هذا النص ليس عن عصام، وليس موجّهاً ولو غيابيّاً له.
هذا النص عن الحب؛ الحب الذي نبّهني إليه عصام يوم خسارتنا له، ولكنه ليس عنه.
ما كان بيني وبين عصام قلوب وضحكات ووجوه صفراء كثيرة، وابتسامات ونكات وتعليقات عابرة في المقهى الذي نرتاده، والأحياء التي نتصادف فيها، وبالتالي، فإن هذا النص ليس موجهاً ولو غيابيّاً له، فأنا لا أحتفظ حتى برقم موبايله.
هذا النص عن الحب؛ الحب الذي رأيته وشعرت به، بل سقط عليّ يوم دَفن عصام، منذ شهر. الحب الذي جمع أصدقاء عصام، ومعارف عصام، ورفاق عصام، وزملاء عصام؛ الحب الذي جمعني أنا بأصدقاء عصام، ومعارفه ورفاقه وزملائه؛ الحب الذي جمعهم ببعضهم، وجمع كلاً منهم بعصام وبسببه؛ الحب الذي سقط عليّ بسبب عصام وبسببهم.
رأيت الخسارة، نظرت إليها وتفحصتها وشاهدت كيف تكون عن مسافة صفر. رأيتها في دموع العيون وفي نظراتها الهائمة هرباً من حقيقة الخسارة. سمعت الخسارة أيضاً. للخسارة صوت يشبه الأنين، حتى الكلمات تكون أنين. أنين جماعيّ لخسارتنا الجماعية سمعناه كلنا يوم الدفن، قبل أن ينفرد كل منّا بأنينه.
للخسارة صوت يشبه الأنين، حتى الكلمات تكون أنين. أنين جماعيّ لخسارتنا الجماعية سمعناه كلنا يوم الدفن، قبل أن ينفرد كل منّا بأنينه. شعرت بالخسارة؛ خسارتنا كلنا. خسارة الذين كان الحب هو ربحهم، وكل نقصان في هذا الحب خسارة
شعرت بالخسارة؛ خسارتنا كلنا. خسارة الذين كان الحب هو ربحهم، وكل نقصان في هذا الحب خسارة.
كل أصابع يدٍ امتدت لتمسّد وجه صديق، كل يدّ شدّت على كتف رفيق وكل عناق، كان بمثابة محاولة لفتح ثغرة في جسد الآخر ليمرّ من خلالها تيار حزننا وخسارتنا وذهولنا، أجسامنا تحولت لوعاء لأنيننا ودموعنا وحبنا؛ ليس فقط حبنا لعصام، بل لبعضنا البعض كامتداد لحبنا لعصام... كعهد صامت أن وعاء الحب لن يفرغ.
سقط عليّ هذا الحب، فذكّرني. تذكرني فذكّرني؛ تذكّرني فسار بي نحو صديق قديم، صديق مفجوع برحيل عصام، صديق توقفت عن صداقته لأسباب لم تعد مهمة منذ لحظة توجهي نحوه لمعانقته والبكاء طويلاً على أشياء كثيرة ذكرني بها رحيل عصام.
أريد أن أكون صديقة الجميع. صديقة أصدقائي وأصدقائهم، صديقة المبتسمين لي دون كلام يسبق الابتسام، صديقة الجالسين قربي في المقهى، صديقة الراقصين على الأغاني التي أرقص عليها، صديقة الذين لدي معهم الأعداء نفسهم، صديقة الذين يضعون قلوباً ووجهاً صفراء ضاحكة على نكاتي وصوري وحماقاتي، صديقة الذين يأكلون بشهية ويضحكون بشهية ويسخرون من أنفسهم قبل وبعد أن يسخروا من الجميع، صديقة الذين توقفت عن صداقتهم، صديقة الذين أحببتهم وأحبوني وأولئك الذين غادروا.
أريد أن أحضن الجميع، جميعهم. أريد لو يحضنني الجميع، جميعهم، فليس لدينا أوسع من هذا الحضن، ليس لدينا إلا هذا الحضن.
هذا النص ليس عن عصام، وليس موجهاً ولو غيابيّاً له.
هذا النص عن الحب؛ حب فلسطين. فلسطين القضية، التي حين سقط عليّ الحب أعاد إليّ وعيي بشأنها وأعادها إليّ كجوهر لإنسانيتي وبوصلة لخياراتي، وأعاد إليّ الحق باستخدام هذه المصطلحات التي كرهتها لأسباب لا علاقة لمعانيها بها. اخترقني الحب فأكّد لي أن فلسطين هي فكرتي النبيلة.
هذا النص عن الحب؛ حب فلسطين. فلسطين القضية، التي حين سقط عليّ الحب أعاد إليّ وعيي بشأنها وأعادها إليّ كجوهر لإنسانيتي وبوصلة لخياراتي، وأعاد إليّ الحق باستخدام هذه المصطلحات التي كرهتها لأسباب لا علاقة لمعانيها بها. اخترقني الحب فأكّد لي أن فلسطين هي فكرتي النبيلة
هذا النص ليس عن عصام، وليس موجهاً ولو غيابياً له.
هذا النص عن كرهي لإسرائيل، ولفكرة إسرائيل. الكره الذي تجدّد بأضعاف مضاعفة يوم قتلت إسرائيل عصام. كره تجدّد واستعاد مع تجدّده كل أسباب الكره التي غضضت النظر عن تفكيكها لفترة طويلة.
يوم قتلت إسرائيل عصام استعاد هذا الكره أصالته، فامتدت جذوره من أعماق قلبي – قلبي نفسه الذي سقط عليه الحب – إلى غزة وإلى الضفة الغربية ثم إلى كل فلسطين ليستمد هذا الكره شرعيته من المصدر.
هذا الكره أسقط عن مصطلحاتي ومشاعري كل ما هو ملتبس. لا لُبس في ما أشعر به، لا لبس بالقيم التي أعيش وفقها، لا لبس في حبي، ولا لبس في كرهي.
لا لبس في الأبيض والأسود، ولا مكان بينهما فيما يتعلق بفكرتي النبيلة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يوميناوجدتي أدلة كثيرة للدفاع عن الشر وتبيانه على انه الوجه الاخر للخير لكن أين الأدلة انه فطري؟ في المثل الاخير الذي أوردته مثلا تم اختزال الشخصيات ببضع معايير اجتماعية تربط عادة بالخير أو بالشر من دون الولوج في الأسباب الاجتماعية والاقتصادية والمستوى التعليمي والثقافي والخبرات الحياتية والأحداث المهمة المؤسسة للشخصيات المذكورة لذلك الحكم من خلال تلك المعايير سطحي ولا يبرهن النقطة الأساسية في المقال.
وبالنسبة ليهوذا هناك تناقض في الطرح. اذا كان شخصية في قصة خيالية فلماذا نأخذ تفصيل انتحاره كحقيقة. ربما كان ضحية وربما كان شريرا حتى العظم ولم ينتحر إنما جاء انتحاره لحثنا على نبذ الخيانة. لا ندري...
الفكرة المفضلة عندي من هذا المقال هي تعريف الخير كرفض للشر حتى لو تسنى للشخص فعل الشر من دون عقاب وسأزيد على ذلك، حتى لو كان فعل الشر هذا يصب في مصلحته.
Mazen Marraj -
منذ يومينمبدعة رهام ❤️بالتوفيق دائماً ?
Emad Abu Esamen -
منذ 3 أياملقد أبدعت يا رؤى فقد قرأت للتو نصاً يمثل حالة ابداع وصفي وتحليل موضوعي عميق , يلامس القلب برفق ممزوج بسلاسة في الطرح , و ربما يراه اخرون كل من زاويته و ربما كان احساسي بالنص مرتبط بكوني عشت تجربة زواج فاشل , برغم وجود حب يصعب وصفه كماً ونوعاً, بإختصار ...... ابدعت يا رؤى حد إذهالي
تامر شاهين -
منذ 4 أيامهذا الابحار الحذر في الذاكرة عميق وأكثر من نستالجيا خفيفة؟
هذه المشاهد غزيرة لكن لا تروي ولا تغلق الباب . ممتع وممتنع هذا النص لكن احتاج كقارئ ان اعرف من أنت واين أنت وهل هذه المشاهد مجاز فعلا؟ ام حصلت؟ او مختلطة؟
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياممن المعيب نشر هذه الماده التي استطاعت فيها زيزي تزوير عدد كبير من اقتباسات الكتاب والسخرية من الشرف ،
كان عيسى يذهب إلى أي عمل "شريف"،
"أن عيسى الذي حصل على ليسانس الحقوق بمساعدة أخيه"
وبذلك قلبت معلومات وردت واضحة بالكتاب ان الشقيق الاصغر هو الذي تكفل بمساعدة اهله ومساعدة اخيه الذي اسكنه معه في غرفه مستأجره في دمشق وتكفل بمساعد ته .
.يدل ذلك ان زيزي لم تقرأ الكتاب وجاءتها المقاله جاهزه لترسلها لكم
غباءا منها أو جهات دفعتها لذلك
واذا افترضنا انها قرأت الكتاب فعدم فهمها ال لا محدود جعلها تنساق وراء تأويلات اغرقتها في مستنقع الثقافة التي تربت عليها ثقافة التهم والتوقيع على الاعترافات المنزوعه بالقوة والتعذيب
وهذه بالتأكيد مسؤولية الناشر موقع (رصيف 22) الذي عودنا على مهنية مشهودة
Kinan Ali -
منذ 4 أيامجميل جدا... كمية التفاصيل مرعبة...