شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
خلافات خلف ستار التوافق... لماذا تسعى واشنطن إلى منع تل أبيب من توسيع الصراع؟

خلافات خلف ستار التوافق... لماذا تسعى واشنطن إلى منع تل أبيب من توسيع الصراع؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والتاريخ

الثلاثاء 9 يناير 202402:05 م
Read in English:

Why is Washington seeking to prevent Tel Aviv from expanding the conflict?

ترفع المناوشات الحدودية بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله، منسوب القلق الأمريكي من اندلاع حرب شاملة. ازدادت حدة المخاوف هذه بعد أن أقدمت إسرائيل على اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري، في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل "حزب الله"، مع اثنين من قادّة القسام.

عملية الاغتيال هذه تأتي وسط علامات على توتر العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، وفقاً لمعهد الشرق الأوسط. وبحسب خبير الشؤون اللبنانية في المعهد، فراس مقصود، توجد صعوبة في تصديق عدم إبلاغ واشنطن بالعملية، لكن إن كان الأمر كذلك، فهو مؤشر على أن الاختلافات الأمريكية-الإسرائيلية "قد نمت فقط، بعدما تعلّق الأمر بفتح جبهة ثانية في لبنان".

على إثر ذلك، أوفدت الإدارة الأمريكية كبير مستشاري الرئيس جو بايدن، إلى إسرائيل بهدف التوصل إلى اتفاق دبلوماسي يهدّئ التوتر بين الطرفين. وهو ما دأب عليه المسؤولون الأمريكيون منذ أسابيع، دون تقدّم يُذكر. واليوم باتت نافذة الحل السياسي، "المفضّل إسرائيلياً"، قصيرةً، حسب وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت.

وغالانت كان قد أشار سابقاً إلى أنه "عندما نكمل عملية القتال في غزة، سيتم توجيه الجهد العسكري بشكل أساسي إلى الشمال"، مضيفاً: "لا يمكننا إقناع سكان الشمال بالعودة إلى منازلهم على طول الحدود ما لم نتأكد من أن 'الرضوان' (وحدة النخبة لدى حزب الله)، ليست هناك لتعريض سكاننا للخطر". وعلى المنوال ذاته، قال الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية، بيني غانتس: "إن العدوان والهجمات المتزايدة من قبل حزب الله المدعوم من إيران تتطلب من إسرائيل إزالة مثل هذا التهديد للسكان المدنيين في شمال إسرائيل".

لذا، فإن احتمال قيام الطائرات الإسرائيلية بقصف بيروت، وقيام "حزب الله" بضرب تل أبيب بصواريخ موجهة بدقة، لا يمكن تجنّبهما تماماً، حسب عدنان ناصر، في "ذا ناشيونال إنترست". وعليه، تحاول واشنطن نزع فتيل التوتر بين الجانبين تلافياً للكابوس. غير أن نجاحها مرهون بالحرب في غزة، التي يجد معها "حزب الله" نفسه في حصار بين خطابه الأيديولوجي والواقع الحالي، فمن خلال عدم إظهاره للقوة، يخاطر بفقدان صورته كـ"حركة مقاومة". في المقابل، إظهار المزيد من القوة لن يخدم أجندته السياسية طويلة الأجل في لبنان.

المناوشات الحدودية بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله ترفع منسوب القلق الأمريكي من اندلاع حرب شاملة. هذا القلق الذي تزايد عقب اغتيال القيادي في حماس صالح الغاروري في بيروت. توجد صعوبة في تصديق عدم إبلاغ واشنطن بعملية الاغتيال، لكن إن كان الأمر كذلك، فهو مؤشر على أن الاختلافات الأمريكية-الإسرائيلية "قد نمت فقط، بعدما تعلّق الأمر بفتح جبهة ثانية في لبنان"

رهان خطأ

تخفيف حجم القوة البحرية الأمريكية في المنطقة (عودة حاملة الطائرات الأمريكية جيرالد فورد إلى الشواطئ الأمريكية)، ليس خبراً جيداً لإسرائيل حسب الكاتب في صحيفة هآرتس الإسرائيلية، عاموس هاريل، الذي أشار إلى "إمكانية ترافق ذلك مع إشارة منفصلة إلى طهران بعدم تصعيد الوضع المتوتر بالفعل، لكنه رهان أمريكي خطأ، قد يحفّز 'حزب الله' للقيام بالمزيد من المخاطر". ويتلاقى معه إيلي القصيفي في المجلة، فبرأيه، مغادرة جيرالد فورد "تدلّ بالمنطق الأمريكي على زوال سبب قدومها وهو ردع إيران وأذرعها عن توسيع نطاق الحرب. لكن مغادرتها تطرح تساؤلات عما إذا كان الأمر نتيجةً لترتيبات معيّنة بين طهران وواشنطن في المرحلة المقبلة، أو كتقدير عن بعد 'بنهائية' عدم رغبة إيران وأذرعها في توسيع رقعة الحرب".

هنالك مجموعات ضمن إدارة بايدن لا تزال مقتنعةً بأن إعادة إحياء الاتفاق النووي مع إيران يجب أن تتم قبل نهاية عهده، حسب مدير التحالف الديمقراطي الأمريكي الشرق أوسطي، توم حرب، تقابلها مجموعات أخرى في الإدارة ترى أن أي صفقة نووية مع إيران ستكون لمصلحة الأخيرة، الأمر الذي يفترض عدم إتمام الصفقة في الوقت الحاضر، وانتظار نتائج الانتخابات الأمريكية القادمة. وحينها ستكون الحرب في غزة قد انتهت، وتجلّى مآل الوضع على الحدود الشمالية لإسرائيل.

يقول حرب في حديثه إلى رصيف22: "هناك رأي طاغٍ في الكونغرس الأمريكي، بأن ما قامت به حركة حماس المصنّفة إرهابيةً عمل تخريبي يهدف إلى نسف اتفاق السلام السعودي-الإسرائيلي، الذي كان يُتوقع إتمامه في شهر آذار/ مارس القادم. وينظر معظم أعضاء الكونغرس إلى عملية حماس على أنها إيرانية المصدر والتحضير، وكل مكوناتها إيرانية الصنع بتنفيذ حمساوي. وعليه، يطالبون إدارة بايدن بالتصعيد العسكري، ونسف منشآت إيران النفطية، لإرغامها على إيقاف دعمها للميليشيات الإرهابية في لبنان والعراق وسوريا واليمن".

وكانت الحرب في غزة قد اندلعت وسط نجاح واشنطن في التوصل إلى اتفاق ضمني مع إيران، تتوقف بموجبه الأخيرة عن تزويد روسيا بالمسيّرات والصواريخ، وتخفيض عجلة برنامجها النووي، مع تبادل للأسرى، مقابل تحرير 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمدة في بنوك كوريا الجنوبية. فيما لفتت عملية "طوفان الأقصى"، التي نفذتها حركة "حماس" الانتباه العالمي إلى دعم إيران للجماعات الوكيلة، مثيرةً المخاوف من توسع محتمل للصراع بناءً على حسابات طهران، ما يؤكد، حسب المجلس الأطلنطي، أن "البرنامج النووي لا ينبغي أن يكون القضية الوحيدة المثيرة للقلق عند التعامل مع إيران، في ظل حيازة الجماعات الإيرانية الوكيلة القدرة على تصعيد الصراعات لتطال آثارها قضايا أمن الطاقة وأزمات الهجرة والكوارث الإنسانية".

"إذا كانت واشنطن جادةً حقاً في شأن إنهاء الصراع، فإنها ستدرك أن هذه المنطقة يجب أن تشهد وقفاً لإطلاق النار في غزة"، حسب محلل السياسة الخارجية والصحافي المختص بشؤون الشرق الأوسط، عدنان ناصر. ويضيف ناصر في حديثه إلى رصيف22: "سيرسل الرئيس بايدن وزير الخارجية أنتوني بلينكن في مهمة دبلوماسية إلى الشرق الأوسط. خلال هذه الزيارة، إذا لم يذكر بلينكن وقف إطلاق النار، أشك في أنه سيكون هناك سلام. فمن دونه، تخطئ واشنطن بشدة إن اعتقدت بإمكانية نجاح جهودها لاحتواء العنف في غزة وعدم رؤيته يتوسع".

"سيرسل الرئيس بايدن وزير الخارجية أنتوني بلينكن في مهمة دبلوماسية إلى الشرق الأوسط. خلال هذه الزيارة، إذا لم يذكر بلينكن وقف إطلاق النار، أشك في أنه سيكون هناك سلام. فمن دونه، تخطئ واشنطن بشدة إن اعتقدت بإمكانية نجاح جهودها لاحتواء العنف في غزة وعدم رؤيته يتوسع"

صندوق باندورا

باستثناء إدارة جورج دبليو بوش، حاولت الإدارات الأمريكية التوصل إلى تسوية مؤقتة مع الجمهورية الإسلامية، حسب بلال صعب في "تشاتام هاوس"، فالأخيرة (أي التسوية المؤقتة) "قابلها القادة الإيرانيون بالرفض، باستثناء ما ناسبهم منها. فلا مصلحة لطهران في مصالحة واشنطن، لاعتقادها بوقوف الأخيرة عقبةً في وجه التطلعات الإيرانية. وعليه، سعت إلى إخراجها من الشرق الأوسط، بدل التصالح والتعايش معها. في المقابل، تجنّب كل الرؤساء الأمريكيين منذ جيمي كارتر الحرب مع إيران، لاعتقادهم المحق بأن المواجهة العسكرية بين الجانبين قد تفتح صندوق باندورا الشرق الأوسط على مصراعيه، وتُطلق العنان لموجة إرهاب في جميع أنحاء المنطقة، وربما ضد الأراضي الأمريكية".

وبرأي صعب، "فرض عقاب أشد على إيران بسبب سلوكها الإقليمي المزعزع للاستقرار، قد يفرض على واشنطن تدخلاً عسكرياً مكلفاً غير محدود الأمد، وهو آخر ما ترغب فيه واشنطن بعد كارثتي أفغانستان والعراق، لا سيما مع تحول أولوياتها الجيو-سياسية تجاه الساحتين الأوروبية والأيندو-باسيفيك. إلا أن ضغط إسرائيل على الزناد سيدفع بواشنطن للانخراط معها في المعركة، وهو ما تحاول تجنّبه". وهي النتيجة ذاتها التي خلص إليها ألكسندر لانجلو، في "ذا ناشيونال إنترست"، كمحصلة لدفاع واشنطن عن مواطنيها وقواتها الموجودة في المنطقة، بالإضافة إلى الضغوط السياسية الداخلية في عام الانتخابات وتقارب بايدن مع إسرائيل.

في ما يخص إسرائيل والمنطقة، وخصوصاً الحرب في غزة، هناك وجهتا نظر لدى الإدارة الأمريكية، حسب حرب: "فوزارة الخارجية مع مستشار الأمن القومي يريان ضرورة تهدئة الوضع وعدم التصعيد العسكري والميداني على الجبهة الشمالية لإسرائيل مع حزب الله، أو ضد الأجندة الإيرانية في سوريا. فيما ترى وزارة الدفاع ضرورة الرد على الانتهاكات بحق القواعد العسكرية الأمريكية في سوريا والعراق والبحر الأحمر. في السياق نفسه، يطالب الكونغرس بإرسال رسالة واضحة إلى 'الرأس المدبر'، من خلال ضرب المنشآت النفطية في إيران".

إلا أن الجميع يتفق على إنهاء حكم "حماس" في غزة، برغم قيام وزارة الخارجية، نتيجةً لضغوط الداخل الأمريكي وبعض الدول الداعمة للقضية الفلسطينية، بالضغط على إسرائيل لتخفيف ضرباتها العسكرية في غزة، ما يجعل إسرائيل أمام خيارين؛ إن خففت ضرباتها، فإن نفوذ حماس سيستمر وستطول "معاناتها"، وإن أكملت عمليتها، هناك مجموعات أمريكية تنظر إلى الضحايا الأبرياء. وتالياً، إسرائيل أمام مشكلة هل يجب أن تنهي "حماس" أو لا؟ وطبعاً اتخذت تل أبيب قرار إنهاء "حماس"، والكونغرس الأمريكي يدعمها في ذلك. فيما تحاول وزارة الخارجية لعب سياسة الستاتسكو، وتخفيف الضربات، وفقاً لمدير التحالف الديمقراطي الأمريكي الشرق أوسطي، توم حرب.

أيضاً، حسب لانجلو، "يجب على واشنطن تلافي هذا المنزلق، من خلال التصريح المستمر لمسؤوليها بأن الولايات المتحدة لا تريد صراعاً موسعاً، ولن تنخرط فيه، وفي حال استمرار المسؤولين الإسرائيليين بالإشارة إلى أن حرباً مع حزب الله قادمة، يجب على واشنطن حينها أن تفصل نفسها تدريجياً عن إسرائيل، مع الضغط لمنع أي عملية إسرائيلية في هذا الاتجاه، بما في ذلك الانتقاد العلني، وتقليص الغطاء الدبلوماسي، وتكييف أو تجميد مبيعات الأسلحة".

من جهته، يلفت ناصر إلى أن واشنطن غير راضية عن المذبحة الجماعية للأبرياء في غزة، "إلا أنها، لم تضطر، حتى الآن، إلى المطالبة بوقف إطلاق النار وفرضه". وبرأيه، "أدى الهجوم الذي شنّته حماس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، إلى تقييد التزام أمريكا بجهود الحرب التي تبذلها إسرائيل، ولن تغير موقفها إلا عندما تكون هناك خطة سلام جادة تدمّر قدرة حماس على شنّ الحرب ووجود تيار جديد يحكم غزة. هذا ما تفكر فيه وتأمله إدارة بايدن".

اغتيال العاروري

تتجمع كل الديناميكيات المعقدة للحرب الدائرة، في عملية اغتيال العاروري. إذ تتداخل فيها حسابات دقيقة ومركبة لكل طرف من أطرافها الرئيسية، بدءاً من إسرائيل مروراً بالولايات المتحدة ووصولاً إلى إيران ومعها "حزب الله". إلا أن المؤشرات والرسائل السياسية والنارية المتبادلة بين الأطراف، لا سيما الأمريكية، بأن توسيع الحرب بين إسرائيل و"حزب الله" حتمي، حسب منصة المجلة. لكن الأكيد أن إسرائيل تبدو متحفّزةً أكثر من الحزب لضربة استباقية، وهذا ما يجعل احتمال توسع القتال خلال الفترة المقبلة أكبر، وبتوقيت إسرائيلي، لا سيما مع إصرار إسرائيل على تطبيق القرار 1701، القاضي بانسحاب "حزب الله" إلى منطقة شمال الليطاني، إن لم يكن بالديبلوماسية فبالقوة.

تتجمع كل الديناميكيات المعقدة للحرب الدائرة، في عملية اغتيال العاروري. إذ تتداخل فيها حسابات دقيقة ومركبة لكل طرف من أطرافها الرئيسية، بدءاً من إسرائيل مروراً بالولايات المتحدة ووصولاً إلى إيران ومعها "حزب الله". إلا أن المؤشرات والرسائل السياسية والنارية المتبادلة بين الأطراف، لا سيما الأمريكية، بأن توسيع الحرب بين إسرائيل و"حزب الله" حتمي

"حتى الآن، لم تتبنَّ إسرائيل قتل العاروري"، حسب ناصر، "ما يدعو للاعتقاد بأنها لا تريد التصعيد. أما ما يخص عملية الاغتيال، فهي نقطة سجلها نتنياهو أكثر ليظهر لشعب إسرائيل أنه قادر على حمايته. مع رسالة إلى قادة حماس، بأنهم لم يعودوا آمنين في أي مكان".

يرسل اغتيال العاروري مجموعةً من الرسائل، حسب موقع أمواج ميديا، منها مضي إسرائيل قدماً في ضرب أهداف رفيعة المستوى وتوسيع مواقعها من سوريا إلى لبنان. وهو ما يتطلب المزيد من الإجراءات والاحترازات الأمنية من قبل "محور المقاومة"، ويمهّد لتوسيع العمليات العسكرية من حيث الجغرافيا والعمق ونوعية الأسلحة. كما أن نظرة إسرائيل إلى الاغتيالات على أنها مرحلة أخرى من الحرب المستمرة، تستدعي توقع حدوث تحوّل في خطط المواجهة وأساليبها من قبل "محور المقاومة" على مختلف الجبهات. ومع غياب الحل السياسي في الأفق، تظهر التساؤلات حول الخطوات التي قد يتخذها هذا المحور؟ مع سؤال حول ما إذا كان توسيع ساحة المعركة ومداها قد أصبح مجرد مسألة وقت أم لا؟


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

فلنتشارك في إثراء مسيرة رصيف22

هل ترغب/ ين في:

  • الدخول إلى غرفة عمليّات محرّرينا ومحرراتنا، والاطلاع على ما يدور خلف الستارة؟
  • الاستمتاع بقراءاتٍ لا تشوبها الإعلانات؟
  • حضور ورشات وجلسات نقاش مقالات رصيف22؟
  • الانخراط في مجتمعٍ يشاركك ناسه قيمك ومبادئك؟

إذا أجبت بنعم، فماذا تنتظر/ ين؟

    Website by WhiteBeard
    Popup Image