شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
هل ندع القلق ونأكل السمك؟… مخاوف من تسمم أسماك بورسعيد بالـ

هل ندع القلق ونأكل السمك؟… مخاوف من تسمم أسماك بورسعيد بالـ"ميكروسيستين"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

بيئة ومناخ نحن والحقيقة

الأربعاء 20 سبتمبر 202305:18 م

أثار بيان منسوب إلى الدكتور حسين رشاد السيد مدير محمية "أشتوم الجميل" الواقعة في محافظة بورسعيد المصرية، يعلن عن تلوث البيئة البحرية عقب تغير لون مياه شاطئ البحر الأبيض المتوسط للون الأخضر، وارتفاع نسبة "الزَبَد" نتيجة انتشار طحالب تتسبب في تسمم المياه والأسماك وغيرها من الكائنات البحرية حالة من الفزع في المحافظات الشاطئية المتاخمة لبورسعيد، والتي تنتج نسبة غير قليلة من الأسماك المستهلكة في السوق المحلي في مصر، خاصة مع ورود بلاغات بمشاهدات في بورسعيد تفيد بوجود أسماك نافقة على شواطي المدينة. ورواج شائعات أن تلك الأسماك وجدت طريقها إلى الأسواق. 

المياه المخضرة نتيجة الطحالب - الصورة لرصيف22 من كلية علوم البحار بجامعة بورسعيد

البيان الذي تم حذفه لاحقاً (احتفظ رصيف22 بنسخة منه) ونفى مدير المحمية صحته، قال إن إدارة المحمية قامت بسحب خمس عينات متفرقة بعد المشاهدات والشكاوى التي وردت من صيادين بالمحافظة حول احتراق جلودهم بعد تعاملهم مع المياه الملوثة بالطحالب، وتبين من الفحص أن المياه تحتوي على طحلب "ميكروسيستس أجينوزا" وهو من الطحالب السامة التي تفرز سماً يدعي "ميكروسيستين"، ويصنف ضد السموم الكبدية.

ما يظهر من البيان المنسوب إلى محمية "أشتوم الجميل" أنه لم يكن بياناً موجهاً للجمهور وإنما للسلطات المختصة في وزارة البيئة في مصر لسرعة التحرك، إلا أن وصوله إلى أيدي صحافيين تسبب في حالة كبيرة من الفزع قادت إلى ظهور دعوات للامتناع عن شراء واستهلاك الأسماك في بورسعيد والمحافظات المتاخمة

البيان قال أيضاً إن درجات الحرارة المرتفعة سببها البيئة التي ينتعش فيها هذا الطحلب خاصة في وجود ملوثات الفورسفور الناتجة عن الصرف الصحي والزراعي الواصل إلى البحر. وحذر البيان من أن خطورة الميكروسيستين تسبب في نفوق الأسماك الصغيرة والطيور المائية وأن "المادة دي لو دخلت السلسلة الغذائية ووصلت للإنسان هتسبب مشكلة كبيرة". 

الصفحة الاولى من البيان المنسوب لمدير محمية أشتوم الجميل والذي أكد لرصيف22 عدم صحته

ما يظهر من البيان الذي اطلع عليه رصيف22 قبل حذفه، أنه لم يكن بياناً صحافياً أو موجهاً للجمهور وإنما للسلطات المختصة في وزارة البيئة في مصر لسرعة التحرك، إلا أن وصوله إلى أيدي صحافيين ومؤثرين على شبكات التواصل الاجتماعي تسبب في حالة كبيرة من الفزع قادت إلى ظهور دعوات للامتناع عن شراء واستهلاك الأسماك في بورسعيد والمحافظات المتاخمة. 

لاحقاً أصدرت محمية "أشتوم الجميل" تقريراً فنياً أرجعت فيه تغير لون مياه البحر إلى "طحالب خضراء مزهرة بعضها سام وبعضها غير سام"، مؤكدة عدم نفوق أية حيانات أو طيور مائية. 

آثار الطحالب على شاطئ بورسعيد - الصورة لرصيف22 من كلية علوم البحار بجامعة بورسعيد

وقال التقرير الفني إن محمية أشتوم الجميل قامت برصد ومسح الشاطئ خلال الفترة من السبت الموافق 9 سبتمبر/ أيلول، حتى 14 منه، ونفى رئيس المحمية البيان الأول قائلاً: "لا صحة لما تردد حول صدور تعليمات بمنع الصيد نتاج ظهور طحالب سامة من شأنها التأثير على الأسماك والتسبب في نفوقها والتأثير على الإنسان" معتبراً ذلك محض شائعات. ثم أصدر قسم علوم البحار بكلية العلوم جامعة بورسعيد بياناً أتفق فيه مع أقوال مدير المحمية،

لتنهال تعليقات المواطنين على بيان كلية العلوم بالتكذيب وأن الأمر يفوق ذلك، تزامن ذلك مع ظهور أسماك صغيرة نافقة على الشاطئ، سبقها نفوق سمكي بنطاق بحيرة المنزلة بمحافظة دمياط خلال شهر أغسطس/ آب الماضي الذي شهد ارتفاعاً كبيراً في درجات الحرارة، لكن مستزرعو دمياط (أصحاب زريعات الأسماك) أرجعوا نفوق أسماكهم لارتفاع درجات الحرارة فقط، دون ربط الأمر بما يتردد انه حدث لدى جارتهم بورسعيد.

درجات الحرارة السبب

وقال الدكتور حسين رشاد مدير محمية "أشتوم الجميل" التابعة لقطاع حماية الطبيعة لـرصيف22: "قمنا برصد ومسح الشاطئ بطول 14 كيلو من بوغاز أشتوم الجميل حتى ميناء الصيد ليتبين نمو الطحالب بشكل كبير على مساحة كبيرة من شاطئ البحر الأبيض المتوسط في بورسعيد" مرجعاً السبب في ذلك لارتفاع درجات الحرارة بصورة غير معتادة ما ساهم في ازدهار طحالب "الريم الأخضر" إضافة لحركة الأمواج الشديدة، مما حرك الرواسب في قاع البحر وتسبب في ظهور زبد البحر منذ 15 يوماً خلال الشهر الجاري. كما أن وجود المغذيات من النيتروجين والفسفور وهما مهمان في نمو وازدهار الطحالب ساهم في نموها بشكل كبير".

ظهور الطحالب لارتفاع درجة الحرارة خلال الآونة الأخيرة يعني احتمالية امتدادها خارج البحيرة وصولاً لدمياط، مما يستلزم تدخل الدولة ومنع الصيد وإتخاذ الإجراءات اللازمة لأن حال تناول تلك الطحالب في الدورة الغذائية للإنسان ستترك ضرراً على صحة المواطنين

كما نشرت تقارير صحافية حول تفاصيل زيارة الدكتور محمد إسماعيل الأستاذ المساعد بقسم علوم البحار بكلية العلوم في جامعة بورسعيد لرصد الطحالب على الشاطئ "ليتبين تعرض المنطقة الشاطئية الشرقية لبورسعيد لظاهرة تجمع مفاجئ للطحالب الخضراء تسمى علمياً algal bloom طحالب غير سامة بحسب البيانات الرسمية. 

بحسب البيان الصادر عن كلية علوم البحار في بورسعيد، فإن الطحالب تموت نتيجة تعرضها لحرارة الشاطئ بعدما يلفظها البحر، وأنه لا خطورة منها على الأسماك والطيور والكائنات المرتبطة بالمياه البحرية. 

إلا أن الدكتور محمد البهنساوي أستاذ بيولوجيا الأسماك بكلية العلوم جامعة دمياط، لم يبدُ متفقاً مع التطمينات في حديثه إلى رصيف22، قائلاً: "ظهور الطحالب لارتفاع درجة الحرارة خلال الآونة الأخيرة يعني احتمالية امتدادها خارج البحيرة وصولاً لدمياط وغيرها من المناطق المتاخمة بفعل حركة المد والجزر وسرعة الرياح، مما يستلزم تدخل الدولة ومنع الصيد وإتخاذ الإجراءات اللازمة لأن الأمر لن يقتصر على بورسعيد، وسيطول تأثيره الزريعة السمكية والمزارع. وحال تناول تلك الطحالب في الدورة الغذائية للإنسان ستترك ضرراً على صحة المواطنين". 

أحد البحيرات في مصر

ونصح البهنساوي الصيادين بعدم نزول المياه لأن الطحالب "حال كانت سامة، تؤثر تأثيراً بالغاً على الجلد مسببة التهابات كما تؤثر على الكبد والجهاز العصبي للإنسان".

إذا لجأت الجهات المختصة لمنع الصيد في إجراء وقائي لن يمكن تنفيذه على أرض الواقع لأن الصيد هو مصدر الرزق الوحيد للصيادين

مسؤول بالثروة السمكية: الطحالب المزرقة من أخطر الأنواع

من جهته يقول المهندس صلاح أبو جمعة رئيس الإدارة المركزية للإنتاج والتشغيل بهيئة الثروة السمكية سابقاً لرصيف22: "الطحالب الخضراء المزرقة أخطر أنواع الطحالب لسميتها حيث تنشط بفعل ارتفاع درجات الحرارة والتقلبات الجوية، كما أنها تظهر باستمرار وتنتشر في منطقة جنوب شرقي بحيرة المنزلة ولا يمكن منعها أو سحب التجمعات الطحلبية".

ويوضح أن الصرف الصحي والزراعي مصدران أساسيان لإفراز المواد العضوية المغذية للطحالب الخضراء، ويرى أبو جمعة أنه إذا لجأت الجهات المختصة لمنع الصيد في إجراء وقائي لكن لا يمكن تنفيذه على أرض الواقع لأن الصيد هو مصدر الرزق الوحيد للصيادين.

 ويضيف "كلما استمر اختلاط مياه الصرف بالبحيرة "المنزلة"، نما هذا النوع من الطحالب مجدداً إلى أن يتم حل المشكلة، وتوقع أن تصل الطحالب لسواحل دمياط والمناطق المتاخمة لبحيرة المنزلة بفعل التيارات الهوائية والمد والجذر، و"إن كان تأثيرها سيكون أقل من بورسعيد".

وأكد الدكتور محمد دياب أستاذ ميكروبيولوجي الأسماك "الطحالب" بكلية العلوم جامعة دمياط في حديثه لـرصيف22، أن الطحالب التي تنتج السموم لا تظهر تأثيراتها السامة على البيئة إلا بعد موتها، حيث يتم استهلاكها في تغذية الحيوانات البحرية أو مجرد الملامسة للمياة الملوثة وهذه كميات قليلة جداً. لذا فإن التأثيرات السامة تظهر بعد شهور أو سنوات من تراكمها البيولوجي داخل جسم الحيوان أو الأسماك، ويضيف: "غالباً يحدث الضرر مع تكرار التعرض لهذه السموم ولا يظهر ضررها إلا بعد وجود تركزها العالي داخل جسم الحيوان وهذا يحتاج إلى وقت طويل وللأسف إن تم؛ لا علاج لها".

 وبحسب دياب فالأسباب التي ذكرها مسؤولو المحمية حول النمو العالي للطحالب الخضراء المزرقة "منطقية" لأن الرواسب في السواحل المصرية غنية بالفوسفور ومصدره الصرف المنزلي وغنية بالنتروجين ومصدره الصرف الزراعي، وهذه الظاهرة مجرد مؤشر بيولوجي يرشدنا لضرورة معالجة جيدة لمياه الصرف وزيادة طول مواسير الصرف داخل البحر العميق بعيداً عن الشواطئ الضحلة.

سمك نافق على أحد الشواطئ

"وكأنها سفن أب"

ويوضح دياب أن الطحالب المزرقة تفرز مواد شديدة السمية من شأنها التأثير على الكبد والكلى، مسببة تليفاً بهما نتيجة تناول الإنسان للأسماك المسممة بالطحالب، فضلاً عن تسببها في أضرار بالغة للجلد وللجهاز التناسلي للإنسان نتيجة دخول تلك الأسماك في دورته الغذائية إلى جانب تأثيرها على الجهاز العصبي، مشيراً لضرورة تعامل الدولة مع هذا الملف بحزم شديد، مضيفاً أن الحل يبدأ بإنشاء محطات تستوعب مخرجاتنا من الصرف الصحي حتى لا تصرف على المزارع السمكية.

من ناحيته قال مصدر مسؤول بالإدارة المتكاملة للثروة السمكية التابعة لوزارة لرصيف22 - متحفظاً على ذكر اسمه - "هذا النوع من الطحالب مصدر غذاء طبيعى للأسماك، وجميع العينات المسحوبة من ساحل البحر الأبيض المتوسط ببورسعيد وبوغاز الجميل 1 لا تحتوى على مواد سمية"، وأضاف " الطحالب اختفت في العينات المأخوذة اليوم ومياه البحيرة وكأنها سفن آب في نقائها" على حد وصفه.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها…

لكن رصيف22، هو صوت الشعوب المضطهدة، وصوت الشجعان والمغامرين. لا نخاف من كشف الحقيقة، مهما كانت قبيحةً، أو قاسيةً، أو غير مريحة. ليست لدينا أي أجندات سياسية أو اقتصادية. نحن هنا لنكون صوتكم الحرّ.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها، ولكنك بضمّك صوتك إلينا، ستكون جزءاً من التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم.

في "ناس رصيف"، لن تستمتع بموقعنا من دون إعلانات فحسب، بل سيكون لصوتك ورأيك الأولوية في فعالياتنا، وفي ورش العمل التي ننظمها، وفي النقاشات مع فريق التحرير، وستتمكن من المساهمة في تشكيل رؤيتنا للتغيير ومهمتنا لتحدّي الوضع الحالي.

شاركنا رحلتنا من خلال انضمامك إلى "ناسنا"، لنواجه الرقابة والترهيب السياسي والديني والمجتمعي، ونخوض في القضايا التي لا يجرؤ أحد على الخوض فيها.

Website by WhiteBeard
Popup Image