شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
الهدنة في الميزان الإسرائيلي... هل

الهدنة في الميزان الإسرائيلي... هل "فكرة القضاء على حماس انتهت"؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

مع حلول فجر الأربعاء 22 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، صدر البيان المنتظر لأكثر من مليونَي مواطن فلسطيني داخل قطاع غزة، وذلك بعد مرور 47 يوماً من القتال العنيف واستهداف المدنيين وتهجيرهم وحصارهم، إذ أعلنت حركة حماس عن التوصل إلى اتفاق هدنة بوساطة مصرية قطرية، وبجهود أمريكية حثيثة.  

ومع التوصل إلى هدنة إنسانية مدتها 4 أيام، شهد الإعلام الإسرائيلي زخماً تحليلياً حول الصفقة، وانعكاساتها، سواء على إسرائيل داخلياً أو تأثيرها على مجريات المعركة الجارية، والتي شارفت على يومها الخمسين، وكذلك العديد من الرؤى المتعلقة بالصفقة، فكيف تحدّث إعلام إسرائيل عن الهدنة؟

تفاصيل الاتفاق

أعلنت الأطراف المعنية، أن الهدنة مدتها 4 أيام، مقابل عقد صفقة تبادل أسرى، حيث يعود إلى إسرائيل 50 أسيراً، مقابل الإفراج عن 150 فلسطينياً، وصوتت الحكومة الإسرائيلية بكامل هيئتها صباح أمس الأربعاء، لصالح الهدنة، التي بموجبها يتم وقف إطلاق النار، مع عودة 50 إسرائيلياً، بواقع 12 أو 13 شخصاً يومياً، معظمهم من النساء والأطفال. وبحسب "تايمز أوف إسرائيل"، فإن الهدنة قابلة للتمديد يوماً إضافياً، وبعدها تستأنف إسرائيل حربها ضد حماس، والتي هدفها تدميرها كما أعلنت الحكومة الإسرائيلية.

وفي ما يتعلق بموعد بدء تبادل الأسرى بين الطرفين، فقد أعلن مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي، خلال الساعات الأولى من صباح اليوم الخميس 23 تشرين الثاني/ نوفمبر، أن آليات التبادل لم يتم التوصل إليها حتى الآن، لذا فمن المتوقع أن تبدأ عملية الإفراج في السابعة من صباح الجمعة 24 تشرين الثاني/ نوفمبر، لو تم الانتهاء من الاتفاق حول آلية الإفراج، وبدوره دعا سفير دولة فلسطين في الأمم المتحدة، رياض منصور، إلى ضرورة استغلال الهدنة للتوصل إلى وضع حد نهائي للحرب على غزة، بينما شدد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على أن الهدنة لا تعني نهاية الحرب، وأن بلاده مستمرة حتى النهاية.  

يُطلق الإعلام الإسرائيلي لفظة "عسقاه"، والتي تعني بالعربية "الصفقة"، على اتفاق وقف إطلاق النار، أو الهدنة، وتحمل كلمة الصفقة دلالةً في طياتها، حيث عزز الزخم الإعلامي هذا المفهوم، ودفعه قدماً في طريقه، لأن عودة المختطفين والأسرى تُعدّ صفقةً رائجةً في نظر الكثيرين

ومن ضمن بنود الهدنة، إدخال مئات الشاحنات من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وكذلك وقف حركة الطيران لمدة 6 ساعات يومياً، من الساعة العاشرة صباحاً وحتى الساعة الرابعة مساءً، كما يلتزم الاحتلال بعدم التعرض لأحد أو اعتقال أحد في مناطق غزة كافة، وضمان حرية الحركة للمواطنين من الشمال إلى الجنوب، وبحسب نص بيان حماس، فإن "بنود هذا الاتفاق قد صيغت وفق رؤية المقاومة ومحدداتها التي تهدف إلى خدمة شعبنا وتعزيز صموده في مواجهة العدوان، وعينها دوماً على تضحياته ومعاناته وهمومه، وأدارت تلك المفاوضات من موقع الثبات والقوة في الميدان، برغم محاولات الاحتلال إطالة أمد المفاوضات والمماطلة فيها".

ما قبل الصفقة

لم يكن التوصل إلى اتفاق هدنة بين الاحتلال وحماس وليد اليوم، بل يدور الحديث عنه منذ الأيام الأولى للحرب، وعارض وزير الأمن القومي المتطرف، إيتمار بن غفير، أي نقاشات حول إتمام صفقة مع حماس لتبادل الأسرى، ما جعله في صدام مباشر مع الشعب والشارع الإسرائيلي. وفي مقالة للكاتب الإسرائيلي، يوسي فيرنر، يوم 20 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، وصف فيرنر، الوزير بن غفير بأنه "وزير العار الوطني وليس الأمن الوطني، حيث لم يراعِ مشاعر أسر المختطفين، وكل هدفه سن قوانين تقضي بإعدام الفلسطينيين، الذين وصفهم بالإرهابيين". وشنّ فيرنر هجوماً على نتنياهو ووصفه بأنه "أب لكل خطيئة لأنه سمح لبن غفير بمزيد من التطرف ولم يوقفه عند حدّه".

وبحسب مقالة الكاتب المنشورة في صحيفة "هآرتس"، فإن بن غفير "لم يرحم توسلات الأسر، ويتحدث فقط عن الموت وليس الحياة، وينظر إلى طلبات أسر المختطفين بعيون باردة، ولا يعبأ أبداً بتوقيع هذا الاتفاق الذي جرى بين حماس وإسرائيل لوقف إطلاق النار وعودة الأسرى والمختطفين".

وقبيل عقد الصفقة الحالية، كانت هناك ضغوط كبيرة من المواطنين، بل شهدت تل أبيب، العديد من المظاهرات، ولم يقتنع أهالي المختطفين بالمقابلات التي أجراها نتنياهو ووزراء حكومة الحرب الحالية معهم، كما ضغطت وسائل الإعلام على الحكومة الإسرائيلية، وكان عنوان افتتاحية صحيفة "هآرتس"، يوم 15 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، هو "صفقة الأسرى الآن"، وجاء فيها: "يتعيّن على إسرائيل أن تركز جهودها على إطلاق سراح المختطفين، حتى لو تضمنت إطلاق سراح السجناء المسجونين في إسرائيل أو هدنةً إنسانيةً. لقد أعلنت إسرائيل أن لها هدفين في الحرب على غزة: القضاء على حماس وعودة المختطفين، ويجب على الحكومة أن تغير أولوياتها وتُخضع الهدف الأول للثاني، أي عودة المختطفين".

مؤيدو الصفقة... "الاتفاق مع الشيطان"

يُطلق الإعلام الإسرائيلي لفظة "عسقاه"، والتي تعني بالعربية "الصفقة"، على اتفاق وقف إطلاق النار، أو الهدنة، وتحمل كلمة الصفقة دلالةً في طياتها، حيث عزز الزخم الإعلامي هذا المفهوم، ودفعه قدماً في طريقه، لأن عودة المختطفين والأسرى تُعدّ صفقةً رائجةً في نظر الكثيرين، وأطلق "معهد دراسات الأمن القومي" الإسرائيلي، لفظة صفقة على الاتفاق، وتحت هذا المسمى، نشر تقريراً بعنوان "الصفقة مع حماس ملزمة أخلاقياً وعسكرياً"، تناول فيه الاتفاق، الذي يرى أنه "كان ضرورياً من أجل مواطني إسرائيل، وكان ملزماً لحكومة نتنياهو التي فشلت بشكل غير مسبوق"، وأن "الصفقة لها شقّ أخلاقي بسبب الظروف التي يعيشها المختطفون منذ أكثر من شهر ونصف داخل غزة، وتحت إمرة حماس، التي واجهت ضغوطاً كبيرةً في سبيل قبول الاتفاق".  

علّق المحلل الإسرائيلي الشهير، بن كسبيت، على اتفاق الهدنة مع حماس، بأن إسرائيل عقدت "اتفاقاً مع الشيطان"، مشدداً على أن ثمن الصفقة كان باهظاً، لكنه كان ضرورياً

وعزز تقرير معهد الأمن القومي الإسرائيلي، المنشور الأربعاء 22 تشرين الثاني/ نوفمبر، من فكرة تيقّن القيادة السياسية الإسرائيلية من أن القضاء على حماس دون عودة المختطفين سيكون أزمةً تاريخيةً لإسرائيل.

وعلّق المحلل الإسرائيلي الشهير، بن كسبيت، على اتفاق الهدنة مع حماس، في موقع "والا"، قريب الصلة من الدوائر الاستخباراتية الإسرائيلية، ورأى أن إسرائيل عقدت "اتفاقاً مع الشيطان"، مشدداً على أن ثمن الصفقة كان باهظاً، لكنه كان ضرورياً، ويقول: "الصفقة صعبة، لكن لا يمكن أن تقول لا، ولا مجال للتقدير، ولا مكان للرفض (...)، والعقد المقدس بين الشعب والجيش قد اختلّ يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر، مع خطف النساء والأطفال، لذا لا يمكن أن ترفض الحكومة والدولة الصفقة، لأنه الشرط الأساسي للعقد بينهم وبين الشعب، وإلا تصبح الدولة مفلسةً".

ويؤكد الكاتب أنه كان يعارض صفقة الجندي، جلعاد شاليط، "لكن الأمر الآن اختلف شكلاً ومضموناً، ورفض الصفقة كان سيعرّض حياة المدنيين لمزيد من الخطر"، ولم يتجاهل الحديث عن أضرار الاتفاق، وأهمها أن حماس ستكسب مزيداً من الوقت لالتقاط الأنفاس، متمنياً في نهاية مقالته التحليلية أن يرى قائداً شجاعاً في الحكومة يخرج ويقول للجمهور الإسرائيلي: "لقد فشلت إسرائيل تحت قيادتي في حماية مواطنيها وأطفالها وشعبها، ونسائها وشيوخها".

ووصف الكاتب والمحلل الإسرائيلي، نير كيبينيس، اتفاق وقف إطلاق النار، بأنه القرار الصحيح الذي اتخذته حكومة نتنياهو، حتى يعود الأطفال إلى أحضان ذويهم، واعتبر التصويت ضد الاتفاق "شعوذةً أخلاقيةً"، وهاجم الكاتب أحزاب "عوتسماه يهوديت" بزعامة بن غفير، وكذلك "الصهيونية الدينية" بزعامة المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، والذي كان يرفض الاتفاق في البداية، لكنه قَبِله لاحقاً، لكن بن غفير استمر في رفضه، وعدّهما كيبينيس، محتالين سياسيين، لكنه في الوقت نفسه أثنى على باقي الوزراء الذين صوّتوا لصالح عودة المختطفين إلى ذويهم.

وأشاد الكاتب الإسرائيلي، ناداف إيل، في صحيفة "يديعوت أحرونوت" بالاتفاق، وقال عنه: "الاتفاق هو أحد أهم القرارات التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية على الإطلاق. نعم، يمكن أن يكون ثمنه باهظاً، لكن من الواضح تماماً، كضوء الشمس، أن هذا هو القرار الذي كان يجب اتخاذه".

المعارضون... "ليست صفقةً بل ابتزاز"

عارض حزب "عوتسماه يهوديت" بزعامة بن غفير، الصفقة، وعدّها غير منطقية، وذلك في أثناء تصويت الحكومة، ويرى بن غفير أن مسألة ترك بعض المواطنين الإسرائيليين في غزة أمر غير أخلاقي، وغير منطقي، كذلك عدم تمتع جنود الجيش المخطوفين بأي حماية، وأن حماس أرادت هذه الصفقة والهدنة، وقال: "إننا نرى بوضوح أكبر كيف يؤدي الضغط العسكري إلى نتائج، لقد حان الوقت لبذل جهد آخر، وزيادة الضغط لكسر حماس، وكان من الممكن التوصل إلى نتيجة مختلفة، والضغوط على حماس هائلة، الجيش الإسرائيلي يتقدم وهم تحت الضغط، الآن بالتحديد ممنوع التوقف، وهذا خطأ تاريخي".

وواجه اتفاق وقف إطلاق النار هجوماً من بعض كتّاب الرأي والمحللين في إسرائيل، وكذلك الرأي العام، خاصةً الجمهور الديني المتشدد، إذ يرون أن حماس خرجت منتصرةً بهذا الاتفاق، ونشر الكاتب الإسرائيلي، ناحوم برنياع، في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، مقالته التحليلية أمس الأربعاء، بعنوان "هذه ليست صفقة بل ابتزاز ولكن ليس هناك خيار آخر"، ويقول إن الخيارات كانت صعبةً وسيئةً، وعبّر عن رفضه للصفقة بقوله: "هذه ليست صفقةً، فالصفقة هي كلمة بذيئة عندما يتعلق الأمر بمنظمة إرهابية، إنه الابتزاز، إنه الإكراه، لكن في الوضع الذي نشأ لم يكن هناك مفرّ من دفع هذا الثمن، أما البديل، فهو التخلي عن المختطفين مرةً ثانيةً بعد أن تمّ التخلي عنهم في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وهو أمر أخطر".

واختتم برنياع مقالته بقوله: "ليس هناك مجال لهتافات النصر، وكأن إسرائيل حققت إنجازاً كبيراً في المفاوضات، هذا بعيد كل البعد عن الحقيقة، لقد انحنت إسرائيل، وبشكل عام، حصل السنوار على ما أراد".

واجه اتفاق وقف إطلاق النار هجوماً من بعض كتّاب الرأي والمحللين في إسرائيل، وكذلك الرأي العام، خاصةً الجمهور الديني المتشدد، إذ يرون أن حماس خرجت منتصرةً بهذا الاتفاق. من بينهم ناحوم برنياع الذي كتب في صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن "إسرائيل انحنت" و"السنوار حصل على ما أراد"

ويبدو أن الصفقة غير مقبولة لدى الكثيرين من الجمهور الإسرائيلي أيضاً، وبدا ذلك من خلال تعليقاتهم في الإعلام العبري بوسائله كافة، ففي صحيفة "يديعوت أحرونوت"، وهي الأوسع انتشاراً، يهاجم الكثير من القرّاء في تعليقاتهم على أخبار الصفقة، الحكومة، فتقول إحداهنّ: "في مثل هذه الأيام أشعر بالخجل من كوني إسرائيليةً، لأننا استسلمنا لمنظمة إرهابية"، بينما يقول آخر: "من الواضح أن حماس تمارس الابتزاز العاطفي، هل نسيتم من هي حماس؟"، وقال ثالث: "نتنياهو عميل مزدوج وسيثبت التاريخ ذلك"، ورأى آخر أن حماس استغلت الضغوط التي مارسها أهالي المختطفين على الحكومة الإسرائيلية الحالية.

ولم ينَل اتفاق وقف إطلاق النار رضا الكاتب الإسرائيلي في صحيفة "معاريف"، مئير شطريت، حيث يرى أن استمرار القتال كان سيساهم في مزيد من الضغوط من أجل إطلاق سراح جميع الأسرى، ويقول: "لا شك أن لا أحد راضٍ تماماً عن الصفقة، أولاً، لا يتعلق الأمر بجميع المختطفين، الأمر الذي سيمزق العائلات بين من عاد أحباؤه ومن لم يعودوا بعد".

انعكاسات الصفقة على المجتمع الإسرائيلي

ازدادت الاحتجاجات في إسرائيل في الأسابيع الماضية، واتضح الانقسام في صفوف المجتمع، واستغلت حماس هذه الحالة، من خلال الحرب النفسية التي مارستها من خلال بث مقاطع فيديو للأسرى، وحول تداعيات الصفقة الحالية على المجتمع، تحدث الكاتب الإسرائيلي، عاموس هرئيل، في صحيفة "هآرتس" عن الأمر، بأن حماس ستزيد من حربها النفسية ضد الجمهور والمجتمع الإسرائيليين في الفترة المقبلة، وستضعه أمام صورة درامية صعبة، وتعمّق الأزمة، وتفاقم الخلافات داخل المجتمع الإسرائيلي، وسيكون هناك المزيد من محاولات التضليل ما يتسبب في زيادة الذعر داخل المجتمع.

وأقرّ الكاتب الإسرائيلي بأن الرأي العام أصبح مختلفاً ومتبايناً إزاء أهداف الحكومة والجيش المعلنة، بخصوص عودة المختطفين وفكفكة حماس من الناحية العسكرية، ورأى أن الهدفين لن يتم تحقيقهما في الحرب الحالية، وقال: "ومن الواضح أن مصلحة زعيم حماس يحيى السنوار، ستكون الاحتفاظ بجزء كبير من المختطفين كورقة مساومة لاستمرار القتال".

وسادت حالة من الغليان في الشارع الإسرائيلي فور إعلان تفاصيل الهدنة، وانتشار أخبارها في الصحف والمواقع، وفي مقالة هرئيل السابقة، علّق عشرات الإسرائيليين عليها بعبارات حادة تكشف ما سبّبته الصفقة الحالية، حيث يقول أحد المعلقين: "كل شيء مدروس مسبقاً من قبل السنوار، منذ اللحظة التي رفضت فيها إسرائيل العرض نفسه الذي قدّمته لها قطر في بداية الحرب، كانت مسألة وقت فقط، حتى تم الانتهاء من الصفقة في النهاية، لن يعقد الشيطان معك صفقةً مقابل موته. إذا عقد معك صفقةً فهذا يعني أنه ينوي البقاء، وإلا لماذا؟"، بينما هاجم آخر نتنياهو ورفاقه بقوله: "اعلموا أن عدوّكم ليس حماس بل الحكومة".

السنوار بنى خطّته على عاملَين هما: "حساسية إسرائيل المفرطة تجاه حياة الإنسان، وضعف السياسيين أمام الجمهور الإسرائيلي، وأن الشعب الإسرائيلي متوتر وضعيف.

ولا شك أن الصفقة الحالية ستنعكس على مستقبل حكومة نتنياهو، سواء كان مؤيدوها أكثر من معارضيها أو العكس، فالهجوم الذي تعرّض له الرجل الذي يحكم في ولايته السادسة، كان غير مسبوق، وفور إعلان خبر الهدنة، تعرّض الرجل وحكومته الحالية المتطرفة لسيل من الهجوم، فالكاتب الإسرائيلي، يوسي بيلين، كتب مساء أمس الأربعاء، مقالته التحليلية بعنوان "أطيحوا بنتنياهو قبل فوات الأوان"، وتعجّب الكاتب من تمسك نتنياهو بالحكم برغم الفشل في الحرب الحالية، قائلاً: "نتنياهو مقتنع بأنه ملك، بالنسبة له فإن التوقع بأنه سيستقيل هو بمثابة التوقع بأنه سينهي حياته. لا حياة لنتنياهو خارج السياسة، ولا عائلة ولا أصدقاء ولا هوايات، ولذلك فإن هذا الاحتمال غير موجود بالنسبة له، والضغط على نتنياهو لا طائل منه ولا جدوى".  

هل ربحت حماس؟ وماذا بعد؟

ازداد الحديث عن مكاسب حركة حماس من هذه الهدنة، خاصةً من الناحية السياسية، وفي هذا الصدد، تحدث موشيه إلعاد، في صحيفة "معاريف"، عن مكاسب حماس من هذه الصفقة، ورأى أن "زعيم حماس، يحيى السنوار، نجح من خلال خبرته وفهمه لطبيعة المجتمع الإسرائيلي، وإتقانه للّغة العبرية أيضاً، أن يلعب على مشاعر الإسرائيليين، وأن كلمة 'عائق' ليست موجودةً في قاموس السنوار، الذي عرف جيداً نقاط ضعف الإسرائيليين".

وأشار إلى أن السنوار بنى خطّته على عاملَين هما: "حساسية إسرائيل المفرطة تجاه حياة الإنسان، وضعف السياسيين أمام الجمهور الإسرائيلي، وأن الشعب الإسرائيلي متوتر وضعيف، فاستغل كل هذه النقاط في المفاوضات الجارية التي حقق فيها مكاسب كثيرةً، أهمها ترتيب صفوف المقاتلين والحصول على فترة راحة".

وتوقع كاتب المقال صاحب الخلفية العسكرية، أن السنوار سيصدر أوامره لرجاله بشنّ هجمات في القدس الشرقية ولبنان، حتى يجعل إسرائيل تركز جهودها في القدس ولبنان، كما سيضغط على إيران من أجل حثّ حزب الله على مضايقة الإسرائيليين في الشمال، وخلص الكاتب إلى أن خطة السنوار هدفها أن تصرف إسرائيل النظر في النهاية عن فكرة تدمير قوة حماس العسكرية.

ورأى مدير جهاز الشاباك السابق، يعقوب بيري، أن حماس سوف تستغل هذه الهدنة لصالحها، عكس إسرائيل، وقال في مقالته المنشورة في صحيفة "معاريف": "أيام الهدنة ستجعل من الصعب على جنودنا العودة إلى إيقاع الحرب، لكن الجيش الإسرائيلي سيتعافى قريباً، ومسألة إطلاق سراح 10 رهائن كل يوم، تسمح للسنوار بتمديد أيام الراحة ومحاولة التنظيم بشكل أفضل لاستمرار القتال".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ما زلنا في عين العاصفة، والمعركة في أوجها

كيف تقاس العدالة في المجتمعات؟ أبقدرة الأفراد على التعبير عن أنفسهم/ نّ، وعيش حياتهم/ نّ بحريّةٍ مطلقة، والتماس السلامة والأمن من طيف الأذى والعقاب المجحف؟

للأسف، أوضاع حقوق الإنسان اليوم لا تزال متردّيةً في منطقتنا، إذ تُكرّس على مزاج من يعتلي سدّة الحكم. إلّا أنّ الأمر متروك لنا لإحداث فارق، ومراكمة وعينا لحقوقنا.

Website by WhiteBeard