تعد 2024 سنة حاسمة في حياة التونسيين الذين يرتقبون إجراء الانتخابات الرئاسية بين أيلول/ سبتمبر وتشرين الأول/ أكتوبر، وفق ما ينص عليه دستور البلاد بالتزامن مع نهاية فترة الرئيس قيس سعيد الذي وصل إلى سدة الحكم عام 2019، عقب تفوقه في الدور الثاني على منافسه آنذاك نبيل القروي.
وسط تكهنات واتهامات للرئيس الحالي بـ"المماطلة" في إجراء الانتخابات، صرّح رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية، فاروق بوعسكر، نهاية شباط/ فبراير الماضي، لوكالة تونس أفريقيا للأنباء، بأن الهيئة ستصدر الجدول الزمني لموعد الانتخابات الرئاسية ومواعيد بدء قبول الترشحات فور الانتهاء من عملية تشكيل المجالس المحلية التي لن تتعدى بداية نيسان/ أبريل المقبل.
وكل خمس سنوات، يتجه التونسيون لانتخاب رئيس جديد. علماً أن الانتخابات المرتقبة هي الثالثة بعد ثورة عام 2010/ 2011. وتأتي الانتخابات هذه المرة في ظل أزمة اقتصادية خانقة انعكست بشكل واضح في الصفوف الطويلة في انتظار الخبز والحليب والزيت وغيرها من المواد الأساسية التي تبخّر دعم الدولة لأسعارها، مما أدى إلى انهيار القدرة الشرائية للمواطن الذي يكاد ينسى أنه على موعد انتخابي فاصل بعد أشهر قليلة.
حتى كتابة هذه الصورة، تبقى الصورة غامضة حول الأسماء المحتمل ترشحها للانتخابات الرئاسية بما في ذلك قيس سعيد الذي لم يؤكّد علناً ترشحه من عدمه، وإن أظهر بشكل متكرر تمسكاً بالسلطة. وفي الوقت الذي تتهم المعارضة الرئيس باستهدافها والتضييق على شخصيات سياسية تعتزم منافسته في السباق القادم نحو قصر قرطاج، معتبرةً الزيارات الميدانية الكثيفة التي يقوم بها بمنزلة حملة انتخابية سابقة لأوانها في مشهد من الاستقطاب السياسي الأحادي الجانب، يدعوه أنصاره إلى إعادة الترشح باعتباره "الضامن الأساسي لاستكمال مشروع 25 تموز/ يوليو 2021" حين أقر إجراءات استثنائية اعتبرها كثر "انقلاباً على دستور الثورة - دستور عام 2014.
هل يترشح قيس سعيد لفترة ثانية؟
رداً على سؤال بشأن اعتزامه الترشح لولاية ثانية، مطلع نيسان/ أبريل 2023، قال سعيد إنّه غير طامع في السلطة، مستدركاً أنه في الوقت نفسه "لست مستعداً لأن أسلّم وطني لمن لا وطنية لهم... هي قضية مشروع وليست أشخاصاً".
تعقيباً على هذا التصريح، يتساءل النائب عن ائتلاف الكرامة في المجلس التشريعي المنحل، زياد الهاشمي، في حديثه لرصيف22: "من سيحدد الوطنيين الصادقين؟ واضح أن قيس سعيد هو من سيحدد قوانين اللعبة وفق مواصفاته وآلياته… التصريح بمثابة إعلان رسمي من قيس سعيد عن ترشحه للانتخابات".
"من انقلب على الشرعية بالدبابة لن يُسلّم السلطة عبر صندوق الاقتراع"... اتهامات للرئيس قيس سعيد باستغلال نفوذه لإقصاء أبرز منافسيه المحتملين في انتخابات الرئاسة 2024 في تونس عبر القضاء والنيابة العمومية والهيئة العليا للانتخابات. ومنذر الزنايدي أحدث الملاحقين
بدوره، يقول لرصيف22المتحدث الرسمي باسم تحالف الأحرار المساند لقيس سعيد، أحمد الهمامي، إنه من السابق لأوانه إعلان ترشح الرئيس للانتخابات إذ لم يفتح باب الترشحات رسمياً، في ما يعده "احتراماً للقانون". يلفت الهمامي إلى أن الإعلان عن إجراء الانتخابات، نهاية العام، "مؤشر إيجابي للجميع، وأوّلهم المعارضة" وإن تمسّك بأنه "لا بديل من الأستاذ قيس سعيد لاستكمال مسار 25 تموز/ يوليو 2021 كمرحلة أساسية".
أما المحلل السياسي طارق الكحلاوي، فيوضح لرصيف22 أن ما طرحه قيس سعيد عبر مشروعه من الورشات والمعارك لا تستوعبه السنوات المنقضية من حكمه، ما يرجح ترشحه. "المعارك الداخلية التي دخلها قيس سعيد، لا ترجح مغادرته السلطة في المرحلة القادمة"، يتكهّن الكحلاوي.
على النقيض، يعتقد الإعلامي التونسي الذي أكد ترشحه المترشح للانتخابات الرئاسية، نزار الشعري، أن الرئيس قد لا يترشح للانتخابات، مبرزاً "انتخاب سعيد رئيساً لتونس في 2019 كان بمثابة ثورة ثانية. دور الرئيس انتهى بعد السياسات الأخيرة التي انتهجها من إيقافات لخصومه السياسيين، والتي عكست القاعدة القانونية بأن كل إنسان مجرم حتى تثبت براءته".
يقول الشعري إنّ هناك قيس سعيد قبل 25 تموز/ يوليو والذي سانده وآمن به، وسعيد ما بعد 25 تموز/ يوليو الذي حاد عن الطريق المنتظرة منه، مشدداً "كان يُنتظر من أستاذ القانون الدستوري العمل على تكريس الحرّيات والحقوق"، ومستنكراً أن سعيد ما يزال يعمل بالمراسيم حتّى بعد صدور دستور 2022، وهو ما يصفه بـ"الخطير"، متسائلاً "أين المحكمة الدستورية التي من المفروض تنصيبها وفق دستور 2022 لضمان العدالة والشّفافية؟".
هل يحاول الرئيس إزاحة منافسيه المحتملين؟
وقبل أشهر من فتح باب الترشح للانتخابات، وفي خضم حالة عدم الثقة في إجرائها، تسابقت عدة شخصيات في الإعلان المبكر عن ترشحها على غرار رئيسة حزب الجمهورية الثالثة، ألفة الحامدي، التي وصفت، في بيان، سياسة سعيد بـ"المحدودة، والقائمة على الخوف وانعدام الثقة".
في المقابل انتهجت صفحات شخصية أو تجارية مدعومة عبر منصات التواصل الاجتماعي سياسة الدعاية الاستباقية لأشخاص بعينهم. ولعل المنافس الوحيد للرئيس قيس سعيد في ساحة الفيسبوك هو منذر الزنايدي، وزير النقل في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، والمرشح المحتمل الأبرز إلى الآن، حتى أن بعض المراقبين يعتبرونه مرشح المعارضة ولقبته دوائر إعلامية "بالغواصة النهضاوية". وتروج للتصويت له صفحتا "الشعب يريد" و"رجل دولة".
وحديثاً، أثار تسريب لائحة بأسماء شخصيات سياسية على أنها ملاحقة بمتابعات قضائية في تهم فساد وغسيل الأموال، بينها شخصيات تعتزم منافسة سعيد في سباق الانتخابات الرّئاسيّة، جدلاً كبيراً في تونس سيّما أنه تزامن مع مواصلة إيقاف عدد من معارضين بارزين وإيداعهم السجون في القضيّة المعروفة إعلامياً بـ"التآمر على أمن الدولة".
من الشخصيات السياسية التي تضمنتها القائمة المسرّبة نزار الشعري الذي استغرب "عدم تحديد موعد الانتخابات الرئاسية إلى الآن، إلى جانب عدم توضيح قواعد اللعبة الانتخابية خاصة أن مشاركة أي حزب في الانتخابات يتطلب إعداداً مسبقاً"، مضيفاً لرصيف22 "الوضع الراهن غير مناسب للانتخابات".
مع ذلك، يعتبر الشعري المضايقات السياسية التي تستهدف الخصوم السياسيين لقيس سعيد وخاصة المرشحين المتوقعين للانتخابات الرئاسية 2024 "عادية جداً وغير جديدة على المشهد السياسي في تونس بل وفي أعتى الديمقراطيات في العالم"، ضارباً المثل بالقضايا المرفوعة ضد الرئيس الأمريكي السابق والمرشح للانتخابات المقبلة، دونالد ترامب.
يردف: "أي سلطة قائمة تستعمل القوى الليّنة المساندة لها، على غرار الجمعيات والجيوش الإلكترونية والإعلاميين. ما دمت دخلت اللعبة السياسية فلا بد لك أن تقبل كل شي". اللافت أن الشعري نزّه قيس سعيد من استعمال أساليب "قذرة" - على حد تعبيره - لإقصاء الخصوم السياسيين. "هناك معرفة سابقة بقيس سعيّد وأثق به"، ينوه.
"الانتخابات المرتقبة فرصة لقيس سعيد لإنهاء الصراع السياسي في تونس… بعد أن فوّت الجلوس إلى طاولة الحوار قبل الانقلاب (على الدستور) وبعده. الآن أمامه فرصة لوضع حدّ للانقسامات التي تعيش على وقعها البلاد من خلال توفير الظروف لإجراء انتخابات حرة وشفافة ونزيهة"
في الأثناء، تتهم المعارضة ساكن قرطاج بتوظيف المرفق القضائي والنيابة العمومية وحتى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لتصفية خصومه المحتملين في الانتخابات الرئاسية.
في هذا السياق، يقول عضو الديوان السياسي للحزب الدستوري الحر، كريم كريفة، إنّ هيئة الدفاع عن رئيسة الحزب والمرشحة المحتملة للانتخابات الرئاسية 2024، عبير موسي، الموقوفة بسجن منوبة للنساء منذ 3 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تفاجأت أثناء دفاعها عن موسي في قضية أولى بإحالتها إلى التحقيق في قضية ثانية تقدمت بها "الهيئة العليا للانتخابات" بموجب الفصل 24 من المرسوم 54 المثير للجدل، على خلفية تصريحات سابقة لموسي.
ويشير كريفة، عضو هيئة الدفاع عن موسي، في حديث مع رصيف22، إلى أن هيئة الانتخابات ليس لها قانونياً حق التقدّم بشكايات ضد أشخاص إلا في حالة الجرائم الانتخابية. وهو يتعجب من التوقيت الذي اختارته الهيئة لإعادة تحريك قضية قديمة تقدمت بها منذ سنتين بعد إعلان موسي ترشحها للانتخابات الرئاسية.
يضيف: "من الخطير أن تنتصب الهيئة كذراع لإقصاء مرشحة للانتخابات، وأن يجد القضاء نفسه مضطراً للاصطفاف مع موسي أو مع السلطة. الهيئة - من خلال الشكايات التي ترفعها ضد المرشحين وتطويع الإجراءات لخدمة مرشح وحيد في السباق الانتخابي - تكون قد نسفت مسار الانتخاب الرئاسي ولطّخته".
يؤكد كريفة تمسك الحزب الدستوري الحر بترشيح موسي - المحتجزة قسرياً وفق تعبيره - للانتخابات الوشيكة. لكن دستور 2022 ينص صراحةً في الفصل 89 على أنّ الترشح لمنصب رئيس الجمهورية حق لكل تونسي، غير حامل لجنسية أخرى، ومتمتع بجميع حقوقه المدنية والسياسية. إذا كانت المرشح محل متابعة قضائية، سواء كان بحالة سراح أو إيقاف، لا تسلمه وزارة الداخلية "بطاقة السوابق العدلية" التي يضيفها في ملف الترشح، ما ينطبق على موسي الموقوفة إلى الآن والشعري المفتوحة ضده أبحاث جزائية.
وعن ذلك، يقول أستاذ القانون العام، رابح الخرايفي، إن تطبيق النص الدستوري مهم، ويجب إقصاء كل مرشح محل متابعات قضائية أو قيد الإيقاف، أو محل مناشير تفتيش. وعن اتهام السلطة بتطويع هذا النص الدستوري لإزاحة مرشحين عن السباق الانتخابي الرئاسي، يضيف الخرايفي لرصيف22 أنّ الجهة الوحيدة التي لها الفصل في دستورية القانون هي المحكمة الدستورية.
تجدر الإشارة إلى أن المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا للانتخابات، محمد التليلي المنصري، نفى لوكالة تونس أفريقيا للأنباء، ما يروج بشأن عدم إمكانية الأشخاص المسجونين أو الذين هم محل تتبع قضائي من المشاركة في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها نهاية العام، مبرزاً أن شروط الترشح للاستحقاق الرئاسي التي ينص عليها القانون الأساسي عدد 16 المؤرخ في 26 أيار/ مايو 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء، لا يتضمن الاستظهار أو تقديم "البطاقة عدد 3" (بطاقة السوابق العدلية)، وبالتالي فإن أي شخص يستجيب لشروط الترشح الواردة في القانون الانتخابي بإمكانه تقديم ترشحه للانتخابات الرئاسية.
يظل موقف حركة النهضة، التي تعتبر رأس حربة المعارضة، من الانتخابات الرئاسية غير محسوم أيضاً بينما يقبع رئيسها راشد الغنوشي في السجن على ذمة عدد من القضايا.
ويبقى هذا سجالاً مربكاً آخر غير محسوم تماماً قبل أشهر قليلة من أهم سباق انتخابي رئاسي في تاريخ تونس الحديث، بحسب تقدير مراقبين، بما يكشف الحاجة إلى إما تعديل القانون الانتخابي الحالي المتعلق بالانتخابات الرئاسية، أو تقديم السلطة التنفيذية لمشروع قانون جديد يحال إلى البرلمان في أقرب وقت.
النهضة لن ترشح اسماً من داخل الحركة
يظل موقف حركة النهضة، التي تعتبر رأس حربة المعارضة، من الانتخابات الرئاسية غير محسوم أيضاً بينما يقبع رئيسها راشد الغنوشي في السجن على ذمة عدد من القضايا التي تعدها "سياسية" و"انتقامية"، وقد صدر في حقه حكم بالسجن لمدة عام واحد بتهمة التحريض في ما يُعرف بملف "الطواغيت"، وحكم آخر الشهر الماضي بسجنه ثلاث سنوات بتهمة تلقي تمويل من طرف أجنبي.
مناخات يعتبرها المتحدث باسم "النهضة"، عماد الخميري، في حديث لرصيف22، "غير مناسبة لإجراء انتخابات شفافة ونزيهة"، متهماً السلطة بأنها "تطارد معارضيها من كل الطيف السياسي من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار". حتى اللحظة، يقول الخميري إن قرار الحركة هو عدم اقتراح اسم من داخلها في الانتخابات الرئاسية رغم تأكيده أنها "محطة مهمة واستحقاق وطني تمليه أوضاع البلاد". يختم الخميري بأن كل ما يعني الحركة اليوم هو "تنقية المناخ السياسي بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وتوفير قانون انتخابي".
المعارضة بدورها ما تزال تقلّب خياراتها بشأن كيفية التعاطي مع هذه المحطة الانتخابية. يقول رئيس حزب العمل والإنجاز، عبد اللطيف المكي، لرصيف22، إنه ينبغي أن تتوفر جملة من الشروط القانونية والسياسية والإعلامية لضمان الحد المعقول من الشفافية في الانتخابات المقبلة التي يعدها "فرصة لقيس سعيد لإنهاء الصراع السياسي في تونس… بعد أن فوّت الجلوس إلى طاولة الحوار قبل وبعد الانقلاب، الآن أمامه فرصة لوضع حدّ للانقسامات التي تعيش على وقعها البلاد من خلال توفير الظروف لإجراء انتخابات حرة وشفافة ونزيهة".
يحث المكي الرئيس على توفير الظروف الملائمة لذلك، لافتاً "المعارضة ترفض أن تكون مشاركتها في هذا السباق الرئاسي تزكية للتضييق على الحرّيات وضرب المكاسب الديمقراطية. فإن توفرت الظروف الملائمة المعارضة، ستكون واقعية وستشارك في الانتخابات"، ملمحاً إلى أن فكرة توحيد القوى في مرشح واحد أو عدد محدد من المرشحين ممثلين للعائلات السياسية تلقى رواجاً بعد أن استفادت المعارضة من درس انتخابات 2019 والتي شهدت تشتت المعارضة لصالح قيس سعيد، وفق تصريحه.
ولا يعتقد زياد الهاشمي أن سعيد قد يلجأ إلى تزوير الانتخابات القادمة. لكنّه في المقابل يقر بقدرة الرئيس على تقليص عدد المترشحين، والقضاء على كل من يهدد بقاءه في قرطاج، من خلال المتابعات القضائية.
وهذا ما يقول أحمد الهمامي إنه "يتنزّل في إطار حملة مغرضة لضرب المنافس للركوب على اسم قيس سعيد" في معرض رده على الاتهامات لسعيد باستعمال السلطات الواسعة التي منحها لنفسه في دستور 2022 لإزاحة منافسيه، متابعاً "القانون لا يخطئ، ولا يحق لرموز المعارضة استعمال إرثهم السياسي للتهرب من المحاسبة القانونية".
في غضون ذلك، يتخوّف طارق الكحلاوي من استعمال الفصل 24 من المرسوم 54 لملاحقة مواطنين، وليس فقط سياسيين معنيين بالترشح، مشيراً إلى أسماء ربما تكون معنية بالترشح ولم تتعرض للملاحقة. اللافت أن الكحلاوي - حين تحدثنا معه - ضرب مثالاً لذلك بمنذر الزنايدي. لكن الزنايدي أُحيل إلى القضاء في السادس من الشهر الجاري، في "شبهة فساد مالي" في قضية من عام 2011 بالتزامن مع إعلان ترشحه…
يؤكد زياد الهاشمي لرصيف22 أن حاكم قرطاج أدرك الخطر على مستقبله في الحكم، وتراجع شعبيته بسبب الفشل الاقتصادي بشكل أساسي، وهو ما ينعكس من خلال خطاباته العنيفة التي يتوجه بها إلى كل من يعارضه. "التوقيفات المتعددة للمعارضين تؤكّد أن قيس سعيد ليس في طريق مفتوحة لقصر قرطاج"، يردف
"من انقلب على الشرعية بالدبابة لن يُسلّم السلطة عبر صندوق الاقتراع"
إلى ذلك، يتفق غالبية من تحدث إليهم رصيف22 على أنّ الانتخابات الرئاسية 2024 لن تكون طريق ممهدة أمام ولاية ثانية لسعيد. يرى أستاذ القانون العام، الخرايفي، أن السباق الانتخابي القادم سيكون الأصعب في تاريخ تونس في حال ترشّح قيس سعيد، متوقعاً "ستشكل المعارضة تحالفاً لمواجهته حتى تضمن عدم مروره للدور الثاني، أو أن يمر بنسبة ضعيفة يسهل إقصاؤه بعدها في الدور الثاني".
نزار الشعري أيضاً يجزم أنه سيتم إقصاء سعيد في الدور الثاني للانتخابات إن قررّ الترشّح، داعياً "لا تصدقوا الاستبيانات التي تحاول توجيه الرّأي العام"، معتبراً أن الاستهدافات الأخيرة للمعارضين والمنافسين المتوقعين "دليل قاطع يدركه قيس سعيد ومن حوله في ما يتعلق بحقيقة فرص بقائه في السلطة". لا يستبعد الشعري أن تنزل المعارضة بكل قوتها وأن يترجم ذلك حتى في نسب التصويت التي انهارت في الانتخابات التشريعية 2022 وانتخابات مجالس الأقاليم 2023 التي لم تتجاوز الـ11%.
كذلك يؤكد زياد الهاشمي أن حاكم قرطاج أدرك الخطر على مستقبله في الحكم، وتراجع شعبيته بسبب الفشل الاقتصادي بشكل أساسي، وهو ما يرى أنه ينعكس من خلال خطاباته العنيفة التي يتوجه بها ضد كل من يعارضه. "الإيقافات المتعددة للمعارضين تؤكّد أن قيس سعيد ليس في طريق مفتوحة لقصر قرطاج، ومن الغباء التسليم أنّ من انقلب على الشرعية بالدبابة سيسلّم السلطة بصندوق الاقتراع"، يستطرد.
وقد هاجم الرئيس سعيد المعارضة بشدة، كاشفاً عن ضيقه من المفارقة في خطاب وممارسات معارضيه والمتمثلة في مقاطعتها كل المحطات الانتخابية التعديلات الدستورية المثيرة للجدل، بينما "يصلون الليل بالنهار في إعداد العدة للانتخابات الرئاسية القادمة".
الكحلاوي، على الضفة الأخرى، يرى أن قيس سعيد سيفوز بهذه السباق لعدّة اعتبارات أبرزها أنه السياسي الأكثر موثوقية لدى التونسيين رغم الإخفاقات فيما المعارضة لا تملك الوقت لترشيح اسم قادر على منافسته. علاوة على أن الناخب التونسي يفكر من زاوية المصلحة وهو يدرك حقيقة أن قلب السلطة في يد الرئيس، وهذا ما سينعكس على نتائج التصويت التي يتوقع أنها ستسجل ارتفاعاً مقارنة بالانتخابات التشريعية والمحلية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ يومينتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ 6 أيامأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه