حط سرب من طيور النحام الأحمر "الفلامنجو" في حوض ملحي في نقطة التقاء البحر الأبيض المتوسط بقناة السويس شرق مدينة بور فؤاد، لتتحول تلك المنطقة إلى مزار سياحي مع توافد أفواج المصورين المهتمين بالسياحة البيئة، دفع هذا السلطات المصرية في المقابل إلى تشديد الحماية على تلك المنطقة وهذه الطيور التي كانت تتعرض سنوياً للاحتجاز والتجارة في السوق السوداء. وقالت هيئة تنشيط السياحة المصرية في نهاية الأسبوع الماضي إنها تعتزم "اقتناص حصة من بيزنس سياحة الطيور المهاجرة".
الطريق إلى ملاحات بور فؤاد يمر بمعديات قناة السويس ببورسعيد، مما يجعلها فرصة أخرى لمراقبة طائر النورس الذي يلجأ لقناة السويس خلال هجرته في فصل الشتاء، لتتحول المعدية من وسيلة انتقال بين ضفتي القناة، إلى رحلة إطعام طيور النورس بالخبز، وما عليك إلا إلقاء فتات الخبز في الماء حتى يلتف حولك سرب نورس كبير في مغامرة سياحية صارت تجتذب زائرين كثيرين لبورسعيد من محبي السياحة البيئية.
توافد أفواج المصورين المهتمين بالسياحة البيئة، دفع السلطات المصرية إلى تشديد الحماية المحميات والطيور التي كانت تتعرض سنوياً للاحتجاز والتجارة في السوق السوداء. أملاً في "اقتناص حصة من بيزنس سياحة الطيور المهاجرة"
الفلامنجو والنورس نوعان من أشهر الطيور المهاجرة التي تصل إلى مصر ضمن مسار الهجرة بين أوروبا وأفريقيا في فصل الخريف والعودة خلال فصل الربيع، رصد خلالها 500 نوع من الطيور بحسب الدكتور حسين رشاد مدير محمية أشتوم الجميل بمدينة بورسعيد.
يقول رشاد لرصيف22: "تتواجد الطيور المهاجرة في مصر بدءاً من فصل الخريف في أكتوبر (تشرين الأول) وحتي مارس (آذار)، ويُستَغَل هذا الموسم للترويج لأنواع جديدة من السياحة البيئية خاصة للنشطاء البيئيين والهواة، وتعبر الطيور من خلال أربع مسارت تمر بطول مصر تتقاطع بورسعيد ضمن المسارين الثاني والثالث منها، لهجرة أنواع مختلفة من الطيور منها المائية كالنورس والخواضات كالفلامنجو والشجرية وبعض الجوارح، ويعد طائر الفلامنجو من أهم الطيور التى تمر على المحمية وتشتي بها (أي تظل فيها خلال فترة الشتاء)، خاصة في ملاحات الماكس في جنوب شرق بورفؤاد، وكذلك ببحيرة الملاحة شرق تفريعة بورفؤاد. ورصدنا بالمدينة 25 نوعاً من الطيور أشهرها الفلامنجو ببحيرات بورفؤاد، وبط الكيش والبجع والسمان والنورس أكثر الطيور اقتراباً من البشر مع معدية قناة السويس".
وبدأت الحكومة المصرية بدعم سياحة "مراقبة الطيور"، حيث أطلقت محافظة بورسعيد مهرجاناً لتصوير ورصد الطيور ببحيرات بورفؤاد ومحمية أشتوم الجميل، بالإضافة إلى محمية رأس محمد بشرم الشيخ، وبحيرة قارون بالفيوم وبحيرة ناصر بأسوان.
السياحة البيئية تجذب اهتمام زوار أجانب كثر، أضافوا مدينة بورسعيد لبرنامج زيارتهم لمشاهدة الطيور، وساهم في دعم السياحة البيئية عملية تطوير بحيرة المنزلة التي أطلقتها الدولة قبل 5 أعوام
يضيف رشاد لرصيف22: "في العام الماضي خلال النسخة الأولى من مهرجان مشاهدة الطيور، استقبلت المحمية 5 آلاف زائر ونتوقع زيادة العدد هذا الموسم، خاصة مع زيادة اهتمام الشركات بالسياحة البيئية والترويج للمحميات كمزار جديد لعملائها ونلفت إلى وجود 800 زائر للمحمية في اليوم الأول للمهرجان".
وأشار رشاد إلى أن السياحة البيئية تجذب اهتمام زوار أجانب كثر من جنسيات اليابان والإنجليز والولايات المتحدة تصادف وجودهم في مصر، وأضافوا مدينة بورسعيد لبرنامج زيارتهم لمشاهدة الطيور، وساهم في دعم السياحة البيئية عملية تطوير بحيرة المنزلة التي أطلقتها الدولة قبل 5 أعوام، وساهم التطوير في تعميق بحيرة المنزلة، مما ساعد في إمكانية إبحار قوارب سياحية صغيرة أكبر من قوارب الصيد العادية المعروفة بالبحيرة، إلا أن المشروع ذاته أزال جزرا ضحلة بالبحيرة أثرت على بيئات الطيور التي لجأت إلى ضفاف البحيرة ليصبح الشاطئ هو ملاذ الطيور وسط أعواد نبات البوص".
اهتمام غير مرغوب فيه
يجذب الإعلان عن تجمعات الطيور المهاجرة اهتماماً غير مرغوب به من صيادين غير شرعيين، وقال بيان صحافي لوزارة البيئة إنها أعادت إطلاق 60 طائر فلامنجو ضبطها قوات حرس الحدود داخل سيارة نقل بمدخل نفق بورسعيد.
وأضاف البيان "أن محمية أشتوم الجميل قامت باستلام الطيور وإعادة إطلاقها في أكبر تجمع لطائر الفلامنجو في بورسعيد في ملاحة بور فؤاد التابعة لشركة المكس للملاحات".
ووقعت مصر على اتفاقيات الدولية لصون الطيور المهاجرة "سي أم أس" والاتفاقية الدولي الأفريقية الأورو آسيوية لصون الطيور المائية المهاجرة "أيوا" واتفاقية رامسار لصون الأراضي الرطبة ومشروع صون الطيور الحوامة في مصر.
وفي بيان صدر في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قالت وزارة البيئة إن محمية أشتوم الجميل ضبطت شباك صيد غير قانونية بالمحمية وأطلقت صقر العوسق كان عالقا في الشباك وتحرير الصقر وتوفير الرعاية الصحية والتأكد من قدرته على مواصلة حياته في بيئته الطبيعية وإطلاقه.
تصدر وزارة البيئة قرار لتنظيم الصيد وتحديد الأنواع المسموح بصيدها وفترات الصيد، لكن الصيادين يخالفون القوانين، وحسب إحصائيات وزارة البيئة بحيرة ناصر تحددت كأكثر المناطق المنتشر فيها الصيد غير القانوني
وأشار البيان إلى إعادة بجعة البيضاء الكبيرة سبق ضبطها بمطعم لبيع الأسماك بمدينة بورسعيد، إلى البحيرة بعد توفير الرعاية الطبية والغذائية لها لمدة شهرين لاستعادة قدرتها الحيوية.
وفي بيان مماثل رحبت الجمعية المصرية لحماية الطبيعة بقرار وزارة البيئة المصرية بمنع صيد الطيور في بحيرة ناصر باعتبارها منطقة محظورة كواحدة من أهم المناطق إيواء الطيور المهاجرة. وقالت الجمعية في بيانها "تستقبل البحيرة كل عام عدد كبير من هواة الصيد في أوروبا، الذين يزورون البحيرة بالمراكب في مواسم هجرة الطيور، لاصطياد الطيور المهددة بالانقراض".
وأضافت "رغم إن كل سنة وزارة البيئة تصدر قرار لتنظيم الصيد وتحديد الأنواع المسموح بصيدها وفترات الصيد، لكن الصيادين يخالفون القوانين، وحسب إحصائيات وزارة البيئة بحيرة ناصر تحددت كأكثر المناطق المنتشر فيها الصيد غير القانوني، ولكن الجمعية المصرية لحماية الطبيعة استطاعت الضغط للحصول على قرار بوقف الصيد في البحيرة لمدة أسبوعين. وهذا العام قررت وزارة البيئة عدم تضمين بحيرة ناصر في قرار تنظيم الصيد السنة دي واعتبارها منطقة محظورة وممنوع الصيد فيها نهائيا. ودي بتعتبر فرصة هايلة للإقبال على زيارة البحيرة والمشاركة في رحلات السياحة البيئية ومشاهدة الطيور هناك، والمساعدة في توفير فرص عمل بديلة لأصحاب المراكب وشركات السياحة والسكان المحليين".
بحيرة ناصر هي واحدة من أهم مناطق تواجد الطيور في مصر، لكن في السنوات الأخيرة مثلت واحدة من أخطر الأماكن على الطيور. ومن سنة 2015 إلى 2017، أجرت الجمعية المصرية لحماية الطبيعة دراسة لرصد وتقدير حجم ممارسات الصيد غير القانوني وحددت بحيرة ناصر كإحدى أكثر المناطق المنتشر فيها الصيد الجائر.
ويكمل البيان "في 2018، طالبت الجمعية بوقف الصيد في بحيرة ناصر لمدة أسبوعين، واستغلال الفترة لإجراء دراسة متمثلة في الرصد والعد الشتوي للطيور المائية. وبالتعاون مع المحميات الطبيعية في المنطقة الجنوبية، شاركت الجمعية في إجراء دراسة لحصر حجم الصيد في البحيرة في موسم 2022-2023، ورصدت 15 رحلة صيد سياحي كان متوسط طول الرحلة 14 يوما ووصل إجمالي الصيادين فيهم إلى 78 فرداً".
طفرة اهتمام بيئي
عمرو عبد الهادي، باحث بيئي متخصص في المحميات الطبيعية حسب منصبه السابق في وزارة الدولة للبيئة في مصر، متفرغ حاليا لإدارة شركة للسياحة البيئية ومراقبة الطيور بمحافظة أسوان جنوب مصر، يقول لرصيف22: "الوضع أفضل كثيراً الآن مع زيادة أعداد المصريين المهتمين بالطيور، فقبل عشرة أعوام كان يمكن حصر أعدادهم على أصابع اليد، ولكن مع تطور تكنولوجيا التصوير الفوتوغرافي فتح المجال أمام هواية مراقبة وتصوير الطيور، وأغلب المهتمين بالطيور حالياً هم مصورين راغبين في تجربة مجال جديد، ويتحول التخصص في تصوير الطيور إلى اهتمام بحركة الطيور والحياة البرية ورحلات السياحة البيئية".
تعاني الطيور ببحيرة ناصر ونهر النيل بسبب التلوث البيئي وإزالة الجزر الضحلة ونباتات البوص بها، ومعها تفقد الطيور أماكن مثالية للتكاثر بالنسبة للطيور المقيمة وأيضاً المهاجرة التي تضطر للبحث عن أماكن جديدة لإقامة أعشاشها بحسب عبد الهادي
ينظم عبد الهادي هذا النوع من الرحلات في مدينة أسوان، وهي واحدة من أكثر المحافظات جذباُ للطيور في مسار الهجرة إلى أفريقيا. يقول: "أعمل في مجال الرصد البيئي ودراسات حياة التماسيح والطيور ببحيرة ناصر منذ مدة طويلة، ولكن في عام 2019 بدأت في تنظيم رحلات وتدريبات لمراقبة ومشاهدة الطيور في المنطقة بين السد العالي وخزان أسوان حيث تتجمع الطيور المهاجرة، إضافة إلى أحواض الصرف الصناعية مع مشروعات الصرف الجديدة حيث تتكون أحواض ترابية تتحول تدريجيا إلى ملاذ للطيور، وكذلك في الغابات التي تزرع بجوار هذه الأحواض، مما يجعل موسم هجرة الطيور فرصة جيدة للترويج لنوعية السياحة البيئية، ومن المهم أيضا مراقبة الطيور ودراسة حالتها كنقطة مهمة، فوجود الطيور في بيئة معينة دليل على صحة هذه البيئة والعكس صحيح؛ اختفائها يعد مؤشراً سيئاً، لأن الطيور لها دور في التوازن البيئي".
وتعاني الطيور ببحيرة ناصر ونهر النيل بسبب التلوث البيئي وإزالة الجزر الضحلة ونباتات البوص بها، ومعها تفقد الطيور أماكن مثالية للتكاثر بالنسبة للطيور المقيمة وأيضاً المهاجرة التي تضطر للبحث عن أماكن جديدة لإقامة أعشاشها بحسب عبد الهادي.
يساهم عبد الهادي في مشروعين أساسيين مع وزارة البيئة، الأول تنظيم تدريبات متخصصة في مراقبة الطيور وتوفير معدات للمشاهدة وبالتالي المشاركة في مشروع العد الشتوي للطيور، ويقول: "قبل خمسة أعوام تقريباً، كان كل المشاركين في مبادرات العد الشتوي للطيور هم موظفين بوزارة البيئة فقط، ولكن مع زيادة المهتمين بالبيئة والطيور أصبح يشارك أعدادٌ كبيرة من المتطوعين في عملية العد، بعد تدريبهم على تقنيات الرصد وتصنيف الطيور وأنواعها".
ويضيف أن المشروع الثاني هو" الغلق عند الطلب "، ضمن مبادرة صون الطيور الحوامة، بمراقبة أسراب الطيور بأماكن توربينات الرياح لتوليد الكهرباء جنوب غرب خليج السويس عند رؤية أسراب طيور بأعداد على ارتفاعات معينة حتى تعبر منطقة التوربينات.
يشكو عدد غير قليل من هواة تصوير الحياة البرية من مضايقات أمنية، وأخرى يتعرضون لها من مواطنين غير محسوبين على الأجهزة الأمنية، خاصة أن مصوري الطيور يستخدمون عدسات ذات بعد بؤري كبير وطويلة نسبياً ما يجعلها مثيرة لريبة رجال الأمن رغم أنهم يتحركون بتصاريح للتصوير من وزارة البيئة
يشرح عبد الهادي خط سير الهجرة من أوروبا وشرق آسيا باتجاه وسط وجنوب أفريقيا، ونوع آخر من الهجرة العرضية، من الغرب إلى الشرق بالإضافة إلى هجرات المرتفعات، إذ تترك الطيور مناطق إقامتها بالمناطق المرتفعة كالجبال لمناطق بأسطح منخفضة، بالإضافة إلى أنواع من الطيور تتخذ مصر كممر للهجرة ولا تهبط عليها.
اليقظة الأمنية تهدد السياحة البيئية
يعتبر أحمد رمضان نفسه أحد المصورين الذين تحولوا إلى نشطاء بيئيين، بعدما اتجه للتخصص في تصوير الطيور منذ عامين، ويقول "أفضل أن أصف نفسي بأني محب للحياة البرية، حيث تحولت هواية التصوير إلى نشاط للحفاظ على الحياة البيئية ورصد الطيور وأماكن تجمعها والأخطار المعرضة لها، في محاولة للحفاظ عليها كجزء هام في التوازن البيئي".
ويضيف: "نتجمع كمصورين هواة للطيور في أكثر من مناسبة، وزاد عددنا حتى استطعنا تأسيس جمعية مصوري والحياة البرية ومقرها بمدينة بورسعيد لتوحيد جهود المصورين لرصد الطيور والحياة البرية عموماً".
يشكو رمضان وعدد غير قليل من هواة تصوير الحياة البرية من مضايقات أمنية، وأخرى يتعرضون لها من مواطنين غير محسوبين على الأجهزة الأمنية "الناس بتخاف من معدات التصوير"، خاصة أن مصوري الطيور يستخدمون عدسات ذات بعد بؤري كبير وطويلة نسبياً "ما يجعلها مثيرة لريبة رجال الأمن الذين كثيراً ما يتدخلون لوقف عمل المصورين برغم أنهم يتحركون بتصاريح للتصوير من وزارة البيئة في المحميات أو مناطق تجمع الطيور".
ويقول: "كان من المدهش أن أشارك في مهرجان بمدينة بورسعيد وأتحرك في الشوارع والبحيرة بكاميرا وأيضاً بصحبة محافظ المدينة دون مضايقات".
وأضاف" نريد إيصال فكرة أن مصور الطبيعة جزء من المجتمع ويقوم بدور حيوي في الحفاظ على البيئة والحياة الطبيعية في مصر".
مطالب رمضان دعمتها ورقة عمل قدمها المستشار محمد هاني رئيس جمعية مصوري الحياة البرية في مهرجان بورسعيد لمراقبة الطيور، حيث طالب في مذكرة اطلع عليها رصيف22، بالاهتمام بالبيئة الطبيعية للطيور التي تعاني من مخاطر أثناء رحلتها أكثر من أي وقت مضى من كوارث مناخية ومشاريع تنمية تتسارع وتيرتها على نحو غير مسبوق يوماً بعد يوم.
وقال المستشار محمد هاني "نتطلع للعمل سوياً على تغيير الفكر الملتبس بهواية التصوير ومراقبة الطيور وإحداث تحول هيكلي في القوانين والتشريعات التي تنظم آليات العمل الحكومي وتيسير عمل المصورين وأيضاً قوانين أكثر تأثيراً في تجريم الأفعال التي تضر الطيور والكائنات الحية والبيئية على حد سواء.
وأضاف "هذا لن يأتي إلا بجسور من الثقة المتبادلة بين الدولة ومصوري البيئة والحياة البرية والإيمان بالأهداف السامية التي يرمون إليها ويمارسون هواياتهم من أجلها رغم ما يعانونه من مخاطر أمنية ومادية، ونطالب باتخاذ إجراءات جادة وملموسة لتطبيق نموذج تنموي مستدام لتنمية السياحة البيئية وفي القلب منها سياحة مشاهدة وتصوير الطيور والتوعية بسلامة وأمان أماكن تجمعات الطيور المهاجرة".
أماكن تجمع الطيور في بورسعيد هي بحيرة شرق التفريعة وملاحة وحديقة المنتزة ببور فؤاد ومحمية أشتوم الجميل ببحيرة المنزلة، ولكن أعمال تطوير بحيرة شرق التفريعة وتحويلها إلى مزارع سمكية، اضطرت الطيور إلى الانتقال إلى بحيرات الملح، وهي بيئة مناسبة أكثر لطيور الفلامنجو لتتجمع بشكل أكبر من المعتاد ولافت للأنظار
يعتبر علاء الديب نفسه محظوظاً كونه يسكن بمدينة بورسعيد، حيث ساعده العمل كمصور منذ عام 2010، على رصد هجرة طيور الفلامنجو إلى بورفؤاد، واشتهرت صوره المنشورة على صفحته في فيس بوك، في جذب هواة التصوير إلى المدينة.
ويقول الديب "بورسعيد مكان مثالي لتجمع طيور مهاجرة كثيرة أشهرها الآن النورس والفلامنجو، كما أن قرب بحيرة بورفؤاد من المنازل ساعد على أن تكون وجهة سياحية جديدة بشكل بيئي".
بدأ اهتمام الديب بالطيور منذ أربعة أعوام، ويلفت إلى اهتمام المصورين بإلتقاط صورا مختلفة وجديدة؛ حول مدينة بورسعيد لوجهة سياحية بيئية، خاصة هواة رحلات اليوم الواحد، ويساعدهم مساحة المحافظة الصغيرة نسبياً حيث يستطيع زوارها زيارة أكثر من ستة مزارات في اليوم الواحد، خاصة وأن منطقة تجمع طيور الفلامنكو في الأساس هي بحيرات صناعة الملح في بورفؤاد وتحولت الشركة كلها لمزار سياحي للتصوير على جبال الملح التي تشبه الثلج.
ويضيف" أفضِّل التصوير دائماً مع الفجر لأن الفلامنجو يهرب من الماء مع حركة البشر والطرق حوله، "لذا ينصح مصوري الطيور أن لا يرتدوا ملابس بألوان لافتة والخروج في مجموعات صغيرة والحفاظ على الهدوء الشديد وقت التصوير".
يبدأ علاء الديب هوايته في تصوير الطيور مع أول ضوء في النهار، حيث تنتشر الطيور قبل حركة الناس في الشوارع التي تدفع الطيور إلى التحرك نحو عمق البحيرة حيث يصعب تصويرها.
تبذل جمعيات مهتمة بالحفاظ على البيئة جهودا لإدراج بحيرات الملح كمحمية طبيعية، بدأت بدراسة أعدها واتر البحري رئيس لجنة المحميات الطبيعية بجمعية أصدقاء البيئة ببورفؤاد قدمها عام 2007 إلى وزارة البيئة، تحول بعدها إلى باحث وناشط بالجمعية المصرية لحماية الطبيعة.
يقول واتر لرصيف22: "أماكن تجمع الطيور في بورسعيد هي بحيرة شرق التفريعة وملاحة وحديقة المنتزة ببور فؤاد ومحمية أشتوم الجميل ببحيرة المنزلة، ولكن أعمال تطوير بحيرة شرق التفريعة وتحويلها إلى مزارع سمكية، اضطرت الطيور إلى الانتقال إلى بحيرات الملح، وهي بيئة مناسبة أكثر لطيور الفلامنجو لتتجمع بشكل أكبر من المعتاد ولافت للأنظار".
ويضيف "تختلف مواسم الهجرة، ويحدد شكل الدورة كل خمس سنوات، إذ ترتفع أو تقل أعداد الطيور، الاختلاف الآن هو الارتفاع في درجات الحرارة، يمكن المقارنة في مثل هذا التوقيت قبل 20 عاماً، شهر نوفمبر كان أكثر برودة وتهطل فيه أمطار، ولكن الآن ما زالت درجات الحرارة دافئة بشكل كبير".
بحسب دراسة أعدها واتر البحري لصالح الجمعية المصرية لحماية الطبيعة، نشرت على هامش مهرجان بورسعيد لمراقبة الطيور، في إطار المساعي لتسجيل بحيرات الملح في بور فؤاد كمحمية طبيعية، قالت الدراسة إن مصر فيها 34 منطقة ذات أهمية عالمية للطيور، بحسب تقييم منظمة "بيرد لايف انترناشيونال".
وبحسب المنظمة ينطبق على ملاحة بور فؤاد عاملين أساسيين لجعلها منطقة أساسية لهجرة الطيور: أنها تأوي أكثر من 1% من التعداد العالمي لأربعة أنواع على الأقل لطيور الفلامنجو والنورس القرقطي وبط الكيش وغراب البحر، والثاني أنه رصد بها 20 ألف فرد من الطيور المائية بصفة دورية أو موسمية.
وأضافت الدراسة أن البحيرة تعاني حاليا من تدهور البيئات بسبب التوسع العمراني غير الصديق للطيور، وغير المستدام، وتأمل دراسة الجمعية في أن يحدث مهرجان الطيور ببورسعيد تغييراً إيجابياً نحو الحفاظ على البيئة.
دراسة أخرى نشرت بمجلة اتحاد الجامعات العربية للسياحة والضيافة في عدد يونيو/ حزيران 2023 للباحثتين دعاء فتحي عيادة وتحية طلال نصر بالمعهد المصري العالي للسياحة والفنادق، خلصت إلى أن مصر تمتلك بيئات أساسية للطيور المهاجرة إلا أن هناك نقص في الدعاية للسياحة البيئية لمراقبة الطيور، برغم أنها سياحة واسعة الانتشار، وهناك 3 ملايين رحلة حول العالم سنوياً لمراقبة وتصوير الطيور بحسب الوكالة الأمريكية للحياة البرية والثروة السمكية، الوكالة نفسها رصدت أن 40% من مراقبي الطيور على استعداد للسفر لاكتشاف فرص جديدة لتصوير الطيور، طبقاً لتقرير صندوق البيئة العالمية لعام 2020.
وأضافت الدراسة: "تحتاج مصر إلى التوسع في إقامة مهرجانات سياحية مثل مهرجان بورسعيد للطيور، والمشاركة في مهرجانات دولية للترويج لسياحة الطيور في مصر".
ورصدت الدراسة مخاطر تواجه الطيور بالصيد غير القانوني سواء بوضع شباك في طريق الهجرة أو استخدام الأسلحة لصيد الطيور المائية، واستخدام التكنولوجيا في حصاد المحاصيل الزراعية مما يؤدي إلى تدمير أعشاش الطيور، وزيادة تلوث البحيرات والأنهار التي تقع في مسار هجرة الطيور، وطالبت الدراسة، بضرورة وضع قواعد لصيد الطيور والتعاون مع منظمات المجتمع المدني المعنية بحماية الطبيعة وعمل حملات توعية للسكان المحليين بمناطق هجرة الطيور للحد من ممارسات خاطئة والإبلاغ عن الصيد الجائر.
----------------------------------
تصوير محمد عوض
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ 26 دقيقةأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ يوملا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 4 أياممقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ 6 أيامتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه
بلال -
منذ أسبوعحلو
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعالمؤرخ والكاتب يوڤال هراري يجيب عن نفس السؤال في خاتمة مقالك ويحذر من الذكاء الاصطناعي بوصفه الها...