شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
مقتل 3 جنود في قاعدة أمريكية في الأردن... عن خيارات

مقتل 3 جنود في قاعدة أمريكية في الأردن... عن خيارات "مملكة السِّلم" في زمن الحرب؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والخطاب الديني

الاثنين 29 يناير 202405:51 م

في ضربة مزدوجة لكل من الأردن والولايات المتحدة استُهدفت ثلاث قواعد أمريكية من قبل طائرات مسيرة على الحدود الأردنية السورية، مساء الأحد 28 كانون الثاني/ يناير 2024، وقد اتُّهت إيران بـ "التخطيط" لهذا الهجوم و"تنفيذه".

ونفت إيران على لسان ممثليتها في الأمم المتحدة أن يكون لها أي علاقة باستهداف القواعد الأمريكية في الأردن، وجاء في خبر نشرته وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إرنا): "ليس لإیران علاقة بهذه الهجمات". 

وحتى لحظة كتابة هذا التقرير تسببت الهجمات على القاعدة الأمريكية الواقعة على الحدود الأردنية السورية بمقتل ثلاثة جنود أمريكيين وإصابة 34 منهم. بينما صرّح الأردن عن عدم إصابة أي من جنوده. 

وفي نفس الوقت الذي نفت فيه إيران مسؤوليتها، تبنّت المقاومة الإسلامية في العراق العملية، في بيانها الذي جاء فيه "استمراراً لنهجنا في مقاومة قوات الاحتلال الأمريكي في العراق والمنطقة، وردّاً على مجازر الكيان الصهيوني بحقّ أهلنا في غزّة، هاجم مجاهدو المقاومة الإسلامية في العراق فجر اليوم الأحد، بواسطة الطائرات المسيّرة، أربع قواعد للأعداء".

لا أحد يصدق "النفي" الإيراني  

لا يبدو أن دول الطوق الإيراني تميّز في المسؤولية العسكرية بين إيران ووكلائها في المنطقة، فالمتابع للتصريحات الرسمية الساخطة التي أعقبت الهجوم يستنتج بسهولة أن منطق استيعاب الإستراتيجية الإيرانية يقوم على "إن لم تكن المنفذة، فعلى الأقل بمباركتها".

الأردن الذي يحاول حماية حدوده الشمالية منذ أعوام من الهجمات وعمليات التهريب التي زادت وتيرتها بقوة بعد الحرب على غزة، كان قد أعلن سابقاً أنه طلب المساعدة من "شركائه"، وعن حاجته إلى تكنولوجيا متطورة للسيطرة على ما أسماه "الميليشيات المتعاونة مع إيران"، ومؤخراً صرّح أنه طلب من الولايات المتحدة ودول أخرى تزويده بأنظمة عسكرية والمعدات اللازمة لزيادة القدرات على تأمين الحدود ومواجهة الأخطار عبرها. 

لا يبدو أن دول الطوق الإيراني تميّز في المسؤولية العسكرية بين إيران ووكلائها في المنطقة، فالنفي الإيراني للمسؤولية عن العملية لم يمنع التصريحات التي تقول بأنها وراء تنفيذها أو على الأقل بمباركتها

التعقيب الأردني الأول على الهجوم الأخير، جاء على لسان الناطق الرسمي للحكومة مهند مبيضين، إذ قدمت المملكة تعازيها للولايات المتحدة بضحايا الهجوم.  وأكّد مبيضين أن الأردن "سيستمر في مواجهة خطر الإرهاب وتهريب المخدرات والسلاح عبر الحدود السورية إلى الأردن، وسيتصدى بكل حزم واقتدار لكل من يحاول الاعتداء على أمن الأردن".

كذلك أدانت مصر، -حليفة الأردن العربية الأقرب حالياً- الهجوم في بيان صادر عن وزارة خارجيتها. ومثلها فعل العراق. 

النفي الإيراني لم تأخده الأطراف المتضررة على محمل الصدقية، لا سيما مع وجود تناقض في التصريحات، فقد قال وزير المخابرات الإيراني إسماعيل خطيب في تصريحات للتلفزيون الرسمي إن "أطراف محور المقاومة ترد على من وصفهم بالمعتدين الأميركيين وفقا لتقديرها".

في هذا الشأن يقول الخبير العسكري الأردني عمر الرداد لرصيف22: "الدور الإيراني في سوريا ووقوف إيران وراء الميلشيات التي تستهدف الأردن من خلال حدوده مع سوريا وربما مع العراق أمر غير مشكوك به، وعلى الرغم من أن إيران أعلنت اليوم عدم مسؤوليتها عن هذه الضربة للقاعدة الأمريكية، فإننا في الأردن لا نصدق هذا النوع من النفي". 

الأردن كان قد أعلن سابقاً أنه طلب المساعدة من "شركائه"، وعن حاجته إلى تكنولوجيا متطورة للسيطرة على ما أسماه "الميليشيات المتعاونة مع إيران"

ويضيف: "هذا الخطاب الإعلامي شبيه بنفي إيران لمسؤوليتها عن تصرفات جماعة الحوثي، وعن تحركات المقاومة الإسلامية في العراق المعروفة بقربها من المرشد، والتي تتلقى الدعم والتدريب من إيران. لهذا، وبمعزل عن تصريحاتها من المؤكد أن إيران هي التي تقف وراء هذه العمليات، وهذه في كل الأحوال ليست الضربة الأولى لقاعدة التنف على الحدود". 

من جهتها قالت حركة حماس على لسان القيادي سامي أبو زهري في تصريح لوكالة رويترز إن العملية "رسالة للإدارة الأمريكية فحواها إن لم يتوقف قتل الأبرياء في غزة فعليها أن تواجه الأمة بأكملها. وإن العدوان الأمريكي الصهيوني المستمر على غزة قادر على تفجير الأوضاع في المنطقة".

والولايات المتحدة تتوعد

اليوم تبدو المعادلة صعبة التحقق -إنما ليست المستحيلة- هي الإبقاء على توازن القوى والسيطرة الأمريكية في المنطقة دون جر الإقليم إلى حرب شاملة بحسب محللين، وهو ما سيحدث إذا تكرر سيناريو القصف والرد عليه عبر الدول، أي حين تكون الضربة في الأردن والرد في العراق أو سوريا. 

وفي الوقت الذي تستوجب "مكانة الولايات المتحدة الأمريكية" الرد على الهجوم الذي تعرضت له قواعدها في المنطقة وأدى لمقتل وجرح جنودها، والذي يعني قانونياً الهجوم على سيادتها على هذه القواعد، سيكون عليها اختيار الرد الذي لا يستدعي مسلسل انتقام جديد.  أو هذا على الأقل ما سيتواءم مع التصريحات الأمريكية شبه اليومية والتي تحذر إسرائيل والدول العربية من توسيع نطاق الحرب الحالية.

بحسب تصريحات مسؤولين أمريكيين لشبكة "CNN" فهذه هي المرة الأولى التي يُقتل فيها جنود أمريكيون منذ بداية الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، وبكلمات أخرى هي ضربة مباشرة للولايات المتحدة الأمريكية أكثر مما هي ضربة للأردن.

وقد عقّب الرئيس الأمريكي جو بايدن في بيان على الحادثة بقوله "إنّ الهجوم استهدف قوات أمريكية تتمركز شمال شرقي الأردن، ونفذته مجموعات مدعومة من إيران تعمل في العراق وسوريا". متجاهلاً النفي الإيراني.

وقال: "اليوم قلب أمريكا مثقل... سنواصل التزامنا بمحاربة الإرهاب. ولا شك في أننا سنحاسب كل المسؤولين في الوقت وبالطريقة التي نختارها".

وطالب رئيس مجلس النواب الأمريكي برد حاسم، وقال في خطابه: "علينا أن نبعث برسالة للعالم مفادها أننا لن نتهاون في الهجوم على قواتنا".  بينما صرّح البنتاغون "إن ما تعرضت له قواتنا في الأردن تصعيد كبير"، وبكل ما تحمله كلمة "تصعيد" من توعد بالرد.  

طالبت التصريحات الرسمية من مجلس الشيوخ والبنتاغون والمعارضة في الولايات المتحدة برد حاسم على هذه الهجمات، وبانتقام عسكري مدمر، وبممارسة القوة الأمريكية لإجبار إيران على تغيير سلوكها

زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ الأمريكي ميتش ماكونيل، دعا بايدن إلى "ممارسة القوة الأمريكية لإجبار إيران على تغيير سلوكها". وقال السيناتور عن ولاية فلوريدا ريك سكوت إن إيران "تشكك بشكل صارخ في قوة الولايات المتحدة وتصميمها"، أما السيناتور الجمهوري توم كوتون فقال بيان له: "الرد الوحيد على هذه الهجمات يجب أن يكون انتقاماً عسكرياً مدمراً ضد القوات الإرهابية الإيرانية … أي شيء أقل من ذلك سيؤكد أن جو بايدن جبان".

حتى الديمقراطيين من حزب بايدن رفعوا أصواتهم مطالبين بالرد. وقال حكيم جيفريز، زعيم الأقلية في مجلس النواب: "يجب محاسبة كل خبيث مسؤول". 

وبحسب تقرير أعدته وكالة رويترز حول الضغوط التي بتعرض لها الرئيس الأمريكي نتيجة السياسات الإسرائيلية في الحرب، فقد
"تعرضت القوات الأمريكية في المنطقة لهجمات أكثر بـ150 مرة من ذي قبل بعد الحرب الإسرائيلية على غزة".  

جر الأردن لسيناريو الحرب الشاملة

عمليات التهريب على الحدود السورية الأردنية ترتبط بالأبعاد السياسية والاقتصادية على السواء، فنتيجة العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، تحول تهريب المخدرات إلى نوع من مصادر الدخل الثابتة، وبحسب تقرير نشرته الحكومة البريطانية في العام 2023، فسوريا هي المسؤولة عن تصنيع قرابة 80% من مخدّر "الكبتاغون" في العالم.

إيجاد مسارات "آمنة" لتهريب المخدرات تحول لاحقاً لمسارات لتهريب الأسلحة، وهو ما تسبب بأزمات بين المملكة الأردنية النظام السوري أكثر من مرة، وكذلك مع الإيرانيين، حيث اجتمع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي مع نظيره الإيراني في 14 كانون الأول/ ديسمبر الماضي طالباً منه وضع حد "للمليشيات الإيرانية التي تعمل على تهريب الأسلحة والمخدرات على الحدود الأردنية السورية". 

كان الأردن قد نفّذ غارات جوية في بداية الشهر الحالي على مواقع سورية باسم "الحرب على المخدرات"، لكن الأحاديث السياسية تتحدث عن قصف مواقع للمليشيات الإيرانية 

ومع ازدياد وتيرة العمليات بعد هذا اللقاء، وتحولها إلى اشتباكات مسلحة يومية، قام الطيران الحربي الأردني في خطوة غير مسبوقة في 5 كانون الثاني/ يناير بتنفيذ غارتين جويتين على مواقع تابعة لمهربي مخدرات داخل الأراضي السورية. وذكرت وكالة رويترز أنه قُصف منزل يشتبه أنه لتاجر مخدرات كبير في قرية الشعاب، في حين أصابت الضربة الأخرى مستودعات بالقرب من قرية الغارية، في محافظة السويداء السورية.

وقد دارت أحاديث في الأوساط السياسية الأردنية مفادها أن القصف استهدف مواقع تنطلق منها العمليات التي تحاول اختراق الحدود الأردنية لتهريب الأسلحة.

وبينما يحاول الأردن تحييد نفسه عن الحروب والصراعات، تبدو هذه المحاولات أقرب إلى الاستدراج للحرب، وبحسب الخبراء العسكريين، فالحدود الغربية للأردن والتي تمتد على طول الحدود مع فلسطين المحتلة، هي الخاصرة الأضعف لإسرائيل.

يختم الرداد: "عملية الأمس هي جزء من سلسلة عمليات تستهدف جر الساحة الأردنية لتكون جزءاً من منظومة عمليات محور الممانعة، ولإيجاد موطئ قدم إيراني قرب الحدود، لكن الأردن قادر أن يدير دبلوماسيته وعملياته العسكرية بهدوء".  

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

منبر الشجعان والشجاعات

تكثُر التابوهات التي حُيِّدت جانباً في عالمنا العربي، ومُنعنا طويلاً من تناولها. هذا الواقع هو الذي جعل أصوات كثرٍ منّا، تتهاوى على حافّة اليأس.

هنا تأتي مهمّة رصيف22، التّي نحملها في قلوبنا ونأخذها على عاتقنا، وهي التشكيك في المفاهيم المتهالكة، وإبراز التناقضات التي تكمن في صلبها، ومشاركة تجارب الشجعان والشجاعات، وتخبّطاتهم/ نّ، ورحلة سعيهم/ نّ إلى تغيير النمط السائد والفاسد أحياناً.

علّنا نجعل الملايين يرون عوالمهم/ نّ ونضالاتهم/ نّ وحيواتهم/ نّ، تنبض في صميم أعمالنا، ويشعرون بأنّنا منبرٌ لصوتهم/ نّ المسموع، برغم أنف الذين يحاولون قمعه.

Website by WhiteBeard
Popup Image