شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
لماذا لا يكرر جو بايدن ما فعله جورج بوش الأب مع إسرائيل؟

لماذا لا يكرر جو بايدن ما فعله جورج بوش الأب مع إسرائيل؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والتاريخ

الجمعة 15 مارس 202411:32 ص

في ظل الأوضاع المتأزمة داخل قطاع غزة، والعدوان الإسرائيلي المتواصل منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، يتبادر إلى أذهان البعض سؤال مفاده: لماذا لا يوقف الرئيس الأمريكي جو بايدن، دعمه لإسرائيل ولو مؤقتاً، لإجبارها على التراجع عن حربها على القطاع، وقبول صفقات تبادل الأسرى والمحتجزين؟ وهل يبدو ذلك منطقياً من خلال واقع تاريخ العلاقات بين أمريكا وإسرائيل؟

جورج بوش الأب يمنع الدعم عن إسرائيل

بعد نهاية الحرب الباردة، أوائل تسعينيات القرن الماضي، ونجاح التحالف الذي قادته واشنطن لطرد القوات العراقية من الكويت، أرادت أمريكا حلّ الصراع العربي الإسرائيلي بصورة نهائية، وبدأت بحشد الدعم لعقد مؤتمر دولي للسلام، لكن إسحاق شامير، رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، كان ضد المشاركة في المؤتمر.

في تلك الأثناء، طلبت إسرائيل 10 مليارات دولار على شكل ضمانات قروض من أمريكا، للمساعدة في توطين المهاجرين اليهود القادمين من الاتحاد السوفياتي، لكن الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب (1924-2018)، استغلّ ذلك للضغط على حكومة شامير، وطلب من الكونغرس تأخير موافقته على ضمانات القروض لمدة 4 أشهر، كما طالب إسرائيل بتجميد بناء المستوطنات في الضفة الغربية والقدس، في حادثة هي الأولى من نوعها في تاريخ العلاقات بين أمريكا وإسرائيل.

"بايدن لا يستطيع السير على نهج خلفه جورج بوش الأب في إيقاف المساعدات عن إسرائيل؛ لأنه أضعف من ذلك ولا يجرؤ على الأمر، بالإضافة إلى أنه ليست لديه الرغبة في ذلك، خاصةً أن اللوبي الإسرائيلي داخل الولايات المتحدة سيقف له بالمرصاد"

ذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، في تقرير لها، مطلع كانون الأول/ ديسمبر عام 2018، أن اللوبي الأمريكي المؤيد لإسرائيل، كان في حالة صدمة بسبب تمسك إدارة الرئيس جورج بوش الأب بموقفها، وتأجيل منح إسرائيل الضمانات التي تحتاج إليها.

في حديثه إلى الصحافيين آنذاك، قال جورج بوش، إن "تأجيل منح إسرائيل الضمانات كان أمراً حيوياً وضرورياً لعملية السلام؛ لأن الموافقة على الأمر كانت ستؤثر على موقفنا كوسيط في عملية السلام، وستضعف جهودنا على طاولة المفاوضات"، وفقاً لـ"هآرتس"، التي أكدت أن إسحاق رابين تعهّد للرئيس الأمريكي الأسبق، بالحد من بناء المستوطنات، دون التوقف عن بنائها، مقابل الحصول على ضمانات القروض.

الخطّة تنجح وجورج بوش يخسر الانتخابات

بالفعل، نجحت خطة الرئيس الأمريكي، ووافقت إسرائيل على حضور المؤتمر، وحضر وفد فلسطيني-أردني مشترك، ولم تحضر منظمة التحرير الفلسطينية رسمياً، تلبيةً لرغبة تل أبيب. وكانت تلك المرة الوحيدة التي يكون فيها دعم أمريكا لإسرائيل مشروطاً، لكنه أثّر سلباً في ما بعد على جورج بوش الأب، الذي خسر الانتخابات الرئاسية التالية عام 1992، لصالح منافسه بيل كلينتون.

وأرجعت "هآرتس" خسارة بوش، إلى أن الجاليات اليهودية الأمريكية ومؤيدي إسرائيل في الولايات المتحدة، فضّلوا عليه بيل كلينتون، منافسه الديمقراطي في الانتخابات آنذاك، ما ساعد الأخير على الفوز؛ لكي يُصبح الرئيس الأمريكي الثاني والأربعين.

وهنا، لا بد من الإشارة إلى أنه بعد خسارة جورج بوش الأب، حدث تواصل سرّي بين مسؤولين في منظمة التحرير الفلسطينية، وإسرائيليين في العاصمة النرويجية "أوسلو"، أدت إلى اتفاق إطار عام بينهما، عُرف بـ"اتفاق أوسلو" عام 1993.

ويؤكد الصحافي والناشط السياسي الإسرائيلي حجي مطر، في مقال نشره في صحيفة "الغارديان" البريطانية، في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أن "الرئيس بايدن يجب أن يستلهم من جورج بوش الأب، ولا ينبغي له أن يزوّد إسرائيل بدعم غير محدود، بل يجب أن يطالبها بوقف فوري لإطلاق النار، وضمان إطلاق سراح الرهائن المدنيين الذين تحتجزهم حماس، والضغط من أجل التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى، ورفع الحصار عن غزة".

لكن المعطيات السابقة تجعل بايدن يخشى السير على نهج جورج بوش الأب، في منع الدعم عن إسرائيل، خاصةً أن الأخير خسر الانتخابات التالية آنذاك (عام 1992)، لصالح بيل كيلنتون، وهو ما لا يريد بايدن أن يتكرر معه في الانتخابات المقبلة، المقرر أن تُجرى في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، لصالح منافسه دونالد ترامب.

بايدن أضعف من أن يوقف الدعم

يقول الباحث والمحلل السياسي إيهاب عباس، إن "بايدن لا يستطيع السير على نهج خلفه جورج بوش الأب في إيقاف المساعدات عن إسرائيل؛ لأنه أضعف من ذلك ولا يجرؤ على الأمر، بالإضافة إلى أنه ليست لديه الرغبة في ذلك، خاصةً أن اللوبي الإسرائيلي داخل الولايات المتحدة سيقف له بالمرصاد"، مشيراً لرصيف22، إلى أن الرئيس الأمريكي قال في بداية الحرب على غزة، إنه صهيوني.

ويرى الدكتور مايكل مورغان، الباحث السياسي في مركز لندن للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن بادين لن يسير على نهج خلفه جورج بوش الأب، بسبب اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، الذي استطاع بشكل كبير الوصول إلى مناصب صانعي القرار في الإدارة الحالية، وأهمهم وزيرا الخارجية والمالية، وغيرها من المناصب التي تتحكم بشكل كبير في تشكيل القرار الأمريكي.

ويشير مورغان لرصيف22، إلى أن الوقت "حساس جداً لتلك الإدارة؛ نظراً إلى اقتراب الانتخابات الرئاسية المقبلة، ومحاولة كسب دعم هذا اللوبي القوي، الذي يؤثر بشكل مباشر في الانتخابات، بسبب هيمنته على الإعلام الأمريكي والصحف، فضلاً عن تمثيله القوي في مجلسَي النواب والشيوخ".

في المقابل، ربما يعتمد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في سياساته، على إطالة الحرب على غزة بأسلوب المماطلة والمراوغة، ويراهن على فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

إسرائيل يمكن أن تتحول إلى ثور هائج

يحاول البعض تفسير دعم بايدن غير المحدود لإسرائيل، والذي له أبعاد أخرى من وجهة نظر بعض المحللين، ومنهم الدكتور أفيغدور هاسيلكورن، المحلل الإستراتيجي في شؤون الأمن القومي، الذي نشر مقالاً في كانون الثاني/ ديسمبر الماضي، في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، قال فيه: "إن دعم الرئيس الأمريكي جو بايدن غير المسبوق لإسرائيل، سببه اعتقاده وسلفه باراك أوباما أن الأخيرة يمكن أن تتخذ خطوات عسكريةً قد تفاجئ الولايات المتحدة وتضعها في مأزق".

يرى الدكتور أفيغدور هاسيلكورن، المحلل الإستراتيجي في شؤون الأمن القومي، أن "دعم الرئيس الأمريكي جو بايدن غير المسبوق لإسرائيل، سببه اعتقاده وسلفه باراك أوباما أن الأخيرة يمكن أن تتخذ خطوات عسكريةً قد تفاجئ الولايات المتحدة وتضعها في مأزق"

ورأى هاسيلكورن في مقاله، أن بايدن وأوباما يعتقدان أن إسرائيل فريدة من نوعها في الشرق الأوسط، إذ لها عقلية ووسائل يمكن أن تحولها إلى ثور هائج، ومن ثم فإن الطريقة الوحيدة للتخفيف من وقوع كابوس في المنطقة، منعها من الانفلات، على أساس أن واشنطن هي القوة الوحيدة التي تتمتع بنفوذ كافٍ يسمح لها بممارسة ضوابط فعالة على تل أبيب.

وأشار هاسيلكورن، إلى أن "فترة العداء الذي أظهره البيت الأبيض تجاه نتنياهو، كان يمكن تفسيرها من الحكومة الإسرائيلية، على أنها تضع إسرائيل في عزلة عن حليفها الرئيسي، ما قد يعزز التصور بأنها ليس لديها خيار سوى اللجوء إلى إجراءات متطرفة؛ لإنقاذ نفسها من الإبادة، لذلك سارعت إدارة بايدن إلى اتخاذ خطوات مترابطة عدة، تهدف جميعها إلى منع عمل إسرائيلي يائس".

ويبدو أن بايدن لا يريد الدخول في خلافات مع الإدارة الإسرائيلية، في الوقت الحالي، تفادياً لما حدث مع الرئيس السابق أوباما، الذي دخل في عداوة طويلة مع بنيامين نتنياهو، بعدما اقتنع الأخير بأن الرئيس الأمريكي جدّي في خيار حلّ الدولتين.

وذهب نتنياهو حينها إلى واشنطن، وتحديداً في أيار/ مايو 2015، لإلقاء خطاب أمام مجلسَي النواب والشيوخ، دون طلب موعد لمقابلة الرئيس الأمريكي، ما عُدّ حينها إهانةً لباراك أوباما.

لكن المحلل السياسي إيهاب عباس، يعتقد أن "أوباما لا يضع في رأسه مصير أوباما فحسب، فالأمر أبعد من ذلك بكثير، ويتلخص في ارتباط الأمن القومي الأمريكي بأمن إسرائيل، لأن الأخيرة بالنسبة للولايات المتحدة دولة محورية ومهمة في الشرق الأوسط تبني عليها خططاً إستراتيجيةً متعلقةً بأمنها القومي". ويشدد عباس على أن الرئيس الأمريكي لن يختلف عن سابقيه في هذا الأمر.

من جهته، يشير مورغان إلى أن بايدن يخشى أن يلقى مصير أوباما، لكنه في الوقت نفسه، يهتم أكثر بالحصول على دعم إسرائيل، حتى يستطيع التغلب على غريمه الجمهوري دونالد ترامب، في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

متفقاً مع هذا الطرح، يقول المحلل السياسي الدكتور مهدي عفيفي، إن بايدن يخشى أن يلقى مصير أوباما، خاصةً أن إسرائيل هي الولاية الأولى في أمريكا، فعندما رفض الأخير مقابلة بنيامين نتنياهو، جرت دعوته عن طريق الكونغرس، وهو ما أحرج أوباما بشكل كبير، ومن الممكن أن يتكرر الأمر مع بايدن، مضيفاً في حديثه إلى رصيف22: "قد تتم دعوة نتنياهو من قبل منافس بايدن لزيارة أمريكا، لكن لا أعتقد أن يحدث ذلك بسبب زيارة غانتس الأخيرة".

شخص آخر في إسرائيل يستحق الدعم

في إطار العلاقات الأمريكية الإسرائيلية في الوقت الحالي، قالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلة، إن دعوة الإدارة الأمريكية للوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية بيني غانتس، لزيارة واشنطن، هي رسالة إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وأشارت الصحيفة، إلى أن زيارة غانتس إلى واشنطن مطلع الشهر الجاري، تُظهر أن هناك شخصاً في الحكومة الإسرائيلية، يجد المسؤولون الأمريكيون أنه يستحق ثقتهم، مؤكدةً أنه سبق لغانتس أن أجرى زيارةً سرّيةً إلى واشنطن، قبل أيام من هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، عندما كانت إدارة بايدن تحاول الدفع بالعلاقات الإسرائيلية السعودية نحو التطبيع.

وأوضحت "هآرتس" أن اجتماع غانتس آنذاك مع مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، بعث رسالةً واضحةً إلى نتنياهو والمؤسسة السياسية الإسرائيلية مفادها أن هذا هو الرجل الذي يعتقد الرئيس جو بايدن أنه قادر على المساعدة في وضع إسرائيل على المسار المتوافق مع أهداف السياسة الأمريكية.

بايدن يخاطر بكل شيء

وبرغم الطرح السابق، إلا أن هناك مطالبات داخليةً للرئيس الأمريكي بوقف الدعم عن إسرائيل، لكنها تصطدم بعاطفته تجاه تل أبيب، والتي لا يقدر على إخفائها، وفي ذلك أكد إدوارد لوس، في مقال نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، في كانون الثاني/ يناير الماضي، أن أقرب أصدقاء بايدن إليه في السياسة يرون أن الولايات المتحدة يجب أن تفكر في وضع شروط على المساعدات العسكرية لإسرائيل.

وأشار إلى أن مسؤولي البيت الأبيض يصرّون على أن بايدن يفعل ما في وسعه سرّاً لكبح جماح نتنياهو، لكن هناك القليل من الأدلة التي تثبت ذلك، لافتاً إلى مشاعر بايدن العميقة تجاه إسرائيل، فمنذ أيامه الأولى في السياسة كان أحد أقوى حلفائها في الكونغرس الأمريكي، ولطالما أُعجب بنهج كلّ من رئيسَي وزراء إسرائيل غولدا مائير وإسحاق رابين، لكنه الآن يواجه نموذجاً مناقضاً يتمثل في بنيامين نتنياهو، وبرغم ذلك هو مستمر في دعمه.

وأوضح الكاتب أن بايدن كان من أشد المنتقدين لجهود الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب، من أجل عملية السلام عام 1992، بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، كما هاجمه لتهديده بسحب ضمانات القروض الأمريكية إذا مضت إسرائيل قدماً في بناء المستوطنات في الأراضي المحتلة.

وكشف إدوارد لوس، عن أن بايدن عندما كان نائباً للرئيس أوباما، قوّض محاولة الأخير في عام 2010، لممارسة ضغوط مماثلة على حكومة نتنياهو، وبسبب تطمينات الأول، هزئ برئيس الوزراء الإسرائيلي بأوباما.

ويرى لوس أنه يمكن لبايدن أن يطيح بنتنياهو، من خلال فرض شروط صارمة على المساعدات الأمريكية إذا أراد ذلك، وسيكسب بذلك احترام الإسرائيليين والعالم العربي وغالبية الأمريكيين اليهود، مشدداً على أنه كلما طال تشبُّث رئيس الوزراء الإسرائيلي بالسلطة، كان ذلك أسوأ بالنسبة لبايدن.

محلل سياسي: كل ما يحدث له علاقة بالانتخابات المقبلة

تعقيباً على ذلك، يقول الدكتور مهدي عفيفي، المحلل السياسي، إن الرئيس بايدن مختلف؛ لأنه قال قبل سنوات إنه صهيوني ويدعم الصهيونية، وإدارته لها باع في دعم الصهيونية بشكل كبير، مشيراً إلى أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن عندما زار إسرائيل لأول مرة، قال إنه وصل إلى هناك بصفته يهودياً وليس بصفته وزير خارجية أمريكا.

"كل ما يحدث له علاقة بالانتخابات المقبلة، تغيير خطاب بايدن، أو ما نسمعه من تعاملات مع إسرائيل لأن الرئيس الأمريكي حاول أن يوازن بين دعم الجماعات الصهيونية في أمريكا، وردود الفعل الشعبية من مظاهرات وغيرها، وتناقص شعبيته بشكل كبير، بسبب الحرب على غزة... إنها معادلة صعبة لأن هذه الحرب ستكلف بايدن خسارة الولاية الثانية، وهو ليس بالشيء الجيد للحزب الديمقراطي أيضاً"

ويضيف عفيفي، أن "هناك تعاطفاً شديداً مع الإدارة الإسرائيلة، ودعماً كاملاً لها"، موضحاً: "أعتقد أن الرئيس الأمريكي لا يقدر على وقف المساعدات مؤقتاً؛ لأن الوضع مختلف، بسبب مزاعم إسرائيل، ولا تزال غالبية أعضاء الكونغرس موافقةً على دعم إسرائيل وإمدادها بالأسلحة".

ويشدد على أن "كل ما يحدث له علاقة بالانتخابات المقبلة، من تغيير خطاب بايدن، أو مما نسمعه من تعاملات مع إسرائيل؛ لأن الرئيس الأمريكي حاول أن يوازن بين دعم الجماعات الصهيونية في أمريكا، وردود الفعل الشعبية من مظاهرات وغيرها، وتناقص شعبيته بشكل كبير، بسبب الحرب على غزة"، مؤكداً على أنها "معادلة صعبة؛ لأن هذه الحرب ستكلف بايدن خسارة الولاية الثانية، وهو ليس بالشيء الجيد للحزب الديمقراطي أيضاً".

ويتفق المحلل السياسي إيهاب عباس، مع الرؤية السابقة، ويؤكد على أن كل ما يحدث له علاقة بالانتخابات، فـ"بايدن واقع بين سندان موقفه المساند لإسرائيل دون خطوط حمراء، وبين مطرقة العالم الذي يرى في موقف أمريكا ازدواجيةً في المعايير، خاصةً أنها ترفع شعارات وتطبّق أخرى، في ما يتعلق بحقوق الإنسان والديمقراطية والحريات وغيرها".

ويشدد على أن ذلك يؤثر على بايدن في الانتخابات، وظهر ذلك خلال الانتخابات التمهيدية في ولاية ميشيغان، عندما أعلن أكثر من 100 ألف مواطن أمريكي، عدم التزامهم بالتصويت له في الانتخابات.

وجها الإدارة الأمريكية في الحرب

بشأن الأوضاع في غزة ورؤية الإدارة الأمريكية لها، يؤكد عفيفي على أن "إدارة بايدن تعلم كل صغيرة وكبيرة في غزة؛ وتحركاتها من إسقاط مساعدات غذائية وما شابه، كلها لحفظ ماء الوجه، لكن يجب ألا ننسى أن أي شيء يتم يكون بالتنسيق مع إسرائيل، وبشكل مسرحي، وكل ما يحدث من أجل عدم تعقيد الأمور. تريد واشنطن التعامل مع الانتخابات، وتستمر في دعمها لإسرائيل".

ويشير إلى قول الرئيس الأمريكي إنه "لا بد أن تتوقف الحرب"، لكن ما زالت إلى الآن عشرات الآلاف من الأسلحة والذخائر تصل إلى إسرائيل بالطائرات، عبر جسر قوي يكلّف واشنطن مليارات الدولارات، ولم يتوقف منذ أول أيام الحرب.

وهنا يؤكد عباس أيضاً على أن لإدارة بايدن وجهين في التعامل مع الحرب على غزة، أحدهما تحاول أن تصدره لنا، ويوحي بأنها إنسانية وتسعى إلى رفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني وفك الحصار عنه، والآخر تتعامل به مع إسرائيل بالموافقة على إرسال أسلحة إليها بمليارات الدولارات، واستخدام حق النقض "الفيتو" ضد أي مشروع قرار يحاول وقف هذه الحرب، مشدداً على أن هزيمة بنيامين نتنياهو تعني هزيمة بايدن.

‎لا تختلف رؤية مايكل مورغان، الباحث السياسي في مركز لندن للدراسات، مع ذلك؛ إذ يقول إن "إدارة بايدن تدرك تماماً أن ما يحدث الآن في غزة مخالف تماماً لما تدعو له الأجندة الديمقراطية (حقوق الإنسان، وغيرها من الملفات التي تنادي بها تلك الإدارة)، الأمر الذي يضعها في موقف حرج مع الناخب الأمريكي، لكنها في الوقت نفسه، تستخدم تصنيفها المسبق لحماس على أنها جماعة إرهابية، لمحاولة كسب ودّ إسرائيل ودعمها، وتبرير موقفها في الدعم غير المشروط لإسرائيل".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها…

لكن رصيف22، هو صوت الشعوب المضطهدة، وصوت الشجعان والمغامرين. لا نخاف من كشف الحقيقة، مهما كانت قبيحةً، أو قاسيةً، أو غير مريحة. ليست لدينا أي أجندات سياسية أو اقتصادية. نحن هنا لنكون صوتكم الحرّ.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها، ولكنك بضمّك صوتك إلينا، ستكون جزءاً من التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم.

في "ناس رصيف"، لن تستمتع بموقعنا من دون إعلانات فحسب، بل سيكون لصوتك ورأيك الأولوية في فعالياتنا، وفي ورش العمل التي ننظمها، وفي النقاشات مع فريق التحرير، وستتمكن من المساهمة في تشكيل رؤيتنا للتغيير ومهمتنا لتحدّي الوضع الحالي.

شاركنا رحلتنا من خلال انضمامك إلى "ناسنا"، لنواجه الرقابة والترهيب السياسي والديني والمجتمعي، ونخوض في القضايا التي لا يجرؤ أحد على الخوض فيها.

Website by WhiteBeard
Popup Image