شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
في مؤتمر المناخ كوب28... الأردن يسعى إلى مواجهة أزماته المركبة

في مؤتمر المناخ كوب28... الأردن يسعى إلى مواجهة أزماته المركبة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

بيئة ومناخ نحن والبيئة

الثلاثاء 12 ديسمبر 202304:45 م

ما بين التأثيرات الكارثية على الزراعة وتوافر المياه والصحة والسياحة وغيرها من القطاعات، وما بين استضافة ثاني أعلى نسبة لاجئين في العالم مقارنة مع عدد السكان، بوجود قرابة 730 ألف لاجئ على أراضيه، يحمل الأردن إلى مؤتمر المناخ الأخير في دبي كوب 28، جملة من الأزمات المركبة التي يسعى لطرح حلول بشأنها.

وقبل عام، وخلال مؤتمر المناخ كوب27 الذي استضافته مصر، لفت ملك الأردن عبد الله الثاني إلى ضرورة إعطاء أولوية الدعم للدول المستضيفة للاجئين، والتي تتعامل مع التغير المناخي واللجوء الذي يزيد من الضغط على الموارد المختلفة مثل الماء والطاقة وغيرهما، داعياً الدول المشاركة في المؤتمر للمصادقة على مبادرة "مترابطة المناخ واللاجئين" التي أعلن عنها آنذاك، وحملها الوفد الأردني معه خلال قمة المناخ لهذا العام بغية الإعلان عن إطار عملها.

وتشير دراسات إلى أن أهم تداعيات تغير المناخ على الأردن يتمثل في نقص الموارد المائية، إذ يحتاج السكان، بما فيهم اللاجئون، إلى نحو 1.4 مليار ليتر مكعب من المياه سنوياً ويصل العجز المائي إلى 500 مليون متر مكعب يعوض من خلال السحب الجائر للمياه الجوفية. كما يعاني البلد الذي يبلغ عدد سكانه قرابة 11 مليون نسمة، من ارتفاع في درجات الحرارة وزيادة التصحر وغيرها من الآثار البيئية الخطيرة. في حين أن مساهمته بانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري لا تزيد عن 0.06 بالمئة من الانبعاثات العالمية.

أطلق الأردن مبادرة "مترابطة المناخ واللاجئين"، وحملها معه خلال قمة المناخ لهذا العام بغية الإعلان عن إطار عملها.

وما تزال الإجراءات الوطنية والدولية قاصرة عن معالجة هذه التداعيات بالشكل المطلوب، ما يزيد من الأعباء الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي تتحملها كافة المجتمعات في الأردن بشكل يومي.

ما هي المبادرة؟

تنص المبادرة على عددٍ من البنود، ومن ضمنها أن الدول تعترف بأن الصراع يؤدي إلى زيادة النزوح القسري على مستوى العالم، وأن هنالك دولاً لديها معدلات عالية من اللاجئين مقارنة بنسبة السكان، ولا تزال توفر الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية على الرغم من الموارد المحدودة للبلد، والسياق الاقتصادي الصعب.

وتركز المبادرة على الحاجة الملحة لزيادة الدعم المالي والفني للبلدان المضيفة للاجئين، خاصة تلك البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، طالبةً من الموقعين تعزيز التعاون الدولي والتعاون المشترك لزيادة الدعم المالي والفني، بما يعزز التكيف والمرونة في البلدان المضيفة. ووفقاً للأمم المتحدة، فإن نحو ثلاثة أرباع اللاجئين حول العالم تستضيفهم دول متوسطة أو منخفضة الدخل.

ويقول مدير وحدة الاقتصاد الأخضر في وزارة البيئة جهاد السواعير لرصيف22، إن الدول الإسلامية والعربية، إضافة إلى بريطانيا وإسبانيا، أبدت دعمها للمبادرة، وإن سعي البلاد يتجه لجعلها مبادرة عالمية.

واقترح الأردن إنشاء منصة إلكترونية تتضمن معلومات تتعلق بما تقدمه كل دولة بهذا الصدد، للتأكد من التزام الدول بدفع تعهداتها المالية بشأن العمل المناخي لصالح دول نامية، وضمان اعتماد آلية لجهات يجري التوافق عليها رسمياً من الحكومات المختلفة.

تنص المبادرة على أن الدول تعترف بأن الصراع يؤدي إلى زيادة النزوح القسري، وأن هنالك دولاً لديها معدلات عالية من اللاجئين مقارنة بنسبة السكان، ولا تزال توفر الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية على الرغم من الموارد المحدودة للبلد، والسياق الاقتصادي الصعب

وفي اجتماع لوزارة البيئة الأردنية مع المتوجهين إلى المؤتمر الحالي قبل بدئه هذا العام، أكد وزير البيئة معاوية الردايدة أهمية المبادرة والحصول على دعم مالي للدول المستضيفة والتي تعاني من تداعيات التغير المناخي، وعاد ملك الأردن لطرح الموضوع وتأكيد ضرورة إعطائها طابعاً عالمياً، وأهمية إعطاء أولوية الدعم والاستثمار المرتبط بالمناخ للدول المستضيفة للاجئين.

وقالت وزيرة البيئة المصرية ياسمين فؤاد في تصريحاتٍ صحافية، إن بلادها تدعم المبادرة التي تعالج أحد أهم تداعيات تغير المناخ التي لا تحظى بالاهتمام الكافي، وبالتالي التقليل من المسؤوليات والأعباء الاقتصادية والمالية والاجتماعية الثقيلة الملقاة على عاتق البلدان المستقبلة للاجئين.

وأوضحت أنه لا يمكن تعريف الدعم المطلوب لهذه المبادرة على أنه مساعدة، وهو التزام على المجتمع الدولي لأداء واجباته للتخفيف من مخاطر العواقب الوخيمة الناجمة عن المناخ واللاجئين، فتعقيدات تغير المناخ وأزمات اللاجئين تسير في مسار متزايد، مما يؤدي إلى زيادة مخاطرها بشكل متبادل ومشترك، وزيادة مسؤوليات وأعباء البلدان المعنية.

اللاجئون والمناخ

في مقالٍ كتبه كبير خبراء مكافحة الفقر في مكتب شمال أفريقيا والشرق الأوسط في البنك الدولي باولو فيرمي، شرح أن المنظور الاقتصادي يتوقع نمواً إجمالياً في الناتج المحلي ودخل الأُسر في البلدان المضيفة بسبب تدفق اللاجئين، فيما تصاحب هذه الآثار الإيجابية عوامل خارجية سلبية وآثار توزيعية ستؤثر سلباً على الفئات الأكثر ضعفاً بين السكان المضيفين.

وأكد ضرورة إعطاء الأولوية لحماية الفئات الضعيفة ومساعدتها ومساندة الحكومات المضيفة في إدارة مسار مستدام لتحقيق التنمية الاقتصادية، قائلاً إن "من الأهمية اتخاذ المجتمع الدولي إجراءات فورية تستهدف المجتمعات المضيفة، إلى جانب التركيز على الفئات الأكثر ضعفاً للحيلولة دون تحوّل الأزمات الإنسانية قصيرة الأجل إلى تحديات إنمائية طويلة الأجل".

البنية التحتية للبلاد غير جاهزة لكوارث التغير المناخي، كما أن الضغط يزيد عليها نتيجة الانفجار السكاني.

وتوضح لرصيف22 الرئيسة التنفيذية لجمعية "أرض السنديان للتنمية البيئية" أمل غوانمة أن الوزارات قدمت استراتيجيات وطنية بغية الاستجابة للمبادرة، فالبنية التحتية للبلاد غير جاهزة لكوارث التغير المناخي، كما أن الضغط يزيد عليها نتيجة الانفجار السكاني.

وتضيف أن الموارد الطبيعية من مياه ومنتج زراعي تعاني من تدهور كبير، إضافة إلى أن حصة الفرد في الأردن من المياه هي من ضمن الأقل عالمياً، ومشاركة اللاجئين بهذه الحصة هو مؤشرٌ ينذر بخطر أمني واجتماعي.

وتؤكد غوانمة أن المساحات الزراعية في الأردن سوف تتراجع في السنوات المقبلة، نتيجة توقع موجات الجفاف، وهو ما سيؤثر على الأمن الغذائي وسيشكل تهديداً حقيقياً، قائلةً إن هذا سيحدث "خاصة مع تراجع المنظمات الدولية والمجتمع الدولي عموماً عن دوره في رعاية اللاجئين التي تعد مسؤوليتهم بشكلٍ كامل".

الرقابة ضرورية

يقول الناشط البيئي عمر خمايسة رصيف22 إنه من الضروري تشكيل فريق شبابي أردني ليكون رقابياً على التمويل الذي ستحصل عليه الدولة، في حال تمت الموافقة على إنشاء صندوق تابع للمبادرة من أجل دعم الدول المستضيفة للاجئين، قائلاً إن التخوف يكمن في عدم إنفاق التمويل بمكانه المناسب من قبل الدولة في حال إقرار المبادرة.

فيما طالب الأردن في أكثر من مرة خلال المناقشات، تحصيل أموال مترابطة المناخ واللاجئين على شكل منح لا قروض، حتى لا تشكل عبئاً إضافياً مالياً على كاهل الدول المتأثرة من تبعات التغيرات المناخية.

ويشارك الأردن في المؤتمر هذا العام، حاملاً معه ملفات ومبادرات أخرى، مثل إعطاء الأولوية للفئات الأكثر ضعفاً، وتفعيل صندوق التعلم والتطوير كأحد عناصر التطور، ودعم البلدان النامية فنياً ومالياً، والتعافي الاقتصادي الأخضر، وملف التمويل.

من الضروري تشكيل فريق شبابي أردني ليكون رقابياً على التمويل الذي ستحصل عليه الدولة، في حال تمت الموافقة على إنشاء صندوق تابع للمبادرة من أجل دعم الدول المستضيفة للاجئين، والتخوف يكمن في عدم إنفاق التمويل بمكانه المناسب من قبل الدولة

وحث الدول وخاصة المتقدمة منها على الإيفاء بالتزاماتها المنبثقة عن الاتفاقية الإطارية واتفاق باريس، مع المحافظة على تعزيز الثقة بين الدول المتقدمة والدول النامية من خلال عدة محاور، أهمها تأكيد أهمية الالتزام بهدف مضاعفة التمويل المناخي المعني بالتكيف مع آثاره.

وقال الرئيس التنفيذي لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض في تصريحات صحافية إن بإمكان المجتمع الدولي أن يدعم الأردن من خلال تشجيع الاستثمار، وبخاصة في القطاعات ذات الإمكانات العالية لخلق فرص العمل. وأشار إلى إمكانية تحقيق ذلك من خلال توفير الحوافز المالية والمساعدات الفنية وتشجيع الشراكات بين الشركات المحلية والدولية.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ما أحوجنا اليوم إلى الثقافة البيئية

نفخر بكوننا من المؤسّسات العربية القليلة الرائدة في ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺇﺫﻛﺎﺀ ﺍﻟﻮﻋﻲ البيئيّ. وبالرغم من البلادة التي قد تُشعرنا فيها القضايا المناخيّة، لكنّنا في رصيف22 مصرّون على التحدث عنها. فنحن ببساطةٍ نطمح إلى غدٍ أفضل. فلا مستقبل لنا ولمنطقتنا العربية إذا اجتاحها كابوس الأرض اليباب، وصارت جدباء لا ماء فيها ولا خضرة.

Website by WhiteBeard
Popup Image