكسي إلى النفور وإنكار وجودها

قتل.

كاميرات تجسس على الأطفال.

بيدوفيليا.

لا يمكن أن ننكر حدوث مثل هذه الأمور في مجتمعاتنا لأنها تحدث أيضاً في كل المجتمعات. لكن طرحها لا يكون بهذا الكم ولا بهذا الكيف الذي لا يُفضي إلى حل هذه المشكلات بل قد يؤدي بأثر عكسي إلى النفور وإنكار وجودها.

المسلسل يرقى إلى وصفه بـ"الهابط" و"غير المنطقي" و"السطحي" إذ يحاول "استغباء" المشاهد. لذا، لا أعتبر أنه يمثل المجتمع في الكويت ولا في أي دولة. ففي المريخ لا تتجمع مصائب كهذه في مكان واحد وبوقت واحد وبهذا المستوى.