تعتبر تغذية الأطفال والمراهقين أمراً حيوياً لنموهم وتطورهم الصحي، وتحفّز التغذية الجيدة أثناء هذه الفترة أدمغتهم وأجسادهم التي في طور النمو، وتحسّن مستوى أدائهم التعليمي ومستواهم الإدراكي.
لا تتوفر للعديد من الأطفال والمراهقين في سن الدراسة أنماط غذائية صحية، فوفقاً لمنظمة اليونيسف يتناول العديد من الأطفال القليل من الفواكه والخضروات والأسماك ومشتقات الحليب، ويستهلكون بصفة منتظمة وجبات خفيفة "سناك" تحتوي على كميات كبيرة من السكر والملح والدهون المشبعة.
كما يستهلك حوالى 21% من المراهقين في سن الدراسة خضروات أقل من مرة واحدة يومياً، ويتناول 34% منهم فقط فواكه أقل من مرة واحدة يومياً، ويشرب 42% منهم مشروبات غازية يومياً؛ بينما يستهلك 46% منهم وجبات سريعة مرة واحدة أسبوعياً على الأقل.
تأثير الأقران
المؤثرات الخارجية، من قبيل تقليد الأقران، والرغبة في الاندماج مع الأصدقاء، وأساليب التسويق الجذابة تؤثر بشدة على ما يأكله المراهقون. ويُضاف إلى ذلك أن التوفر الواسع للوجبات السريعة والوجبات الصغيرة الجاهزة للاستهلاك، التي يمكن العثور عليها في المدارس وفي الأماكن العامة بسهولة وبأسعار زهيدة، يتيح لهم تناولها باستمرار. ومن المعلوم أن هذه الوجبات غنية بالسعرات الحرارية وفقيرة بالمغذيات الضرورية مما يجعلهم عرضة لزيادة الوزن وسوء التغذية في نفس الوقت.
وفقاً لمنظمة اليونيسف يتناول العديد من الأطفال القليل من الفواكه والخضروات والأسماك ومشتقات الحليب، ويستهلكون بصفة منتظمة وجبات خفيفة "سناك" تحتوي على كميات كبيرة من السكر والملح والدهون المشبعة
ويرتبط الانتشار المتزايد للسمنة لدى الأطفال والمراهقين بارتفاع الأمراض المصاحبة لدى البالغين، مثل مقاومة الانسولين الذي يؤدي إلى داء السكري من النوع 2، وارتفاع ضغط الدم، ومرض الكبد الدهني غير الكحولي "NAFLD"، وتوقف التنفس الانسدادي أثناء النوم "OSA".
ونظراً لعدم وجود خيار علاجي واحد لمعالجة السمنة، اعتمد الأطباء بشكل عام على تقديم المشورة بشأن الحميات الغذائية وممارسة الرياضة. وقد تتسبب بعض الحميات الغذائية التي تهدف لإنقاص الوزن بظهور بعض المشكلات الفيزيولوجية والنفسية عند الأطفال والمراهقين، وذلك بسبب صرامتها وعدم توازنها، ومن هذه المشكلات:
نقص العناصر الغذائية
يمكن أن تؤدي الأنظمة الغذائية القاسية إلى نقص التغذية بسبب عدم توفر الكمية المطلوبة من العناصر الغذائية الصغرى. فاتباع الأنظمة الغذائية التي تعتمد على تناول كميات منخفضة جداً من الكربوهيدرات قد يعرض الأطفال والمراهقين في طور النمو إلى نقص الفيتامينات والمعادن الأساسية والضرورية للنمو كالكالسيوم، وفيتامين "د"، والمغنيزيوم، والفوسفور.
بينت الدراسات أن اتباع أنظمة غذائية قاسية يزيد من خطر الإصابة باضطرابات الأكل. وهي حالة عقلية تستخدم التحكم في الطعام للتعامل مع المشاعر والمواقف النفسية
يحتاج الأطفال والمراهقون خاصة إلى عناصر غذائية أكثر من البالغين لأنهم يكتسبون ما لا يقل عن 40% من وزنهم، و15% من طولهم خلال هذه الفترة. وتزيد المتطلبات من المغذيات الكبيرة والمغذيات الدقيقة في مرحلة النمو والتطور السريع، فعدم حصول الأطفال والمراهقون في هذه المرحلة على كميات كافية من العناصر الغذائية الصغرىيؤدي إلى تأخير النمو وزيادة مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة في المراحل اللاحقة، مثل السمنة وأمراض القلب وداء السكري من النوع.
التأثير على الأداء الفكري والتعليمي
يعتمد النمو المعرفي على المغذيات الدقيقة: ففيتامينات "ب" مهمة في التواصل العصبي، وغيابها يؤدي إلى الاكتئاب، فيتامين "ب 12" والفولات والثيامين مهمون للمسارات العصبية، وقد تم ربط نقصهم بمشاكل بضعف الذاكرة العرضية ومشاكل اللغة. كما أن الحديد ضروري لنمو الخلايا وإنتاج الناقلات العصبية، ويؤثر نقصه على الإدراك والذاكرة والتطور الاجتماعي والحركي.كما أن توفر الزنك ضروري لعمل الدماغ الأمامي والحصين، ويرتبط نقصه بضعف الانتباه والتعلم والذاكرة، فضلاً عن احتمال تطور الأمراض النفسية العصبية .
ترتبط الأنظمة الغذائية القاسية بنقص السعرات الحرارية، الذي يمكن أن يؤدي بدوره إلى نقص الطاقة والإرهاق ويقلل من القدرة على الأداء في الأنشطة اليومية والرياضية.
زيادة خطر الاصابة بالاضطرابات الغذائية
بينت الدراسات أن اتباع أنظمة غذائية قاسية يزيد من خطر الإصابة باضطرابات الأكل. وهي حالة عقلية حيث تستخدم التحكم في الطعام للتعامل مع المشاعر والمواقف النفسية، وتشمل سلوكيات الأكل غير الصحية تناول الكثير، أو القليل جداً، أو القلق بشأن الوزن أو شكل الجسم، ويمكن لأي شخص أن يصاب باضطراب الأكل، لكن المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و17 عاماً هم الأكثر عرضة للإصابة به.
واضطرابات الأكل الأكثر شيوعاً هي:
فقدان الشهية العصبي "Anorexia nervosa"
ويتميز بمحاولة التحكم في الوزن عن طريق عدم تناول ما يكفي من الطعام، أو ممارسة الكثير من الرياضة، أو القيام بالأمرين معاً خوفاً من زيادة الوزن. ويتطور بشكل عام خلال فترة المراهقة ويميل إلى التأثير على النساء أكثر من الرجال. وعادةً ما ينظر الأشخاص المصابون بفقدان الشهية إلى أنفسهم على أنهم يعانون من زيادة الوزن، حتى لو كانوا يعانون من نقص الوزن بشكل خطير. وقد يؤدي فقدان الشهية العصبي إلى العديد من المشاكل الصحية الخطيرة مثل اضطراب نبضات القلب، وتلف الأعضاء الرئيسية وخاصة الدماغ والقلب والكليتين، وانخفاض ضغط الدم والنبض ودرجة حرارة الجسم ومعدلات التنفس.
الشره المرضي "Bulimia nervosa"
وهو تناول الأشخاص كميات كبيرة بشكل غير عادي من الطعام في فترة زمنية محددة ومن ثم اتخاذ إجراءات جذرية لعدم زيادة الوزن عن طريق القيء القسري، والملينات، ومدرات البول، والحقن الشرجية والإفراغ المعوي. يميل الشره المرضي إلى التطور خلال فترة المراهقة والبلوغ المبكر ويبدو أنه أقل شيوعًا بين الرجال مقارنة بالنساء. وعادة ما تستمر نوبة الشراهة حتى يشعر الشخص بالشبع بشكل مؤلم، حيث يشعر الشخص بأنه لا يستطيع التوقف عن الأكل أو التحكم في كمية الطعام التي يتناولها. ويمكن أن يحدث الشراهة مع أي نوع من الطعام، ولكن يحدث بشكل شائع مع الأطعمة التي يتجنبها الفرد عادة.
وللشره المرضي آثار جانبية على الصحة الجسدية أيضاً مثل تورم الحلق والتهابه، وتورم الغدد اللعابية، وتآكل مينا الأسنان، وتسوس الأسنان، والارتجاع الحمضي، وتهيج الأمعاء، والجفاف الشديد، والاضطرابات الهرمونية.وفي الحالات الشديدة يمكن أن يؤدي الشره المرضي إلى خلل في مستويات الشوارد الكهربائية، مثل الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم، وهذا يمكن أن يسبب السكتة الدماغية أو نوبة قلبية.
اضطراب الشراهة عند تناول الطعام (Binge eating disorder)
يعد اضطراب الشراهة عند تناول الطعام هو الشكل الأكثر شيوعاً لاضطرابات الأكل بين المراهقين. ويعاني الأفراد المصابون بهذا الاضطراب من أعراض مشابهة لأعراض الشره المرضي عند تناول الطعام، فعادة ما يأكلون كميات كبيرة من الطعام في فترات زمنية قصيرة نسبياًوفي الخفاء وحتى الشبع بشكل غير مريح ويشعرون بفقدان السيطرة أثناء نوبات الشراهة. والأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشراهة عند تناول الطعام لا يستخدمون سلوكيات مثل القيء أو ممارسة التمارين الرياضية المفرطة، أو استخدام ملين أو مدر للبول للتعويض عن الشراهة عند تناول الطعام.
يتطور الشره المرضي خلال فترة المراهقة والبلوغ المبكر ويبدو أنه أقل شيوعًا بين الرجال مقارنة بالنساء. وعادة ما تستمر نوبة الشراهة حتى يشعر الشخص بالشبع بشكل مؤلم، فلا يستطيع التوقف عن الأكل أو التحكم في كمية الطعام التي يتناولها
يستهلك الأشخاص هؤلاء غالباً كمية كبيرة من الطعام غير المغذية، وعالية السعرات الحرارية مثل الحلويات والوجبات الجاهزة والمقليات، وهذا قد يزيد من خطر حدوث مضاعفات طبية مثل أمراض القلب والسكتة الدماغية والسكري من النوع الثاني.
لذلك يوصى بعدم الضغط على الأطفال والمراهقين ممن يعانون من السمنة وعدم إلزامهم بأنظمة غذائية صارمة، واستشارة الأطباء للحصول على المشورة بشأن تقليل المدخول من السعرات الحرارية وإنقاص الوزن بشكل تدريجي عن طريق: اتباع نظام غذائي متوازن من الأطعمة العادية دون الشعور بالحرمان، وإحداث تغييرات دائمة في عادات الأكل، وزيادة النشاط البدني.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ يومينتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 3 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ 6 أيامأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه