"قبل الحرب كانوا أهلي بدهم يحولولي مصروفي، في بنات بالجامعة عملولي لمة للرسوم، وخبرت مسؤول السكن يصبر عليّ لفترة لبينما أدبر حالي"، بهذه الكلمات تلّخص سيرين هادي لـرصيف22 وضعها الحالي وربما وضع الآلاف من الطلاب والطالبات الغزيين في الأردن ممن فقدوا تواصلهم مع عائلاتهم، وامداداتهم المالية، وبالطبع قدرتهم على التركيز في الدراسة.
تعيش سيرين (وهو اسم مستعار) وحدها في الأردن منذ 3 سنوات. تدرس في جامعة الحسين بن طلال، وتزور عائلتها في غزة مرةً في السنة. تسهب الطالبة في وصف توترها وقلقها من هذه الحرب التي تبدو لها مختلفةً عن كُل الحروب التي عايشتها من قبل وتصفها بالإبادة لا الحرب.
حالياً، تحاول البحث عن عمل لتأمين المبلغ المطلوب منها للسكن، إضافةً لمصاريفها اليوميّة اللازمة لدراستها، وسط خوفها من فقدان عائلتها في أية لحظة.
محاولات جمع التبرعات
في مكان آخر وعلى أحد مواقع التواصل الاجتماعي، نشر أحد الطلاب من جامعة العلوم والتكنولوجيا منشوراً عبر مجموعةً طلابيّة، طلب فيه أرقام هواتف الطلبة الغزيين في الأردن من أجل التواصل معهم لتوصيل التبرّعات لهم، لكنه قام بحذفه بعد عدة ساعات لمخالفته لتعليمات الصفحة.
طالبة من غزّة: "قبل الحرب كانوا أهلي بدهم يحولولي مصروفي، بس في بنات بالجامعة عملولي لمة للرسوم، وخبرت مسؤول السكن يصبر عليّ لفترة لبينما أدبر حالي"
فيما تنتشر "ستوريات" للعديد من الناشطين والمؤثرين للإعلان عن جمع التبرّعات، ومن ضمن ذَلك قائمةٌ بأسماء الطلبة يتبادلها الناس عبر مواقع التواصل الاجتماعي و"الواتساب"، وتحتوي على أسماء العديد منهم ومعلوماتهم الشخصيّة، وهو ما اعترض عليه بعضهم وهددوا بمقاضاة ناشري الأسماء.
وعن هذا تعلّق الرئيسة التنفيذيّة لمركز وعي للتدريب في حقوق الإنسان المحامية تغريد الدغمي بأن نشر الأسماء بدون موافقة الأشخاص يعدّ تشهيراً يعاقب عليه القانون الأردنيّ.
وتقول لرصيف22 إن البعض قد يحاول استغلال موضوع الطلبة لجمع التبّرعات لصالحه، إلا أنَّ هؤلاء الأشخاص معروفون ويتم التعامل معهم من قِبل الأجهزة الأمنيّة.
لا أرقام رسمية
لا يوجد رقم رسمي لعدد الطلبة الغزيين في الجامعات الأردنيّة، فالبعض يعتبرهم جزءاً من الجاليّة الفلسطينيّة بالعموم دون تمييز بينهم وبين طلاب الضفة الغربية، وآخرون يرون أنهم يمثلون قطاع غزة ولا يندرجون تحت أبناء الضفة أو فلسطينيي الداخل.
لا تعدّ هذه العقبة الوحيدة في صعوبة إحصاء عدد الغزيين؛ فمن الصعب فصل الطلبة الذين جاؤوا بغرض الدراسة في الأردن وعائلاتهم في قطاع غزة، عن الغزيين الذين لجؤوا للمملكة بعد عام 1967 واستقروا فيها دون رقم وطنيّ أو أرقام وطنية تمنحهم الحقوق السياسية والمدنية.
لا يوجد رقم رسمي لعدد الطلبة الغزيين في الجامعات الأردنيّة، فالبعض يعتبرهم جزءاً من الجاليّة الفلسطينيّة بالعموم دون تمييز بينهم وبين طلاب الضفة الغربية
أبرز ما يواجه الطلاب المغتربين من غزة في الأردن اليوم هو عدم قدرتهم على تسديد رسوم الفصل الدراسيّ؛ نظراً لانقطاع تواصلهم مع عائلاتهم في القطاع أو عدم قدرتهم على إرسال النقود لهم، إضافةً إلى صعوبات ماديّة تتعلق بتأمين الطعام والشّراب أو الإيجار الشهريّ للسكن، كذلك تعرّضهم لصدماتٍ نفسيّة متتالية في كل مرة ينقطع فيها التواصل مع عائلاتهم، أو يصل لأحدهم/ إحداهن خبر فقدان فرد منها، الأمر الذي تسبب في تغيّب العديد منهم عن الصفوف الجامعيّة، أو عدم قدرتهم على متابعة الدراسة.
أو قرارات رسمية... بعد
من جانبه يقول ممثل الجاليّة الفلسطينيّة في جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنيّة أحمد سعيد لرصيف22 إنَّ "الإيجارات ما تزال كما هي، إضافةً للرسوم الجامعيّة التي يدفعها الطلبة، فيما توجه للحديث مع عمادة شؤون الطلبة طالبًا منهم تمديد فترة التسجيل في الفصل الدراسيّ للطلبة الفلسطينيين وإعفائهم من الغيابات؛ مضيفًا "كان ردً جامعتنا إيجابياً إنما شفهياً، ولم نستلم أي قرار مكتوب بعد".
وتؤكد مديرة قسم المشروع النفسي في اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية/ مكتب الأردن الأخصائيّة النفسيّة عروبة شواقفة لرصيف22 أن هناك نوبات هلع تصيب الطلبة الغزيين في الأردن واضطرابات في النوم والطعام نتيجة تأثير الحرب على نفسيّاتهم، وخاصةً لدى انقطاع التواصل مع عائلاتهم.
وتلفت إلى أنَّ البعض يتأثرون وتتعرقل دراستهم ويرغبون بالعودة للقطاع بأية طريقة، إضافةً إلى شعورهم بأنهم غير قادرين على فعل أي شيء، وهو ما يؤثر عليهم ويسبب لهم تدني في الثقة بالنفس وأفكار لا عقلانيّة نتجة الخوف من خسارة أهلهم، والتوتر العالي والغضب والبكاء المفرط، والحزن، وتجنّب الناس؛ نتيجة البعد عن عائلاتهم في هذه الظروف.
أخصائية نفسية: "هناك نوبات هلع تصيب الطلبة الغزيين في الأردن، واضطرابات في النوم والطعام نتيجة تأثير الحرب على نفسيّاتهم، وخاصةً لدى انقطاع التواصل مع عائلاتهم".
وتعدد شواقفة طرق التعامل مع الأضرار النفسيّة الواقعة عليهم بالابتعاد عن السهر خلال الليل، والحفاظ على العلاقات الاجتماعيّة، والابتعاد عن الأخبار؛ لأن كميّة تأثير الأخبار السلبيّة ستزيد من سوء نفسياتهم وتدهورها، تقول: "يفضل أن يشاهدوا الأخبار فترة المساء، وليس لدى الاستيقاظ أو قبل النوم، مع الحفاظ على الاتصال مع العائلة والاطمئنان عليهم ومتابعة الأخبار من خلال مجموعات معينة تختص بالمنطقة التي يعيش أهاليهم فيها"، فيما تقدم المنظمة خدمات العلاج النفسيّ بشكل مجانيّ، إضافةً لمجموعات دعم ضحايا الحرب.
تختار كل جامعة قرارها بمعزل عن الأُخرى ودون التأثير عليها، فيما تجتمع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي مع رؤساء الجامعات عادةً للنقاش بإجراءات من أجل التعامل مع مواقف معينة.
ويلفت منسق الحملة الوطنيّة من أجل حقوق الطلبة "ذبحتونا" فاخر الدعاس خلال حديثه مع رصيف22 إلى أنَّ من المتوقع أن تكون الجامعات الأردنيّة وطنيةً وتراعي ظروف الطلبة الفلسطينيين. ويقترح حلولاً تتمثل بتوجيه وزارة التعليم العالي والبحث العلميّ رؤساء الجامعات لتأجيل الرسوم الجامعيّة كحدٍ أدنى من التضامن وتفعيل الصناديق الداعمة ماديًا للغزيين.
من جهته يوضح عميد شؤون الطلبة في جامعة اليرموك معتصم الشطناوي لرصيف22 أنَّ رئيس الجامعة أوعز لجميع المدرسين بالتعاون مع الطلبة الفلسطينيين وتسهيل دراستهم.
ويضيف بأن مسألة تأجيل رسوم الفصل الدراسيّ للغزيين لم تُطرح بعد، قائلًا إنها "مسألة سهلة حين يتم طرحها، أهلهم في غزة هم أهلنا ومصابهم مصابنا".
هل يعرف المسؤولون؟
يقول رئيس لجنة فلسطين النيابيّة في مجلس النواب الأردنيّ فايز بصبوص لرصيف22 إنَّ النواب قادرون على التواصل مع رؤساء الجامعات الرسميّة، ويسعون للتعاون والتواصل مع هؤلاء الرؤساء للتسهيل على الطلبة الفلسطينيين.
الناطق باسم وزارة التعليم العالي: "هناك ترتيبات ستقوم بها الوزارة من أجل هؤلاء الطلبة، ولكنها لم تتضح بعد".
يقول: "موقفنا لا يتغيّر تجاه دعم القضيّة، سنقوم بحل المشكلة إن تمكّنا من ذَلك وسيساعدنا وجود الإحصائيات".
أما الناطق باسم الوزارة مهند الخطيب فيقول لرصيف 22: "هناك ترتيبات ستقوم بها الوزارة من أجل هؤلاء الطلبة ولكنها لم تتضح بعد"، مضيفًا أن هذه الترتيبات تحتاج إلى مناقشة في مجلس التعليم العالي وتنسيق مع رؤساء الجامعات.
وانتشرت بعض الأخبار حول متبرعين قاموا بدعم الطلبة، فيما كُتبت مقالاتٌ حول هذا الموضوع، وفتحت مؤسساتٌ أبوابها لمساعدتهم، إلا أنَّ لا قرارت رسميّة من قبل الجامعات حتى الآن فيما يتعلّق بهم.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 4 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ اسبوعينخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين