شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
قصة سُلّم النبي يعقوب... الذي يصل الأرض بِعَرش الله

قصة سُلّم النبي يعقوب... الذي يصل الأرض بِعَرش الله

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

تعني كلمة "سِفر" "الكتاب الكبير" باللغة العبرية. و"سفر التكوين" هو الجزء الأول من التوراة، الذي جاءت فيه قصة "سُلّم يعقوب" الممتد من الأرض حتى عرش الله في السماء، وقد رآه النبي يعقوب في المنام في أثناء هروبه من أخيه التوأم عيسو، إذ حلم يعقوب بأن الملائكة كانوا يصعدون وينزلون من ذلك السلّم، وفي أعلى السلّم رأى إله اليهود يهوه، الذي وعد نسل يعقوب بامتلاك أرض كنعان، وسَمّى يعقوب المكان الذي حلم به "بيت إيل"، أي بيت الله بالعبرية. ولكن لماذا هرب يعقوب من أخيه؟ وأين كان سلّمه؟

إبراهيم وأولاده... إسماعيل وإسحاق

كان لإبراهيم ولدان، هما إسماعيل وإسحاق، اللذان وُلد من نسلهما العديد من الأنبياء بمن فيهم: موسى وعيسى ومحمد. وبحسب الرواية الإسلامية، فإن النبي إبراهيم، عارض الوثنيين وكسّر أصنامهم التي كانوا يعبدونها، ولذلك قرر الوثنيون قتله وإلقاءه في النار، إلا أن النار أصبحت بستاناً لإبراهيم بأمر من ربّه.

 حلم يعقوب بأن الملائكة كانوا يصعدون وينزلون من ذلك السلّم، وفي أعلى السلّم رأى إله اليهود يهوه، الذي وعد نسل يعقوب بامتلاك أرض كنعان، وسَمّى يعقوب المكان الذي حلم به "بيت إيل"، أي بيت الله بالعبرية. ولكن لماذا هرب يعقوب من أخيه؟ وأين كان سلّمه؟

ووفقاً للكتب المقدسة اليهودية، وُلد إبراهيم في مدينة "أور"، وتزوج من أخته غير الشقيقة سارة، ثم وعده الله بالأرض الموعودة "كنعان" ورزقه بالأولاد، فهاجر مع سارة وابن أخيه لوط إلى هناك. وكانت كنعان حضارةً ساميةً في الشرق الأدنى القديم خلال فترة الألف الثاني قبل الميلاد.

وقد استُخدم اسم كنعان لأرض الشام، مرات عدة في "كتاب تناخ"، واليوم يمثّل كلّ من لبنان والأردن وسوريا وفلسطين وإسرائيل أرض كنعان. لكن بسبب المجاعة، غادر إبراهيم كنعان إلى مصر. وعند وصوله، عَرّف سارة بأنها أخته، وذلك خوفاً من أن يقتلها المصريون ويسبونها. في تلك الأثناء، أُخذت سارة إلى حريم فرعون، وأُعطي إبراهيم الكثير مقابلها، وبعد حين أعادها يهوه لإبراهيم، ومن ثم رجعوا إلى كنعان.

وبحسب النصوص اليهودية، فإن قصة حياة إبراهيم تبلغ ذروتها بتضحية إسحاق، حيث أمره الله بأن يأخذ ابنه إسحاق إلى جبل "موريا" (مروة)، ليقدّمه ضحيةً للإله، فأطاع إبراهيم وأخذ إسحاق إلى ذلك المكان، وبعدما وصلا إلى مقصدهما، سأل إسحاق أباه: "الحطب والنار جاهزان، ولكن أين الخروف الذي سيُشوى؟"، ليجيبه إبراهيم بأن "إلوهيم سوف يقدّم لنا الخروف"، ثم قيّد إسحاق بالمذبح ورفع السكين ليذبحه، وفي تلك اللحظة أوقفه ملاك أُرسل من قبل يهوه، أعطى إبراهيم كبشاً للتضحية. في الرواية الإسلامية، يأخذ إبراهيم ابنه إسماعيل إلى المذبح.

 إسحاق وزوجته رفقة

كان إسحاق الابن الثاني لإبراهيم، والطفل الأول والوحيد لسارة، وقبل ذلك كان لديه إسماعيل من هاجر التي كانت جاريةً لسارة. وحسب سفر التكوين، كان الله قد وعد إبراهيم وسارة بطفل، ووُلد هذا الطفل بعد سنوات عديدة. فعندما ناهز إبراهيم المئة عام وسارة التسعين، وُلِد ابنهما وأسمياه إسحاق وفقاً لأمر الله، وحينما بلغ إسحاق الأربعين سنةً، أرسل إبراهيم عبده إلى بيت أخيه الذي كان في بلاد ما بين النهرين (العراق)، ليأتي بزوجةٍ لإسحاق، وهكذا تزوّج إسحاق من امرأة اسمها رفقة.

ولم يكن لإسحاق ورفقة أولاد، ولكن في عمر الستين، دعا إسحاق ربّه أن يعطيه ولداً، فحملت رفقة وأنجبت ولدين توأمين، هما عيسو ويعقوب. كان إسحاق يحب عيسو أكثر، بينما أحبّت رفقة يعقوب. وعندما هرم إسحاق، دعا عيسو لأنه لم يكن يعلم متى ستوافيه المنية، وذلك ليهبه بركته والنبوة من بعده، بشرط أن يصطاد عيسو غزالاً، فذهب الولد للصيد.

حينها سمعت رفقة الحديث الذي دار بين إسحاق وعيسو، فأخبرت يعقوب بذلك وطلبت منه أن يضع نفسه مكان عيسو. هنا صَفّد يعقوب جلد تيس على يديه ورقبته، ليصبح مُشعراً كعيسو، والتقى والده وقال له: "أنا ابنك الأكبر عيسو". خُدع إسحاق وبارك ابنه الصغير، وبعد ذلك أصبح يعقوب وريثاً لإسحاق، وعندما عاد عيسو وأدرك أن أخاه سرق بركته، وليست لأبيه بركة أخرى، خطط لقتل أخيه. رفقة التي علمت بنية ابنها الأكبر، ذهبت إلى يعقوب وطلبت منه الهرب إلى حرّان (مدينة تقع في تركيا)، حيث يعيش شقيق رفقة.

في أثناء هروبه، ينام يعقوب في مكان أطلق هو عليه اسم "بيت إيل" (بيت الله)، حيث رأى في منامه سُلّماً خارقاً وكبيراً يصل الأرض بعرش الله. في الكتب المقدسة اليهودية، تُستخدم مفردة "natsav" للإشارة إلى "السلّم المرتفع"، وتُستعمل أيضاً للإشارة إلى الله، كما لو أن الله والسلّم، واحد. وفي التصوف اليهودي "القبالة"، سُلّم يعقوب استعارة للمرور عبر العوالم الأربعة، التي تُعرف بمصدر الحياة في تلك المعتقدات.

تتشابه قصة سلّم يعقوب مع قصة "برج بابل" التي جاءت أيضاً في سفر التكوين، وكلتاهما ترويان الجهود المبذولة للوصول إلى السماء، لكن هناك اختلافاً بين القصتين، حيث يمثل برج بابل جهود الإنسان للصعود والوصول إلى الله، بينما استعمل الله والملائكة سُلّم يعقوب للنزول إلى الأرض.

يعقوب وراحيل

بعدما استفاق يعقوب من منامه، واصل رحلته نحو حرّان، ولما وصل إلى هناك، رأى راحيل ترعى غنم أبيها، فتقدّم نحوها وقَبّلها وبكى، وقال لها: "أنا قريب أبيك وابن رفقة"، فذهبت راحيل إلى والدها لتخبره بوصول يعقوب، واستقبل الخال "لابان"، ابن أخته يعقوب وأكرمه واستضافه في بيته.

تتشابه قصة سلّم يعقوب مع قصة "برج بابل" التي جاءت أيضاً في سفر التكوين، وكلتاهما ترويان الجهود المبذولة للوصول إلى السماء، لكن هناك اختلافاً بين القصتين، حيث يمثل برج بابل جهود الإنسان للصعود والوصول إلى الله، بينما استعمل الله والملائكة سُلّم يعقوب للنزول إلى الأرض

وبعد شهر من مكوثه في ذلك البيت، طلب لابان من يعقوب ألا يخدمه مجاناً، فأجاب يعقوب: "سأعمل لك سبع سنوات، وأعطني مقابل ذلك ابنتك راحيل"، فقبل الخال وعمل يعقوب عنده سبع سنوات. ولما انتهت هذه السنوات، أراد يعقوب أن يتزوج من راحيل، فقبل لابان وجمع كل سكان المنطقة وأقام وليمةً. في ليلة الزفاف المظلمة تلك، غَشّ الخال ابن أخته وأعطاه ابنته الكبرى ليئة. في الصباح التالي، وعندما ذهب الظلام، أدرك يعقوب أنه خُدع، وكان على يعقوب أن يعمل لسبع سنوات أخرى لدى لابان، كي يتمكن من الزواج من راحيل الجميلة، وبعد سبع سنوات من العمل نجح يعقوب هذه المرة، وتزوّج من راحيل.

مصالحة الأخوين... يعقوب وعيسو

بعد ذلك، قرر يعقوب العودة إلى كنعان والتصالح مع أخيه التوأم، ولم يعلم كيف ستكون ردة فعل أخيه عند مواجهته، ومن هذا المنطلق أرسل إليه رسله وأمرهم بأن يقولوا له ما أُملِي عليهم، وكانت الرسالة كالتالي: "أخبر سيدي عيسو أن عبدك يعقوب أرسل هذه الرسالة، متأملاً أن تفضل عليه وتقبله". ولما رجع الرسل قالوا إن عيسو أخاك قادم إليك مع أربعمئة رجل، فقسم يعقوب أصحابه إلى فريقين، وأرسل المجموعة الأولى لمواجهة عيسو، عسى بهلاكها تنجو المجموعة الأخرى.

ثم دعا يعقوب الله، وطلب منه أن ينقذ الفريق المرسَل من غضب عيسو، لا سيما أن عائلته كانت برفقة ذلك الفريق. وعندما حلّ الليل، جاءه شخصٌ وصارعه حتى الصباح، وذلك الرجل كان مستعجلاً للمغادرة قبل شروق الشمس، وعند اقتراب الفجر علم بأنه لن يستطيع التغلب على يعقوب في المصارعة، فأمسك بفخذ يعقوب وطلب منه أن يتركه، فأجابه يعقوب: "لن أطلقك حتى تباركني"، فسأله الرجل: "ما اسمك؟"، فأجاب: "يعقوب"، فرد الرجل: "من الآن فصاعداً يكون اسمك ’إسرائيل’ لأنك صارعت الله والإنسان معاً وانتصرت عليهما".

كانت مواجهة عيسو أسهل مما توقّع يعقوب، وسجد يعقوب أمامه سبع مرات قبل أن يصل إليه، واحتضنه عيسو وقبّله وبكيا.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ألم يحن الوقت لتأديب الخدائع الكبرى؟

لا مكان للكلل أو الملل في رصيف22، إذ لا نتوانى البتّة في إسقاط القناع عن الأقاويل التّي يروّج لها أهل السّلطة وأنصارهم. معاً، يمكننا دحض الأكاذيب من دون خشية وخلق مجتمعٍ يتطلّع إلى الشفافيّة والوضوح كركيزةٍ لمبادئه وأفكاره. 

Website by WhiteBeard