انتهت الأيام السبعة الأولى من مؤتمر الأطراف للعمل المناخي كوب28 الذي انطلق في الثلاثين من تشرين الثاني/ نوفمبر في دبي، بمجموعة من القرارات والأحداث التي وصف بعضها بأنه "تاريخي" والآخر بأنه "جدلي".
بدأ المؤتمر على وقع تحذيرات الأمين العام للأمم المتحدة من أن العالم يعيش "انهياراً مناخياً حقيقياً"، وتقارير أممية تفيد بأن العام الحالي 2023 هو الأكثر سخونة على مر التاريخ، وفي الوقت ذاته وسط تقارير تفيد بأن العديد من الحكومات تعتزم زيادة إنتاجها من الوقود الأحفوري في السنوات المقبلة، في حين أن المطلوب تخفيف انبعاثات الغازات الدفيئة للنصف خلال العقد المقبل في حال أردنا تجنب الكارثة الحقيقية.
كما أن المؤتمر شهد قبيل انعقاده جملة من الانتقادات لكون الإمارات على رأس الدول المنتجة للنفط عالمياً، ولتعيينها لرئاسته أحد أبرز الأسماء في قطاع النفط في البلاد، إلى جانب سجلها المتعلق بحقوق الإنسان وتقييد تحركات المجتمع المدني. وظهرت دعوات لمقاطعة المؤتمر مع تصاعد عنف الأحداث في فلسطين وقطاع غزة.
بدأ المؤتمر على وقع تحذيرات الأمين العام للأمم المتحدة من أن العالم يعيش "انهياراً مناخياً حقيقياً".
ولم يشارك الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الصيني شي جينبينغ في أعمال المؤتمر، مع العلم أن كل من الولايات المتحدة الأمريكية والصين مسؤولتان عن أكثر من ثلث انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على مستوى العالم.
إليكم بعضاً من المحطات التي شهدها الأسبوع الأول من كوب28.
صندوق الخسائر والأضرار
افتتح المؤتمر بإعلان رئيسه سلطان الجابر عن قرار تنفيذ صندوق الخسائر والأضرار، وهو صندوق يعوّض الدول النامية عن أضرار التغيرات المناخية مثل موجات الجفاف والفيضانات والعواصف، بتمويل من الدول الغنية الأكثر تسبباً بالانبعاثات، وقد وُصف الإعلان بمثابة "الإنجاز الكبير". وكأول مساهمة، موّلت الإمارات الصندوق بمئة مليون دولار.
وحتى اليوم السابع من كوب28، وصل مجموع تعهدات الدول بالمساهمة في الصندوق إلى نحو 700 مليون دولار، وهو ما يشكل أقل من 0.2 بالمئة من الخسائر التي يقدر بأن الدول النامية تكبدتها جراء ظاهرة الاحتباس الحراري، وهي خسائر لا يمكن إصلاحها. وبلغت مساهمة الولايات المتحدة في الصندوق 17.5 مليون دولار فقط، في حين أنها البلد الأسوأ تاريخياً من حيث التسبب بانبعاثات غازات الاحتباس الحراري. كما أن بعض هذه التعهدات ليس جديداً وإنما أقرته دول من تعهدات سابقة لها بتمويل المناخ.
تعود فكرة إنشاء الصندوق لعقود ماضية، وقد تم التوافق على تأسيسه في نهاية مؤتمر الأطراف الفائت كوب27 الذي عقد في مصر. وما زالت المحادثات جارية بشأن آلية عمل الصندوق وتفعيله، وإن كانت الأموال ستمنح على شكل قروض أو منح أو مزيج من الاثنين.
إلى جانب صندوق الخسائر والأضرار، أُعلن عن صناديق أخرى، منها صندوق الحلول المناخية بقيمة 30 مليار دولار، كما اتخذت قرارات جديدة منها إعطاء الأولوية للزراعة والغذاء ضمن الخطط الوطنية للمناخ على مستوى الدول، وهو ما وافقت عليه أكثر من 130 دولة.
التقييم العالمي الأول بعد اتفاقية باريس
تردد كثيراً في الأسبوع الأول من كوب28 مصطلح "التقييم العالمي Global Stocktake"، الذي يهدف إلى تقييم شامل للتقدم الذي أحرزه العالم بعد ثماني سنوات من اتفاقية باريس 2015، وهي اتفاقية مفصلية في تاريخ العمل المناخي، تهدف إلى الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وارتفاع الحرارة عالمياً إلى ما دون 1.5 درجة عن عصر ما قبل الصناعة، وانضمت للاتفاقية حتى اليوم 193 دولة إلى جانب الاتحاد الأوروبي.
وتبادل القادة في الوفود المفاوضة وجهات نظرهم وتوقعاتهم بشأن نتائج التقييم العالمي، وعقدت فعاليات بهذا الخصوص أشارت إلى ضرورة التخفيف أكثر من انبعاثات الغازات الدفيئة، وزيادة التمويل والقدرة على التكيف مع آثار التغير المناخي.
وسيتم التفاوض على نتائج التقييم العالمي خلال الأسبوع الثاني من كوب28، لمعرفة الفجوات وأوجه القصور واقتراح كيفية معالجتها والجهود التي يتعين بذلها لتحقيق الأهداف المناخية. وتعتبر نتائج هذه العملية جوهرية للحكم على المؤتمر برمته، إذ إنه التقييم العالمي الأول الذي سيبين مدى التزام الدول بالعمل المناخي وبتخفيض انبعاثاتها، وهو أمر لا يبدو بأنه يسير وفق المأمول حتى الآن.
حتى اليوم السابع من كوب28، وصل مجموع تعهدات الدول بالمساهمة في صندوق الخسائر والأضرار إلى نحو 700 مليون دولار، وهو ما يشكل أقل من 0.2 بالمئة من الخسائر التي يقدر بأن الدول النامية تكبدتها جراء ظاهرة الاحتباس الحراري
جماعات الضغط التابعة لشركات الوقود
بلغ عدد حضور مؤتمر المناخ لهذا العام قرابة 80 ألف شخص، ما بين وفود رسمية وخبراء وناشطين وصحافيين وغيرهم، وهو أكبر عدد للمشاركين في مؤتمرات المناخ منذ بدء انعقادها. ومن بين هذا الحضور، نطالع رقماً وصف بأنه "قياسي"، وهو لجماعات الضغط التابعة لشركات الوقود الأحفوري.
وقد أفاد تحالف "اطردوا كبار الملوثين" المؤلف من أكثر من 400 منظمة غير حكومية، بأن 2456 شخصاً من أعضاء جماعات الضغط التابعة لشركات الوقود مشاركون في المؤتمر، في حين أن هذا العدد كان نحو 630 شخصاً في كوب27 في مصر، و500 شخصاً في كوب26 في اسكتلندا. ويفوق عدد أعضاء هذه الجماعات في المؤتمر الحالي عدد مندوبي الدول العشر الأكثر عرضة لتأثيرات التغير المناخي.
ويتخوف ناشطون من أن هذا يعني بأن كبار الملوثين في العالم يستخدمون مؤتمرات الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ لتعزيز أجندتهم بمجال إنتاج الوقود الأحفوري، على حساب المجتمعات الأكثر ضعفاً وتأثراً بالكوارث المناخية.
تصريحات وردود
لم يخلُ الأسبوع الأول من كوب28 من تقارير مسربة وتصريحات جدلية وردود على هذه التصريحات.
بداية، نشرت بي بي سي تحقيقاً قبيل انعقاد المؤتمر بيومين، تحدث عن وثائق مسربة تشير إلى نية الإمارات العربية المتحدة استخدام دورها كمضيف للمؤتمر لإبرام صفقات نفط وغاز جديدة مع 15 دولة منها مصر وألمانيا والصين، وقالت إن الفريق الإماراتي لم ينفِ استخدام اجتماعات كوب28 لإجراء محادثات اقتصادية.
وفي اليوم التالي نفى رئيس القمة سلطان الجابر ما ورد في التقرير مشيراً إلى أنه يهدف لتقويض رئاسته للمؤتمر، واصفاً ما ورد فيه بأنه "ادعاءات كاذبة وغير صحيحة وغير صادقة وغير دقيقة".
من جهة أخرى، أثارت تصريحات للجابر أيضاً عن "عدم وجود علم يدعم مطالب التخلص من الوقود الأحفوري من أجل الحد من ارتفاع الحرارة إلى ما دون حاجز 1.5 درجة" جدلاً كبيراً قبل المؤتمر بأيام، ليعود ويشير في اليوم الخامس من أعمال المؤتمر إلى أنه "يؤمن بالعلم ويحترمه جداً، وأنه لا مفر من التخلص التدريجي من الوقود، لكن علينا أن نكون جادين وعمليين".
أفاد تحالف "اطردوا كبار الملوثين" بأن 2456 شخصاً من أعضاء جماعات الضغط التابعة لشركات الوقود مشاركون في المؤتمر، وهو ما يفوق عدد مندوبي الدول العشر الأكثر عرضة لتأثيرات التغير المناخي، ما يعني أن منتجي الوقود يستخدمون المؤتمر لتعزيز أجندتهم
تحركات لأجل غزة
شهد الأسبوع الأول من كوب28 وخاصة في المنطقة الزرقاء التي يجتمع فيها الزعماء والمفاوضون والوفود الرسمية، تحركات ومظاهرات تطالب بوقف إطلاق النار في غزة، وإنهاء الحرب تماماً، بعضها خرج بالقرب من الجناح المخصص لإسرائيل في المؤتمر.
وهتف المشاركون لفلسطين حرة وقرأوا أسماء عدد من الشهداء وأعمارهم، كما طالبوا المشاركون بالعدالة المناخية وإنهاء الاستعمار المناخي، معتبرين بأنه لا يمكن تحقيق أي نوع من العدالة المناخية في ظل وجود احتلال واستعمار في أي مكان من العالم. ونُظمت هذه التحركات من قبل منظمات مجتمع مدني مثل غرينبيس أو من قبل أفراد.
إلى جانب ذلك، ارتدى العديد من المشاركين في المؤتمر الكوفية الفلسطينية، وألبسة وإكسسوارات عليها رموز وعبارات وشعارات مؤيدة لفلسطين، كما وزعت أشرطة تستخدم لتعليق الاسم وصفة الحضور، ملونة بألوان العلم الفلسطيني مع كلمة "تضامن solidarity".
ضمن نفس السياق، وفي اليوم الثاني من المؤتمر وهو اليوم الذي شهد انهيار الهدنة المؤقتة في غزة، انسحب الوفد الإيراني احتجاجاً على وجود ممثلين لإسرائيل ضمن الوفود المشاركة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ يومتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 3 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ 6 أيامأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه