من كم أسبوع من هلق، كانت الشمس بعدها دافية، و مع أنو كنا صرنا تشرين التاني، كان بعد فينا ننزل عالبحر، المي دافية و حلوة. ما بعرف إذا بتعرفوا، هون الشط وين ما كان. وهيدا من أحلى الأشيا بغزة. وين ما كنتو بالبلاد، الشط بعيد عشر دقايق بالسيارة.
كنت عم حضر لصفوفي بالمدرسة اللي بتطل على شارع صلاح الدين. ما بعرف إذا سامعين فيه هل شارع. هوي متل الطريق السريع اللي بيربط غزة من شمالها لجنوبها. كنت بالمدرسة عم خطّط لتمارين مسرحية رح أعطيها للتلاميذ بكرا. عادة أنا بعطي صفوف مسرح كل تلاتا و خميس. عم حضّر مع الولاد مسرحية رح يعرضوها قبل عطلة الميلاد، وكتير متحمسين لإلها. عم فكر بلّش الصف بتمارين تنفس، وبعدين منلعب غميضة كنوع من التحماية للجسد، وبعدين بتركهم يرتجلوا، و اكيد رح يطلع معهم ما هب و دب من الأفكار المجنونة. الأطفال بيلقطوا الأشياء أسرع ما منتخيّل. مرات ما منحس عليهم قديش بسجلوا كل شي حواليهم.
على كلٍّ، متل ما كنت عم خبركم، الطقس كان بعدو دافي، وقرّرت أنو ما بدي كمّل شغل. إيه نحنا بغزة هيك. المهم يا أخوان، تركت مكتب و طلعتلكم بهل سيارة، وقرّرت سوق عالبطيء متل السلحفة. ما بعرف، كنت بفكر أنو هيدا يوم بينفع ما أركض فيه. كنت بدي أستمتع باللي حواليي وأنا بسوق. شباك السيارة مفتوح و الهوا على وجهي. الله عل هوا قديشو حلو. يعني كنت مشتهيكم معي والله. ما أحلاه هالنهار.
بمرّ جنب مستشفى الشفا. ما بعرف إذا سامعين فيها، بس هيي أكبر مجمّع طبي موجود بغزة. أهم دكاترة ومكنات موجودين هناك. يعني نحنا بغزة منرفع راسنا بهل مستشفى. بقولوا مين ما بفوت عليها أكيد بيطلع عايش ولا كأنو فيه شي... مجاز
طبعا وأنا بسوق السيارة، بمرّ جنب مستشفى الشفا. ما بعرف إذا سامعين فيها، بس هيي أكبر مجمّع طبي موجود بغزة. أهم دكاترة ومكنات موجودين هناك. يعني نحنا بغزة منرفع راسنا بهل مستشفى. بقولوا مين ما بفوت عليها أكيد بيطلع عايش ولا كأنو فيه شي.
على كل، بتوقف سيارة الإسعاف على مدخل الطوارئ… ويلعن هل فضول اللي عنا نحنا العرب لنشوف شو صاير. ما قدرت أروح من دون ما أعرف شو في. و بين أنو ما بدي شوف وبدي شوف، اتفقت مع حالي أنو رح أسرق نظرات سريعة، وإذا لمحت أي شي بيشبه دم، بدعس هلبنزين وبروح. وهياني إيديي على الدركسيون بلشو يعرقو. بيطلع مسعفين تنين من الإسعاف من قدام، و بيركضوا لورا. بيفتحوا الباب و بيسحبو العرباية، وهياها... طلعت مرا حامل.
عزااا
يمكن هيدي من الأوقات القليلة اللي بتكون فيها فوتة المستشفى شي حلو، مش هيك؟
هياني مغمض عيوني وقاعد، وعلى يميني البنت اللي عمرها 4 سنين، لساتها عم تعمر بيت الرمل الل مش عظيم. كل فترة والتانية يمكن أفتح عيوني وأطلع عل أفق. شو بدو الواحد أكتر من هيك؟... مجاز
المهم يا أخوان وين البحر؟ بدنا نروح عل بحر. ببلش أسوق وبوصل على شارع الرشيد، ومن هناك المنظر بطير العقل. كل مرة بشوف هادا الخط اللي بيربط السما بالبحر بنبسط. ببين كأنو الجنة والمي عم يتلاقوا. هلق صراحة ما بعرف إشي كتير عن الجنة، اللي بعرفو هوي الأرض والمية.
بصف السيارة وبنزل. الشط مليان أطفال وأمهاتهم وعدد لا متناهي من طيارات الورق. بعتقد غزة ممكن تدخل موسوعة غينيس لأكبر عدد من الطائرات الورقية. مش مأكد ليش الكل مهووس فيهم هون.
بلاقي مكان حلو عل شط، بشلح قميصي الأبيض والبنطلون الرمادي. ما بعرف ليش اليوم تحديداً قرّرت ألبس فواتح، مع أنو ممكن يتلطخوا بسرعة. وأنا بعرف حالي، من أول فنجان قهوة رح عوم القميص. المهم بشلح البنطلون والقميص. وطبعاً أنا لابس شورت البحر تحت البنطلون. هادا شي طبيعي للي بيسكنوا قريب من البحر. دايماً لابسين هل شورت تحت البنطلون، لأنو ما حدا بيعرف إيمتا منقرّر ننط ونسبح.
المهم بجلس عالرمل وعلى يميني بنت عمرها شي 4 سنين، قاعدة عم تعمر قصر من رمل. صراحة أبداً مش حلو هل قصر اللي قاعدة عم تعمره. ولا حيط قد التاني. بس آخر النهار البنت عمرها 4 و بالعافية عم تقدر تقلب سطل الرمل و تشيلو. قاعدة عم تطلع أصوات مش مفهومة كل الوقت. بتعرفوهم هدول الأصوات؟ اللي ببين فيهم الطفل عم يعمل حديث مطول وعميق، بس ما فيش كلمات مفهومة. مش معقول قديش كل الأطفال بيشبهوا بعض. مش هيك؟
ماحسيت بشي، كل شي كان سريع. اختفى جسمي بأقل من ثانية. مش متأكد شو اللي صار. بس اللي متأكد منو هوي إني مش متأكد وين أنا. يعني هل أنا بالسما أو لساتني عل أرض. بس الوضع مريب. كل شي هادي و دافي وممل. في إشي مش مظبوط... مجاز
بتطلع بعيد عل موج والسما الزرقا والأفق ؛ محل ما السما متصلة بالمي، وبغمّض عيوني. بروح لبعيد على صوت الموج. يا عمي قديش حلو هل هدوء، الواحد بحس حالو بالجنة.
مش عارفإاذا حاسس حالي بالجنة أو أنا فعلاً بالجنة.
صراحة مش مهم. الشمس دافية هونا، وغزة آمنة هونا، والأطفال آمنين، والنسوان والرجال بأمان هونا. نحنا أحرار من كل العالم الحر هونا. مش رح يصرلنا و لا إشي تاني هونا.
بديش أضلني أفكر بالموضوع، فباخد نفس عميق متل تبع اليوغا، وبطلّع هل نفس. بدي أعيش هادي اللحظة. هياني مغمض عيوني وقاعد، وعلى يميني البنت اللي عمرها 4 سنين، لساتها عم تعمر بيت الرمل الل مش عظيم. كل فترة والتانية يمكن أفتح عيوني وأطلع عل أفق. شو بدو الواحد أكتر من هيك؟
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ يومأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ يومينلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 5 أياممقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه
بلال -
منذ أسبوعحلو
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعالمؤرخ والكاتب يوڤال هراري يجيب عن نفس السؤال في خاتمة مقالك ويحذر من الذكاء الاصطناعي بوصفه الها...