قد تكون أسماء الحروب جزءاً لا يتجزأ منها، أو من النحو الذي يتناولها عليه الناس الذين يخوضونها، أو يراقبونها، أو يروونها، ومن ورائهم معاصروها على وجوه المعاصرة الكثيرة والمتفرقة. و "حرب غزة"، اليوم، وهذا أحد أسمائها، تترجح بين الاسم المحايد هذا، وبين أسماء أقل حياداً": حرب "حماس" وإسرائيل في غزة، أو حربهما الخامسة، أو الحرب الإسرائيلية على غزة، أو "طوفان الأقصى"، أو "السيوف الحديد"(ية)، أو الحرب الإسرائيلية الفلسطينية مع رقم أو من غير رقم.
وسريان اسم من الأسماء ينهض علامة على انتصار معنوي يحرزه الطرف المحارب الذي بادر إلى التسمية. فبين "حرب الغفران" (يوم كيبور العبري) و"حرب رمضان"، و"حرب 6 أكتوبر"، و"حرب تشرين". يتنقل فعلاً ترجيح كفة أحد البلدان المشاركين في الحرب المصرية- الإسرائيلية- السورية التي انفجرت في اليوم السادس من تشرين الأول/ أكتوبر عام 1973. وعلى هذا استقل كل بلد باسم حربه.
ووسع "حزب الله"- لبنان أن يغلّب اسم الحرب اللبنانية الإسرائيلية، بل حرب إسرائيل على لبنان، وربما "الوعد الصادق"، على العملية التي بادر إليها وحده، في 12 تموز/ يوليو 2006، وفي سبيل قصد خاص هو تحرير أسرى لبنانيين وفلسطينيين في سجون العدو، وأغراض أخرى مضمرة، ولا علاقة لها بالساحة التي خيضت فيها إلا من طريق الحزب المحارب و"الحالة" التي ينسب نفسه إليها.
وتتراءى وراء الاسم مقاصد الحرب، وتاريخ المحاربين وسوابقهم وبرامجهم، والمستقبل الذي يتصورونه لأنفسهم ولجماعتهم أو أمتهم والجماعات القريبة أو البعيدة "الصديقة" أو "العدوة". وحين زعم أحد ضباط "الحرس الثوري"، الخميني الإيراني، أن حرب غزة الجارية هي جزء من رد جواب الجمهورية الإسلامية (إيران خامنئي) على اغتيال الولايات المتحدة الأميركية و"ربيبتها" على ما كان يقال قبل عقود، قاسم سليماني، الحرسي "الأعظم" وقائد فيلق أو لواء القدس، غضبت "حماس" وثارت ثائرتها.
وصحّحت النسبة والسبب في اليوم نفسه، وجددت تعليق مبادرتها إلى مهاجمة المستوطنات والثكن والحواجز، على اسم المسجد الأقصى، وانتهاكات اليهود الإٍسرائيليين حرمه وانتهاكات صلاة المسلمين فيه. وثبَّت بيان التصويب معنى الاسم والاختيار: صعود (أو إصعاد) الغزاوي الطرفي إلى "بطحاء" بيت المقدس، وترشحه إلى موقع القيادة وتربعه سدة المركز باسم الإسلام وتحته اسم فلسطين، وشنه حرباً كيانية لا تفرّق بين غزة أو الخليل أو الجليل الغربي أو اللد أو صفد، وتمحو بسيل مقدس واحد ما راكمه الاحتلال، و "كمومبرادوره" (الاسم الصيني لوسطاء الاستعمار المحليين والوطنيين)، من عقارات مقحمة، وتشفي غليل المجاهدين والعوام من مظالم المحتل ومهاناته وتجبّره.
قد تكون أسماء الحروب جزءاً لا يتجزأ منها، أو من النحو الذي يتناولها عليه الناس الذين يخوضونها، أو يراقبونها، أو يروونها، ومن ورائهم معاصروها على وجوه المعاصرة الكثيرة والمتفرقة. و "حرب غزة"، اليوم، وهذا أحد أسمائها، تترجح بين الاسم المحايد هذا، وبين أسماء أقل حياداً"
الهجوم والرد
والاسم جزء من الرواية، ويختصر بعض مسار الحوادث، والأحكامَ الظرفية التي يدلي بها المتحاربون في مراحل النزاع وأوقاته. وتنزع هذه الأحكام إلى العمومية، وإلى تثبيت الصفة الشاملة التي ينبغي أن تتصف بها الحرب في نظر الطرف المحارب، وجهازه الإعلامي وحزبه وصفه. فيوم هجوم حركة المقاومة الإسلامية، "حماس"، على مستعمرات شرق غزة الإسرائيلية، وحال شيوع الخبر ظهراً، أدخل المهاجمون الهجوم، على لسان مصممه يحيى السنوار، في باب الحرب العادلة والمشروعة، باب "الرد على جرائم الاحتلال"، وعدوانه على شعب فلسطين، وسلبه أرضه، وإنكاره حقه الأول في المقاومة.
واستبقى الإسرائيليون من الهجوم شفرته الموجهة إلى المدنيين، النساء والأطفال في المرتبة الأولى، وإعماله القتل الفردي والجماعي العائلي والتمثيل والتحريق فيهم، وإشهاد الأحياء، الأولاد والأهل، على قتل من يُقتلون. ودمجوا الوجه الإرهابي هذا بالوجه العسكري. وردوا على الوجه الأول بالقصد إلى مثله، أي إلى الإرهاب، وإنما بوسائل وشراسة يتيحها تجهيز وتدريب جيش محترف، وترعاه دولة ناطت به فوق أمنها، بقاءها ودوامها.
وطوى الرد الإسرائيلي- وهو في نظر معظم الفلسطينيين والعرب وذوي الأصول العربية والإسلامية فصل أخير من فصول عدوان متجدد وغير منقطع (يعيده بعضهم إلى حصار خيبر في سنة 7 للهجرة، وطعنِ أحد اليهود المحاصرين الرسول بنصل مسموم أدى إلى وفاته)، وليس رداً على ما سماه يحيى السراج، رئيس بلدية غزة منذ تعيين "حماس" إياه في 2019، "الهجوم المميت"، (طوى) صفة هذا الهجوم أو ابتلعها. وسوَّغ التفاوت الكمي الهائل بين رقمي الضحايا المدنيين في كلا "الحربين"، أو عدم التناسب الذي يشترط القانون الإنساني الدولي الالتزام بضده (أي بالتناسب)، الانتقال أو الانقلاب إلى حرب أخرى، حملت على الحرب الأولى، أو على حرب غير مقيدة، بترتيب أو تحقيب. وسميت هذه "حرب إبادة". وذهب بعضهم إلى (أمثلة) المبالغة، فسماها "حرباً إبادية"، ربما على مثال "القنابل البرميلية" التي عالجت بها "الدولة" السورية التمرد المدني والوطني قبل غلبة المنظمات و"الدول" والجيوش الإسلامي و"الجهادية" عليه.
الحرب البيئية
وصدر الانقلاب إلى التسمية بـ"حرب الإبادة"، قبل مبادرة القوات الإسرائيلية إلى قصفها الساحق والمدمّر والعمومي، أو البيئي (الإيكولوجي: العمراني)، البشر والطرق والسكن والمرافق- صدر ربما عن تعليق هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 على المحرقة اليهودية عن يد النازية والهتلرية الألمانية في الحرب العالمية الثانية بأوروبا. وهذا التعليق أو الحمل شرَّع الأبواب على مصاريعها في وجه حرب انتقامية لا ضابط لها، ولا قيد علها من إعداد لليوم التالي السياسي، وتصور للمراحل والإجراءات المفضية إلى اجتماع مستقر بعض الاستقرار.
فمن طريق "المحرقة"، وذاكرتها الحية واستعارتها المروعة في المجتمعات (الغربية) التي شهدتها في أحلك أزمانها التاريخية، وعلى رغم الفروق العميقة، "يجُوز" أو تجوِّز الدولة الإسرائيلية لنفسها، ولجيشها، شن حرب خارج قواعد الحرب وقوانينها الدولية والإنسانية. وهذا الخارج، صدق وصفه بالإبادة، على ما لا يشك ضحاياه وشهود "القرية العالمية" عليه، أم لم يصدق، على حسبان رجال قانون ومؤرخين يحذّرون من قرائن كثيرة على وشك مباشرته- من قصد التهجير المعلن ومساواة المحاربين بالعزل إلى طيف التجويع المخيم-، يُحمل على باب قانوني هو باب الدفاع عن النفس.
ويقود حمل السابع من أكتوبر/ تشرين الأول على المحرقة "اليهودية" في أثناء الحرب الثانية، وتصويرُ هجوم "حماس" الهاذي في صورة فصل متجدد من فصوله إلى التفوه بكلام يحيل هذه، في الصيغة التي تقال فيها، إلى فصل من سينما الواقع، وكابوس من كوابيسها. والمقارنة بين الحرج والضيق والرعب من الاغتصاب والقتل التي أحسّت بها الرهينة الإسرائيلية الأميركية الشابة، ميا سِمْ- هي القائلة إنها "(عاشت) المحرقة"، في أثناء إقامتها رهينة في أٍسرة فلسطينية بغزة، بجوار رجل ينوب في حراستها عن المهاجمين القاتلين والخاطفين- وبين حال من انتزعوا جماعات ضعيفة ولا سند لها من أمن وسنن مجتمعاتهم ودولهم المختلطة، هذه المقارنة مفرطة في تعسفها.
من طريق "المحرقة"، وذاكرتها الحية واستعارتها المروعة في المجتمعات (الغربية) التي شهدتها في أحلك أزمانها التاريخية، وعلى رغم الفروق العميقة، "يجُوز" أو تجوِّز الدولة الإسرائيلية لنفسها، ولجيشها، شن حرب خارج قواعد الحرب وقوانينها الدولية والإنسانية. وهذا الخارج، صدق وصفه بالإبادة
وهي مغرقة في نازعها إلى المساواة بين معنى تجربة فردية، لا شك في قساوتها وإيلامها، وبين معاني حادثة لا يسبر قاعها. ولعل مبتدأ الإسفاف والابتذال هذين، اليوم، هو "استقواء" بنيامين نتنياهو وفريقه وأنصاره بسابقة الكارثة على مجتمع الفلسطينيين المحتلين، وعلى القواعد والقوانين والأعراف التي ترعى حال الحرب والاحتلال، وعدوانها الأصيل. ومن القرائن على هذا الاستقواء سكوت الناطق العسكري الإٍسرائيلي عن إحصاء قتلى عمليات الجيش الفلسطيني، مقاتلين كانوا أم مدنيين. ولهذا السكوت حدان: حد التهويل بالعدد الفلكي الذي تحصيه وزارة الصحة الحمساوية على الأهالي وعزيمتهم، وحد التنصلِ المضمر من المسؤولية عنه وإلقائها على عاتق المصدر.
البدء والاستئناف
ويترتب على حمل الهجوم الحمساوي الفلسطيني على فصل متجدد وراهن من المحرقة، أو من العصبية على السامية- وهذه تفضي حتماً إلى تلك أو تمهد الطريق إليها- تصوّرُ رد أو "علاج" يضاهي حسماً وهولاً العلة المشكو منها، أو العامل الذي أظهرته العلة، ودعا صاحبَ الهجوم إلى فعلته. وتتستر لغة الردع (واستعادته) التقنية، العلمانية أو الدنيوية الزمنية، على اعتقاد ديني ومقدس لا قيد على نازعه إلى الاستئصال والدمار، ورغبته في الإبادة. والرجوع من النازع والرغبة إلى "مبدأ الواقع"، على قول المحلل النفسي الأول، عمل بل عملية قاسية وطويلة ينبغي أن يتخلى الواحد (وبالأحرى الجماعة)، في أثنائها، عن حسبانه المتخيل والمدمر القدرة الكلية في نفسه.
والمسترسل مع نازعه هذا، شأن الفريق الإسرائيلي الأخروي والخلاصي، يبدو كمن به مسّ. ويبدو من يناقشون نقاشاً متعقلاً وحسابياً برنامج رئيس الوزراء الإسرائيلي، تدمير "حماس" (وحوض سباحتها) وإخراج غزة من الجسم الفلسطيني واستعادة الرهائن، فيذهبون إلى أن الرجل لم يبلغ أو يحقق شيئاً من أهدافه بعد ثلاثة أشهر من العمل العسكري- هؤلاء يقللون من شأن الجموح الذي حل بـ "الملك" الإسرائيلي وفريقه. فهو يمعن في تكرار هدف التدمير، وإن في صيغ متفرقة بعض الشيء، غافلاً عن استحالة تخليص "حماس" من أهل غزة، وتخليص أهل غزة من "حماس"، طوعاً أو كرهاً. وذلك لأن نحو أربعة عقود طويلة وحافلة من السنين، والحركات والانتفاضات والسير الفردية والجماعية والمقاتل والولادات والمصاهرات والكلمات...، نسجت بين "الاثنين" مصفوفة تتداخل خيوطها على شاكلة تداخل الأنفاق في "غزة التحتا" وخريطتها.
فما أن انسحبت قوات هيرتسي هاليفي من بعض مواقعها شمال غزة حتى تولت شرطة "حماس" الخاصة، وهي غير قوات أمن السلطة، الرقابة على الأسعار، وعودة المواطنين من مراكز الإيواء إلى منازلهم. و"الالتحام" الأهلي الغزاوي والتنظيمي الحمساوي الذي يصف به إسماعيل هنية، رئيس مكتب "حماس" السياسي علاقة أهل غزة بالمنظمة السياسية العسكرية ليس دعوى خطابية، وإن كانت دلالتها السياسية مخيفة وخطرة.
فهذه الحال أو الواقعة، كائناً ما كان الرأي فيها أو كان تقويمها السياسي، لا مفر من احتسابها في كل خطة تزعم شق طريق إلى حل غير ممتنع، زمناً (نافداً حكماً هو وهوامشه في نهاية المطاف)، وموارد (بالغاً ما بلغت مخازن الحلفاء والأصدقاء من السعة وبعد النظر)، واحتمالاً معنوياً و "ثقافياً"- في عالم لا يسع 143 و153 ممثل دولة في جمعية هيئة الأمم المتحدة العامة إلا التصويت استنكاراً لغزو جيش بوتين أوكرانيا، وحملة الجيش الإسرائيلي على شمال غزة ومدينتها وجنوبها ومخيماتها ومستشفياتها ومدارسها وكهربائها وشبكة اتصالاتها، رغم التجاذبات والمصالح والتخاذل وأوزار التاريخ.
التناقض
وبررت الحرب الإسرائيلية "المتوحشة" (على معنى التوحُّش الأول: الجهل بضوابط القوة والسلطان) على غزة وصف هجوم "حماس" بـ "الدفاعي"، على ما ذهبت إليه "حماس" نفسها أولاً، وتابعتها على وصفها "السلطة" وأركانها، على غرار جبريل الرجوب أخيراً. فعلى رغم أن اسم الحرب الدائرة على أرض غزة هي "طوفان الأقصى"، كناية واضحة عن أن المبادر إليها هو المنظمة الفلسطينية والإسلامية التي تضرب بسيف أولى القبلتين وثالث الحرمين المقدسين، وتثأر عمليتها المحكمة من منتهكيها، لا ترى اللغة التي تروي الوقائع الحربية، و"تحللها" وتعلق عليها، خُلفاً أو تناقضاً في حملها على عدوان خالص بادر إليه العدو من تلقائه.
ولا شك في أن الطرف الفلسطيني ومن ورائه ومعه البلدان العربية والإسلامية، والمعارضات العالمية المتظاهرة والمتحفّظة، وشطر من الإسرائيليين، على وجوه متفرقة- يملك حججاً قوية حين يدرج هجوم "حماس" في تاريخ متصل من حلقات العنف وفصوله، ويرفض أو ينكر حمله على ابتداء وحلقة أولى. وعلى هذا، يرفض "الفريق" الفلسطيني رواية حوادث الحرب الدائرة اليوم على شاكلة فصول متماسكة، وسلسلة أسباب متعاقبة، زمناً وعللاً أو دوافع، ومسؤوليات تترتب الواحدة فيها، اللاحقة، على مسؤولية سبقت وتقدمت.
وعلى نحو شبيه بهذا، يرى "الفريق" الإسرائيلي أن هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر لا نسب له، ولا سابقة، من احتلال وتهجير وإدارة تمييز. ونسبه الوحيد هو عصبية على السامية اليهودية ترقى إلى فجر التاريخ أو بعده بقليل. وتستحق، تالياً، عقاب "رب الجيوش" وتأديبه غير الرحيم...
وعلى خلاف الإغفال الفلسطيني الهجومَ الحمساوي الأول، ودورَه في استدراج الأعمال العسكرية الإسرائيلية "غير المتكافئة" و"غير المتناسبة"، على وصفها الأممي، يرى الفريق الفلسطيني، وفي صدارته من يسمون "وكلاء طهران"، في الهجوم الأول نصراً عظيماً مستمراً، وكسراً لشوكة جيش إسرائيل، وتمريغاً في الوحل لقوته العنكبوتية والواهية، إلخ.
ولا يقارن فعل هذا الهجوم العظيم، الدفاعي من وجه آخر، إلا بـ"همجية" العدوان الإسرائيلي الذي تلاه شكلاً، وسبقه معنى وحقيقة. وما هذه الهمجية إلا الوجه المعكوس، والخاسر، لعظمة الإنجاز والنصر الطاهرين اللذين استأنفا الحرب المقيمة والمزمنة بين الاحتلال، على معناه الكياني والاستئصالي، وبين الأمة، على معناها القدسي والحقوقي. ويعوض الاحتلال، أو يحاول التعويض بهمجيته عن خسارته الكثيرة الوجوه والمحققة ماضيا وحاضراً ومستقبلاً.
بررت الحرب الإسرائيلية "المتوحشة" على غزة وصف هجوم "حماس" بـ"الدفاعي"، على ما ذهبت إليه "حماس" نفسها أولاً، وتابعتها على وصفها "السلطة" وأركانها، على غرار جبريل الرجوب أخيراً. فعلى رغم أن اسم الحرب الدائرة على أرض غزة هي "طوفان الأقصى"، كناية واضحة عن أن المبادر إليها هو الحركة الفلسطينية، لا ترى اللغة التي تروي الوقائع الحربية، و"تحللها" وتعلق عليها، خُلفاً أو تناقضاً في حملها على عدوان خالص بادر إليه العدو من تلقائه
التعويض
ويُنسب إلى هذا التعويض تكثير الجبهات الفرعية التي بادرت إلى افتتاحها منظمات مسلحة محلية، نشأت عن حرب أهلية ونزاعات داخلية وإقليمية أو دولية قديمة، في لبنان وسوريا والعراق واليمن، وغيرها ربما لاحقاً. فيجمع "حزب الله"- لبنان، في تعليله وتسويغه أعماله العسكرية على حدود الدولتين (أم "الكيانين"؟)، واجبَ "الضغط على العدو وإشغاله وإبقائه في دائرة الإرباك والقلق... والتخبط"، تضامناً مع غزة، على قول أحد معممي الحزب، والتزاماً بوحدة الأمة والقضية والجهاد- إلى الرد على عدوان العدو، ومكافأة السلاح بالسلاح، والمدني بالمدني، والقرية بالمستوطنة، على قول بيانات الحزب اليومية.
ويُنسب إلى التعويض عن الهزائم، الأصلية والمتجددة، وإلى العجز عن تحرير الرهائن بالقوة العسكرية، اغتيال نائب رئيس مكتب "حماس" السياسي، صالح العاروري وآخرين، في ضاحية بيروت، على قول رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، معقّباً على الاغتيال. وكان الفرع الحرسي المحلي نفسه أجاز لبعض مقاتلي "حماس" اقتطاع جزء (رمزي) من الجبهة اللبنانية، ومهاجمة القوات الإسرائيلية من الجزء المقتطع أو المحرر. ولا يشك الفريق الفلسطيني في أن التضامن الأمريكي الباهظ مع الإسرائيلي وجه من وجوه التعويض عن الخسارة الإسرائيلية الفادحة.
فيصدق، على هذا، بل يجب وجوباً لا تردد فيه توحيد المعسكرين، معسكر الأصدقاء، والتحرر والإيمان ومناهضة الظلم والاستغلال والولوغ في دم الشعوب، ومعسكر الأعداء. وتروي الحوادث والوقائع، وهي روايات وتأويلات ولا قوام لها بغير رواتها، على المثال الذي تقدّم من التعليل بالنتائج، ومن تقديم سلسلة الأسباب أو تأخيرها، أو الجمع بين تعليلين يبطل واحدهما الآخر، أو حمل الحلقة الواحدة على السلسلة كلها، والوقت والظرف على جوهر دهري. ويخلط هذا بين التأريخ وبين الأسطورة، ويتنقل بينهما، ويرقص في عرسيهما رقصاً قاتلاً في أحيان كثيرة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون