شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
حقوق المرأة

حقوق النساء في التشريعات المصرية… بدايات مبشرة ومصير مؤسف

حقوق المرأة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والنساء

الخميس 11 يناير 202407:57 م

بعد ظهور ميثاق حقوق الإنسان العالمي سنة 1948، ترسخ الوعي بحقوق المرأة وفق إعلان جامع وقعت على بنوده معظم دول العالم، ترافق هذا مع مد نسوي متصاعد واتساع رقعة حصول النساء على حقوقهن في التعليم، ما قاد إلى اختلاف صورة المرأة أمام نفسها في وقت بات تحضّر المجتمعات يقاس بمدى حصول النساء على حقوقهن فيها.

لكن تبقى هناك مجتمعات - كالمجتمع المصري- يظهر موقفها تراجعاً، أو تردداً في تبني حقوق النساء حالياً، بعد عقود كانت قضايا النساء تقود طموح الدولة والمجتمع في سبيل التحديث.

 تبقى هناك مجتمعات - كالمجتمع المصري- يظهر موقفها تراجعاً، أو تردداً في تبني حقوق النساء حالياً، بعد عقود كانت قضايا النساء تقود طموح الدولة والمجتمع في سبيل التحديث

بدايات مبشرة ومصير حزين

يمكن ربط حركة تحرير المرأة عالمياً بالنهضة الصناعية. فعمل النساء كان دوماً حقيقة واقعة على طول التاريخ الإنساني، فقط نساء الطبقات كن بعيدات عن العمل، لكن ما أنتجته الثورة الصناعية هو ميلاد وفرض التنظيم بين العمال، ومع حركات الاحتجاج والضغط العمالية لانتزاع الحقوق، نظمت النساء العاملات أنفسهن أيضًا، في البداية تحت لواء الحركات العمالية بشكل عام، ثم بدأن في تنظيم الضغط بشكل مستقل وبدوافع تتصل بالمساواة بين الجنسين خاصة مع فجوات الأجور الواسعة بين الرجال والنساء، ومن رحم تلك الحركات ولدت حركات أخرى تضغط من أجل انتزاع حقوق سياسية للنساء إلى جانب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لتتشكل حركات مثل "السفرجيت" المطالبات بالحق في التصويت.

لأن مصر لم تعرف التصنيع الكبير إلا متأخراً، وظلت نساؤها في البداية بعيدات عن ذلك النشاط الاقتصادي الجديد، فلم تكن هناك فرصة ولا حاجة لديهن لتنظيم أنفسهن على النحو الذي سارت عليه بدايات الحركة النسوية في الغرب، وإنما كان النضال المسجل للنسويات المصريات المبكرات دوماً، نضالاً سياسياً وقانونياً بالأساس

في مصر يختلف تاريخ الحركة النسوية ومسارها عن سواها من الدول الغربية. ففي مصر أيضًا تعمل النساء منذ فجر التاريخ، تخرج المصرية منذ عصور ما قبل الأسرات للعمل في الحقول والأسواق ومنهن ربات الحرف. ولأن مصر لم تعرف التصنيع الكبير إلا متأخراً، وظلت نساؤها في البداية بعيدات عن ذلك النشاط الاقتصادي الجديد، فلم تكن هناك فرصة ولا حاجة لديهن لتنظيم أنفسهن على النحو الذي سارت عليه بدايات الحركة النسوية في الغرب، وإنما كان النضال المسجل للنسويات المصريات المبكرات دوماً، نضالاً سياسياً وقانونياً بالأساس.

هذه الرؤية الحقوقية هي التي تتملك حالياً جيل الشابات من الإناث، ووصلت إلى أن تُصبح ثقافة نسوية يمكننا أن نلمح محاولات تسجيلها في بعض أعمال السينما المصرية منذ فترة الخمسينيات، إذ أرادت الدولة الجديدة أن تربط نفسها بالصور المتفق عليها للتحضر فتبنت دعوات تشغيل النساء وتمثيلهن سياسيًا في البرلمان وحرصت على أن تسجل السينما تلك الروح الجديدة وتروجها بين الناس.

يظهر ذلك بشكل خاص في الأعمال المأخوذة عن روايات الكاتب الراحل إحسان عبدالقدوس، كالخيط الرفيع ولا أنام وأنف وثلاثة عيون ونساء بلا رجال وغيرها.

إلا أن هذا الحضور ما لبث أن أخذ في الخفوت تدريجياً، بعد أن اكتفت الدولة من التحديث بمظاهره من دون إجراءات حقيقية تكفل ضمان حقوق الفئات الأكثر هشاشة وعلى رأسها النساء، اللائي بتن يجدن أنفسهن يحاربن للإبقاء على الحقوق القليلة التي انتزعنها عوضاً عن العمل على انتزاع المزيد من الحقوق.

بعد أن اكتفت الدولة المصرية من التحديث بمظاهره من دون إجراءات حقيقية تكفل ضمان حقوق الفئات الأكثر هشاشة وعلى رأسها النساء، اللائي بتن يجدن أنفسهن يحاربن للإبقاء على الحقوق القليلة التي انتزعنها عوضاً عن العمل على انتزاع المزيد من الحقوق

فلا يزال القانون المصري يتبنى مواقفًا متضاربة وخاضعة لتقدير كل قاض في مسائل إنكار الرجال لنسب الأبناء، ولا يزال استخراج شهادة الميلاد الرسمية للطفل المولود حديثا حقاً للأب وذويه وليس حقاً للطفل، ما يحرم الأطفال من حقوقهم المترتبة على استخراج شهادات الميلاد الرسمية حال تهرب الأب وأسرته من تسجيل الأطفال لأي سبب حتى ولو لمجرد الانتقام من الأم، وعلى الرغم من تعدد القضايا في هذا الصدد لا يبدو أن هناك نية لتعديلات التشريعات الحاكمة في هذا الصدد.

يتماثل هذا مع قضايا "التعصيب" المتصلة بالميراث وجمود التشريع فيه في ظل الإصرار على رؤى محدودة وقاصرة في تفسير النص القرآني.

والتعصيب جزء من مشكلة الميراث في المجتمع العربي الذي لا يساوي في توزيع التركات على أساس الجنس والنوع، فيُعطون الذكور أكثر الأموال والإناث على أقصى تقدير تحصل على النصف، رغم أن العديد من الفقهاء خرجوا حديثاً للإفتاء بالمساواة بين الذكر والأنثى انطلاقاً من مبدأ مرونة النص الإسلامي وقابليته للتشريع وفقاً للزمان والمكان.

من هؤلاء دكتور سعد الدين الهلالي الذي اعتمد المبدأ الفقهي القائل بأن "اختلاف الفتوى لا يعني الإنكار" مشيراً لجواز الاجتهاد في المختلف عليه وعدم إقصائه أو إنكار جهوده.

أما التعصيب فله أشكال كثيرة جميعها تؤدي لبخس حقوق الأنثى في الميراث، لكن أشهر تلك الأشكال حجب الإبن الذكر لميراث أعمامه من أبيه، ولو لم يوجد ابن ذكر يرث الأعمام وأبنائهم الذكور في ميراث أخيهم بعد توزيع حق البنات والزوجة. وقد أوجد ذلك مشكلة في الميراث أدت لشيوع جريمة قتل الأطفال الرضع والأمهات من قبل الأعمام لضمان الحصول على نصيب من ميراث الأخ بالتعصيب، وجرائم أخرى شبيهة.

الوقوف على حافة التحديث

أما عن أشهر قضايا حقوق النساء في المُهدرة في الأحوال الشخصية هي قضية توثيق الطلاق والإشهاد عليه، وسبب شهرتها تبني الرئيس المصري لها في العديد من خطاباته، في ظل رفض الأزهر لطلب الرئيس باعتباره يخالف قاعدة فقهية توقع الطلاق الشفوي ولو لم يجر توثيقه أو يوجد له شهود، وهو ما يخالف رأي القيادة السياسية التي ترى عدم الاعتداد بالطلاق غير الموثق وغير المُشْهَد عليه، بهدف الحد من حالات الطلاق المسجلة وما يترتب عليها من آثار اجتماعية.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image