شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
إسرائيل وإسرائيليون في الإمارات... ما قبل الحرب على غزة وما بعدها

إسرائيل وإسرائيليون في الإمارات... ما قبل الحرب على غزة وما بعدها

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والتاريخ

الخميس 14 ديسمبر 202304:18 م
Read in English:

Israelis in the UAE, before and after October 7

في شهر آب/ أغسطس من العام 2020، وقّعت الإمارات العربية المتحدة اتفاقية السلام "أبراهام" مع إسرائيل، ونتجت عنها خطوات متسارعة نحو التعاون الاقتصادي والسياسي الإقليمي. وتفيد إحصائيات وردت في تقرير لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، بأن حجم التبادل التجاري الإماراتي الإسرائيلي بلغ نحو 1،154 مليار دولار أمريكي في 2021، وتضاعف إلى ملياري دولار خلال العام 2022.

تستفيد إسرائيل من الترويج لمنتجاتها ومؤسساتها داخل الإمارات، ويأخذ هذا التعاون التجاري أشكالاً عدة أبرزها في القطاع العسكري-الحربي، القطاع الصحي، تجارة الآلات والمعدات الإلكترونية والكهربائية، المجال الزراعي، المعاهد الجامعية والفنية، وغيرها الكثير.

ووفق موقع Times of Israel ، فإن حجم التبادل التجاري السلعي بين الإمارات وإسرائيل، يُعدّ الأكبر بين أي دولة عربية أخرى شملتها اتفاقات أبراهام، كالمغرب والبحرين والسودان.

وبالمقارنة مع عام 2020، عندما وقّع البلدان على الاتفاقية، قفزت التجارة الثنائية بين إسرائيل والإمارات بنسبة 510 في المئة في عام 2021، وفي النصف الأول من عام 2022، بلغ حجم التجارة الثنائية 1.2 مليار دولار، وهو ما يمثل زيادةً بنسبة 117 في المئة في التجارة عن النصف الأول من عام 2021.

تتخذ المنتجات الإسرائيلية الموجودة داخل أسواق أبو ظبي ودبي، أشكالاً عدة، أبرزها المنتجات الصناعية الكبيرة مثل الآلات الطبيّة والزراعية، ناهيك عن المؤسسات التقنية التي تنتشر على نطاق واسع، فما هي؟ وهل تأثرت بعد العدوان على غزة؟ 

وفي بداية العام 2022، وقّع البلدان اتفاقية تجارة حرّة ضمن شراكة اقتصادية شاملة، تُعدّ الأولى من نوعها بين تل أبيب ودولة عربية، حيث نصت الاتفاقية على استثناء 96 في المئة من الرسوم الجمركية على جميع السلع فوراً أو تدريجياً، وأتى ذلك بعد شهرين ونصف من إعلان الإمارات إنشاء صندوق استثماري بقيمة عشرة مليارات دولار، مخصص للقطاعات الإستراتيجية في إسرائيل.

أبرز الشركات الإسرائيلية داخل الإمارات

تتخذ المنتجات الإسرائيلية الموجودة داخل أسواق أبو ظبي ودبي، أشكالاً عدة، أبرزها المنتجات الصناعية الكبيرة مثل الآلات الطبيّة والزراعية، ناهيك عن المؤسسات التقنية التي تنتشر على نطاق واسع.

في القطاع الطبي، توجد 11 شركةً طبيّةً إسرائيليةً تعمل داخل الدولة والنسبة الأكبر منها في دبي، تبرز من بينها شركة "Tyto Care"، وهي شركة ناشئة للرعاية الصحية عن بعد، طورت جهازاً قائماً على الذكاء الاصطناعي يمكّن الأطباء من إجراء العمليات عن بعد.

كذلك شركة Brain sway ، التي طوّرت علاجات غير جراحية لاضطرابات الدماغ تعتمد على التحفيز المغناطيسي العميق عبر الجمجمة، وهي شركة تصنّع أجهزة تهوية محمولةً للرعاية المنزلية وحالات الطوارئ والنقل والمستشفيات.

ويحضر القطاع المؤسسي الزراعي الإسرائيلي بقوة ملحوظة داخل الإمارات، ووفق موقعي GCC Business وTimes of Israel، تعمل شركة Vertical Field منذ سنتين في مناطق إماراتية عدة، وهي شركة ناشئة طوّرت نظام الزراعة العامودية، وتهتم بإدارة المزارع العامودية في إمارة أم القيوين، وانتشرت منذ أشهر فقط في أبو ظبي والشارقة، وعلى نطاق هذه المزارع تحدد المحاصيل الأفضل للسوق المحلية، ويشرف عليها مهندسون زراعيون إسرائيليون في الشركة.

السلع الغذائية مبهمة

يمكن القول إن السلع الغذائية وغيرها من المنتجات التي يحصل عليها المستهلك مباشرةً من السوق والواصلة طبعاً من إسرائيل، غير واضحة، بمعنى أدق لا تُدوَّن عليها عبارة "صُنع في إسرائيل"، كما هو الحال مع بقية السلع، والسبب طبعاً رفض غالبية المقيمين العرب شراءها. لذا يتم تمييزها عبر خاصية "البار كود"، لكن خبراء التقنيات  يمكنهم كشف الرقم التسلسلي للمنتج الذي يشير إلى أي دولة ينتمي.

لذا مع بداية العدوان على غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قام عدد من الناشطين بنشر معلومات تفيد بأن الغرفة التجارية الإسرائيلية قامت بتغيير رمز البضائع المستوردة من إسرائيل، والتي كانت تبدأ عادةً برقم 729، لتبدأ برقم 871.

مع بداية العدوان على غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قام عدد من الناشطين بنشر معلومات تفيد بأن الغرفة التجارية الإسرائيلية قامت بتغيير رمز البضائع المستوردة من إسرائيل، والتي كانت تبدأ عادةً برقم 729، لتبدأ برقم 871

ونتحدث هنا حصراً عن المنتجات الغذائية والملابس وبعض أنواع المبيدات والمنتجات الصناعية التي يحتاجها المستهلك، لكن فعلياً لم يحصل سابقاً أن عرضت منتجات داخل المولات المعروفة في الإمارات، أو حتى في المتاجر الكبيرة، مثل كارفور ولولو وجاينت وغيرها.

لكن ذلك لا يمنع أن متاجر محدودةً جداً وإماراتيةً تحديداً، عرضت منتجات غذائيةً إسرائيليةً بشكل علني، على سبيل المثال محال "فريش ماركت"، وهي سلسلة بقالة إماراتية منتشرة في مناطق عدة داخل إمارة دبي، تبيع جميع المنتجات الغذائية الإسرائيلية من الخضروات والفاكهة واللحوم ومشتقاتها، وحتى التمور باتت تأتي من تل أبيب إلى الإمارات وليس العكس، حتى أنها تُباع بأسعار مرتفعة.

وفي سياق المنتوجات الإسرائيلية، خاصةً المواد الغذائية الموجودة داخل الإمارات منها، تبرز شركة "تنوفا" الإسرائيلية المتخصصة في إنتاج مشتقات الألبان والأجبان، لكن المستهلك مهما كانت جنسيته لا يهمه بلد المنشأ لهذا المنتج أو غيره، بقدر ما يهمه السعر، باستثناء من يهتمون جدّاً بموضوع مقاطعة البضائع الإسرائيلية. واللافت أن منتوجات الشركة تُكتب عليها "صناعة الإمارات العربية المتحدة"، كون الشركة لها مركز داخل الدولة وتالياً لا تخسر قسماً كبيراً من الزبائن.

المرافق الطبية والسياحية الإسرائيلية

في نهاية العام 2021، تم افتتاح مشفى AVIV في منطقة أبراج بحيرات الجميرا المرموقة في دبي. وهذا المشفى مخصص لمرضى العظام والعضلات ومشكلات الدماغ، ويعالج أعراض ما بعد فيروس كورونا من خلال تقنية العلاج بالأوكسجين، ويرتاده مواطنون ومقيمون من جنسيات مختلفة، لا الإسرائيليون أو اليهود فقط، حتى أنه يعمل فيها أفراد يحملون بعض الجنسيات العربية، لكن لا يمكن معرفة ما إذا تمت مقاطعة المركز الطبي عقب أحداث غزة، حتى أن المديرين فيه يرفضون التصريح أو الخوض في هذا الموضوع.

من جهة أخرى، يتمثل القطاع السياحي الإسرائيلي في دبي تحديداً، ومن ثم أبو ظبي، بتواجد الفنادق والمطاعم التي قد لا تكون واضحةً للعيان مباشرةً، ومنها ما يكون معروفاً لهم أقلّه بسبب الاسم. والبحث عن تفاصيله عبر محرّك غوغل كفيل بإعطاء كافة المعلومات، وهنا مثلاً تنتشر في الإمارات سلسلة فنادق "آفاني – AVANI" وتشغّلها شركة النخيل التي يرأس مجلس إدارتها علي لوتاه، ويشاركه المؤسس ورئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة شركة ماينور الدولية التايلاندية، ويليام إي. هاينكي، وهو رجل أعمال يحمل الجنسيتين الأمريكية والإسرائيلية معاً، وفقاً لتقرير نشره موقع "المونيتور" الأمريكي عن الوجود اليهودي الإسرائيلي داخل الإمارات.

الحياة الخاصة ليهود البلد

افتتحت الطائفة اليهودية في الإمارات، التي يقيم فيها نحو ألفي شخص من أتباعها (وهنا نتحدث عن عدد الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية وليس اليهود من جنسيات أخرى)، في نهاية العام 2022، أول متجر في المنطقة العربية متخصص في بيع المنتجات اليهودية الحلال أو "الكوشير"، ويحمل المتجر الذي يقع في منطقة الصفا في إمارة دبي اسم "ريمون ماركت". لكن بعد أحداث قطاع غزة الأخيرة، لوحظ أنه نقل نشاطه إلى خدمة "الأونلاين"، ولا توجد معلومات مؤكدة حول ما إذا كان الأمر قد حدث تجنّباً لإثارة أي حساسية من قبل العرب، أو لأن عدد اليهود في الدولة لا يحتاج إلى أن يكون لديهم متجر كبير للتسوق المباشر، أو أن الأمور كلها صدفة.

قبل العام 2020، كان هناك فندقان في دبي وآخر في أبو ظبي تبيع في إحدى طوابقها مأكولات خاصةً بطائفة "الحريديم" المتديّنين، كذلك اتُّخذ من بعض الفيلات في منطقة الجميرا (دبي)، وبور دبي وعود ميثاء أو فيلات جزيرتي الريم والسعديات (في أبو ظبي)، أماكن للصلوات، ولكن بعد اتفاقية أبراهام بُني عدد كبير من الكنس داخل فيلات الحاخامات، وأصبح بالإمكان إقامة صلوات الجنازة والأفراح والتطهير وغيرها من المناسبات الدينية بشكل واضح، مع العلم أنّ في أبو ظبي رئيس جالية منفصل عن دبي، لكن رئيسَي الجاليتين يخضعان لتعليمات رئيس الطائفة.

وفي تصريح لرئيس الطائفة اليهودية في دبي، الحاخام إيلي عبادي، لصحيفة المونيتور، قال إنه "حتى الآن، لا يوجد معبد رسمي لليهود في الإمارات، لكن هناك حالياً إجراءات لبناء كنيس يهودي في مبنى منفصل". وتسمح حكومة الإمارات بإصدار تراخيص استئجار أماكن في الفنادق لإقامة الصلاة.

وفي عام 2021، تم افتتاح حضانة "ميني ميراكلز كوشر"، وهي خاصة بأطفال اليهود وتقع داخل فيلا خاصة في منطقة الجميرا في دبي. كما افتتح مركز الجالية اليهودية في الإمارات أبوابه عام 2021، بالإضافة إلى وكالة الإمارات لشهادة الكوشر أو أكل الحلال.

شاركت إسرائيل بجناحها ضمن فعاليات مؤتمر المناخ "كوب 28"، وتبرز فيه بشكل مباشر الحملة الدعائية التي تصف ما يحصل في إسرائيل بأنه "عمل إرهابي ومخطط لقتل أطفال إسرائيل"!

كذلك توجد خمسة متاجر للشريعة اليهودية في الدولة، تقع بمعظمها في فنادق محددة ليتمكن اليهود من شراء طعامهم منها، وهي متاجر داخل مطاعم خاصة بالطائفة ويزورها عادةً أناس من جنسيات وطوائف أخرى للاستكشاف.

الظهور اليهودي اختفى

قبل اتفاق أبراهام بسنوات، كان هناك وجود للإسرائيليين لكن من حملة الجنسيات الأخرى، لأن القانون الإماراتي كان يجرّم وقتها التعامل مع إسرائيل وفق ما كان يقال حينها، لكن هؤلاء اليهود لم يكونوا ليظهروا بالشكل العلني أمام العرب داخل المولات والمتاجر وغيرها من المرافق، ونتكلم تحديداً عن مظاهرهم الدينية، لكن غير ذلك لا يمكن لأي شخص بطبيعة الحال معرفة جنسية أي شخص مقيم في الدولة، أو ديانته.

ومن العام 2020، حتى مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، كان طبيعياً ومريحاً للإسرائيليين أن يعتزوا بأنفسهم ويفصحوا عن انتمائهم، سواء بالشكل أو عبر وضع علم بلادهم داخل سياراتهم، أو أحياناً على شرفات منازلهم، والتحدث بلغتهم داخل محطات المترو والمواصلات العامة وغيرها من الأماكن. لكن بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر، اختفت تلك المظاهر. مثال على ذلك عدم وجود أي مظهر لإسرائيلي داخل أكبر مقر ترفيهي في دبي "القرية العالمية"، حيث كان مقرراً أن يكون لإسرائيل جناح كبقية الدول المشاركة، إلا أن المشروع ألغي تماماً بعد الحرب على قطاع غزة.

من جهة أخرى، شاركت إسرائيل بجناحها ضمن فعاليات مؤتمر المناخ "كوب 28"، وكان لافتاً أن رئيسها إسحق هرتزوغ، زار الجناح يوم الجمعة في 2 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، وتبرز في الجناح بشكل مباشر الحملة الدعائية التي تصف ما يحصل في إسرائيل بأنه عمل إرهابي ومخطط لقتل أطفال إسرائيل، واللافت وجود عدد من الدميات المحشوة التي ترمز وفق مسؤول الجناح إلى الأطفال الذين خطفتهم حماس، حسب زعمه.

كما أن المسؤول نفسه، ويُدعى إيتاي شاهئير، لا ينفك يردد أمام كل زائر صحافي أو أي من الشخصيات السياسية والبيئية وغيرها (لأنه لا يحق لعامة الشعب دخول المنطقة الزرقاء المخصصة لأجنحة الدول المشاركة): "لم نكن نخطط في البداية للمشاركة في مؤتمر الأطراف هذا. لكننا قررنا أنه يتعين علينا استخدام هذا المنتدى للحديث عن الإرهاب الذي تمارسه حماس".

الجدير ذكره أنه بعد تطور الأوضاع الأمنية في قطاع غزة بأيام، وتحديداً في تاريخ 21 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، طلبت السفارات الإسرائيلية من رعاياها في بعض الدول ومن ضمنها الإمارات العربية المتحدة، مغادرتها فوراً، الأمر الذي أثار حفيظة واستياء بعض الإماراتيين معبّرين عن ذلك بشكل غير مباشر أو أقله بلهجة مخففة باعتبار أن بلدهم من أكثر الدول أمناً وسلاماً، ومن يكون على أرضه يكون في مأمن وحماية.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها…

لكن رصيف22، هو صوت الشعوب المضطهدة، وصوت الشجعان والمغامرين. لا نخاف من كشف الحقيقة، مهما كانت قبيحةً، أو قاسيةً، أو غير مريحة. ليست لدينا أي أجندات سياسية أو اقتصادية. نحن هنا لنكون صوتكم الحرّ.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها، ولكنك بضمّك صوتك إلينا، ستكون جزءاً من التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم.

في "ناس رصيف"، لن تستمتع بموقعنا من دون إعلانات فحسب، بل سيكون لصوتك ورأيك الأولوية في فعالياتنا، وفي ورش العمل التي ننظمها، وفي النقاشات مع فريق التحرير، وستتمكن من المساهمة في تشكيل رؤيتنا للتغيير ومهمتنا لتحدّي الوضع الحالي.

شاركنا رحلتنا من خلال انضمامك إلى "ناسنا"، لنواجه الرقابة والترهيب السياسي والديني والمجتمعي، ونخوض في القضايا التي لا يجرؤ أحد على الخوض فيها.

Website by WhiteBeard