منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، ومع تتالي مشاهد القتل والتنكيل، لم تعد أمنية محمد، 41 عاماً، قادرة على القيام بواجباتها اليومية: "حصل انتكاسة، بِتُّ أصاب بنوبات من الصداع النصفي والإرهاق لأني شُخّصت قبل سنوات بأني مريضة قلق اكتئابي".
بدأت أمنية منذ ثلاثة أعوام التردد إلى عيادات العلاج النفسي، "كنت في حالة من الإرهاق الدائم الذي يؤثر على علاقتي بمن حولي".
تعمل أمنية صحافية، "لكن منذ 2015 تم الاستغناء عني بسبب الظروف الاقتصادية في الجريدة الشهيرة التي كنت أعمل بها، ومن وقتها أعمل بشكل حر مع مواقع مختلفة" لكن حتى العمل الحر، لم تعد قادرة عليه وتراجعت إنتاجيتها مع تراجع حالتها النفسية.
منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، ومع تتالي مشاهد القتل والتنكيل، لم تعد أمنية قادرة على القيام بواجباتها اليومية: "حصل انتكاسة، بِتُّ أصاب بنوبات من الصداع النصفي والإرهاق لأني شُخّصت قبل سنوات بأني مريضة قلق اكتئابي".
لم يكن العمل هو الجانب الوحيد الذي تلقى ضربة في حياة أمنية نتيجة للضغوط التي تعانيها ووضعها النفسي، "في الوقت الذي فقدت فيه عملي المنتظم، كنت متزوجة وكنت أحاول تحقيق حلم الأمومة، وتعرضت لعمليات إجهاض كثيرة، وأصبح زواجي مهدداً بسبب الخلافات". بدأ أصدقاء أمنية ينصحونها بالتوجه للعلاج النفسي للتغلب على حالات الإرهاق المستمر.
يعاني شخص من بين كل ثمانية حول العالم من اضطراب نفسي، وفقاً لبيانات منظمة الصحة العالمية. ففي بيانها الصادر في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، قالت المنظمة إن "إعطاء العالم الأولوية للصحة النفسية لم يكن أكثر إلحاحاً مما هو عليه الآن. يؤدي التأثير الثلاثي لجائحة كوفيد-19، وآثار تغير المناخ، والحروب والصراعات المستمرة إلى خسائر فادحة في سكان كوكبنا".
في ظل غياب الإحصاءات الدقيقة لحجم الأمراض الناجمة عن الاضطرابات النفسية في الدول العربية، يحاول التقرير التالي التعرف على التداعيات الاجتماعية والاقتصادية المترتبة على تلك الاضطرابات النفسية.
وكان المسح القومي للصحة النفسية ومعدل انتشار الاضطرابات النفسية لعام 2018، قد كشف عن إصابة 24.7% من المصريين بأعراض نفسية. ووجد أن نسبة 7% من العينة يعانون من أمراض نفسية، تتمثل في اضطرابات المزاج، خاصة الاكتئاب نحو 43.7%،، يليه سوء تعاطي المواد المخدرة 30.1%، ثم القلق والتوتر والفصام.
في ظل غياب الإحصاءات الدقيقة لحجم الأمراض الناجمة عن الاضطرابات النفسية في الدول العربية، يحاول التقرير التالي التعرف على التداعيات الاجتماعية والاقتصادية المترتبة على تلك الاضطرابات النفسية
وقدرت الإحصائية نسبة الأمراض النفسية بين البالغين من سن 18 إلى 64 سنة، من 10 إلى 12% بمتوسط عدد السكان، ما يقرب من 8 ملايين شخص.
تحكي أمنية لرصيف22: "منذ 2019 بدأت أتردد على عيادات الأطباء من مختلف التخصصات، دائما لدي مشاكل في الجهاز الهضمي، وفي ضغط الدم، وشكاوى كثير لا حصر لها، ودائما تكون تشخيص الطبيب دى حالة نفسية". بات وضع أمنية النفسي يؤثر على قدرتها على تحقيق الدخل خاصة بعدما حرمها الاستغناء عنها في وظيفتها الثابتة من فرص التأمين الصحي أو تحقيق الدخل المنتظم الذي يمكن من خلاله أن تعتني بما يصيب جسدها من اعتلال.
منذ بداية التسعينيات بدأت ربة المنزل عزة عبد العزيز، 45 عاماً، تشعر بمشاعر من الحزن والخوف، كانت وقتها طالبة في إحدى المدارس الخاصة الأجنبية في شرق القاهرة: "في الثانوية العامة لم أكن سعيدة في المدرسة، مجتمع كله نميمة ومظاهر، في نفس الوقت توفي جدي لأبي، وجاءت موجة من السيول والأمطار الغزيرة، حسيت لازم أفكر في الحياة بشكل أعمق".
منظمة الصحة العالمية: "إعطاء العالم الأولوية للصحة النفسية لم يكن أكثر إلحاحاً مما هو عليه الآن. حيث يؤدي التأثير الثلاثي لجائحة كوفيد-19، وآثار تغير المناخ، والحروب والصراعات المستمرة إلى خسائر فادحة في سكان كوكبنا"
"الضغوط النفسية" كما تسميها، عاودتها بعد الزواج والولادة: "دائماً في مشاكل مع زوجي، صديقة نصحتني بالذهاب لمعالجة نفسية تستخدم علم النفس من المنظور الإسلامي".
بعد ثلاث جلسات رفض زوج عزة استكمال العلاج، وقال لها "دي رفاهية فكرية"، بدأت ربة المنزل تبذل مجهوداً هائلاً للقيام بأقل مهامها المنزلية، ولا تجد عوناً من محيطها بعد حرمانها من حقها في الرعاية والعلاج النفسي.
أرجوك أحتاج حفلات وترفيهاً
في الوقت الذي استسلمت عزة فيه لضغوط الحياة اليومية كان المهندس خالد علام، يمارس عمله في إحدى شركات الهندسة الألمانية، "منذ تخرجي في آخر الثمانينيات وحتى عام 2011 عملت مديراً لتركيبات الماكينات الألمانية في الدول العربية والأفريقية".
منذ انتقاله للعمل مع واحدة من كبريات الشركات المصرية، وجد خالد قدرته على العمل ومواجهة الضغوط وإيجاد حلول للمشكلات المعقدة تتراجع، يحكي خالد لرصيف22، أنه من خلال العمل مع الشركة الألمانية تعلم "أن يكون وظيفتي حل المشاكل في ضوء الواقع وليس الذعر". ويعطي مثلا "طبيعة عملي أن أكون المسؤول عن تركيب الماكينات ومتابعة عملها بعد التركيب، وترسلني الشركة لدول غير مستقرة سياسيا مثل أنغولا، والسودان، قبل السفر مسؤولي الشركة يعطوني إرشادات عن كيفية التصرف في مناطق النزاع ونحافظ على أنفسنا".
ويتابع لكن مع المصريين لا يوجد هذه الثقافة، لا يوجد حفلات ترفيه للموظفين وأنشطة وما الى ذلك".
طبقا لتعريف منظمة الصحة العالمية، "[تمام] الصحة النفسية لا تعني فقط عدم وجود أي من الأمراض العقلية.هي الطريقة التي ندرك بها قدراتنا، وتحملنا لضغوط الحياة الطبيعية وتؤثر على طريقة تفكيرنا، وكيف نتصرف ونتخذ القرارات الحياتية". وتقدر نسبة الأمراض النفسية 14٪ من العبء العالمي للأمراض ككل.
أسلوب خالد في التعامل مع الأزمات هو المدرسة التي تعمل بها لوما وسيم المعالجة النفسية: "العلاج السلوكي قد يكون في ظاهره قاسي، لكن لا استطيع وضع إنسان متوتر ومضغوط أمام احتمالات وإنما اتعامل مع اليوم، نعمل على تغيير الأفكار، ويحدد العميل بنفسه البدائل وفي ضوئها يختار قراره، وبذلك لا يشعر أنه ضحية أو مقيد ويتعرض لنوبات اكتئابية، أى نحاول حل المشكلة أو التكيف معها في ضوء المعطيات الحالية".
"رفضت المعالجة النفسية علاجي، وقالت لقد ساءت حالتك وتحتاجين إلى طبيب نفسي، كنت وصلت إلى حالة من عدم القدرة على بأي مهام في المنزل، وكنت أبكي حتى أشعر بالشلل في وجهي"، ولكن رفض زوجها التوجه للطبيب النفسي لاعتقاده أن أدوية الاكتئاب مضرة
مصريون يتنفسون القلق
لوما، معالجة نفسية ذات باع طويل في مهنتها، تقول لرصيف22 إن "العنوان الكبير" للمشاكل التي تراها في المترددين على عيادتها "هي القلق المرضي ثم يأتي من وراءه الاكتئاب وأشياء أخرى، تكون في صورة شكاوى من نقص الإنتاجية، لأن القلق بيفرمل صاحبه، لا يستطيع التركيز أو النوم بشكل متواصل".
الجائحة زادت الاكتئاب
في نهاية عام 2018 "كنت في منتصف الثلاثينات". تقول عزة لرصيف22. قررت الرجوع للمعالجة النفسية، "لكنها رفضت علاجي، وقالت الطبيبة لقد ساءت حالتك وتحتاجين إلى طبيب نفسي، كنت وصلت إلى حالة من عدم القدرة على بأي مهام في المنزل، وكنت أبكي حتى أشعر بالشلل في وجهي".
مرة أخرى رفض زوج عزة التوجه للطبيب النفسي لاعتقاده أن أدوية الاكتئاب مضرة.
طبقاً لتقرير منظمة الصحة العالمية فإن معظم المصابين بالاضطرابات النفسية لا تُتاح لهم رعاية فعالة، بسبب نقص مقدمي الرعاية الصحية، أو الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالاضطرابات النفسية. ويقدر أن نحو 80% من المصابين بالاضطرابات النفسية يتوجهون إلى المعالجين الشعبيين والدجالين والمشعوذين، مما يتسبب في تفاقم الحالات.
طبقا لإحصاءات عام 2019، شخص واحد من كل 8 أشخاص مصاب باضطراب نفسي. أمّا عام 2020، فقد شهد ارتفاعاً كبيراً في عدد من يعانون من اضطرابات القلق والاكتئاب بسبب جائحة كوفيد-19، إذ تبين التقديرات الأولية زيادة في اضطرابات القلق بنسبة 26٪ واضطرابات الاكتئاب الرئيسية بنسبة 28٪ خلال عام واحد فقط
مع عام 2020 وانتشار الجائحة كانت حالة عزة تزداد صعوبة، "انتاجي في كل شيء انخفض حتى نظافتى الشخصية لم أكن أستطيع القيام بها".
وهو نفس العام الذي قررت خلاله أمنية التوجه للعلاج النفسي: "رغم أنني حصلت على شهادة الدكتوراه، لكن بعد الجائحة شهدت حالات وفاة كثيرة، وأُصبت بالكورونا، أصبح أقل مجهود يسبب لي صداعاً وألماً في جسدي لا يحتمل، وبدأت تتزايد خلافاتي الزوجية".
طبقا لإحصاءات عام 2019، شخص واحد من كل 8 أشخاص مصاب باضطراب نفسي، وكان القلق والاكتئاب الأكثر شيوعاً. أمّا عام 2020، فقد شهد ارتفاعاً كبيراً في عدد من يعانون من اضطرابات القلق والاكتئاب بسبب جائحة كوفيد-19، إذ تبين التقديرات الأولية زيادة في اضطرابات القلق بنسبة 26٪ واضطرابات الاكتئاب الرئيسية بنسبة 28٪ خلال عام واحد فقط .
على العكس من عزة وأمنية، قبِل خالد علام عام 2017 إدارة مصنع الدال جروب في السودان، "رغم المظاهرات التي بدأت في السودان ضد البشير، قررت أترك مصر للعمل مع شركة تعمل بالمعايير الدولية".
كان خالد يواجه كل يوم صعوبات في تسيير مصنع الألبان في وسط الاحتجاجات المستمرة في الخرطوم، "لكن الشركة كانت لديها إدارة متخصصة في الترفيه وتنظم حفلات ورحلات للعاملين في النيل وفي مزارع الخيول التابعة للمجموعة، فعلا قضيت وقت لطيف".
أعلنت وزارة الصحة والسكان، زيارة نحو 90 ألف مواطن للمنصة الإلكترونية للصحة النفسية وعلاج الإدمان، للاستفادة من خدمات الصحة النفسية منذ إطلاقها في 16 مارس/أذار 2022، وبلغت نسبة المستخدمين من الإناث 70%، بينهن 20% من المتزوجات
أريد الذهاب للطبيب
منذ سبع سنوات تعمل لوما، الخمسينية، في مركز شهير للصحة النفسية بمنطقة التجمع الخامس، شرق القاهرة. "تقريبا من كل عشر سيدات رجل واحد يطلب المساعدة".
تقسم لوما المشاكل حسب فئات العمر "في أوائل العشرين في الغالب بتكون مشاكلهم تكيف وتقبل الحياة العملية الجديدة بعد ترك الجامعة، ومن منتصف العشرين وحتى الخمسين، معظمها مشاكل علاقات زواج أو خطوبة".
التكيف مع الواقع يختلف باختلاف السن، "لدي عميلة في الخمسين من عمرها وأخرى في العشرين. الاثنتان لديهما مشكلة مشابهة، السيدة الخمسينية لم يكن لديها محيط أو مصادر تساعدها على تحمل واقعها أو تغيره، في المقابل السيدة العشرينية قد تصل إلى نفس وجهة نظر الخمسينية في تقبل الواقع المحيط ولكن بوعي أكثر يحميها من التعرض لنوبات اكتئابية".
أعلنت وزارة الصحة والسكان، زيارة نحو 90 ألف مواطن للمنصة الإلكترونية للصحة النفسية وعلاج الإدمان، للاستفادة من خدمات الصحة النفسية منذ إطلاقها في 16 مارس/أذار 2022، وبلغت نسبة المستخدمين من الإناث 70%، بينهن 20% من المتزوجات. وكانت أكثر الفئات العمرية المستخدمة للموقع ما بين 15 إلى 20 عاماً.
قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، "القلق والاكتئاب وحدهما يكلّفان الاقتصاد العالمي ما يُقدر بنحو تريليون دولار سنويا."
وترى لوما أن من يحتاج الخدمة قد يكون أكثر بكثير، "لان الوضع الاقتصادي الذي تمر به البلاد يجعل الإنسان لا يضع الصحة النفسية في الأولويات".
يري د. أحمد أبو الوفا استشاري الطب النفسي أن الوعي بالصحة النفسية بدأ في الانتشار من قبل كورونا. "الوعي بالصحة النفسية كان في منحنى تصاعدي وكان أغلب الأطباء والمعالجين في مصر عياداتهم مليئة".
تخرج الطبيب الشاب عام 2007 من كلية الطب جامعة الأزهر، وهو أحد مؤسسي مبادرة "مشروع التوعية النفسية باللغة العربية" عام 2017.
يشرح لرصيف22: "مشروع بالعربي قدم ندوات توعية مجانية وفيديوهات على موقع يوتيوب".
في الندوات يلاحظ الطبيب النفسي، "الشباب تحت سن 25 كانوا أصحاب الحضور الأكبر، ثانياً اتجاه الاسئلة ليس في اتجاه المعرفة بل في اتجاه كيف أتعامل مع المشكلة مثل التعامل مع الفقد والرعاية الذاتية والتعامل مع الأهل المتشددين".
أما الفيديوهات الأكثر مشاهدة على الإطلاق، "فهي الخاصة بالاضطرابات الجنسية النفسية، وده مفهوم لأن الناس قد تخجل من طرح سؤال في ندوة مباشرة، وتفضل السؤال من وراء كيبورد، لم يحمل فيديوهات جديدة على الصفحة آخر 3 سنين رغم ذلك وصل عدد المشتركين الى أكثر من 60 ألف شخص".
بعد الكورونا شارك أبو الوفا، في ما يقرب من 20 لقاء في شركات استثمارية للتوعية بالصحة النفسية لموظفيها. "لأن معظم الاضطرابات النفسية تسبب أعراض نقص الانتباه أو قلة الأداء المهني أو الدراسي وسهولة التعب واضطرابات النوم ومشكلات في التركيز والإنتاجية".
يشير استطلاع مؤشر بوبا جلوبال للصحة النفسية بين المديرين التنفيذيين لعام 2021، في ثماني دول إلى أن الاهتمام بالصحة العقلية يتزايد. رصد أن 82% من قادة الأعمال في مصر يعانون من ضعف الصحة النفسية. وكانت أكثر الاضطرابات هي تدني الحالة المزاجية، والحزن والقلق والشعور بالغضب أو نفاد الصبر والتقلبات المزاجية والوساوس القهرية.
المعالجة النفسية لوما وسيم: "ستظل مشاهد اندلاع الحرب في غزة في الوعي الجمعي وقد تخلق موجات نرى نتيجتها بعد 20 أو 30 سنة"، وترى أن تأثير تلك الحرب على الصحة النفسية قد يكون مختلفاً عن حروب سابقة مثل الحرب العالمية الثانية، "لأن الأجيال الجديدة أكثر وعياً"
الحروب تزيد من القلق
لا يستطيع خالد علام، نسيان يوم السبت 15 أبريل/ نيسان، "الساعة 9 صباحاً، صحيت على اتصال يا باشمهندس الحرب قامت". وهو بداية النزاع المسلح بين القوات المسلحة السودانية التي يقودها عبد الفتاح البرهان وبين قوات الدعم السريع.
كانت أسوأ 9 أيام في حياة خالد، "كنت ساكن في الخرطوم في حي جاردن سيتي بجوار قيادة البرهان، لما كان بينزل قذائف ثقيلة، بيحصل تفريغ هواء تحس إن قلبك ده طلع منك".
الخوف هو عنوان الأيام التي عاشها في الخرطوم، "بدأت اضع سيناريوهات ماذا أفعل إذا دخل علي قوات الدعم السريع، وأسئلة كثيرة في ذهني لو قعدت قوة ولا ضعف، لو نزلت قوة ولا تسرع".
اختار الرحيل مع عائلة سودانية بعد 9 أيام، "نزلت بعد صلاة الفجر، هناك سكينة غريبة، بشوف الصواريخ وحاجات محروقة وناس ميتة وادعي ان ربنا يطلعنا بسلام. ثم فجأة جاءني هاتف من زوجتى تقول، "توصلت إلى واسطة وضعت اسمي على الطائرة الحربية المصرية في مطار دنجلة، المطار كان على بعد 50 كيلو متر من الاتوبيس، طبعاً كنت متردد".
في المطار كما يقول خالد، "شفت الخوف بالحرف، طلبة مصريين يأكلون فتات العيش، أولاد يحكون عن زميلهم الذي توفي من الخوف ولم يستطيع زملائه حمله، حوالي 80 مصري بحكايات مختلفة".
طائرة جنود مثل التي تظهر في الأفلام، لا يستطيع أن ينسى خالد "أصوات المراوح وعياط البنات وزحمة الناس واحنا طالعين والطائرة تصعد الجميع يميل على من بجانبه، ورغم ذلك شعرت بالراحة".
الانفعال حدث كما يقول خالد، "لما شفت زوجتي والأولاد، لم أتمالك نفسي".
ثم يضحك "يمكن محتاج دكتور نفسي يفسر الحالة اللى كنت فيها".
في مصر، قامت منظمة الصحة العالمية بتدريب 32 فرداً من فرق الصحة النفسية الذين سيقدمون الدعم النفسي للفلسطينيين الذين تم إجلاؤهم إلى مصر، بالتعاون مع الهلال الأحمر المصري والأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان
أعطني هذا الدواء
بدأت أعراض الاكتئاب تتزايد على أمنية مع اندلاع الحرب في غزة، "رغم أنني كنت بدأت استغني عن دواء الاكتئاب، بدأت أعراض مثل ارتفاع معدل ضربات القلب والعرق والرعشة وضيق التنفس، والاغماء، وطنين الأذن".
تقول المعالجة النفسية لوما وسيم "ستظل تلك المشاهد في الوعي الجمعي وقد تخلق موجات قد نرى نتيجتها بعد 20 أو 30 سنة".
وترى أن تأثير الحروب على الصحة النفسية قد يكون مختلفاً عن حروب سابقة مثل الحرب العالمية الثانية، "لأن الأجيال الجديدة أكثر وعياً".
وتنصح الآباء أن يتكلموا مع أبنائهم عن التاريخ المليء بحقب الانتصار والانهزام، والتركيز على حقب الانتصار حتى نزرع الأمل ولا نورث السلبية.
ثمة واحد من كل خمسة أشخاص في مناطق الحرب يعانون من أمراض نفسية، طبقاً لدراسة بريطانية. وفي عام 2016، كان هناك 53 صراعا مستمرا في 37 دولة، وهذا يعني أن 12% من سكان العالم كانوا يعيشون في منطقة صراع نشطة.
في مصر، قامت منظمة الصحة العالمية بتدريب 32 فرداً من فرق الصحة النفسية الذين سيقدمون الدعم النفسي للفلسطينيين الذين تم إجلاؤهم إلى مصر، بالتعاون مع الهلال الأحمر المصري والأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان.
يقول علاء غنام المسؤول في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: "إن القطاع العام يواجه مشكلتين أساسيتين، عدم وجود خدمة صحية مجانية ومقدمة بشكل يحترم كرامة المواطنين. كما أن العيادات والمصحات الخاصة تقدم الخدمة مقابل أسعار خيالية. وأخيرا غياب الرقابة على ممارسات القطاع الخاص".
بعد عودة علام من السودان ظل صامتاً لمدة أسبوع، ثم بدأ يشارك في مسؤوليات الأسرة، "قررت لازم رحلة مع الأولاد وزوجتى". وبدأ يمارس رياضة المشي يومياً، "كان في البداية عشان صحتى لا تضر من عدم العمل، بس لما كنت برجع من المشي كنت بحس براحة".
علام يطبق نصائح العاملين في مجال الصحة النفسية دون أن يدري.
نصائح الطبيب النفسي أبو الوفا له: "نام وكل كويس، أعمل أنشطة بسيطة لمدة ساعة يومياً، المحافظة على العلاقات الاجتماعية، ورياضة بسيطة لمدة 30 دقيقة في الشارع".
تضيف لوما المعالجة النفسية: "دائماً أقول لعملائي احترم قيمة وقتك وخصص عشر دقائق كل يوم مع كوب من الشاي أو القهوة تستمتع فيها برائحة وطعم الشراب، استمتع بما تفعله كل يوم. والمشاركة في الأعمال التطوعية تعطيك إحساسًا بالرضا والسعادة، بأقل مجهود ممكن إلقاء السلام على عامل بسيط".
وتشدد على أنه لا يجب الاعتقاد بأن الصحة النفسية مخصصة للأشخاص الضعفاء أو المجانين بل هي على العكس من ذلك، فهي عادة صحية مهمة لمن يسعون للحفاظ على جودة حياتهم.
تعرف عزة منذ بداية الأحداث "أنه يجب الامتناع عن رؤية مشاهد مؤثرة، خاصة بعد أن اقتنع زوجي وتعاملت مع طبيبة نفسية منذ عام 2022. بمساعدة الأدوية تحسنت بنسبة 60%، وفي نفس الوقت رجعت للمتابعة مع المعالجة النفسية".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع