شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
كيف يبني

كيف يبني "إخوان العراق" حلم عودتهم إلى عرش البرلمان؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

منذ عزْل محمد الحلبوسي من رئاسة البرلمان العراقي، في 14 تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي، تخوض القوى السياسية السنّية قتالاً غير محدود من أجل إيجاد بديل مناسب لهم، يرأس الفترة المتبقية من عمر البرلمان. وفي ظل صراعهم وتنافسهم، تكثر الشائعات، التي غالباً ما تقف خلفها شخصيات تحاول جس نبض الشارع.

ولعل أبرزها، تلك التي تتحدث عن قرب عودة الحزب الإسلامي إلى الواجهة السياسية. و"لم لا؟"، فالحزب يمتلك ماضياً في قيادة البرلمان، لثلاث دورات متتالية، كما أن عودة قياداته إلى التصريحات الإعلامية بعد انقطاع أو نأي ، يعزز من تلك الشائعات والظنون.

من هو الحزب الإسلامي العراقي؟

هو حزب سياسي عراقي، بدأت بوادر ظهوره الأولى إبان العهد الملكي، على يد مجموعة من الأساتذة المصريين العاملين في العراق، أمثال الدكتور حسين كمال الدين، وهو أحد مؤسسي كلية الهندسة في العراق.

وتشير مصادر تاريخية إلى أن الأخير انتدبه مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، حسن البنا، من أجل وضع لبنات للتنظيم في العراق عام 1940، وبالفعل نجح في استقطاب مجموعة من شيوخ وطلبة الدراسات الدينية، في منطقة الأعظمية في بغداد، مثل نعمان السامرائي، والشيخ محمد محمود الصواف. ومع ازدياد عدد المؤيدين في عام 1944، توجه الأخيران إلى مصر، للقاء مؤسس الجماعة، ليكونا مؤسسَي أول تنظيم إخواني في العراق.

لم يكن القانون العراقي يسمح بتشكيل فروع لأحزاب أجنبية، لذا لجأ مؤسسوه في عام 1949، إلى تسجيله باسم مغاير، فوافقت الحكومة على تشكيل جمعية "الإخوة الإسلامية"، برئاسة أمجد محمد الزهاوي، وهو ابن عم الشاعر المعروف، جميل صدقي الزهاوي. ولكن سرعان ما أغلقت الجمعية أبوابها في عام 1954، بعد علم الحكومة بعلاقتها مع الإخوان المسلمين. برغم ذلك، أتيح لها العمل وفقاً لمبدأ عدوّ عدوّي صديقي، فاجتمعت حكومة نوري السعيد والإخوان بسبب عدائهما للمد الشيوعي المستفحل آنذاك في العراق.

نجح حسين كمال الدين في استقطاب مجموعة من شيوخ وطلبة الدراسات الدينية، في منطقة الأعظمية في بغداد، ومع ازدياد عدد المؤيدين في عام 1944، توجهوا إلى مصر، للقاء مؤسس الجماعة، لتأسيس أول تنظيم إخواني في العراق

بعد سقوط الملكية في عام 1958، وإصدار قانون الأحزاب السياسية، في 6 كانون الثاني/ يناير عام 1960، أعلنت الجماعة عن تأسيس الحزب الإسلامي العراقي، برئاسة نعمان السامرائي، لكن لم يكن الحظ حليفاً لها هذه المرة أيضاً، إذ دفع الحزب الشيوعي المسيطر على حكومة عبد الكريم قاسم، إلى تعليق عمل الحزب في عام 1961، وطرد قادته من البلاد.

وما أن رحل الشيوعيون عن الحكم بعد ثورة عام 1963، حتى صُدمت الجماعة بصعود خصومها القوميين إلى السلطة، وقرب الدولة من الحكومة المصرية المعادية للإخوان، ضَمن عدم عملهم أيضاً، وكذلك الحال مع مجيء حزب البعث بعد ثورة عام 1968، إذ برغم أن الثورة أعلنت في أيامها الأولى تولية رئيس الحزب عبد الكريم الزيدان، منصب وزارة الأوقاف في حكومة عبد الرزاق النايف، ولكنها حلت وزارته بعد 3 أيام من تنصيبه، ومنعت تسجيل الحزب أو تأسيسه، واكتفت بالسماح لهم في مزاولة أنشطتهم الدعوية.

استمر الوضع على هذا المنوال، حتى عام 1987، بعد أن شنّت القوى الأمنية، حملة اعتقالات شملت عدداً من قادة الحزب وأعضائه، بتهمة مزاولة العمل السياسي السري، وعلى الأثر، غادر العديد من شخصياته إلى الخارج، ليؤسسوا نواة المعارضة الإسلامية في لندن عام 1992، بقيادة أسامة التكريتي.

بين الحزب الإسلامي والإخوان

حين بدأت طبول الحرب تُقرع، قبيل احتلال العراق عام 2003، بدأت أحزاب المعارضة تتأهب للعهد الجديد، من خلال عقد مؤتمرات لتقاسم الكعكة الجديدة، ولكن الحزب الإسلامي رفض المشاركة فيها، تضامناً مع موقف جماعة الإخوان المسلمين، المناهض لاحتلال العراق.

ولطالما نُظر إلى الحزب الإسلامي على أنه واجهة لجماعة الإخوان، وقد عزز بدوره هذه النظرة بعد رفضه المشاركة في مؤتمرات المعارضة، ولكنه سرعان ما خاض معترك الحياة السياسية الجديدة بعد عام 2003، وأسس لأول نواة سياسية سنّية في العراق المحتل آنذاك.

ففي حين أعلنت معظم القوى السنّية مقاومتها للاحتلال الأمريكي، رفع الحزب مبدأ المعارضة السلمية، ولعب دور الوسيط بين المقاومين السنّة من جهة، والقوات الأمريكية من جهة أخرى، كما وافق على دستور البلاد الجديد، والاتفاقية الأمنية مع واشنطن التي عارضتها الجماعة.

هذه المواقف الشائكة، زادت من غموض العلاقة الجامعة بين الحزب الإسلامي وجماعة الإخوان، حيث يقول، رئيس مجلس الشورى السابق للحزب، محسن عبد الحميد، في كتابه "الإخوان المسلمون في العراق"، إن "الحزب تأسس كواجهة للإخوان المسلمين في العراق، وسجلته اللجنة المركزية، كأحد أجنحتها السياسية"، ولكن القيادي في الحزب، أياد السامرائي، ينفي وجود أي علاقة حالية تربطهم بالجماعة أو لجنتها المركزية.

وبغض النظر عن ذلك، فإن الحزب خرج وتأسس من رحم الجماعة ويتبنى الأيديولوجيا السياسية والاجتماعية والدينية نفسها، كما ينظر إليه العراقيون على أنه واجهة مغلفة للتنظيم، وإن عرّف الحزب بنفسه على أنه كيان منفصل عنها.

المعترك السياسي بعد عام 2003

لعب الحزب الإسلامي دوراً بارزاً في الحياة السياسية بعد عام 2003، فاختار الحاكم المدني الأمريكي، بول بريمر، رئيسه محسن عبد الحميد، ضمن أعضاء مجلس الحكم، الذي تولى إدارة الدولة شكلياً إبان الاحتلال.

أسس الحزب الإسلامي العراقي، جبهة التوافق، وفاز بـ44 مقعداً من أصل 275 في أول انتخابات برلمانية في عام 2005، وتمكّن بعدها من رئاسة البرلمان لثلاث دورات متتالية، تسلمها، محمود المشهداني، وأياد السامرائي بعد استقالة المشهداني، وأسامة النجيفي، وسليم الجبوري، كما حاز قادته على مناصب حكومية، مثل نائب رئيس الجمهورية، طارق الهاشمي، ووزير المالية، رافع العيساوي، ورئيس ديوان الرئاسة، نصير العاني.

لطالما نُظر إلى الحزب الإسلامي على أنه واجهة لجماعة الإخوان، وقد عزز بدوره هذه النظرة بعد رفضه المشاركة في مؤتمرات المعارضة، ولكنه سرعان ما خاض معترك الحياة السياسية الجديدة بعد عام 2003، وأسس لأول نواة سياسية سنّية في العراق المحتل آنذاك

في عام 2018، أعلن الحزب الإسلامي انسحابه من الانتخابات البرلمانية، ويشير القيادي السابق في تنظيمات الحزب في محافظة بغداد، وقاص العبيدي، إلى أن "من أبرز أسباب هذا التراجع، هو توقف دعم قطر لهم، بسبب انشغالها بأزمتها مع الدول الخليجية، إذ تُعدّ الدوحة من أكبر الداعمين للحزب، وقد مدّته بتمويل ضخم، أهّله لتدشين قناته الفضائية السابقة، باسم قناة بغداد".

ويضيف في تصريحه لرصيف22، أن "من الأسباب الأخرى، هو علم الحزب بتدني شعبيته، إذ لم يتمكن خلال سنوات قيادته للسياسة السنّية من تقديم أي دعم لمجتمعاتهم، أو علاج تهميش مناطقهم، وبرغم رفض الحزب لتزعم أي قوائم انتخابية، فقد أتاح لأعضائه بالترشح فردياً، أو عبر الائتلافات السياسية الأخرى، وغالباً اتجه هؤلاء إلى الترشح ضمن قائمة النصر التي يقودها رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي".

وهذا ما يبرر تأييد الحزب، لتشكيل حكومة حيدر العبادي الثانية، والتي تسلّم فيها القيادي في الحزب الإسلامي، محمد إقبال الصيدلي، وزارة التربية، ولكن مساعيهم فشلت في ذلك.

أنهى الحزب الإسلامي اعتكافه عن الترشح الرسمي، وخاض انتخابات مجلس النواب لعام 2021، ضمن تحالف العقد الوطني وزعيمه رئيس هيئة الحشد الشعبي، فالح الفياض، ولكنه خرج منها خالي الوفاض، وتبرأ وقتها من نتائج الانتخابات، مؤمناً بتزويرها، ومعتقداً باستهداف كل من يمثل الهوية الإسلامية الوطنية سياسياً، وتابع في بيان له: "لقد بدا واضحاً أن هناك مخططاً وراء استبعادنا عن المشهد السياسي بسبب انتهاجنا للخط الوطني ولالتزامنا بالابتعداد عن الاصطفافات الطائفية وإنهاء التبعية الإقليمية والدولية".

شائعات حول العودة أم تمهيد لها؟

شائعات كثيرة، تطفو فوق الساحة، تشير إلى محاولة الحزب تولي رئاسة البرلمان، تعززها، زيادة غير عادية في لقاءات قادته الإعلامية، وتصريحاتهم الصحافية، إذ يؤكد مصدر في مكتب العلاقات في الحزب الإسلامي، لرصيف22، صحة هذه المحاولات، ويقول: "يحاول الحزب العودة إلى الحياة السياسية، مستغلاً الأزمة الحاصلة في الوسط السياسي السنّي، وتوجّه الحزب الحالي، هو الدفع نحو التأهيل أو التحضير لعودته إلى الواجهة خلال السنوات القادمة".

ويضيف في حديث إلى رصيف22، أن "الحزب خاض خلال الأيام الماضية، لقاءات مكثفةً مع قادة العملية السياسية السُنّة والشيعة، من أجل التمهيد لهذه العودة، ورحبت بها بعض قيادات الإطار التنسيقي، وحكومة طهران أيضاً".

"الحزب خاض خلال الأيام الماضية، لقاءات مكثفةً مع قادة العملية السياسية السُنّة والشيعة، من أجل التمهيد لهذه العودة، ورحبت بها بعض قيادات الإطار التنسيقي، وحكومة طهران أيضاً"، فما هي علاقته بإيران؟ 

يُذكر أن الحزب الإسلامي ترشّح في الانتخابات الأخيرة، ضمن صفوف تحالف الفياض القريب من السياسة الإيرانية، كما أن رئيسه الجديد، رشيد العزاوي، معروف بقربه من طهران، وقضى فيها فترة هروبه من بطش صدام حسين، في تسعينيات القرن الماضي.

ويشغل العزاوي حالياً، منصب مستشار رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لشؤون العلاقات الخارجية، كما زار في 23 شباط/ فبراير الماضي، مبنى السفارة الإيرانية في بغداد، للقاء وزير خارجيتها، أمير عبد اللهيان، بحسب وكالات الأنباء الإيرانية.

وفقاً لهذه المدركات، ما هي حظوظ الحزب في نيل مساعيه؟ يستبعد الباحث السياسي، سلام العزاوي، عودتهم حالياً، لأسباب عدة، أبرزها صفرية قاعدته الجماهيرية، وضعف علاقاته داخل الوسط السياسي السُنّي، لا سيما أن المنصب مخصص وفقاً لمبدأ المحاصصة للكتل السياسية السُنّية الفائزة. 

ويشير لرصيف22، إلى أن الحزب الإسلامي لا يمتلك مقعداً في البرلمان الحالي، يؤهله للانقلاب على خصومه السُنّة، بالتحالف مع تكتلات سياسية أخرى، كما لا يحتمل الوضع الحالي صعود مرشحين من خارج البرلمان.

وتجدر الإشارة إلى أن البرلمان لم يوافق حتى الآن على تحديد هوية المرشحين البديلين، لكلّ من محمد الحلبوسي وليث الدليمي، اللذين أقرت المحكمة إنهاء عضويتهما، في حين لا تزال النقاشات جاريةً حول أكثر المرشحين حظاً في تسلم مقعديهما.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image